الساحل والشمال والجنوب تتمسك بعاداتها..أما العاصمة فتكتفي بـ «الوطية» و«الحناء»

تقاليد العرس التونسي تتمايز بين مختلف المناطق

ت + ت - الحجم الطبيعي

فصل الصيف هو موسم الأفراح في تونس، خلاله تعلو الزغاريد وتغمر البلاد أجواء الاحتفال التي تبعث البهجة والسرور في النفوس، لاسيما أن تقاليد الأعراس تختلف من مدينة إلى أخرى فعرس الساحل يختلف عن أعراس الجنوب والشمال والعاصمة، فلكل منطقة عاداتها وتقاليدها وطقوسها الخاصة التي تميزها عن غيرها، واللافت فيها أن تحضيرات العريس لا تقل أهميةً عن تحضيرات العروس في كل المناطق تقريباً.

عروس الشمال تهتم بزيادة وزنها

أهل الشمال حيث تقع مدينة بنزرت «60 كيلومترا عن العاصمة» مازالوا يتبعون تقاليد الأعراس بتفاصيلها الدقيقة لاعتقادهم بأن الإخلال بأي من التفاصيل الخاصة بالزواج قد يودي بحياة العروسين أو يحول حياتهما إلى جحيم دائم، وعروس الشمال لا تتمتع بهدايا ما قبل الزواج بل يدخرها العريس إلى ما بعد الزواج، كما أن مهر عروس تلك المنطقة لا يتعدى تسعة وستين مليماً وهو مبلغ أقل من زهيد.

أما فعاليات الزفاف فتبدأ قبل الموعد بشهر كامل حيث تُحجب العروس وتُمنع من الخروج من بيتها وتأكل أصناف معينة من الطعام بغرض زيادة الوزن، وقبل الزفاف بسبعة أيام يبدأ الاحتفال الحقيقي حيث تجتمع قريبات العروس وصديقاتها كل مساء لصنع الحلويات والغناء والرقص في أجواء احتفالية خاصة بالنساء فقط تلبس خلالها العروس أزياء مختلفة من اللباس التقليدي التونسي الخاص بالشمال.

ويشهد منزل العريس أجواء مماثلة حيث يجتمع أصدقاؤه كل ليلة للاحتفال والسهر، وصولاً إلى ليلة الزفاف التي تكون تقليدية وتشهد حفلا كبيرا في بيت العريس أو في صالة أفراح، وتلبس العروس فستانها الأبيض وتتزين بالحلي، أما العريس فيلبس بدلة الزفاف ويغطي عروسه بباقات كبيرة من الورود والياسمين.

وبعد الزفاف يحتجب العريس عن كبار العائلة ويتجنب رؤية والده وأعمامه لسبعة أيام، أما العروس فتتسلم الهدايا صباح اليوم التالي من الزواج وفي اليوم الثالث يحضر العريس نوعا من أنواع السمك الكبير وتقفز من فوقه العروس سبع مرات متتالية اعتقادا بأن ذلك يبعد عنها العين والحسد.

عروس الساحل

تتزين بـ «الباروق»

يحمل عرس الساحل طابعا خاصا يتلخص في أن فعاليات الزواج تدوم أربعة أيام آخرها هو يوم الزفاف، وتبدأ بيوم «الدفوع» وهو اليوم الذي يقدم فيه أقارب العروسين هدايا مالية كمساعدة لهما، ثم ليلة «الحناء» وهي تسري على الرجل والمرأة فيقيم كل منهما احتفاله الخاص به وبعائلته في بيته، واليوم الثالث هو يوم «الوطية» وهو خاص بالعروس فقط وتلبس فيه مجموعة من الألبسة التقليدية الخاصة بمنطقة الساحل ولا تتزين بمساحيق التجميل المتعارف عليها بل بمادة تسمى «الباروق».

وهي تحمل نفس ألوان المساحيق العادية إلا أنها تتميز بأنها فاقعة اللون، كما ترسم بعض الزخارف على وجه العروس بنفس المادة من باب التجميل والتزيين، وتشارك في هذا اليوم فرقة موسيقية عناصرها من النساء، أما مهر العروس فيكون عبارة عن بعض قطع الحلي الثمينة وخروف وكيس من الدقيق وزيت «الديقتين».

وللعريس طقوسه الخاصة إذ يلبس قبل الزفاف بيومين برنسا تقليديا وهو رداء خاص بالرجال يصنع من الصوف أو الحرير حسب الفصل ويعتلي صهوة جواده يرافقه قرع الطبول، ويتوجه وسط أجواء احتفالية خاصة يحيط به أصدقاؤه إلى «الحمام العربي» وهو المكان المخصص للاستحمام الجماعي في تونس.

وصولاً إلى اليوم الرابع وهو يوم الزفاف حيث يصطحب العريس عائلته وسط أجواء احتفالية إلى بيت العروس ويأخذها للمكان الذي سيقام فيه الزفاف، وفي نهاية السهرة تدخل العروس إلى غرفتها فيما يجتمع أهل العروسين أمام باب الغرفة في انتظار خروج العريس وفي يده شمعة مضاءة دلالة على عذرية العروس وقارورة من العطر يعطيها للحاضرين ليتعطروا بها.

عريس الجنوب

يجب أن يكون فارساً

تتميز تقاليد زواج الجنوب بمرونتها عن باقي المناطق وتتواصل فعاليات الزواج سبعة أيام بلياليها، فيما يبدأ بليلة الحناء حيث يقوم العريس بذبح ناقة بعد صلاة الفجر مباشرةً، بينما تقوم نساء العائلة بتحضير وليمة لكل أهل المنطقة، ثم يجتمع أهل العريس في احدى المناطق المخصصة للخيل ويركب العريس صهوة جواد مرتدياً اللباس التقليدي التونسي ويقدم استعراضا مميزاً أمام بيت العروس ثم يعود ليجهز نفسه لليلة الزفاف التي عادةً ما تكون تقليدية.

أما عروس الجنوب فتحتجب عن الناس قبل الزفاف بشهر تأكل خلاله أطعمة معينة بغرض تقويتها جسدياً، كما تستلم هدايا عينية من أهل العريس تتمثل في ألبسة وحلي من الذهب وهدايا أخرى لعائلتها تتمثل في ناقة أو خروف حسب إمكانيات الزوج.

.. وللعاصمة تقاليدها

في زحمة الحياة اليومية التي يعيشها أهل العاصمة تونس اندثرت معظم العادات والتقاليد الخاصة بالزواج واقتصر على ليلتين فقط هما ليلة «الوطية»، وهي خاصة بالمرأة فقط وفيها ترتدي العروس اللباس التقليدي حسب المدينة التي تنحدر منها، فيما يوازي ليلة «وطية» المرأة ليلة الحناء للرجل وفيها يقوم أصدقاء العريس بتقديم هدايا مالية له بغرض مساعدته مادياً، وتدون الهدايا في دفتر صغير حتى يقوم العريس بإعادة نفس المبلغ لأصدقائه يوم حنتهم.

وبعد ذلك بليلة تأتي ليلة الزفاف وعادةً ما تقام في صالة أفراح فخمة حسب إمكانيات العروسين، وحديثا انتشرت ظاهرة «البلدية» وفيها يعقد قران العروسين من دون إقامة أجواء احتفالية وبعدها يتوجهان إلى بيت الزوجية من دون أدنى طقوس وهذا الواقع يسري على العائلات المحدودة الدخل.

يذكر أن العريس التونسي لا يعاني من مشكلة المهور كما هو الحال في الخليج العربي، إذ تكتفي العروس وأهلها بمبلغ زهيد جداً لا يتعدى دولاراً واحداً خلال عقد القران، وهذا التقليد معمول به في كل المناطق بدون استثناء، وفي المقابل يقدم العريس للعروس هدايا ثمينة ولكنها معقولة ومقدور عليها.

تونس ـ ضحى السعفي:

Email