السجاد اليدوي الفاخر

يعزف ألحان شهرته في مدينة الأحلام

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد الإمارات أفضل مكان في العالم، لشراء السجاد الإيراني، الأجود والأغلى على مستوى العالم ( ينظر إليه كثروة لا تضاهى)، متجسدة كسوق رئيسة له، إذ سحبت بساط تسويقه، من تحت أقدام الدولة المنتجة، بفضل مقوماتها الاقتصادية والصناعية والسياحية والفكرية، التي تتفوق بها، مقارنة مع أي بلد في منطقة الشرق الأوسط والعالم، حيث تحوز بيئة عمل ملائمة مدعومة بتسهيلات وخدمات متميزة ووسائل اتصال ترقى إلى أفضل المستويات العالمية.

يشرح عبدالرحمن عيسى، رئيس لجنة تنظيم واحة السجاد والفنون في دبي، مكانة الإمارات في هذا الحقل، وأهمية دورها: " الإمارات الدولة الثالثة عالمياً، بعد أميركا وألمانيا، من حيث استيراد السجاد اليدوي وتصديره، وأهلتها علاقاتها الجيدة مع حكومات الدول المصنعة والمنتجة للسجاد اليدوي، وأبرزها إيران وأفغانستان، إلى تحقيق منافع لا تعد ولا تحصى، فدبي تحديداً، أصبحت ملتقى التجار وعشاق اقتناء أندر أنواع السجاد.

والقطع اليدوية الفاخرة منه أيضاً، نظراً لتسهيلها خطوط الشحن، وبفعل الخدمات اللوجستية المميزة التي تقدمها، فضلاً عن موقعها الاستراتيجي والجغرافي في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وشبه القارة الهندية، إذ يستطيع 33% من سكان العالم الوصول إلى الدولة خلال أربع ساعات طيران فقط، وبمقدور 66% من السكان في المعمورة الوصول إلى دبي في ثماني ساعات طيران، وهو الأمر الذي شجع المهتمين والشركات، على عقد صفقاتهم فيها".

 تحديات

يجمل عبدالرحمن عيسى، طبيعة التحديات التي تعيق صناعة السجاد في الإمارات: " تحتاج هذه الصناعة إلى مصانع ضخمة وجيوش من البشر، وهذا الكم الهائل من الأيدي العاملة غير متوفر في الدولة، إضافة إلى ان المواد الأولية التي تستخدم في هذه الصناعة، نادرة وهي لا توجد إلا في مناطق جبلية وعرة في إيران، إذ يستخدم الإيرانيون بعض الزهور والنباتات الجبلية التي تعد عملية جلبها مجازفة حقيقية، لأنها متوافرة غالباً في أماكن يصعب الوصول إليها.

ومن ثم يمزجونها مع خيوط الحرير، فيأخذ الحرير لونا طبيعيا بتأثير الزهرة المستخدمة، لا يبهت على الإطلاق، بل يزداد جمالاً على مر السنين. وما يميز الإيرانيون في مجال صناعة السجاد، دقتهم في اختيار الألوان وانتقائها، وقدرتهم على التعامل مع كم هائل منها، في الوقت نفسه، فضلاً عن براعتهم في عملية مزج الزهور والمواد الأولية، مع الحرير، وتلك عملية معقدة للغاية".

مجهود وصبر

يوضح رئيس لجنة تنظيم واحة السجاد والفنون في دبي، سمات جوهرية في طبيعة تكوين وخامات وصناعات هذا النوع من السجاد: " إن إنتاج سجادة واحدة فقط، يستغرق سنوات عديدة، ويتطلب مجهوداً كبيراً وصبراً لا حدود له، إذ يستغرق المصمم وقتاً طويلاً في وضع النموذج التصميمي، ومن ثم يبدأ العمال حياكة السجادة وفقاً للخارطة التي يضعها المصمم، وعقب الانتهاء، تدخل السجادة مراحل أخرى لتخرج بالصورة النهائية التي نراها".

ويضيف: "أتمنى أن تتمكن الإمارات يوماً ما من إنتاج سجاد يدوي، لأن المردود المعنوي والمادي لهذه الصناعة سيطور مناحي كثيرة فيها، فسعر أي سجادة يدوية لا يقل عن مليون دولار ويزداد كلما ارتبطت بقصة تاريخية معينة، أو حدث بارز، أو كانت بمثابة تحفة يتجاوز عمرها 200 عام، أو كلما زاد عدد العقد في السنتيمتر المربع الواحد، كون زيادة عدد العقد في السجادة يعني نمو كمية المواد الأولية المستخدمة، ما يعني زيادة عدد الألوان الطبيعية الموظفة، كما أن هذه الصناعة ستكون باب رزق للكثير من العائلات، تماماً كما يحدث في إيران وأفغانستان، حيث تشكل صناعة السجاد اليدوي، مصدر رزق لآلاف الأسر، خاصة في المناطق النائية".

 دعم ذكي

افتقار الإمارات لصناعة السجاد اليدوي، لم يمنعها من دعم الدول المصنعة للسجاد اليدوي، غاية الحصول على الإنتاج من خلال مكافحة البطالة فيها، وتقديم خدمات اجتماعية أساسية في مجالات الرعاية الطبية والتعليم. ويبرز مشروع الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد آل نهيان، لإنتاج السجاد وتطوير الريف الأفغاني، كنموذج لمشروعات التنمية المستدامة في أفغانستان. وفي هذا الخصوص، يقول عبدالرحمن عيسى:

" وفر مشروع الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد آل نهيان، فرص عمل نوعية متعددة للأفغانيات، حيث إن 90% من العاملين بالمشروع من النساء، 30% منهن من الأرامل، إذ كن يعملن في صناعة السجاد من منازلهن بهدف تأمين دخل يومي يفوق متوسط دخل الفرد في أفغانستان، ما ساعدهن على تأمين متطلبات أسرهن الأساسية، وبالرغم من العمر القصير للمشروع( يبلغ نحو العامين)، إلا إنه أمن فرص عمل لنحو 2100 سيدة، وكذا للآلاف من أصحاب الدخل المنخفض الذين تسكن غالبيتهم في مخيمات اللاجئين، ونتج عنه نحو 4000 سجادة تقريبا، منذ انطلاقه عام 2010، فضلاً عن تطوير سلسلة من التصاميم العصرية والتقليدية".

ولع غربي

يتضاعف مستوى ولع الأميركيين والأوروبيين باقتناء السجاد اليدوي الإيراني، خاصة القطع المسجلة على أنها الوحيدة من نوعها في العالم، سنوياً، ذلك مع افتتاح واحة السجاد والفنون، ويبين رئيس لجنة تنظيم واحة السجاد والفنون في دبي جملة حقائق في هذا الشأن :"

التميز هو أقل معايير النجاح بالنسبة لنا، وواحة السجاد والفنون ليست ساحة عرض عادية، بل إنها معرض متخصص في السجاد اليدوي، وفي نخبة السجاد المعروض كذلك، وهو الأمر الذي حفز المشاركين على تجهيز قطع فاخرة ونادرة يستحيل تقليدها، للمشاركة بها في الواحة، ولتشجيع المشتري على اقتنائها. وتجاوزت قيمة الأرباح والصفقات التي حققناها العام الجاري، توقعاتنا، حيث عقدنا صفقات بقيمة 140 مليون درهم، كما بلغت قيمة القطع المفردة المباعة، نحو 16 مليون درهم..

ولا تفوتني هنا، ضرورة الإشارة إلى أن الأميركيين والأوروبيين، يقدرون، فعلياً، القيمة الفنية والتاريخية للسجاد الإيراني، الذي يعد من أهم الفنون الإيرانية، ويتميز عن غيره من السجاد الذي يصنع في مناطق أخرى في دول العالم، بالجمال الساحر من حيث النقوش والألوان الطبيعية والرسوم التي تجعل منه تحفة في غاية الجمال، وهناك وسائل عدة للتعرف على جودة السجاد، تبدأ من الملمس. وتشمل أيضاً: عدد العقد واستقامة الخطوط فيها وجودة الصبغ الذي يستعمل في تلوين الخيوط".

ويستطرد:" يمثل السجاد الكاشاني، على سبيل المثال، لغزا محيرا، إذ يرتفع ثمنه كلما استُخدم أكثر، فألوانه الطبيعية تغدو أكثر جمالاً ولفتاً للأنظار كلما مشى عليه أكبر عدد ممكن من الأفراد.. والمتعارف عليه أنه هناك خمسة ألوان أساسية في الطبيعة.

ولكن يصل عدد الألوان التي يستخدمها الإيرانيون في صناعة السجادة الكاشانية الواحدة إلى نحو 400 لون، ومع كثرة استخدام هذا النوع من السجاد على وجه الخصوص، تصبح الألوان وتدرجاتها أكثر إبهاراً، كما أن بعض السجاد الكاشاني يتغير لونه، فتارة يكون لونه أخضر، وعند المشي عليه إما أن يصبح اللون الأخضر أغمق أو أفتح، وفي أحيان كثيرة يتحول أحمر".

 ذهب وألماس

"امتلاك سجادة كاشانية أمر لا يقل أهمية عن امتلاك الذهب والألماس".. هكذا يختار رئيس لجنة تنظيم واحة السجاد والفنون في دبي، التعريف بالقيمة الثمينة لهذا النوع من السجاد.

ويضيف: "من لا يعرف قيمة السجاد اليدوي ربما يهدر فرصة لا تعوض في الثراء، فذات مرة اتصل شخص فقير وأخبرنا أنه استغرق ما يفوق 10 سنوات في حياكة سجادة، وبعد عرضها على الخبراء تبين انها تستحق أن تُعرض في واحة السجاد والفنون، ولكن بعد أن بيعــت بمليـــون درهم، حسب ما طلب ذلك الشخص، اتضح أن ثمنها يفــــوق 10 ملاييــــن درهم، وربمــــا أكثر".

 صديق للبيئة

اقتناء السجاد اليدوي لا يكون بهدف استثمارها أو الاحتفاظ بها كتحفة ثمينة فقط، بل هناك من يحرصون على شرائه لأنه صديق للبيئة، ويحميهم وأطفالهم من مرض الربو. يفسر عبدالرحمن عيسى ذلك :

" إن الأصباغ والمواد الأوليـة المستخدمة في صناعة السجاد العجمي أو اليدوي، نباتية خالية من المواد الكيميائية، حيث تخزن المياه الملوثة الناتجة عن عملية الصبغ، في خزانات خاصة ليجري التخلص منها بصورة صحية، لاحقاً، إضافة إلى أنه من الصعب دخول الغبار والأتربة في تفاصيله الصغيرة. وهنـــاك متخصصون في تنظيف هذا النوع من السجاد، لأن تلك العمليـــة دقيقــــة ولا تشـــبه عمليـــات تنظـــيف الأنـــواع العاديــــة مـــن السجـــاد".

 قطع فريدة

صنعت أكبر سجادة يدوية في العالم بمساحة (5600) متر مربع وسماكة تقدر بـ(14) مليمتراً، ووزن إجمالي وصل إلى (47) طناً، في إيران، خصيصاً، لمسجد الشيخ زايد في العاصمة الاماراتية أبوظبي، وبلغت تكلفتها نحو 30 مليون درهم بسبب عدد عقدها، حيث وصل عدد العقد في كل (5.6) سنتيمترات، إلى (40) عقدة، ليصل عدد العقد الكلي في السجادة، إلى (2.5) مليار عقدة.

وفي هذا الإطار ، يقول عبدالرحمن عيسى: "احتضنت هذه السجادة، التي تجاوزت مدة حياكتها في ورش خاصة في إيران الخمسة شهور، تصاميم فنية راقية، جمعت إبداعات طاقم عمل كبير من أمهر الفنانين وأفضل الخبرات، في حقل النسج العجمي الذي يمثل بمواصفاته وجودته، أغلى أنواع السجاد في العالم. ونقلت وهي في وضع قطع ست، ذلك لأنه لا يمكن التعامل معها كقطعة واحدة، كما استخدمت كمية من أجود أنواع الأصواف فيها، بواقع (12) طناً.

واعتنى الفنيون بحلاقة الوبر ليكون بقدر (10) مليمترات، وكذا اهتموا بتعيين حدود المصلين على السجادة بارتفاع الوبر (12) مليمتراً، وبخط عرضه خمس سنتيمترات لكل خط، بما يحافظ على جمالية السجادة واستقامة الخطوط المرسومة كفواصل بين المصلين. وكانت البداية مع عملية غسيل وتنقية الصوف ونسجه على شكل خيوط، ومن ثم تلوين الخطوط، حيث استخدم (25) لوناً صناعياً وطبيعياً مستخلصاً من الأعشاب التقليدية، لتأخذ لونها الأخضر، الأمر الذي جعلها إرثاً إسلامياً عظيماً".

11 عاماً

تعد السجادة الكاشانية التي صُنعت في مناسبة مرور 18 سنة على افتتاح واحة السجاد والفنون في دبي، وكانت للعرض فقط، من أرقى قطع السجاد اليدوي، ويحكي عيسى عن ذلك: " نجحنا في إبهار زوار واحة السجاد والفنون، من خلال تصنيع سجادة كاشانية مساحتها 500 متر مربع، وصل ثمنها إلى نحو ثلاثة ملايين دولار، وكان عمرها 40 عاماً، واستغرقت عملية صناعتها 11 عاماً، كما احتوت على ألوان طبيعية لا حصر لها".

تنمية اقتصادية

توضح مريم الشامسي، عضو اللجنة المنظمة لواحة السجاد والفنون، ومدير الشراكة الحكومية في إدارة الاتصال المؤسسي في جمارك دبي، أهمية وقيمة لوحة "النسيج والولاء" التي أطلقتها جمارك دبي، برعاية كريمة من حرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، الموجودة في واحة السجاد والفنون.

وهي عبارة عن سجادة يدوية لصورة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم :" السجاد اليدوي قطع فنية تدوم طويلاً، وتمثل هذه اللوحة رقماً قياسياً جديداً للإمارات في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، نظراً لاشتراك نحو ألف شخص من مختلف الأعمار والجنسيات في عملية الغرز، ويعد ذلك فخراً كبيراً لنا، لأنه لم يحصل من قبل في العالم لأي لوحة أخرى.

إضافة إلى ان عدد الغرز والألوان في هذه اللوحة، سبب من الأسباب التي ميزتها أيضاً، إذ تتضمن مليون و50 ألف غرزة، ونحو 120 لوناً طبيعياً، بارتفاع 1.8 متر، وعرض 1 متر. وتشمل على نسبة 50% من أجود أنواع الحرير، و50% من الصوف الطبيعي". كما تؤكد مريم الشامسي أن تنظيم جمارك دبي لواحة السجاد والفنون، ينسجم مع أحد أهدافها الاستراتيجية: "نركز، دوماً، على تعزيز التنمية الاقتصادية، وواحة السجاد والفنون تترجم هذا بوضوح.

حيث تلعب دوراً مهما في تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية في هذا التوقيت من العام، وكذا تسهم في جذب استثمارات خارجية لكبار مصنعي السجاد اليدوي حول العالم. وتجاوزت مبيعات الواحة منذ بدء تنظيمها في عام 1996، وحتى دورة العام الماضي، 1.5 مليار درهم. وكذلك عرضت فيها نحو مليوني سجادة، وزارها، على مدى الـ17 عاماً، أكثر من مليون شخص".

 أنواع

تشير مدير الشراكة الحكومية في إدارة الاتصال المؤسسي في جمارك دبي، إلى مجموعة قواعد تخص كيفية التمييز بين أنواع السجاد اليدوي المختلفة:" يمكن التفريق بين السجاد المصنوع يدوياً عن المصنوع آلياً، وعلى الرغم من أن السجاد غير اليدوي يبدو منسوجاً بنقوش جميلة.

ومن نسيج مناسب وأرخص سعراً من السجاد اليدوي، إلا أنه لا يضاهي السجاد اليدوي مهما كانت جودته، كونه يصبح مستهلكاً وينبغي استبداله بعد فترة من استعماله.. ويعد السجاد التركي من أفخر أنواع السجاد عالمياً، حيث يحاك من الحرير ويطعم بالخيوط المقصبة والذهبية.

ويغلب على نقوشه الطابع الزخرفي الإسلامي، وتُضاف إليه كتابات بالحرف العثماني، أما ألوانه فهي متنوعة وزاهية، وبالنسبة إلى السجاد الصيني، فيستعمل الصوف عالي الجودة على وجه السجادة غالباً، ونقوشه هادئة وكلاسيكية مثل الورد والأزهار، ويتميز بغنى ألوانه وتنوعها، إلا إنه يفقد من رونقه وقيمته مع مرور الزمن. وهذا في حين أن السجاد القوقازي يشتهر برموزه الهندسية، مثل النجوم والمربعات والحيوانات وألوانه : الأزرق والأخضر والبرتقالي".

 "امرأة لا تشيخ"

 "المرأة الجميلة سجادة كاشانية".. مثل إيراني يُقال للمرأة الجميلة التي لا تشيخ، فكلما تقدمت بالسن ازدادت روعة وتألقاً، وكلما كانت حكيمة وذات رؤية وخبرة بالحياة، أصبحت نادرة ولا تقدر بثمن، ذلك تماماً مثل السجادة الكاشانية، التي تحاك على الطريقة التقليدية القديمة، دون استخدام الماكينة الحديثة، ويعد الاهتمام بها ضرباً من الحفاظ على التراث الشعبي.

 أقدم سجادة

 تؤكد الوثائق التاريخية أن أول سجادة يدوية في العالم نسجت في إيران، حيث عُثر على أقدم سجادة في مقبرة بازيريك، جنوب سيبريا......، ويعود تاريخها إلى العصر الأخميني قبل حوالي 400 إلى 300 عام قبل الميلاد. وتشتهر أصفهان وكاشان وتبريز وقم وكرمان، بصناعة السجاد الإيراني الفاخر.

Email