40 دراسة طبية تؤكدالظاهرة

الأحلام .. أحدث وصفة للوقاية من الأمراض

ت + ت - الحجم الطبيعي

معارك علمية ضارية خاضها الأطباء على مدى سنوات طويلة من أجل تفسير الأحلام وفك طلاسمها وحل ألغازها.. ولم تعد الأحلام تنفيساً عن رغبات مكبوتة أو تعبيراً عن اشتياق إلى أهداف لم تحققها في الواقع فالدراسات الحديثة أثبتت أن للأحلام فوائد علاجية وأن بعضها أصبح مثل جرس الإنذار الذي ينبه الأطباء إلى احتمال الإصابة بالأمراض في المستقبل.

د. ماهر القبلاوي «أستاذ العلاج الطبيعي في جامعة القاهرة» يقول: «تبنت مجموعة من الأطباء والعلماء محاولة البحث عن وسائل بديلة للعلاج بالعقاقير، تقضي على الأمراض وتفيد في الوقاية منها في الوقت ذاته ولا تترك آثارًا جانبية يصعب معالجتها، وانتهت إلى فاعلية الأحلام في تحقيق أهدافها».

وأجمعت عدة دراسات عالمية، يصل عددها إلى الأربعين على دور الأحلام في التحذير من الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة، والدلالات كثيرة، فمن يرى شلالات بصورة متكررة في أحلامه، يعني أن أمراض الدم والأنيميا بدأت تهاجم جسده، كذلك رؤية الغابات الكثيفة والجبال الشاهقة، والمزارع الخضراء، دليل على تأهب الجسم للإصابة بأمراض الكبد، أما الأحلام التي تدور حول الأشباح والعفاريت والنيران أو الأدخنة، فتشير إلى معاناة الفرد من اضطرابات في الدورة الدموية والقلب، والشخص الذي يخوض حرباً أو معارك وطرقاً وعرة في المنام، يعاني من أمراض بالجهاز التنفسي واضطرابًا في وظائف الرئتين، وهكذا لكل طائفة من الأحلام، مردود فسيولوجي ينبهنا لعلاجه، أو البحث عن سبل للوقاية منه.

ويؤكد د. القبلاوي أن كل هذا الكلام مبني على أساس علمي، أثبتته الدراسات والأبحاث، ولكنه يوضح أن الأحلام نوعان، أحدهما لا يجدي في تشخيص وعلاج الأمراض، وهو ما يراه النائم في دورة نومه الأولى، أي بعد ذهابه إلى الفراش مباشرة.. والنوع الثاني، يمكن الاعتماد عليه في علاج الأمراض والتنبؤ المستقبلي بها، وعادة ما تداهم هذه الأحلام النائم، في منتصف أو آخر نومه، بشرط ألا يكون متعرضا لمؤثرات خارجية، كالبرد الشديد، أو الحرارة المرتفعة.

ويرى د. يحيى الرخاوي أستاذ الطب النفسي أنه قد لا تكون للحلم وظيفة محددة، إذ أنه لا يحدث خصيصاً لتحقيق رغبة أو لتفريغ طاقة، فهو ظاهرة إيقاعية دورية حتمية.. ويقول إن الاتفاق كاد ينعقد على أن لغة الحلم هي لغة مصورة، لها نموها وبلاغتها الخاصة، وأنه يمكن حل شفرتها بجهد منظم، مشيراً إلى أن لغة الحلم ليست كلاماً ناتجاً عن بنية لغوية راسخة، ولابد من إعادتها إلى مفاهيمها الفكرية ليمكن شرحها بالأداة اللفظية، ولا هي نتاج العمليات الأولية، لكنها لغة حيوية جديدة يختلط فيها العياني بالمجرد وتتكشف فيها المفردات المتنوعة، فتقوم صياغة الحلم بترتيبها بالقدر الممكن لروايتها.

أحلام اليقظة

وعن أحلام اليقظة يقول د. سعيد عبد العظيم أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة: أحيانا يتحول حلم اليقظة إلى دافع يحرك الفرد، لتحقيق آماله وطموحاته، لأنه يوفر للإنسان فرصة، يدرب نفسه خلالها لوضع خطة آنية للمستقبل القريب، فيقلب في ذهنه كافة الأوجه، لهذا الأمر الذي ينوي تنفيذه، كما تتيح الأحلام لأصحابها فرصة إعادة تجسيد المواقف السيئة، التي مرت في حياتهم ولم يحسنوا التصرف فيها، فيكتسبون الخبرة اللازمة للتعامل مع نفس هذه التجارب في مرات مقبلة، ولكن بشكل أكثر فاعلية.

وفي بحث أخير أجرته جامعة هارفارد الأميركية، على عينة كبيرة من المطلقين، لوحظ أن85% منهم لا تراودهم أحلام اليقظة، والباقين كانت أحلامهم تدور حول العمل والطموحات المادية، ولم يتطرقوا يوما بحلمهم، إلى دنيا الحياة الزوجية، والقضاء على الخلافات الأسرية، واتضح من الدراسة أن 5% من الأسر السعيدة، التي تنعم بالهناء العائلي، كانت حياتها سلسلة من أحلام اليقظة، التي تحولت إلى إنجازات واقعية.. وهذا يعني أن هذه الظاهرة السيكولوجية، تسهم في تحويل المستحيل إلى واقع، والخطأ إلى صواب، ولها دور كبير في توفير الراحة النفسية، وتفريغ الشحنات الانفعالية، تلك التي لا يستطيع الفرد، البوح بها أو أن يسلكها في حياته الفعلية.

الحلم وقاية

ويقول د. عادل المدني أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر: جميع الناس يحلمون بشكل يومي، حتى الأطفال الرضع، الذين لوحظ تحرك مقلهم أثناء النوم، بسرعة تبلغ 15 مرة في الثانية، وتتكرر هذه العملية، مع بداية كل حلم جديد، لدي البالغين والأطفال على السواء، ومدة الأحلام تتناقص تدريجيا مع زيادة عمر الإنسان، حتى يفقد القدرة عليها تماماً، أو بمعنى أدق أن تصير مدة الحلم لديه تساوي «صفر»، وذلك يحدث عندما يتجاوز عمر الشخص المئة عام.

ومن يعجز عن الحلم، يتحول على المدى البعيد إلى شخص مضطرب عقليا، لا يجد متنفساً لضغوطه النفسية وشحناته الانفعالية فتكون النتيجة ترسبها في نفسه استعداداً لإحداث الخلل العصبي، وتقل القدرة على تذكر الحلم، كلما زاد الفاصل الزمني بين مرحلة حدوثه وبين الحديث عنه، أو استدعائه مع النفس، لذا من السهل أن يتذكر الإنسان أحلامه بعد الاستيقاظ مباشرة، ولو حظ أن هذه العملية تختلف من شخص إلى آخر، فالنساء وأصحاب المواهب أكثر مقدرة على تذكر الأحلام وسرد تفاصيلها بدقة، مقارنة بالرجال والأشخاص العاديين.

حراس النوم

د. علي شومان أخصائي الطب النفسي يقول: الأحلام عملية عقلية، تحدث أثناء فترة تغير الوعي، والتي تنتج عن النوم، أو الوقوع تحت تأثير مواد مخدرة أو منومة، وفي الحلم تختلط خيالات الذاكرة مع صور الواقع الفعلي، وأحيانا يتحكم الشخص في محتوى أحلامه، بواسطة الإيحاء قبل النوم وتركيز التفكير بشيء محدد وتكمن مراكز الحلم في الفصوص الأمامية والجانبية والخلفية للمخ وكذلك في منطقة المهاد، ويوجد داخل كل فص أحد مراكز الإحساس المتعددة كالبصر، والكلام والحركة، فالأحلام تحتاج دائما لقشرة إبصارية، تعكس الصور التي يراها النائم في منامه، والتي تكون مصحوبة أحيانا بإتيان سلوك حركي، أو الحديث اللفظي، نتيجة مرور بعض الإشارات العصبية من المهاد إلى بعض المناطق العصبية في المخ، وحتى الآن يعتبر سبب حدوث هذه العملية مجهول للعلماء، وإن كان اجتهاد بعضهم في التفسير أثمر عن استنتاج لم تعترف به الأوساط العلمية ملخصه «أن الإجهاد والقلق النفسي يسببان سريان هذه الإشارات في الأعصاب، فيتكلم النائم، الذي نستطيع على حد تفسيرهم أن ندخل معه إلى موضوع الحلم ونحادثه، كما يحدث تماما في عملية التنويم المغناطيسي.

ويختتم د. شومان قائلاً: «والأحلام تساعد النائم على الاستغراق في نومه والاستمرار فيه لمدة أطول، وقد تعارف العلماء على تسميتها «بحراس النوم»، لأنها تدخل المؤثرات الخارجية التي تحيط بالنائم في موضوع الحلم، كذلك الشخص الذي وقع من فوق سريره، فخيل إليه في أحلامه أنه سقط «بالبراشوت»، ووصل أرضا آمنة».

خدمة (وكالة الصحافة العربية)

القاهرة ـ «البيان»:

Email