مبادرة مثلّت احتجاجاً حضارياً على تدمير تراث العراق

ثقافة «الرافدين» في دبي..حضن دافــئ يهزم خطر الضياع

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

سقطت بغداد في أيدي القوات الأميركية وحلفائها، عام 2003. وكان لذلك ردود فعل حادة، متباينة، عند الناس، كونها ليست فقط، حاضرة فكرية محددة المستوى، تنحصر أطر تعريفها بأنها عاصمة بلد عربي اسمه العراق، أو مدينة عادية من مدنه. فهي رمز عربي يمتد في جذور عراقته إلى مئات، بل آلاف، الأعوام..

إنها منارة العرب وذاكرتهم ومنشأ حضارتهم..كما تبقى عنواناً لبوابات علم وثقافة الماضي والحاضر والمستقبل.. فكل عربي يذكر أو يستذكر معها، الحضارة العباسية وشعراء مدينة السلام وعلماءها، وكذا مراكز تقدمها كافة.

 ابتليت بغداد باحتلالات عديدة، لا مجال لذكرها الآن. ولكن وضح في ردود الأفعال على آخرها: الاحتلال الأميركي عام 2003م، طابع نبرة الشجب الحادة له، من قبل الناس جميعاً، ذلك على الرغم من المواقف السلبية تجاه نظام صدام حسين الذي جلب الخراب إلى بلده، وكذلك إلى دول عربية أخرى. وأيضا، إلى جيران العراق.

 منارة.. وقصة حقد

كانت وسائل الإعلام، المقروءة والمسموعة والمرئية، في الساعات الأولى لاحتلال بغداد، تنقل إلى العالم، تفاصيل الدمار الذي لحق برموز التاريخ وشواهده في مدينة العلم والثقافة. وتابع الجمهور العالمي، على شاشات التلفزة، خلالها، احتراق مكتبات عاصمة العراق، ونهب متاحفها وتدمير آثارها.

. وبدت تراكيب سلسلة الصور تلك، وكأنها، دون أدنى شك، حقد قديم وثأر لم ينته أو يخفت، نحو هذا المعلم والقيمة العربية الفريدة.. كما لم تسلم من السرقة حتى لوحات الفن التشكيلي لكبار المبدعين، وكذا طالت مضامين ومفردات تراثها الموسيقي ومكوناته التاريخية والمعاصرة.

 مبادرة إماراتية

جاشت العواطف وتزاحمت صور الألم وألوانه، في دولة الإمارات، قيادة وشعباً، إزاء تلك الحال التي كانت تعصف ببغداد وتأتي على الإنسان، وكذا تذرو معها مكونات مضمون فكرها وتراثها وثقافتها، فكانت تترجم تلك المشاعر من قبل هيئات وجهات عديدة، أفكار مشروعات ومبادرات متنوعة، تؤمن حماية ما أمكن من تراث فكري ثر، تختزنه حاضرة العلم والثقافة : بغداد.

وفي تلك الأثناء، كان الأديب عبد الغفار حسين، يرأس مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، وبرزت في أحاديثه وما يردده من آراء، مشاعر القلق والخوف على ما يتعرض له هذا التراث، ومعه توليفة البنى والهيكلية الثقافية والفكرية، كاملة.

ونمّت طروحاته ورؤاه في هذا الصدد، عن حقيقة جوهره كمثقف ملتزم ومسؤول، ذي نزعة إنسانية شفيفة، ويمتلك وعياً وحساً وطنياً مميزاً. فكان عبد الغفار حسين، في مغبة تلك الكارثة الثقافية التي دارت رحاها على مخزون ذاكرة العراق وثقافته، من أوائل المطالبين، وبصوت عال، بضرورة التدخل السريع لحماية البنية التكوينية الثقافية للعراق.

ورأى، في هذا الصدد، أنه لا بد لمؤسسة العويس الثقافية، بمقتضى رؤاها وتوجهاتها، من أن تؤدي دورها ومهامها الثقافية والإنسانية، تجاه ما يحدث، وذلك بأي شكل. واقترح في هذا الخصوص، تشكيل لجنة للمساهمة والمبادرة المبكرة، تعمل على إعادة بناء مكونات البنية التحتية الثقافية التي تهدمت، أو إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وانطلقت أعمال" العويس الثقافي"، في هذا الشأن، بجدية وحرص كبيرين، آنئذ. فترجمت روحيتها بأشكال ومساقات كثيرة، إلا أن جميع المحاولات في خضمها، باءت بالفشل، نتيجة عوامل اللاأمان واللااستقرار التي سادت في العراق، في تلك الفترة. ولكن ذلك لم يفت من عضد المؤسسة في متابعة مشوار البحث لتجسيد وتحقيق أهدافها في المجال.

ولذا برز في خلاصات التداول والدراسة لهذا الغرض، سؤال محوري ملح يطرح نفسه، مفاده: مع من بمقدور "العويس الثقافية" أن تتعاون في مبادراتها وأعمالها لإعادة تأهيل البنى الثقافية في العراق، في ظل غياب الدولة وسيادة الفوضى ؟

 جهود متواصلة

لم تتوقف جهود البحث وأشكال الأعمال المتواصلة لدى المؤسسة، في سبيل تقديم خبراتها وتوظيف إمكاناتها، لطرح وتنفيذ مبادرات بناءة، تكفل صون مفردات تراث العراق وثقافته من الضياع أو الزوال، في تلك المرحلة.. وهكذا بقيت رؤى مشروعات العمل الخاصة بهذا، تناقش وتدرس بعمق، بين الحين والآخر، من غير أن يخفت أو يتراجع مستواها، وكان يحفزها في هذا المسار، تزايد منسوب قلق "العويس الثقافية" على مكونات ثقافة العراق وتاريخه.

ومن ثم رغبتها في إنجاز وتقديم شيء ما، يحفظها ويبعد عنها خطر السرقة أو التخريب، العشوائيين أو المنظمين.. وفي ذاك الواقع، أثمرت النقاشات، بعد أشهر من العمل شبه المستمر، المسارعة إلى تبني مشروع لتنظيم أول أسبوع ثقافي عراقي في الإمارات، بعد سقوط نظام صدام حسين، بما يحقق غاية الإسهام في رفد وتدعيم مبادرات صون التراث العراقي.

وكذا تعزيز عروبة هويته الثقافية، والتأكيد على أهميتها. إلى جانب دفع الكوادر الوطنية العراقية، إلى الإسهام في إعادة تكوين نفسها، ومن ثم الخروج من عنق الزجاجة، إلى ساحات العالم ومحافله المتخصصة، لتعكس من خلال صوتها، والذي ينقله الإعلام إلى العالم أجمع، استمرار تموضع ثقافة العراق كجوهر لا يمكن أن يغيب أو يغيّب، أو حتى أن يخفت بريقه.

 سبق وميزات

ملامح مهمة، وسمات فريدة، توجت عناوين مبادرة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، في هذا المسعى، منذ البدايات. إذ تميزت بأنها كانت مبكرة جداً، وسبقت حتى أي من مشروعات أو مبادرات وزارة الثقافة العراقية، نفسها.

والتي لم يستطع وزيرها، آنذاك، السيد مفيد الجزائري، تقديم أية معونة أو دعم مادي، لإطلاق أو دعم أعمال خاصة بحماية تراث العراق وثقافته من الضياع. وأخبرنا يومها، أن ما تملكه خزينه الوزارة، لا يكفي لدفع رواتب موظفيها.

 عقبات ونجاحات

كان الموقف إزاء إقامة مشروع هذا الأسبوع، بطبيعة الحال، معقداً وصعباً، من الناحية التنظيمية، وكذا منوال وقنوات الاتصال والتواصل مع الجهات والأفراد في داخل العراق، علاوة على ارتفاع تكلفته المادية. ولم يكن هناك مناص من اللجوء إلى الاتصالات في هذا الخصوص، مهما بلغت في مستويات أكلافها المالية، إذ لا بد للمؤسسة، آنها، من الاعتماد عليه إلى درجة كبيرة، لإنجاح وإتمام مراحل ومتطلبات الأسبوع الثقافي المزمع تنفيذه.

والذي كان يعد، حينها، الأول على مستوى العالم، الهادف إلى دعم ثقافة العراق. وهو كان في ما يمثله من قيمة وأهمية، ممهوراً برؤية وتوجهات دولة الإمارات، ممثلة بنخبة من رجالاتها ومؤسساتها.

 حقائق ومستجدات

شملت تحضيرات الأسبوع الثقافي، من قبل مؤسسة العويس الثقافية، دراسات متكاملة ودقيقة، حول توليفة مفردات البانوراما الثقافية الإبداعية المتنوعة في العراق، وأشكال وألوان بنيتها. وذلك على صعيد الثقافة والمثقفين والكتاب والكتّاب، وكذا الفن والفنانين.

وفي خضم بحثنا واستعداداتنا، تبينا جملة حقائق ومستجدات في هيكلية المشهد الثقافي العراقي.ومن بينها، أنه كان في العراق حوالي خمس فرق متخصصة بالفنون الشعبية، إلا أنها، الآن( المقصود في تلك الفترة)، محلّة جميعها.

ومن ضمنها فرقة البصرة الشهيرة، التي تحول مقرها ومسرحها الضخم ( يضم أكثر من 1500 كرسي)، المعد تحفة فنية فريدة، بفضل تصميمه وديكوراته التي جلبت من إيطاليا، مقراً لأحد الأحزاب. وشرعت تشخص أمامنا جملة حقائق تؤكد لنا، أنه لا سبيل إلى إعادة الفرقة إلى الحياة، فذاك ما مثلّ خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، مهما حدث .

 مشروع مصيري

كان مشروع المؤسسة في هذا الصدد، مبادرة مصيرية ترتبط بشأن ثقافي وإنساني. ولم تكن لتقبل بالاستسلام أو جعل أي من العقبات تهزم إرادتها، فتعيق استكمال تحقيق ترجمة نوعية لتنظيمها أسبوغا ثقافياً عراقياً مميزاً، في الإمارات..

وبناء عليه، كثفنا تقصينا وبحثنا واتصالاتنا، فكان أن أفلحنا في الوصول إلى أعضاء الفرقة القومية للفنون الشعبية في بغداد، والتي سرعان ما أعادت تشكيلاتها، ومن ثم شرعت في تدريباتها الفنية، غاية أن تعرض فنونها الشعبية في دبي، ضمن أطار الأسبوع الثقافي العراقي.

كما توجت جهود المؤسسة، بالاتصال مع الفرقة السيمفونية العراقية، التي كانت تأسست عام 1948، وهي تعد من أعرق الفرق السيمفونية على مستوى العالم ( عرضت في أميركا وجميع عواصم أوروبا وآسيا، وتضم عشرات العازفين الماهرين على مستوى العالم. وقادها أشهر الموسيقيين، العالميين والعرب والعراقيين).

وفي ضوء هذين الإنجازين لمؤسسة العويس الثقافية، آنئذ، تشكلت أمامها ولديها، خامة مفردتين ثقافيتين فنيتين، يمكن الاعتماد عليهما في تنظيم الأسبوع الثقافي العراقي المزمع. ولكن الدائرة لم تكتمل بهذا، فماذا عن السينما العراقية، والتي كانت قد حرقت أفلامها.. وكذا دمرت المكتبة السينمائية في مؤسسة السينما والمسرح في بغداد؟

لم تعدم المؤسسة حيلة التفكير والتدبير، إزاء هذا الواقع المهول، فلجأنا إلى الاتصال بالعديد من السينمائيين العراقيين في بلاد الغربة، الذين اختاروا المنفى في أوروبا. وهكذا عثرنا على فيلم :" الحارس"، وهو من الأفلام الروائية الجميلة، إذ جسد في بنية تاريخ وتطور السينما العراقية، مرحلة حيوية. وبالفعل، حصلنا على نسخة نادرة منه، تبرع بها المخرج قاسم حول.

 ندوة

خلصت النقاشات وجلسات الحوار والتدارس، في " العويس الثقافية" إلى تسميته الأسبوع :"العراق.. الحضارة". وبناء عليه، انبثقت رؤية تنظيم ندوة فكرية، في إطاره، تشمل محاور بحثها حضارة العراق منذ العصر الحجري.

وهو ما تم فعلياً، إذ أغنت وزينت فعاليات تلك الندوة ومحاورها، في ما حققته من نتائج، أنشطة الأسبوع. وشارك فيها : الدكتور صباح جاسم، الدكتور عبد الستار العزاوي، الدكتوره دانا مصطفى، يوسف العاني، الدكتور سعيد الحديثي، الدكتور عباس جاور، الدكتور محسن الموسوي، الدكتور حيدر سعيد).

« مرحباً يا عراق»

لم يغب عن ذهن العويس الثقافية، الحاجة الماس إلى تذخير وتعزيز أرضية نجاح الأسبوع الثقافي العراقي، آنئذ، عبر اشتماله على روائع من إبداعات الفن التشكيلي العراقي العريق، والذي يمتد إلى مئات من السنين، ويحوز مكانة رائدة، كما أن لأعلامه أهمية كبيرة.

وكان نجاحنا في توفير حضور مفردة الإبداعات التشكيلية العراقية ضمن برنامج الأسبوع، خاصة في ظل التدمير الذي طالها في داخل العراق، بفضل معالي عبد الرحمن العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، إذ بادر إلى محاولة رائدة، تمثلت في الاتصال بالشيخ حسن آل ثاني في قطر، صاحب أكبر مجموعة للوحات الفن التشكيلي العراقي، وطلب منه أن يزودنا بلوحات فنية لهذا الغرض.

ولم يتأخر الشيخ حسن بدوره، فعمد إلى إرسال معرض متكامل للفن التشكيلي العراقي، قدرته سلطات الجمارك في مطار دبي، حينها، بملايين الدراهم، ولذا امتنعت، بداية، عن تخليصه.. لكن، وبعد مراجعات ومداولات كثيرة ومتنوعة، دفعت مؤسسة العويس 300 ألف درهم كضمانة لإعادة اللوحات إلى قطر.

ومن ثم أكمل معالي عبد الرحمن العويس، متابعاته ودوره الحيوي في هذا المجال، فأشرف على إصدار أهم ألبوم للفن التشكيلي العراقي، مع دراسة موجزة حوله، أنجزها عبدالإله عبد القادر، وكلف هذا الألبوم، الكثير من الجهد والمال والمتابعة المنهجية لاختيار اللوحات المرادة من بين مجموع ما أرسله الشيخ حسن آل ثاني، الأمر الذي جعله، في نهاية المطاف، مرجعاً مهماً، في حقل دراسة الفن التشكيلي العراقي المعاصر.

ولا أبالغ إذ أقول إن أعداداً من المهتمين به، جاءت خصيصاً إلى دبي وزارت مؤسسة العويس الثقافية، للحصول على نسخة من المرجع ذاك، والذي جاء في صفحته الأولى، شعر للراحل نزار قباني :

«مرحباً يا عراق.. جئت أغنيك وبعض الغناء بكاء».

وشمل الألبوم، أيضاً، لوحات تشكيلية لكبار الرسامين العراقيين، أمثال :عاصم حافظ، عبد القادر رسام، جواد سليم، فائق حسن، عطا صبري، حافظ الدروبي، نزيه سليم، نزار سليم، أكرم شكري، إسماعيل الشيخلي، شاكر حسن آل سعيد، جميل حمودي، خالد الجادر، محمود صبري، خالد الرحال، لورنا سليم، نوري الراوي، كاظم حيدر، ضياء العزاوي، سعاد العطار وغيرهم. ولا يفوتنا هنا، أن نذكر، أن بنك دبي الوطني، أسهم في دعم طباعة الألبوم المذكور، والذي لا يمكن أن يستغني عنه أي باحث في عمق مشهد الفن التشكيلي العراقي.

 رؤية ثقافية وإنسانية

تجمعت، عبر مبادرات وجهود المؤسسة، تلك، باقة فريدة من المكونات الثقافية والتراثية العراقية، التي تفي بغرض تحقيق القدرة على تنظيم أسبوع ثقافي متخصص ومميز. وهو ما حصل فعلياً، فكان أن نظم أسبوع نوعي عن حضارة بلاد الرافدين،خلال الفترة من 9 إلى 13 أكتوبر عام 2004 .

وجاء في وقت كانت تغتال، خلاله، تلك الحضارة، بجميع عصورها ومفرداتها. ومثّل ذاك الأسبوع، إطار مبادرة ثقافية إنسانية، من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلة بكوكبة من رجالاتها وبإحدى مؤسساتها الفكرية البارزة، وذلك تجسيداً لاندفاع وحماس أبنائها لحماية ثقافة العراق وتراثه.

إذ وجدوا أن ما يدمر هو مكون الثقافة والحضارة العربية، بمجملها، لا حضارة العراق فقط. ذلك كونه منبعاً ورافداً وموئلاً، تفجرت من أرضه ألوان شتى لبنية الثقافة العربية، وترعرعت واختمرت ونمت فيه، أفكار وفلسفات وبيئات فكرية متنوعة. كما اغتذت من جذور فكره أهم الفنون والعلوم، في مشارق الأرض ومغاربها.

 كم وكيف

حظي الأسبوع الثقافي العراقي في دبي، بمشاركات نوعية، من قبل الأدباء والفنانين، على صعيد الكم والكيف. وبلغ عددهم، أكثر من مئة، إضافة إلى زملائهم المقيمين في الإمارات، مثل: الفنانة بلقيس، المبدع الراحل صالح العبيدي، وعدد من العازفين الموسيقيين.

ووضح أنه لم تسمح المؤسسة لأي من العقبات والموانع، الشاخصة، حينها، أن تعرقل مشروع تنظيمه. وهكذا، أفلحت في تجاوز عقبات جمة، وفي مقدمها، تخطي حاجز عدم توافر مجال النقل الجوي، للمبدعين المشاركين من داخل العراق، في هذا الأسبوع، بفعل الحظر الجوي الذي كان مهيمناً على الأجواء العراقية.

فكان أن لجأت المؤسسة إلى نقل هؤلاء، عبر البحر، كما قدم بعضهم، إلى دبي، عن طريق مطار عمّان.

ولم تك إمكانات المؤسسة، قاردة على أن تغطي التكاليف المادية لجميع الفعاليات المقررة ضمن برنامج هذا الحدث الكبير، الذي دام أسبوعاً كاملاً. لذا بادرت إلى الاستعانة ببنك دبي الوطني، إذ تبرع بمبلغ مهم. كما استفادت أيضاً، من الدعم الذي قدمه الراحل حميد بن علي العويس، شقيق الراحل سلطان العويس، إذ تبرع بمبلغ آخر.. ولكن، وبالعموم، تحملت المؤسسة، القسط الأكبر من النفقات الخاصة بهذا النشاط الفكري الحيوي.

 خيط الأمل الأول

أعتقد أن هذا الحدث سيظل الأهم في تاريخ هذه الحقبة، خاصة وأنه يمثل المبادرة الأولى للاحتجاج، بشكل حضاري، على وحشية تدمير ثقافة العراق وحضارته، ولعله أيضاً، أول خيط أمل في نسيج إعادة صوغ توليفة مفردات الحياة الثقافية، والفكرية الابداعية عموماً، في العراق.

وربما أننا في ذكر أحداثه، نستطيع حفز وتحريض الجهات المعنية، لتبني مشروعات عمل تكفل إحياء وتنظيم أسبوغ ثقافي آخر، يعيد إلى ثقافة العراق، الجوهرية والحيوية، مكامن ألقها وإشعاعها وتأثيرها.

رؤية تصطدم بالواقع

 اقترح الأديب عبد الغفار حسين، بعد سقوط النظام العراقي السابق، والاحتلال الاميركي للبلاد، عام 2003، أن تبادر مؤسسة العويس الثقافية، بمقتضى رؤاها وتوجهاتها، لتؤدي دورها ومهامها الثقافية والإنسانية، تجاه ما يحدث.

ورأى في هذا الخصوص، تشكيل لجنة للمساهمة والمبادرة المبكرة، تعمل على إعادة بناء مكونات البنية التحتية الثقافية التي تهدمت، أو إنقاذ ما يمكن. وانطلقت أعمال" العويس الثقافي"، في هذا الشأن، إلا أن جميع المحاولات في خضمها، باءت بالفشل، ذاك بفعل عوامل اللا أمان واللا استقرار.

 الحدث الاهم

 أعتقد أن هذا الحدث سيظل الأهم في تاريخ هذه الحقبة، خاصة وأنه يمثل المبادرة لرفض تدمير ثقافة العراق وحضارته، ولعله أيضاً، أول خيط أمل في نسيج إعادة صوغ توليفة مفردات الحياة الثقافية، والفكرية الابداعية عموماً، في العراق..

وربما أننا في ذكر أحداثه، نستطيع حفز وتحريض الجهات المعنية، لتبني مشروعات عمل تكفل إحياء وتنظيم أسبوع ثقافي آخر، يعيد إلى ثقافة العراق، الجوهرية والحيوية، ومكامن ألقها وإشعاعها وتأثيرها.

 عقبات ونجاحات

 كان الموقف إزاء إقامة مشروع "الأسبوع الثقافي العراقي"، معقداً وصعباً، من الناحية التنظيمية، وكذا منوال وقنوات الاتصال والتواصل مع الجهات والأفراد في داخل العراق، علاوة على ارتفاع تكلفته المادية.

إلا أن "العويس الثقافية" لم تدع أياً من العوائق تلك، يحول دون النجاح في إتمام كامل مراحل ومتطلبات الأسبوع الثقافي المزمع تنفيذه، والذي كان يعد، حينها، الأول على مستوى العالم، الهادف إلى دعم ثقافة العراق. وهو كان في ما يمثله من قيمة وأهمية، ممهوراً برؤية وتوجهات دولة الإمارات، ممثلة بنخبة من رجالاتها ومؤسساتها.

 

Email