هذا الصحابي الجليل كان من سادة الأوس جاهلية وإسلاماً ولم تكن له إلا ابنة واحدة فانقرضت فلم يبق له عقب . ولما جاء مصعب سفيراً إلى المدينة أسلم على يديه عباد بن بشر قبل أسيد بن حُضير وسعد بن معاذ وآخى النبي بينه وبين أبي حذيفة بن عتبة وشهد (بدر) مع النبي صلى الله عليه وسلم فأبلى فيها بلاءً حسناً وقد استعمله النبي على صدقات مزينة وبني سليم وجعله على حرسه في غزوة تبوك وكان كبير القدر حتى قالت عائشة :
ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلاً كلهم من بني عبد الأشهل وهم : « أسيد بن حضير وسعد بن معاذ وعباد بن بشر» وفي الصحيح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صوت عباد بن بشر فقال « اللهم ارحم عباداً اللهم اغفر له» ولقد شهد (بدر وأحد والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهو الذي ندبه النبي صلى الله عليه وسلم لقتل كعب بن الشرف اليهودي الذي آذى الله ورسوله وذهب معه « محمد بن مسلمة » فلم يبرحا حتى قتلاه وفي ذلك يقول :
صرخت له فقال من المنادي
فقلت أخوك عباد بن بشر
وفي أيماننا بيض حدادٌ
مجربة بها الكفار نفري
ولما كانت معركة اليمامة كان فيها البطل المقدام فأبلى بلاءً حسناً وطلب الشهادة في هذه المعركة وقبيل المعركة قال بشر لأبي سعيد الخدري « رأيت الليلة رؤيا كأن السماء قد فرجت لي ثم أطبقت علي فهي إن شاء الله الشهادة» فقال أبو سعيد خيراً والله رأيت قال فانظر إليه يوم اليمامة وهو يصيح بالأنصار : احطموا جفون السيوف وتميزوا من الناس وجعل يقول :
أخلصونا أخلصونا فأخلصوا أربعمئة رجل من الأنصار ما يخالطهم احد يقدمهم [ عباد بن بشر وأبو دجانة والبراء بن مالك] حتى انتهوا إلى باب الحديقة فقاتلوا أشد القتال . وقتل عباد بن بشر بوجهه ضربات كثيرة ونال الشهادة التي طالما تمناها في سبيل الله وهو ابن خمس وأربعين سنة . رحمه الله تعالى
الكرامة التي أكرمه الله بها:
أورد الحافظ بن حجر في الإصابة « من حديث أنس أن عباد بن بشر وأسيد بن حضير خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فأضاءت عصا أحدهما فلما افترقا أضاءت عصا كل واحد منهما».
وأورد الذهبي في سير أعلام النبلاء قال في ترجمة عباد بن بشر : « وهو الذي أضاءت له عصاته ليلة انقلب إلى منزله من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم » .