رواد وذكريات

د. محمد عبيد غباش :الأزمنة الإلكترونية تحملت عبء رعاية كتّابنا الشباب - 3

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

نكمل اليوم مشوارنا مع الكاتب والإعلامي الإماراتي د. محمد عبيد غباش، لنتعرف معه عبر رحلته في الذاكرة، على التطورات الإعلامية التي تلت توقف مجلته «الأزمنة العربية» عن الصدور ورقياً عام 1996 في لندن.

ونستعيد معه بعضاً مما تبقى في ذاكرته المليئة والجريئة في آن معاً، يوم كان مديراً عاماً لجريدة «الفجر»، ثم نعرج على تجربته في إصداره المثير للجدل «أحوال»، ونتعرف أيضاً على بعض أحوال ما يراه من إعلام اليوم:

* توقفت الأزمنة منذ 1996 عن الصدور بشكلها الورقي حتى عادت إلى الصدور بشكلها الالكتروني على الانترنت، والموقع ثري ومليء بالموضوعات المتنوعة، هل تعتقد أنه كان متنفساً لمجلة الأزمنة العربية؟

ـ من دون شك، والمتنفس جاء من أمرين: الأمر الأساسي الجوهري هو السياسي حيث أننا في الانترنت نكتب وفق معايير نحترمها ونحرص عليها، هناك ضوابط في الكتابة ولا نكتب كما يحلو لنا، نحترم الحدود لكن لا نحترم اللامعقول بمعنى انه لو كانت الأزمنة مطبوعة ورقية هناك حدود تفرض علينا الالتزام بها.

الجانب الأخطر والاهم هو الجانب المالي، بمعنى أننا لو كنا ننتجها بهذه الضخامة سنرتهن إلى الإعلان، وهذا صعب لأن الأزمنة بطبيعتها تنتقد بعض الدوائر والبلديات وأداء المؤسسات أي أنها تثير بعض المشاكل، من هنا يخشى المعلن أن يظهر إعلانه في مادة نقدية فيقع تحت طائلة الغضب.

ـ هل هناك إقبال وتجاوب مع الأزمنة في الإنترنت؟

ـ نعم، ويمكنك رؤية ذلك، لكن يبقى أن العدد اقل من الطموح، فعدد الزوار شهرياً حوالي سبعة آلاف زائر، أي اقل مما كنا نوزع عندما كانت الأزمنة ورقية حيث وصلنا إلى 15000 وهذا قبل عشرين سنة، لكن علينا أن ننتبه إلى أن الزمن تغير، وهناك الكثير من المطبوعات في الإمارات وليس كما كنا في السابق، كنا منفردين لكن هذا قدرنا.

ـ ماذا لو اتيحت الفرصة الآن لإصدارها كنسخة ورقية؟

ـ هذا الأمل هاجس مزمن بالنسبة لي، لكن اعتقد أنني عقلاني بما يكفي لكي لا أقدم على مغامرة مالية، لان العبء الذي تحملناه بعد الإغلاق ولوقت طويل كان صعباً جداً وباهظا وتحملنا لسنوات عديدة ما لا يحتمل.

من جهة أخرى للأزمنة دور أو وظيفة رئيسية هي رعاية الكتاب الشباب، وهذا ما نقوم به فإذا قامت به المطبوعات الورقية بالشكل المعقول ربما لا يكون هناك مبرر للأزمنة الألكترونية. كان هذا دور الأزمنة منذ البداية وخرجت عددا من الكتاب المكرسين الآن، هذا ما نقوم به عبر الأزمنة الالكترونية وهذا هو مبرر وجودها إلى حد كبير.

* عملت مديراً عاماً لجريدة «الفجر» منذ عام 1986 إلى عام 1988م وفي الوقت نفسه كانت الأزمنة تصدر من الخارج، كيف كنت توفق بين المهمتين؟

ـ لم أكن بحاجة إلى مثل هذا التوفيق لأن أزمنة الخارج كان يرأسها في ذلك الزمن غانم غباش زرحمه اللهس وحتى ككتابة، أما عملي في الفجر فكان إدارياً، كمدير عام كنت أرعى التحرير لكي تأخذ الجريدة موقعاً في الساحة لكن التجربة لم تطل.

ـ ما هي العقبات التي وجدتها؟

ـ العقبة الرئيسية هي العقبة نفسها التي أغلقت الأزمنة، وهي وزارة الإعلام التي كانت تخنق العمل الخاص، أو تحاول تجييره أو تحويله كصدى لإعلامها هي، وهذا يتعارض مع طبيعة الإعلام الخاص الذي ينبغي أن يكون مستقلا.

فكانت هذه المطبوعات غير مستقلة ليس لأن أصحابها لا يريدون أن يكونوا مستقلين بل لان الوزارة ـ آنذاك ـ تريد منهم أن يكونوا أتباعا. في الوقت نفسه كانت وزارة الإعلام هي نفسها تصدر مطبوعة تنافس وتضرب فيها المطبوعات الأخرى، هذا من جانب ومن جانب آخر ألقى وضع الحرب الإيرانية بظلاله على الإعلام كله.

وكان المطلوب من الإعلام أن يؤدي دوراً أنا شخصياً لم أكن أستسيغه، وقد كانت الأزمنة صوتاً نادراً في الإعلام آنذاك، حيث كنا نقف إلى جانب الثورة الإيرانية في وجه صدام حسين مبدئياً، ولم استطع تغيير هذه الرؤية عندما ذهبت إلى الفجر، ولم تكن المعطيات المتوفرة للفجر تسمح لها إلا بأن تكون ضمن التوجه الإعلامي العام.

ـ تعرضتم لمساءلة وتهديد وبعض الكلام من قبل بعض الناس الذين انتقدوا الأزمنة، هل بقيت بينكم الصلة الاجتماعية؟

ـ أنا بطبعي لا اقطع الصلات مع الآخرين حتى في حال اختلافهم معي في الرأي، هذا شيء والصلة الإنسانية شيء آخر، لكن المشكلة في نمط الحياة التي نعيشها في الوقت الراهن والتي تفرق بين الناس، أو لا تسمح باللقاءات كما في السابق وليس بسبب اختلاف وجهات النظر. على سبيل المثال أنا اعمل في العين في الجامعة وآتي إلى دبي يومين لا أجد الوقت لرؤية الناس.

ـ هل هناك مقالات لقيت تجاوباً وتقبلتها الإدارات المختلفة أم كنتم تواجهون صداً ورفضاً باستمرار؟

ـ بالعكس؛ أغلب المقالات وجدت تجاوباً ولذلك كان للأزمنة دور بناء في تحسين الحياة العامة، والموضوعات التي أثارت الحساسية قليلة وتكاد تعد على الأصابع، ولم تكن بتلك الحدة التي تتخيلها، المشكلة تكمن في أن أي شيء مهما صغر يمكن أن يبدو كبيراً إذا لم تكن الحرية مألوفة. الآن إذا عدت إلى الأزمنة تجده كلاماً عادياً وربما يكتب في أي مطبوعة، لكن الزمن هو الذي تغير.

ـ تجربة مجلة «أحوال» وجدت استغراباً من بعض الناس، هناك شيء بين أزمنة وبين أحوال التي جاءت تجربة ساخرة ولاذعة ومشاكسة، هل هي نسخة عن الأزمنة لكن محلية؟

ـ أنا أحاول قدر ما أستطيع أن لا اكرر التجارب فكل مرحلة لها طبيعتها، بالنسبة لأحوال تختلف بشكل جوهري عن الأزمنة في عدة أمور هي: أنني حاولت أن أجعلها تنتمي إلى عائلة روز اليوسف وصباح الخير في قوة الكاريكاتير، الآن لم يعد الكاريكاتير يلعب هذا الدور، كان الكاريكاتير هو الملك وهذا لم يكن موجودا في الأزمنة.

الحجم أيضا مختلف. كما أنها تعتمد المقالة وليس التحقيق الصحافي كما في الأزمنة، والمقالة قالب كتابي له خصوصيته ويمثل رأي الكاتب أما التحقيق فيمثل آراء الناس. من هنا اعتقد أن «أحوال» لها طعم ولون ونكهة وخصوصية تختلف عن الأزمنة. إلا أن هناك شيئاً مشتركاً بينهما هو أن كلتيهما نقديتان.

ـ ما الذي دفعك إلى إصدار «أحوال»؟

ـ لا بد من العودة إلى حكاية أحوال للإجابة عن هذا السؤال، المسألة كلها بدأت بناء على حماسة الأخ منصور عبد الرحمن ـ رئيس تحريرها الآن ـ الذي كان يرغب في إصدار مجلة منوعات وليس مجلة سياسية في الإمارات.

ولم أكن متحمساً لهذا لأنني بعيد إلى حد ما عن هذه المجالات، فأنا ادرس السياسة واهتماماتي سياسية لكنني تقدمت بطلب الترخيص، سرت معه بالفكرة ودخلنا المغامرة، وكان هو الممول الرئيس لها وتحمل العبء الأكبر في إنشائها، ولهذا شعرت انه ينبغي أن يكون له الدور الأكبر، وبعد سنة ونصف شعرت انه لم يعد لدي شيء آخر أعطيه، كما أنني ادرس العلوم السياسية فهل أصدر مطبوعة غير سياسية.

ـ عرفت بالفكر الجاد والصحافة الجادة الم تجد انتقادات من المقربين عندما قمت بإصدار مجلة فنية بعيدة عن اهتماماتك السياسية؟ لماذا (7 Days) التي أسستها وترأسها الآن، ومن يكتب فيها؟

ـ المفارقة أن تجربة «7 Days» أخطر لأنها جماهيرية، فالمجلة جاءت في قالب فني وضد الجدية التي اعتدتها. اعتبر نفسي تلميذاً فيها وفي كل يوم أتعلم فيها شيئاً جديداً رغم أنني رئيس تحريرها، فريق عمل المجلة إنجليزي الجنسية يحاولون أن ينقلوا لنا قالباً تقنياً مرتبطاً بصحف «التابلويد» اليومية الشعبية في بريطانيا، هذه التجربة نقيض شخصيتي، جاد وصارم، لكن اعتقد أن تنوع الحياة يجعل لهذا مكان ولذاك مكان.

لا أحد منهما يلغي الآخر أعجبني في «7 Days» أن أولادي الذين لا يحبون القراءة تستهويهم الجريدة، هذا الجيل الشاب تحت العشرين سنة يستهويهم هذا النوع من الصحافة، وأعتقد انه يمكنني الاستفادة كثيراً من هذه التجرية في حال كانت هناك فكرة إصدار شيء ما مشابه في الإمارات، فالصحافة الصارمة لم تعد تجذب القراء بل يهربون منها.

ـ هل لها مكاتب في الخارج؟

ـ لا؛ موجودة في الإمارات فقط.

*الشطرنج واستخدام الذكاء

ـ عملت رئيساً لاتحاد الإمارات للشطرنج، وكنت نائباً لرئيس الاتحاد الدولي للشطرنج عام 1994م، وربما يبدو اهتمامك بالشطرنج مستغرباً قياساً بشخصيتك واهتماماتك، كيف تنظر إلى هذا الأمر؟

ـ على الأقل الشطرنج لعبة فيها نوع من التفكير واستخدام الذكاء، لكن الكثيرين يستهجنون حبي لكرة القدم ويتساءلون كيف تضيع ساعتين من وقتك وأنت تراقبها. اعتقد أننا بطبيعتنا أصبحنا صارمين في حياتنا، ونؤطرها في إطار واحد. لكن ينبغي أن لا ننسى أن في داخل كل منا طفلاً يحب اللعب، سواء لعب الشطرنج أو الكرة أو غيرها من الألعاب، أما بالنسبة للشطرنج فالمسألة مختلفة، فأنا اعتقد أن هذه اللعبة مهمة جداً.

وينبغي أن تكون موجودة في حياتنا اليومية، وان تعلم لأطفالنا منذ وقت مبكر وذلك لأسباب عدة: الأول أن الدراسات العلمية أثبتت أن الأطفال الذين يلعبون الشطرنج يتميزون بمدارك عقلية أكثر اتساعاً وتحصيلهم الدراسي أفضل، ما يعني أنها تدريب مناسب لتحقيق تحصيل دراسي أفضل.

والثاني أن الشطرنج بالنسبة لي كانت البديل عن الكحول أو الأدوية المهدئة، لأنني في حالة الضيق كنت اذهب لألعب دور شطرنج فأنسى ما كنت فيه من الضيق، وهي بهذا المعنى مفيدة في الوقاية من بعض المخاطر، أضف إلى ذلك أننا نحن العرب ساهمنا ولعبنا دوراً كبيراً في هذه اللعبة ونشرها في العالم، وإسهام أجدادنا كان عالياً في هذه اللعبة.

ـ نأتي إلى الإنتاج الأدبي لماذا لم توله العناية اللازمة؟

ـ لأن اليوم يتكون من 24 ساعة فقط، والأعباء كثيرة، الأبوة تتطلب وقتاً، والعمل الأكاديمي يتطلب القراءة والبحث. نمط الحياة الذي نعيشه لا يجعل الإنسان معطاء في العمل الأدبي لان العمل الأدبي الحق يحتاج إلى التفرغ وهو أمر لا تتيحه لنا مجتمعاتنا.

ـ انتقدت في بعض مقالاتك عدم تفرغ المبدعين، وتحدثت عن أن الوظيفة تأخذ الكثير من وقت المبدع أو الأديب أو الكاتب، هل ينطبق هذا عليك أيضا؟

ـ أنا أتحدث بشكل عام وليس عن نفسي، بالنسبة لي العمل الأكاديمي مهم، وأنا أجد نفسي في هذا العمل والعمل الأدبي في منظوري ليس أهم من العمل الأكاديمي، لكنني أتحدث عن الأديب أو الكاتب المسرحي أو الروائي حين يعمل في وظيفة بعيدة تماما عن مجال إبداعه في الحسابات مثلا، ويسفح ثماني أو عشر ساعات من وقته في الوظيفة.

ما الذي يبقى له من الوقت لكي يكتب ويبدع، ما يحدث عندنا أن الأديب أو المبدع مستهلك في العمل الوظيفي ولا يجد إلا وقتاً ضئيلاً للكتابة والإنتاج الأدبي، ولهذا كنت أتمنى أن تخصص وزارة الإعلام كل سنة مجموعة من الوظائف لفنانين تشكيليين ومسرحيين .

وكتاب وشعراء وتعينهم على ملاكها وتحاسبهم على الإنتاج مع وجود ضوابط بالطبع، لو كان هذا متاحاً لوجدت الكثير من العمل الإبداعي والإنتاج الأدبي. في الغرب مثلا، هناك تفرغ كامل للكاتب والجمهور يحضنه لأن الروائي في الغرب إذا كان ناجحاً ليس لديه مشكلة، لكن مجتمعاتنا لا تقرأ والأمية فيها كبيرة، لهذا يفترض أن تقوم الحكومات بهذا الدور.

* قلة الامكانيات

ـ عادة ما تقابل قضية التفرغ بالاستهزاء والسخرية من الدول الأخرى ربما بسبب الفقر وقلة الإمكانيات، لكن في دول الخليج التي تتمتع بمستوى دخل عالي ربما يبدو الأمر غير مقبول، هل تعتقد أن دعوتك يمكن أن تتحقق؟

ـ أتمنى ذلك، وبصراحة لا أفهم لماذا؟ ولا أعرف لماذا لا يتم تفريغ بعض المبدعين للإنتاج الإبداعي رغم أهمية هذا الأمر. في تقديري أن سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الإعلام والثقافة وصقر غباش وكيل الوزارة يدركان أهمية هذا الأمر، لكن لماذا لم يتحقق ذلك، لا اعرف.

ربما تكون هناك آليات معينة أو قيود مالية مثلا تمنع القيام بذلك إلا أن الأمر يحتاج إلى خطوة جريئة. لا بد من تخصيص عشر وظائف على الأقل للمبدعين الشباب وأن تكون بطبيعتها متحركة .

وأن تكون مضبوطة بقواعد صارمة بحيث يكون الناتج يستحق والأديب الذي لا ينتج لا يستمر في التمتع بهذه الوظيفة أو هذا الحق. لا بد من فتح الفرص أمامهم حتى لو كانت مكافأة مالية تتيح له أن ينتج وهو غير قلق على معيشته.

ـرؤيتك للإعلام العربي بشكل عام، حددت انه بصورة عامة يعكس رأي الحكومات والجهات المتسلطة خاصة في القضايا التي تستحي هذه الحكومات من طرحها فتنشئ قنوات و«تطنطن» من خلالها، كما أن هذا الإعلام اقرب إلى إعلام 67 من حيث انه عاطفي، شعاراتي، ما بعد الصفعة التي وجهت لنظام صدام، هل تشعر أن هذا الإعلام انكشفت عورته، وما هي رؤيتك في المجال السياسي تحديداً؟ ومكامن الخلل فيه؟

ـ أنا متفائل بالنسبة للإعلام العربي، والسبب أن الإعلام متغير تابع، يتبع السلطة التي يعمل في ظلها، فإذا كانت هذه السلطة مستبدة وقامعة فلا مجال لإعلام مختلف أو حر.

لكن هناك تغييرات ايجابية في العالم العربي لكسر عظم هذه الدولة المتسلطة التي تحكم كل شيء وتهيمن على كل شيء في حياة الناس ومصائرهم، ما يجري في مصر أو لبنان أو البحرين على سبيل المثال يقدم إشارة على مثل هذه التحولات، خروج لبنان من الهيمنة السورية أيضا هذه بشارة ضخمة، الديمقراطية في البحرين والأردن والمغرب واقل في اليمن كلها ترفد وتدفع في سبيل تحول إعلامي وغني وخصب.

ـقلت أن دور الإعلام المحلي تزييني وتجميلي، يهون السلبيات ويضخم المنجزات ولم يعتد النقد، إلا تعتقد أن التغيرات الجارية في المنطقة غيرت الإعلام المحلي؟

ـ الإعلام المحلي أيضا صورته معقدة، المشكلة تقنية أكثر منها سياسية، على مستوى الصحف اليومية التي تصل إلى مئة صفحة ومليئة بالحشو والثرثرة يعني أن هناك كلفة مالية، وهناك بشر ينتجونها، والسبب أن الحكومة تتعامل مع الإعلام كمن لا يخشى الفقر، تصرف الكثير ثم تعود فتتراجع وتقلص النفقات والصفحات وتكسر الموضوع كله. نحن في الإمارات نحتاج إلى السير في الطريق الكويتي بمعنى أن يصبح الإعلام خاصاً.

ـ تعليقاً على تأسيس مؤسسة دبي للإعلام دعوت إلى حق النشر للجميع، إلا تعتقد أنها ستسبب فوضى لا أول لها ولا آخر؟

ـ لكنها فوضى خلاقة. عندما أردنا أن نصدر الأزمنة في لندن بقيت شهرين ابحث عن الجهة التي تعطينا حق النشر، ثم اكتشفت انه ليس هناك جهة تعطيك حق النشر، فقط سجل اسمك في البريد، بمعنى أن عنوانك معروف.

اقصد أن يترك حق النشر مفتوحاً وقانون المطبوعات والنشر يضبط المحتوى، بحيث لا يكون هناك تشهير أو انتقاص من سمعة أو ترويج لأمور ضارة بالمجتمع وهذه أمور يضبطها القانون. بصراحة نحن لا نحتاج إلى أن تكون وسائل الإعلام تابعة للحكومة. قانون المطبوعات يحتاج إلى محاكم ونيابة تمسك الجاني.

ـ أنت من القليلين الذين كتبوا عن الحقيقة والحياد في الإعلام ليس فقط في المجال السياسي بل والاقتصادي والرياضي، ما السبب في غيابهما في رأيك؟

ـ ضعف نفوس الكثير من زملائنا الإعلاميين للأسف ليس فقط في الإعلام الرياضي بل حتى في الاقتصادي تبدو بعض المقالات وكأنها مدفوعة، وهذا ما يجعلها بلا مصداقية.

مما يترتب عليه بالتالي أن الإعلام بشكل عام يبدو فاقدا المصداقية وبلا شرف، ومصداقيته أمام الناس مهزوزة، لهذا نحن بحاجة إلى الخروج من هذا الجو ومربط الفرس في رأيي هو أن تترك الحكومة الإعلام وتصبح مراقباً وضابطاً لحركته وتترك وسائل الإعلام حرة طليقة ضمن الضوابط القانونية.

ـ بعد هذه الرحلة الطويلة، لو أصدرت مطبوعة كيف ستكون؟

ـ ستكون مثل «7 Days» لكن باللغة العربية، وستكون موجهة إلى هذا الجيل الذي ينبغي أن نتواصل معه لأنهم أبناؤنا، بالإضافة إلى الكاريكاتير لأنني مؤمن بالصحافة الكاريكاتيرية، وأعتقد أن الكاريكاتير يختصر الكثير من الحشو والكلام، كلنا نعلم أن كاريكاتير ناجي العلي «رحمه الله» يغني عن مجلدات وكتب.

حوار ـ محمد الأنصاري:

Email