شخصيات الطلبة «أقفال ذكيــــة»..

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تعد المدرسة ولا الأسرة أيضاً، بمقدورها منفردة، السيطرة على سلوك الصغار وتشكيل شخصياتهم بمعزل عن تأثيرات كبيرة باتت تضع يدها في صلب العملية التربوية، وتتدخل في كثير من الملامح الشخصية، لتجعل من مهمة التربية التي تسبق التعليم «قولاً»، شاقة ومربكة وحساسة في آن معاً، إلا أن الشواهد والمعطيات التي واجهتنا خلال هذا التحقيق، كشفت عن آليات أكثر أماناً في التعامل مع جيل المراهقة والصغار، من خلال فتح قنوات اجتماعية وتربوية أكثر اتساعاً وقبولاً لفكر المسايرة، أملاً في احتضان تفكير الصغار والسير معهم على طريق الصواب ثم الخروج بهم إلى بر الأمان.

في هذا المضمار واجهت «العلم اليوم» آراء متفرقة حول فكرة واحدة، مستقاة من ثلاث قنوات: الأسرة والمدرسة والانفتاح المجتمعي، تلك هي المسميات التي تتشكل من وحيها شخصية الطالب، ومتى رجحت كفة إحدى هذه القنوات، مالت نحوها شخصية الطالب.

ليلى الزبدة، مديرة القسم العربي في مدرسة البحث العلمي، في دبي، لم تُخفِ حالة الصراع الشديدة التي تعيشها المدارس هذه الأيام مع طلبتها، بفعل مؤثرات عدة، وفي مدرستها التي تهتم بالتربية الحقيقية القائمة على عنصري اللغة العربية والتربية الإسلامية، بغية خلق طالب ملم بلغته محافظ على هويته محترم لثقافات العالم الأخرى، فإن المهمة تبدو أكثر صعوبة في اختراق ثقافة الطلبة الإنجليزية، وتوجيههم نحو السبيل الأمثل لبناء الشخصية الإماراتية التي لطالما كانت هدفاً تربوياً رفيعاً.

وقالت الزبدة: إن طلبة اليوم يمتلكون شخصيات غير عادية، يتأثرون ويؤثرون في بعضهم بعضاً، والفارق يصنعه دائماً الأسلوب التربوي المتماسك الذي تنتهجه المدرسة، بما فيها من معلمين أكفاء ووسائل تربوية وجهد حقيقي، بما يضمن إيجاد حالة توازن آمنة بين الطالب في المجتمع والطالب في المدرسة، مشيرة إلى أن المدارس المهتمة بمسألة التربية، تواجه حقيقة صعوبات كثيرة في هذا المضمار، لاسيما في عصر الانفتاح الذكي، والتقارب العالمي، وهو ما يجعل الطالب أسير مؤثرات فاعلة في تربيته وشخصيته وحتى طريقة تفكيره.

وأضافت أن هذه المعطيات أوجدت بالفعل صراعاً بين الواقع المجتمعي والرسالة التربوية للمدرسة، جزء أساسي من هذا الصراع يرجع إلى الحالة الثقافية واللغوية التي تركت «العربية» في المؤخرة، وجعلت «الإنجليزية» مصدر التعلم والمعرفة والتواصل في شتى نواحي الحياة، فنشأ عن ذلك صراع لغوي وثقافي ربما أدى إلى صراع شخصي ذاتي يعيشه الطالب هذه الأيام.

الحل الأكثر أماناً من وجهة نظر ليلى الزبدة، لا يزال في قبضة الأسرة قبل المدرسة، إذ يتعين عليها إيجاد حالة من التوازن في شخصيات أبنائها، بعدم التركيز مثلاً على اللغة الإنجليزية دون العربية، حتى لا يتشرب الأبناء ثقافة الغير، مشيرة إلى أن الوقاية أفضل كثيراً من العلاج، لذا وجب على الأسر معرفة آلية بناء الشخصية السوية المتوازنة المحافظة على هويتها ولغتها، والمتفاعلة مع الثقافات الأخرى، بما يسهل على المدارس مواصلة نهج البناء السليم في تنشئة الأجيال كما يجب.

إبراهيم حسن الملا، الاختصاصي الاجتماعي في مدرسة عمر بن الخطاب النموذجية، تحدث عن جانب آخر مهم في بناء الشخصية الطلابية وتشكيلها على النحو الأمثل، والذي يتمثل في إخراج الطالب من مسماه كطالب، وإشراكه أو بالأحرى مشاركته أفكاره وآماله وطموحاته وطريقة تفكيره أيضاً، وبهذا المنطق، يمكن لنا مجاراته ونصحه وإرشاده إلى أن نصل به إلى خط الأمان في ما ينبغي فعله وما لا يجوز.

وأشار إلى أن الطلبة اليوم لديهم معارف كثيرة من قنوات خاصة، ويجدون في أنفسهم الثقة للسير في أي طريق يرونه مناسباً، وهنا وجب علينا كمربين أن نحسن التعامل مع هذا الفكر من زاوية المشاركة والتوجيه الذكي إن جاز التعبير.

Email