ثورة اللون

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

شاع الحديث، في سياق ما بعد انهيار جدار برلين مطلع شهر نوفمبر 1989، عن "ثورات برتقالية" و"ثورات وردية". وليست قليلة هي الحركات التي أخذت تسميتها من الألوان التي أراد أصحابها أن يتميزوا بها. والباحثة الأميركية في جامعة بنسلفانيا، تخصص عملها الأخير لما تسميه "ثورة اللون"، الذي تتعرّض فيه للمسائل المتعلقة، بـالابتكار والتحديد في عالم اللون.

تبدأ المؤلفة توجيه النقد للفكرة الشائعة، عن أن صناعة الموضة هي التي تفرض لونا معينا، وأحيانا تحت تسميات مختلفة، مثل القول ان "الأخضر الحادّ" هو "الأسود الجديد". وترفض التأكيد الشائع عادة، لدى النقّاد الفنيين، أن فرض لون ما، نتيجة لتفاهم سرّي بين صحفيي الموضة والمصممين ورئيس تحرير مجلة فوغ. ومثل هذه المقولة، ترفضها أيضا بالنسبة لاختيار لون السنة.

يتمثل أحد المحاور الرئيسية في الكتاب، في مناقشة المؤلفة لدور اللون ومهنته في ثقافة الاستهلاك. وفي هذا الإطار، تتحدث عن "ثورة اللون"، التي يعرفها العالم منذ أكثر من قرن من الزمن. وهي تبدأ تفحّص "تطوّر مهنة اللون ما بين عامي 1850 و 1970". وتتعرض في الإطار نفسه، لعدد من المجددين المبدعين، الذين استطاعوا أن يزيدوا كثيرا من طيف الألوان، عبر ملونات حديثة صناعية.

وتحدد المؤلفة القول ان مصممي الألوان ومهندسي اللون ومتخيلي ما هو جديد من الألوان، يسهمون جميعهم، في مساعدة المجتمعات على فهم فن بسيكولوجية الألوان. وكذلك تؤكد أن سنوات العشرينات من القرن الماضي، العشرين، شهدت تكاثرا استراتيجيا للألوان، عندما عرضت شركة "جنرال موتورز"، سيارة خضراء فاقعة، من أجل المنافسة مع سيارة "تي فورد" السوداء. وعندما غدت الأدوات والآلات المنزلية متوافرة، في الفترة ذاتها، بألوان لامعة متنوعة.

وتلفت المؤلفة إلى أن القرن العشرين، أنتج مجموعات جديدة ممن تُطلق عليهم تسمية "الخبراء" في عالم اللون. وهكذا تتطرق إلى: أسياد اللون، الذين يجدون مكانتهم من خلال تقاطع ميادين عديدة، ابتداء من الموضة ووصولا إلى التسويق ومرورا بعلم النفس ـ بسيكولوجيا ـ والكيمياء التي أصبحت أحد العناصر الأساسية في الوصول إلى التدرّجات النوعية.

وهذا دون نسيان، أولئك الرجال والنساء، الذين أسهموا من مواقع مختلفة، في إثراء الطيف اللوني ذي التنوّع الباهر. ظهر تعبير "ثورة اللون"، كما تشير المؤلفة، للمرّة الأولى، في مجلة "نيورتون" عام 1929، بعد أشهر قليلة من الانهيار المالي، الذي أدى إلى "الكساد الكبير".

وقيل يومها، إن هناك "ثورة لون" بصدد التحقق، عبر "تبنّ عام" لاستخدام اللون في المنتجات الصناعية، وظهور "سيارات بلون المشمش، وأسرّة زرقاء وصوف". ومن هنا يربط بين ثورة اللون والثورة الصناعية الكبرى. وكذلك برزت النظريات الحديثة عن "التلوين بقصد الحماية" في الطبيعة. وهذا ما اتخذ تسمية "التمويه" أثناء الحرب العالمية الأولى. ولم يكن بعيدا عن ذلك المفهوم انتشار "التلوين بقصد التسلية".

وترى المؤلفة، أن امتلاك أي شخص، لإمكانات إخفاء شيء ما، عبر تمويهه، بإمكانه، وبالاتجاه المعاكس، أن يسهم في إبرازه. وتلفت أيضاً، إلى أن استخدام اللون، يمثل، بمعنى ما، عملية "تمويه معكوسة"، بالاعتماد على ما يسمى: هندسة اللون.

وتناقش المؤلفة في الكتاب، من موقع الباحثة في التاريخ، كيف يتم التناغم الدائم، بين اللون والتجارة، منذ القرن التاسع عشر، مؤكدة أن هناك ردودا انفعالية وعاطفية، على اللون. وتبين هنا أن ترجمة مثل هذه الردود، تدخل في علاقات معقّدة بين الملاحظة البصرية والتفاصيل التقنية والمنطق التجاري.

وهذه الترجمة، وجدت من عبّر عنها في اللحظة المناسبة، من مبدعين، وهي تذكر العديد منهم، في قائمة طويلة. وتنتهي المؤلفة إلى نتيجة مفادها أن الخبراء المحترفين، في عالم التلوين اليوم، يشكّلون عنصرا رئيسيا في الطرق التي تعمل في إطار التصميم، لدى الشركات الدولية الكبرى متعددة الجنسيات، مثل: هيلتون، ديزني، تويوتا. وفي المحصلة، يقدم الكتاب، تاريخ الكيفية التي ساعد فيها متخصصو اللون، النشاطات الصناعية، من أجل كسب قلوب المستهلكين ودولاراتهم.

 

الكتاب: ثورة اللون

تأليف: ريجينا لي بلازيسيك

الناشر: المعهد التقني لجامعة ميزوشيست ــ 2012

الصفحات: 400 صفحة

القطع: المتوسط

 

The color revolution

Regina Lee Blaszczyck

MIT Press - 2012

400 .p

Email