مملكة الأنكا

ت + ت - الحجم الطبيعي

سافر المتخصص في الفيزياء والأستاذ الجامعي السابق في الولايات المتحدة، و. ل. كوشمير، إلى البيرو، بصفة سائح، عندما أصبح في سن التقاعد. وهناك أذهله ما رأى، وهاله ما عايشه أثناء رحلته، وكذا ما قام به من أبحاث، عن تاريخ وثقافة حضارة الانكا، والذي يشكل موضوع كتابه الأخير: "مملكة الأنكا".

ويبين المؤلف بداية، أن حضارة الأنكا التي كان مركزها الأساسي في البيرو الحالية، من أقدم الحضارات التي شهدتها أميركا اللاتينية، والعالم. ولكن لا يُعرف عنها سوى القليل، خاصة فيما يتعلق بأصولها وتطورها التاريخي وثقافتها الساحرة. وكذلك، هندستها المعمارية الجميلة التي لا تزال آثارها تدل عليها. ويشير إلى أن المعلومات المتداولة حول حضارة الأنكا هي في غاية القلة، هذا فضلاً عن أنها متناقضة، خاصة بشأن المرحلة التي كانت فيها تلك الحضارة القديمة في أوج ازدهارها.

ويوضح كوشمير، أنه إذا كانت حضارة الأنكا، الأكثر شهرة في أميركا الجنوبية، فإن الآثار البشرية الأولى في تلك المنطقة، تعود إلى 14 ألف سنة قبل الميلاد، إذ كان الناس يعيشون على القطف ـ قطف الثمارـ والصيد، مثل غالبية سكان العالم. وتوجه أولئك الصيادون القاطفون، تدريجياً، نحو الزراعة، حيث كانت الذرة تحظى بالاهتمام الأول لديهم، بحثاً عن تأمين الغذاء.

وهكذا، جلب ازدهار الزراعة الحياة الحضرية وبناء المدن، فانتعشت حضارة "شافان" ثم إمبراطورية "شيمو"، والتي دخلت في منافسة مع قبيلة "الأنكا"، عندما أرادت الأولى إشادة إمبراطورية على المناطق نفسها. وأما أصول الأنكا، فيبين المؤلف أن غالبية الروايات حولها، تنتمي في الواقع إلى الأساطير، أكثر من كونها تنتمي إلى الوقائــــع. فلا تزال هناك خلافات حول أصولها، ولكن الفرضيـــة التي تلقـــى القبول الأكبر، تعيد أصولهم إلى المناطق الواقعـــة على الشواطئ بحيرة "تيتاكانا"، على الحدود بيـــن البيرو وبوليفيــــا الحاليتين. وكذا فإن بعض المصادر، تعيد أصول "الأنكا" إلى منطقة الأمازون.

ويلفت كوشمير إلى أن الأنكــا بسطت سيطرتها على القبائل الهندية الأخرى، والتي قبلـــت تلك السيطرة، بل وكسبت منها فوائد عديدة. وكان قادتها يحلمون دائماً في بناء "مملكة كبيرة".. وكانـــت الرقعـــة الجغرافيـــة الأكثر اتساعاً لمملكتهم، هي في حوالي عام 1500 بعد الميلاد. ولكن في حوالي عام 1532 بعض المصادر تحدد ذلك في عام 1535-، تعرّضت مملكة الأنكا للاجتياح، من قبل عصابة من المغامرين الأسبان الذين قدموا إلى البلاد، بحثاً عن الذهب، والذي كان قادة الأنكا يمتلكون منه كمية كبيرة.

 

وكانت موازين القوى، كما يشرح مؤلف الكتاب، تميل بوضوح، إلى جانب الغزاة، بفضل ما كانوا يمتلكونه من البنادق والمدافع والأحصنة. وذلك التفوق بالعتـــاد والتجهيزات، جعل كفة المعركـــة تميل إلى صالحهـــم. وهكذا انتصر المغامرون الأسبان على الهنود، من أبناء البلد الأصليين وقاموا بهدم مملكة الأنكا، خلال ثلاث سنوات كاملة.

ويعتني كوشمير، في سيـــاق دراساته، ببحث البنية الاجتماعية والسياسية لمجتمع الأنكا. ويشير هنا، إلى أنه كان يأتي على رأس قمة الهرم الاجتماعي- السياسي، "سابا انكا"، أي: "ابن الشمس"، والذي يمتلك سلطات مطلقة وتحيط به دائماً، نخبة من المقربين يقرّبهم. ويؤكد في هذا الصدد، أن القادة المحليين، كانوا يمارسون قدراً مهماً من السلطة، طالما أنهم يحافظون على الوصاية الإمبراطورية.

كان الملك يبقيهم في مناصبهـــم، إلا إذا كان قد اضطر لإخضاعهم بالقوة، أو في حالة مقاومتهم سيطــــرة الأنكا. كما أن جميع رعايا المملكة، من ذوي الصحة الجيدة، كانوا ملزمين بـالعمل لصالح الدولة. وذلك في قطاعات الزراعة أو الخدمات أو الحرف المتنوعة، لكن من دون دفع أية ضرائب.

 ويشرح المؤلف هنا، أنه كانت سيطرة الأنكا تعتمد على تقسيم المملكة إلى مجموعات صغيرة، تدعى "ايلو"، ويتألف كل منها، من عائلات تنتمي إلى جدّ مشترك. وكانت هذه المجموعات تشكل قطباً مركزياً في التنظيم الاجتماعي للمملكة. وكذلك كانت مملكة الأنكا تتسم بممارسة رقابة مباشرة كاملة على الاقتصاد.

ذلك من خلال الرقابة على تربية المواشي وعلى منتجات الأرض. وفي المقابل، لم تكن التجارة نامية فيها. ولم يكن الذهب والفضة يمتلكان أية قيمة، إلا باعتبارهما معدنين يستخدمان في صناعة الزينة وـــفي الاحتفـــالات الطقوسية. ولم يعرف الأنكا الكتابة أو العملة، ولذلك استخدموا الـ"كيبو"، وهو عبارة عن حبل صغير، يحدد العدد اعتماداً على عقـــده ودلالاتهـــا الكميّة.

 

 

الكتاب: مملكة الانكا

تأليف: و. ل. كوشميدر

الناشر: اكسليبريس كوربوريشن- نيويورك 2012

الصفحات: 204 صفحات

القطع: المتوسط

 

The Inca kingdom

E. L. Koschmieder

Xlibris Corporation- New York - 2012

204 .p

Email