التوابل رائحة الحضارات تهب من الشرق

ت + ت - الحجم الطبيعي

التوابل أكثر من مجرد منكهات للطعام، إذ إنها غذاء يعالج ويجمّل ويستخدم في التحنيط، وينقي وساوس النساء من التوتر كما يغسلها من القلق والأفكار السلبية، فروائحها العطرية تجدد الطاقة وتفتح الشهية وتنشط الحواس وتحسن الحالة المزاجية للإنسان، فضلاً عن أنها تعيد الحيوية إلى الدماغ وتطرد الكسل والكآبة.

 

كانت التوابل أو البهارات عصب التجارة العالمية قديماً ومصدراً للثراء، إذ كانت أسعارها تعادل أسعار الذهب في عصرنا هذا، وتؤكد الموسوعة الحرة أن استخدام البشر للبهارات بدأ قبل 50 ألف سنة بين الحضارات الآسيوية والعالم اليوناني- الروماني القديم والروماني- الهندي، وأن تجارتها عُرفت في الشرق الأوسط نحو 2000 سنة قبل الميلاد وعلى الأخص الفلفل والقرفة.

ويقال إن توابل الجزيرة العربية هي التي جذبت الناس والتجار، فقد سيطر العرب على الطرق البحرية للمحيط الهندي في القرون الوسطى وعملوا على استيراد ما لذ وطاب إلى مناطق الخليج العربي والبحر الأحمر قبل أن يعاد توريدها إلى القارة الأوروبية، كما يقال أيضاً إن الهدف وراء رحلة المستكشف البرتغالي فاسكو دي غاما، هو السيطرة على طرق تجارة البهارات والتحكم بها.

 

قيمة تاريخية

وللتوابل قيمة ومكانة تاريخية عظيمة، إذ توضح إحدى الروايات أن ملكة سبأ كانت قد أرسلت إلى الملك سليمان هدية اشتملت على التوابل والذهب والأحجار الكريمة، فيما تؤكد رواية يونانية أن الرياضيين الذين حققوا النصر في أول ألعاب أولمبية تجري في اليونان، احتفلوا بنصرهم عبر ارتداء أكاليل من الزهور والبقدونس.

وكتعبير عن قيمة التوابل لدى الرومان، قاموا بحرق مخزون عام كامل من القرفة كجزء من مراسم تشييع زوجة الإمبراطور نيرو.

 

علاج

تُصنع البهارات من كافة أجزاء النباتات مثل الثمرات والأوراق والجذور والبذور، وتستعملها جميع ربات البيوت والمتقنات للطهي بهدف منح الأطعمة والأكلات نكهات مختلفة، إلا إن نسبة قليلة منهن يدركن فوائدها العلاجية والتجميلية الجمة، فعلى سبيل المثال، يحمي القرنفل والكمون والزنجبيل والفلفل والميرمية وجوزة الطيب من الإصابة بأمراض السرطان لأنها مواد مضادة للأكسدة، في حين يخفف النعنع والبقدونس واليانسون والريحان والشومر والكراويا من آلام المعدة ومشاعر الضيق الناجمة عن تقلص الأمعاء بسبب الغازات.

وقد أثبتت دراسة حديثة أن بهارات الكاري تقي من الإصابة بمرض تصلب الشرايين والشيخوخة. وتعد الأفضل لعلاج الزهايمر، في حين يحمي الكركم خلايا الكبد ويساعد في علاج الإسهال والذبحة الصدرية واحتقان الحلق واللوزتين والربو الشعبي.

أما الزنجبيل فإنه يقوي الذاكرة ويطرد الغازات ويساهم في تخفيف آلام الصداع الناتجة عن التوتر النفسي، كما يفيد في حالات الغثيان، ويعمل القرنفل على در البول وإزالة التهابات الكلى والمثانة، إضافة إلى أنه يقوي اللثة والبصر. ويرى الأطباء أن الهيل قد ينافس الأدوية المضادة للالتهابات، نظراً لرائحته العطرية التي تفتح الشهية، وقدرته على حفظ التوازن في جسم الإنسان والقضاء على الجراثيم والوهن.

كما ينصح بعض خبراء التغذية بإضافة بعض القرفة إلى الطعام، إذ يعد مادة مضادة للفيروسات تسكن الآلام وتقي من مرض السكري والحمى، ويشجعون الأمهات على الاستفادة من البصل قدر الإمكان في أثناء الطهي، خاصة وأنه فاتح للشهية وملين للمعدة.

ولمن يودون التوقف عن عادة التدخين فإن كمية قليلة من الفلفل الأسود في طعامهم، قادرة على مساعدتهم على الإقلاع عن تدخين السجائر، وليس هذا وحسب، بل إن الفلفل الأسود علاج فعّال لنزلات البرد والانفلونزا، ولكن يحذر الأطباء من الإفراط في استخدامه حتى لا تهيج المعدة والأعصاب وتحدث التهابات حادة.

ويجب تمييز البهارات عن بعض الأعشاب التي تستعمل أيضاً لإضفاء نكهة على الأطعمة مثل الريحان، إذ تتكون الأعشاب عادة من أجزاء من النبات ولكنها تكون نضرة وطازجة، في حين أن التوابل تكون على شكل مسحوق جاف، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الملح ليس من البهارات لأنه مادة معدنية ولا يستخلص من أي مادة نباتية.

 

تجميل

وكما تُستخدم البهارات في الطب والعلاج، فإن لها دوراً كبيراً في مجال التجميل، حيث تدخل في صناعة بعض العطور ومنظفات البشرة ومنتجات تقشير الجسم من الخلايا الميتة، وتساعد على الحد من التوتر والقلق، ويعتمد خبراء التدليك والمساج على روائحها الزكية في العلاجات التي يقدمونها لزبائنهم، حيث تمنح العضلات المتعبة الراحة والاسترخاء كما توقظ الحواس، إذ يستخدم الزعفران في إزالة التوترات ومعالجة الأرق والكآبة ومشاكل النوم وتنشيط الدورة الدموية.

 

تحنيط

وفي الوقت الذي كان فيه البابليون والأشوريون يستخدمون البهارات مثل الكمون والقرنفل وجذور الطيب مرة للغذاء ومرة للشفاء من الأمراض التي تلم بهم، فإن المصريين اعتمدوا عليها في عملية التحنيط لحفظ أجساد ملوكهم، حيث كانوا يقومون بغسل الجثة ثم استخراج الأجزاء التي تتحلل، فكان المُحنط يخرج الدماغ ويشق البطن ويخرج الأمعاء والمعدة وكذلك ما بالصدر.

ويترك الكليتين والقلب، لأن بقاءهما ضروري في نظرهم في الحياة الأخرى، ثم ينظف تجويف البطن والصدر بنبيذ البلح ويحشوه بالبهارات والعطريات، ويضع الجثة بعدها في حمام من النطرون لمدة 70 يوماً، ومن ثم يلفها بطبقات من الكتان المبلل بالصمغ فتحفظ لأجيال عديدة.

وقد ساعدت المومياوات التي اكتشفت في معرفة بعض الأمراض التي كانت سائدة في زمانهم. وتشير الدراسات إلى أن قدماء المصريين كانوا يعتمدون في قوتهم على بعض أنواع التوابل، حيث تشير المخطوطات الهيروغليفية التي وُجدت في الأهرامات المصرية إلى أن العمال الذي قاموا ببناء تلك الأهرامات كان يتناولون البصل والثوم لتعضيد طاقاتهم الجسمانية. أما في الجانب التجاري، فقد نمت تجارة التوابل في العصور القديمة وأصبحت ذات أبعاد اقتصادية، لأنها كانت تستخدم في المواسم الدينية في استعمالات عديدة يدخل منها على الأغلب في صناعة العطور.

 

 

 

 

مسميات

 

مسمار= قرنفل

الجلجلان= السمسم

الفقع= الكمأة

الشمر= الشومر

السويده= حبة البركة

الكركم= عقيد هندي

ورق سيدنا موسى= ورق الغار

الدار صيني= القرفة

الزعفران= الجادي

الحرشف= أرض شوكي

الجوز= عين الجمل

ببريكا= فلفل أحمر

 

التوابل

في المنام

 

الكمون: رزق حلال

السمسم: مال ينمو في زيادة

الثوم: التوبة من المعصية

البصل: التملق

الفلفل: مال يُحفظ

الكزبرة: رجل نافع في الدنيا والدين

 

Email