صور نمطية

تأثير العنف المتلفز على سلوك الأطفال

ت + ت - الحجم الطبيعي

حذرت دراسة اجتماعية حول البرامج الموجهة للأطفال العرب، في الفضائيات العربية، من آثار العنف المتلفز في شخصياتهم ومستقبلهم، وفي أمن واستقرار مجتمعاتهم. تدعو الدراسة التي نفذتها الباحثتان الأردنيتان أماني تفاحة ولارا حسين إلى إنشاء مؤسسة عربية لإنتاج أفلام كرتون، تركز على أمجاد الأمة العربية، ومستوحاة من بيئتها، معتبرة أن العنف «تجاوز للسوية في السلوك، ينعكس سلباً على أمن المجتمعات واستقرارها وفرص التنمية والازدهار الاقتصادي فيها».

أكدت الباحثتان أن «للعنف المتلفز تأثيرات كثيرة في شخصية الطفل ومستقبله»، مضيفتين أن «الطفل المشاهد للتلفاز دون رقابة أو انتقائية، يصبح أقل إحساساً بآلام الآخرين ومعاناتهم، وأكثر رهبة وخشية للمجتمع المحيط به، وأشد ميلاً إلى ممارسة السلوك العدواني، وأكثر استعداداً لارتكاب التصرفات المؤذية».

 

ذروة المشاهدة

وتفيد الدراسة المعنونة بـ (مواد وبرامج الأطفال في القنوات الفضائية العربية) بأن ذروة المشاهدة في الفترة المسائية التي تعرض خلالها مشاهد عنيفة، بمعدل خمسة مشاهد في الساعة. «وهذا يعني أن الطفل في عمر 11 عاماً يكون قد شاهد نحو 20 ألف مشهد قتل أو موت، وأكثر من 80 ألف مشهد اعتداء».

وتشير دراسات علمية أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) حول معدلات مشاهدة الأطفال العرب للتلفزيون، إلى أن الطفل وقبل أن يبلغ الـ 18 من عمره، يقضي أمام شاشة التلفاز 22 ألف ساعة، مقابل 14 ألف ساعة يقضيها في المدرسة خلال المرحلة نفسها، مشيرة إلى أنه مع بدء القرن الـ 21 زاد المعدل العالمي لمشاهدة الطفل للتلفزيون من ثلاث ساعات و20 دقيقة يومياً إلى خمس ساعات و50 دقيقة، نتيجة الانتشار الواسع للفضائيات التلفزيونية.

 

رقابة وانتقائية

وتؤكد الدراسة أن مشاهدة الأطفال لبرامج التلفزيون لفترات غير محددة ودون رقابة وانتقائية «تفرز سلوكيات، أبرزها السلبية والأنانية وعدم التعاون مع الآخرين، وعدم الإحساس بمشاعرهم، بل والسخرية منهم، إلى جانب التقليد الأعمى للآخرين في الملبس والمأكل والمشرب والسلوك الاجتماعي وتطوير نمط حياة استهلاكي».

كما تؤدي مشاهدة الأطفال برامج التلفزيون بإفراط ودون ضوابط، إلى تأثيرات سلبية فيهم تتمثل في العجز عن ضبط النفس، واللجوء إلى العنف بدل التفاوض، والافتقار إلى الأمان، والشعور الدائم بالخوف والقلق، وترسيخ صور نمطية في عقل الطفل؛ حول المرأة والرجل والمسنين والطفل وأصحاب المهن والمسؤولين ورجال الأمن وغيرهم، إضافة إلى قتل روح الإنتاج والإبداع لدى الأطفال.

مشاهدة معتدلة

كما أن مشاهدة التلفاز باعتدال «تزيد قدرة الأطفال على الاستيعاب والتذكر، لاعتمادها على حاستي السمع والبصر، ولجاذبيتها في الحركة والصورة» طبقا للدراسة. وتضمنت الدراسة تحليلاً لفرضية تأثيرات التلفاز في نمو دماغ الطفل، أولاها تخفيف حفز نصف الدماغ الأيسر المسؤول عن نظام اللغة والقراءة والتفكير التحليلي، وثانيتها تقليل الأهلية الذهنية وقوة الانتباه، عبر خفض مستوى التواصل بين نصفي الدماغ، وثالثتها إعاقة نمو النظام الضابط للانتباه والتنظيم والدوافع السلوكية.

وفيما يتعلق بالنمو الجسدي، قالت الدراسة إن الأطفال الذين يشاهدون التلفاز ويتصفحون الإنترنت أكثر من نظرائهم، يميلون عادة إلى البدانة وقلة الحركة «مما يؤكد فرضية وجود علاقة عكسية بين زمن المشاهدة والنمو البدني المتوازن للطفل».

وخلصت الدراسة إلى ضرورة وأهمية «تعريب لغة وسلوكيات الإنتاج التلفزيوني الموجه للأطفال» داعية إلى «إنشاء مؤسسة عربية لإنتاج أفلام كرتون، تركز على أمجاد الأمة العربية، مستوحاة من بيئتها».

Email