سعيد حداد.. نجم كلباء دائم التألق المسرحي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

سعيد حداد.. واحد من جيل لم يبخل في العطاء، ولا يمتلك إلا حلماً أصبح مشروع حياته التي استمرت عطاء حتى غد أو بعده، هكذا عرفت سعيد فتى كلباء الأسمر الذي لم ينحنِ للريح وإن كانت عاصفة، فهو بحار عرف فنون البحر ومجالاته وخلجانه وعواصفه، فأصبح نوخذه زمانه الذي استمر حتى اليوم.

 

حينما نتذكر رجالات المسرح وفنانيه الذين طوروا سنوات العطاء السابقة، إنما نتحدث عن جيل تميز بالعطاء والبذل والسخاء في معطيات المسرح أو الآداب أو الفنون عموماً، وهم قاعدة أساسية لانطلاقة حديثة، وكل في مجاله، خاصة وأن الإبداع لا يتحقق إلا من تراكمات تحققها حركة أجيال متعاقبة، فما من إبداع في أي جنس أدبي جاء شيطانياً خارج قانون التراكم الكمي والنوعي.

 

أحلام لا تتوقف

منذ ثلاثة عقود ونيف عرفته شاباً، متحفزاً له أحلام قد لا تتوقف عن حدود، فعلى مستوى الشخصية فلم أعرف مثله، يمتلك طموحاته التي واصل العمل على تحقيقها في كفاح مرير في تحصيله العلمي الأكاديمي مثلاً، وهو من طبقة ليست غنية إنما غنية بما تحمله من مبادئ وخلق وقيم، فاستطاع سعيد أن يواصل تعليمه وحصل على الماجستير واعتقد أنه إما أن استكمل مناقشة أطروحته للدكتوراه، أو سيناقشها عن قريب، فقد انقطع عني منذ فترة كما انقطع عن حضور الأنشطة المسرحية، إذ لم يلتقي به اصدقاؤه ومحبوه خلال أيام الشارقة المسرحية الأخيرة، وحتى المهرجان الذي قبله. وسعيد يملك حلماً آخر يتعلق بكلباء.

 

البدايات

قبل ثلاثين عاماً لم أكن أعرف لماذا سميت المنطقة كلباء، إلا أن سعيد علمني درساً في الجغرافيا، وأخذني إلى شاطئ البحر، وقال نحن نقع على خليج مرسوم مثل حرف الباء، فسميت منطقتنا كلباء، وهو ابن بيئته وابن كلباء ونجمها الساطع عبر عقود. ولم يكن في كلباء مسرح وكان يحلم أن يكون لها مسرح، ولم يكن في كلباء جمعية للفنون والتراث، فحقق حلمها وحلمه، ولم يكن في كلباء مبنى مسرح.

وهي دكة ومكان محاط بالطين والقصب هو مكان الجمعية والمسرح الحلم معاً، ولكن المكان كان ينبض بالحركة الديناميكية والنشاط من خلال حركة سعيد حداد، ولا أقول ذلك نقلاً عن أحد، فقد عشت معه تلك الأيام يوم خططنا لإنتاج عمل مسرحي لأربعة فرق مسرحية هي مسرح الشارقة الوطني، والمسرح الحديث ومسرح خورفكان ومسرح كلباء، إضافة إلى الدورة التدريبية المصاحبة للعمل المسرحي والتي دامت لمدة شهرين تقريباً.

 

فتى كلباء

كان سعيد حداد أحد المساعدين الأساسيين في تلك الدورة ومخرجاً مساعداً في مسرحية (رأس المملوك جابر) وكنت أتلمس به هذه الاندفاعة الشديدة والحماس غير المنقطع، مثلما كنت أتلمس أبوته وعطفه ورعايته لشباب كلباء، الذين جاؤوا للعمل معي في المملوك جابر وكان على رأسهم وفي مقدمتهم، وكانوا صبية وشبابا.

وأصبحوا الآن رجالاً يتحملون مسؤولياتهم غير أنك حينما تسألهم عن ماضيهم يذكرون الأب فتى كلباء الأسمر الذي لم يتراجع عن مواقفه ولا عن أحلامه حتى الآن، بعد أن بنت وزارة الثقافة مسرحاً كبيراً في كلباء، وجهزته بكل الوسائل الفنية الحديثة، وكان هذا جزء من حلم سعيد حداد الكبير، والذي تحقق الكثير منه بعد أن أثبت أصالته وأصاله فريقه المسرحي.

 

تراث

مثلما رسخ قاعدة الفنون الشعبية تراث الأهل والعشيرة والماضي، فهذه الفرقة لم تعنَ بالتراث والموسيقى والغناء فحسب، بل كانت حاضنة لشباب المسرح بقيادة سعيد حداد، كما لها فرق تراثية أخرى تحيي بها الحفلات الرسمية إلى جانب فرقة موسيقية غنائية.

سعيد حداد، وعيسى إسماعيل، وعلي رفيع، وعلي المغني، هم الهيئة المؤسسة لمسرح كلباء الشعبي الذي تأسس عام 1977، تحت خيمة جمعية كلباء للفنون الشعبية، إلا أن الظروف لم تكن مواتية لنجاح سعيد وفريقه فخاب ظنهم ولم يحققوا شيئاً في ذلك العام التأسيسي الأول، لكن صمود سعيد حداد وفريقه دفعتهم لمحاولة أخرى في مطلع عام 1978، كتب لها النجاح والاستمرارية وبذلك استطاع مسرح كلباء أن ينطلق في سنواته الأخرى بقيادة فتى كلباء الأسمر سعيد حداد، وشارك المسرح في مهرجانات محلية وإقليمية وعربية.

 

مواهب متعددة

سعيد حداد متعدد المواهب كعادة رجال المسرح الأوائل، الذين أصبحوا روادا لحركة مسرح متنامية فهو كاتب مسرحي ومخرج وملحن وموسيقي وكان الدينامو المحرك لمسرح كلباء طيلة عقود من الزمن، ليس فقط في الأمور الفنية إنما الإدارية منها إذ كان رئيساً لمجلس إدارة المسرح طيلة سنوات وعضواً في مجالس إدارته. وقد أشهر مسرح كلباء الشعبي رسمياً من وزارة العمل عام 1980، وبذلك حقق سعيد أحد أحلامه التي عاشها منذ أعوام السبعينات من القرن الماضي ومع تأسيس دولة الاتحاد عام 1971.

 

تاريخ

ملأ تاريخ المسرح في الإمارات بنتاجه، معزراً بدوره الأساسي في فرقة مسرح كلباء الشعبية، ومن ضمن تلك الأعمال:

حكاية من الماضي 1978، من تأليفه وإخراجه، وكفاح من أجل العلم1979 (إخراج)، وحقك علينا يابحر 1980 (تأليف وإخراج)، وشركة بني ظاعن1981 (تأليف وأخراج)، ورأس المملوك جابر1984 (مخرج مساعد)، والبئر المهجور 1986 (إخراج)، والأرض عرض 1988 (إعداد وإخراج)، أوبريت المسيرة 1989 (تأليف وإخراج)، ظلام في ظلام 1994 (تأليف وإخراج)، جحا في الإمارات1995 (إخراج) ، سلامة المشاة 1996 (تأليف وإخراج)، أوهام ابو جاسم 1997 (إخراج)، الاختراع 1998(إخراج).

 

جهد استثنائي

هذا الرصد جزء من تاريخ سعيد حداد في مسرح كلباء، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو ما هو الجهد الاستثنائي، الذي بذله سعيد ليحقق كل هذا الإنجاز في قرية تقع على ساحل البحر في المنطقة الشرقية لم يكن المسرح قد وصلها عام 1970، إلا أن سعيد رفع شعار المسرح وبدأ يربي كوادره وينمي قدراته الشخصية ويوظفها لصالح مسرحه الذي كان يواجه الصعوبات التي قد لا يمكننا إيجازها لتصبح أحياناً عوائق استحالة أمام مثل هذا الرجل الذي حقق كل هذا الإنجاز الثقافي المسرحي، ولم يكن ساعتها قد حصل على فرصة تعليم جامعية حققها بسعيه ومثابرته وعصاميته، ليحق لنا وله أن نناديه اليوم بالدكتور سعيد حداد.

 

مهرجانات مسرحية

سعيد حداد نقل قرية كلباء إلى مهرجانات مسرحية دولية بعد أن نقلها إلى مهرجان أيام الشارقة المسرحية، وفاز بجوائز هذا المهرجان المهم في عدة دورات، إلا أننا لابد أن نذكر مشاركات مسرح خورفكان الخارجية أمثال: مهرجان البحر الأبيض المتوسط في إيطاليا 2002 (لوخاس الملح).

ومهرجان المسرح الخليجي الثامن لدول مجلس التعاون/ أبوظبي 2003 (جياد)، مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي/ القاهرة 2004 (قشور القلب)، مهرجان القرين الثقافي/الكويت 2004 (قشور القلب)، ومهرجان دمشق الدولي للمسرح الثالث عشر/دمشق 2006(الظمأ).

 

مهرجانات

 

سعيد حداد نقل قرية كلباء إلى مهرجانات مسرحية دولية بعد أن نقلها إلى مهرجان أيام الشارقة المسرحية، وفاز بجوائز هذا المهرجان المهم في عدة دورات، إلا أننا لابد أن نذكر مشاركات مسرح خورفكان الخارجية أمثال: مهرجان البحر الأبيض المتوسط في إيطاليا 2002 (لوخاس الملح)، ومهرجان المسرح الخليجي الثامن لدول مجلس التعاون/ أبوظبي 2003 (جياد)، مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي/ القاهرة 2004 (قشور القلب)، مهرجان القرين الثقافي/الكويت 2004 (قشور القلب)، ومهرجان دمشق الدولي للمسرح الثالث عشر/دمشق 2006 (الظمأ).

 

رؤية

 

لا يتراجع سعيد حداد ولا ييأس ولا يستسلم لأي عرقلة في مسيرته الشخصية، أو مسيرة مسرح كلباء الشعبي وعسى ألا يغيب عن التواجد الحيوي فما زال مسرح كلباء بحاجة له ولخبرته التي تراكمت عبر عشرات السنين ولرؤيته الموضوعية وثقافته وحماسه ونشاطه وروح التحدي التي يحملها بهدوء عجيب، وبإصرار قل من يحمل مثل إصراره الذي ارتهن بعشق المسرح والثقافة والفنون.

Email