الأمية المعلوماتية.. تحدٍ أمام الدول النامية للولوج إلى عالم المعرفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أدى تطور الوسائل والأدوات التي يستخدمها الإنسان، والتغير الذي أحدثته في حياته، إلى نشوء نوع جديد من الأمية، يمكن أن نسميها «الأمية التكنولوجية»، فنحن نعيش اليوم عصر المعلومات وتجليات الثورة التكنولوجية الحاسوبية، وخلال السنوات العشر الأخيرة حدث تطور هائل في مجال المعرفة والمعلومات، كان بمثابة قفزات تنموية لم تحققها البشرية من قبل على مر التاريخ، وأصبح عالم الإلكترونيات أحد أبرز وسائل هذه الثورة، لما يتميز به من سهولة ومرونة وبساطة، ساهمت بشكل جلي في تذليل جميع العقبات التي تواجه الإنسان وتحقق الرخاء والتنمية الاقتصادية والتقدم الحضاري.

كثيراً ما ننادي بمحو الأمية ونبدأ في تعليم الكبار فك الحروف والقراءة والكتابة، وكأننا بصدد حل إشكالية معقدة، لكن لم تعد الأمية كما يعتقد الكثيرون مجرد قراءة وكتابة وحفظ لجدول الضرب، بل أصبحت أكبر من ذلك وأعقد، فهناك أميات متعددة جلبتها لنا ثورة الاتصالات التي غزت العالم وحولته إلى قرية كونية صغيرة.

لقد أصبحنا حقاً نعاني من أمية حقيقية في تعاملنا مع هذه الثورة، حتى أننا نجد المتعلمين منا وحملة أعلى الدرجات، غير قادرين على ترجمة التكنولوجيا الحديثة وإفادة الأمة منها. في مقالته عن تعريف محو أمية التكنولوجيا المعلوماتية، ذهب الباحث بينرود إلى أن سرعة تغلغل ثورة تكنولوجيا المعلومات في معظم وجوه حياتنا، قد أدت إلى الحاجة إلى محو «أمية التكنولوجيا المعلوماتية» في مجتمعنا المعاصر.

ومع ذلك فإن أي محاولة لوضع تعريف لهذا المصطلح في وقت معين، ستعكس أفكاراً ومفاهيم ونماذج سرعان ما تتجاوزها التطورات المتلاحقة في المجال، ومع ذلك يمكن تعريف مصطلح محو أمية التكنولوجيا المعلوماتية في معناها الواسع بأنها: المعرفة التي تسمح للفرد بأن يقوم بعمله بكفاءة وفاعلية في مختلف الظروف التي يوجد فيها، وبالتالي سيختلف مدلول المصطلح بدرجة كبيرة بين شخص وآخر، تبعاً لتلك الظروف.

الفجوة الرقمية

 

 

 

من خلال الواقع المعلوماتي والتسارع التقني في مجال تقنيات الحاسبات والتسارع في امتلاكها من قبل بعض الدول، بدأت تظهر إلى العيان الهوة الكبيرة أو الحيز بين تلك الدول والذي يطلق عليه «الفجوة الرقمية»، وهي المسافة التي تفصل بين المجتمعات المتقدمة والمجتمعات النامية، أي بين دول الشمال ودول الجنوب.

وتعد الفجوة المعلوماتية إحدى المشكلات الكبرى التي يعاني منها عالمنا المعاصر، فأساس هذه الفجوة يرتبط مباشرة بتركز التكنولوجيا المعلوماتية في البلدان المتقدمة، ومن أمثلة ذلك مدينة طوكيو التي تضم وحدها عدداً من خطوط الهاتف، تعادل إفريقيا بكاملها.

ويؤكد العديد من الباحثين أن الدول النامية باستطاعتها القضاء على الفجوة المعلوماتية نهائياً. ولكي يتم ذلك، يجب الاعتماد على الوسائل والطرق الكفيلة بذلك، والتي يمكن تلخيصها في العناصر التالية:

 

الشهر الوطني

 

 

شهد عام 2009 إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما، أن شهر أكتوبر 2009 هو الشهر الوطني لمحو الأمية المعلوماتية. وذكر إعلان الرئيس أوباما أنه «بدلاً من مجرد امتلاك البيانات، فإن علينا أيضاً أن نتعلم هذه المهارات اللازمة للحصول على المعلومات، ومقارنتها، وتقييمها. فعلى الرغم من أننا قد نعرف كيف نجد المعلومة التي نحتاجها، إلا أننا يجب أن نعرف أيضاً كيف نقيمها».

وينتهي إعلانه بقوله: «الآن، وعليه، فإنني أنا باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأميركية، بموجب السلطة المخولة لي وبموجب الدستور وقوانين الولايات المتحدة، أعلن أكتوبر 2009 شهراً وطنياً لمحو الأمية المعلوماتية. إنني أدعو شعب الولايات المتحدة ليتذكروا أهمية الدور الذي تلعبه المعلومات في حياتنا اليومية، وإلى تقدير مدى الحاجة لزيادة فهم تأثيرها».

8 كفاءات تُعرّف الأمية

 

 

 

الباحث كان قد بدأ بمناقشة التعريف السابق لمحو أمية التكنولوجيا المعلوماتية، لبيان الكفاءات الثماني التي ستشكل في مجموعها تعريفاً لمحو أمية التكنولوجيا المعلوماتية، :

1. إمكانية التشغيل والتواصل مع الأجهزة التكنولوجية المعلوماتية كالحاسبات والفيديو ..الخ.

2. استيعاب وفهم بقية تشكيل النظم الفرعية للنظم أو الشبكات.

3. استيعاب وفهم الوثائق المتعلقة بالبرامج وكيفية استخدامها.

4. استيعاب وفهم مصطلحات تكنولوجيا المعلومات مثل مصطلحRam /Rom الذاكرة الخارجية External Memory على اعتبار أنها وحدة اختزان خارجية للحاسب الآلي مثل الشرائط أو الأسطوانات الممغنطة.

5. إمكانية حل المشكلات باستخدام تكنولوجيا المعلومات.

6. كيفية تحديد واستخدام المصادر البديلة للمعلومات.

7. مناقشة تاريخ ومستقبل تكنولوجيا المعلومات.

8. أن يكون لديه قدراً من بعد النظر، بالنسبة لتأثير تكنولوجيا المعلومات على القضايا الأخلاقية والإنسانية.

Email