وين بنسير اليوم؟

«ضو القمر».. مزيج هندي خليجي صيني فريد

ت + ت - الحجم الطبيعي

في حلقة «وين بنسير اليوم؟» نرتاد خور رأس الخيمة، نتربع على متن العبرات القديمة، تلك التي تفتح أمامنا جماليات أرشيف الماضي، عندما كانت سائدة بين الناس، قبل إنشاء جسر رأس الخيمة مطلع الثمانينيات، في رحلتنا نطرق أبواب مطعم «ضو القمر» لنتذوق أصنافاً هندية وخليجية وصينية، ونزور أيضاً «عاشوق»، حيث العصائر الممزوجة بأصناف البوظة. (دبي ـ غسان خروب )

لا شيء يضاهي الماضي، فصوره تبقى معلقة على جدران الذاكرة، تزداد جمالاً كلما مر عليها الزمن، وكذلك هي العبرات في الإمارات، كانت ولا تزال تمثل صورة الماضي، فهي لا تغيب عن المشهد اليومي في بعض إمارات الدولة، ومن بينها رأس الخيمة، حيث لا تزال تركن على ضفتي الخور، تحمل على ظهرها الناس على اختلاف ألسنتهم، تنقلهم من جهة إلى أخرى، هكذا كانت قديماً في رأس الخيمة، قبل أن يتم تدشين «جسر رأس الخيمة» الذي افتتح مطلع الثمانينيات ليكون رابطاً بين منطقتي النخيل والمعيريض والمناطق الشمالية في دولة الإمارات.

ما إن تقف على أعلى الجسر، حتى ترى آثار العبرات ذات اللون البني الداكن، والتي تعودت أن تمخر مياه الخور، صباحاً ومساءً. إن أردت أن تقرأ تاريخ المكان، فعليك أن تدقق جيداً بين ثنايا الأخشاب التي صنعت منها أجسام العبرات، فمنها تفوح رائحو الملح المخضب بعبق الماضي، ورائحة أولئك الذين دأبوا على استخدام العبرات قديماً، من بين ثنايا هذه الأخشاب تطل عليك وجوه الناس، ممن كانوا يتخذون منها مراكب تنقلهم بين الضفتين، تستوعبهم مع بضائعهم وترافقهم في حلهم وترحالهم.

دفاتر الحاضر

وكما أخذتنا الرحلة على متن العبرات نحو الماضي، كان لا بد من التفتيش عن مطعم «ضو القمر» الذي استطاع أن يحجز له مكاناً في دفاتر الحاضر، رغم مرور ما يقارب 4 عقود ونصف العقد على افتتاحه. إن سألت أي عابر للشارع سيدلك على هذا المطعم الذي كان له من اسمه نصيب، فعلى مدار الزمن، أصبح علماً لامعاً في فضاء رأس الخيمة، يقصده كل أولئك الذين يعشقون طعم «الكاري» في الأطباق الهندية، وأولئك الذين يستمتعون بالأطباق الصينية التي تمتاز بخلطاتها السرية، بينما يجد محبو الأطباق الخليجية غايتهم في أروقة هذا المطعم، الذي كان عند تأسيسه واحداً من أبرز 5 مطاعم في رأس الخيمة، فقبل 45 عاماً لم يكن هناك سوى مطعم لبناني ومثله سوري، وثالث إيراني، ورابع هندي.

36 عاماً والمطعم يديره الهندي بابو، الذي جمع في قائمته بين نكهات المطابخ الثلاثة، مقدماً أمام قاصديه تشكيلة واسعة من الأطباق التي تنتمي إلى هذه المطابخ، جلها يقوم أساساً على «الأزر»، ولكن الفرق فيما بينها يكمن في طبيعة الخلطات والبهارات المستخدمة. يمتاز هذا المطعم بأطباقه الصينية، التي يتم إعدادها على «نار هادئة»، حيث يتم تقليب الأرز مع الخضار والبيض المضاف إليها البهارات وخلطة سرية لا يعرف مكوناتها سوى بابو المسؤول عن المطعم، الذي يقصده العشرات خلال أيام الشهر الكريم، أملاً بالاستمتاع بجملة النكهات بعد صيام يوم طويل.

رأس الخيمة لم تعد كما في الماضي، فقد إصابت الحداثة مناطقها التي فتحت أبوابها أمام تشكيلة واسعة من المطاعم والمقاهي والكافتيريات، كل واحدة منها تنتمي إلى مطبخ ما، في حين أن بعضها قد اختار طريقاً مغايراً، مكتفياً بتقديم العصائر والبوظة، كما الحال في «عاشوق» الذي لا يمكن أن تزور رأس الخيمة من دون المرور ببابه، فهو معروف بقائمة عصائره التي يمزج فيها أصناف الفاكهة مع البوظة، مانحاً إياها طعماً لا مثيل له.

Email