«التورية».. قريب وبعيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

التورية

التورية أسلوب أدبي بديع، يُقصد به لفظ له معنيان: أحدهما قريب غير مراد، والآخر بعيد هو المراد، وتدل عليه قرينة يغلب أن تكون خفية فيتوهم السامع أنه يريد المعنى القريب، وهو يريد المعنى البعيد.

وقد ورد الكثير من صور التورية في الأدب العربي شعراً ونثراً، إذ تضيف التورية إلى العمل الأدبي صوراً جميلة تشد القارئ إليها، وتدعوه إلى انتظار المزيد.. من أمثلة ذلك، قول نصير الدين الحمامي:

 أبيـــــات شــــــعــــــرك كالـــــــــقـــــصــــور ولا قــــصور بهـــــا يعوق

ومـن العــــــــجـــــائب لفــــــــــــــظــــــــهـا حـرٌ ومعناها «رقيـق»

فلكلمة (رقيق) معنيان: الأول قريب متبادر وهو «العبد المملوك» وسبب تبادره إلى الذهن الكلمة التي سبقت «حر»، والثاني: بعيد وهو «اللطيف السهل» أو الشفاف، وهذا هو المعنى الذي يريده الشاعر بعد أن ستره في ظل المعنى القريب.

 المترادفات

كرّم الله تعالى اللغة العربية وفضّلها على سائر لغات أهل الأرض، فهي لغة أهل الجنّة، وبها أنزل القرآن الكريم، خاتم الكتب السّماوية معجزاً في بلاغته وفصاحته، بل تحدّى الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثله في الفصاحة والبيان والبلاغة، .

 ولو عدنا إلى معاجم اللغة التي تحوي في متونها أسرار بلاغة اللغة العربية لأدركنا مدى ما وصل إليه أجدادنا العرب في إدراك الفروق الدقيقة بين المعاني، والتفريق بينها عن طريق المترادفات.

 ففي الدلالة على الرؤية بالعين استعملوا ألفاظاً عدة، قد تبدو متشابهة في معانيها العامة إلا أنها تختلف في مدلولاتها الدقيقة في التعبير عن جانب من جوانب الإبصار بالعين، ومن هذه الألفاظ:

 

1- رمقَ الشّيْءَ رمْقاً: أي لَحَظَهُ لحْظاً خفيفاً، أو أطال النظر إليه، رمَقه يَرْمُقه رَمْقاً و امَقَه: نظر إِلـيه. ورمقْتُه ببصري ورامَقْتُه أَتْبَعْتَه بصَرك تتعهَّده وتنظر إلـيه وتَرقُبه. ورمَّقَ تَرْمِيقاً أَدامَ النظر.

2- لحظ الشّيْءَ لحْظاً: نظر إليه بمؤخّر عينه، وقيل اللحظة النظرة من جانب الأذن، وقال الأزهري اللحاظ مؤخّر العين ما يلي الصُّدغ، ولحظ: لَحظَه يَلْحَظُه لَحْظاً ولَحَظاناً؛ ولَحَظَ إِليه: نظره بمؤخِرِ عينِه من أَي جانبـيه كان، يميناً أَو شمالاً، وهو أَشدّ التفاتاً من الشزْر؛ قال:

 

لَحَظْنـــــــاهــــُمُ حــــــتى كـــــأَن عُيـونَــــنا بهــــــا لَقـــــْوةٌ مــــــــــن شِـــدَّةِ اللَّحَــظـــــانِ

المتضادان

من جماليات اللغة العربية تسميه المتضادين باسم واحد مثل:

الجون: ويعني به الأبيض والأسود

الصريم: ويعني به الليل والنهار

السدفة: ويقصد بها الظلمة والضوء

Email