كتاب الكائنات ذات المظهر الغريب

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في عام 1957 صدر للكاتب الارجنتيني الشهير جورج لويس بورخيس، كتاب، تحت عنوان: "كتاب الكائنات الخيالية". وكان نوعا من الدليل عن الكائنات الغريبة التي تصورتها المخيلة الإنسانية، عبر الزمان والمكان، مثل : التنين الأسطوري . واليوم يقدّم الكاتب والصحافي البريطاني، كاسبار هندرسون، عملا جديدا من طراز عمل بورخيس، ذاته، في مؤلف يحمل عنوان: "كتاب الكائنات ذات المظهر الغريب".

تتمثل الكائنات التي يحاول المؤلف، التعريف بها والتعرّف عليها، بما هو على العكس من كائنات بورخيس التي اخترعها الخيال البشري، فكائنات هندرسون، حقيقية، من أسماك وطيور وزواحف، وغيرها. بهذا المعنى يوصف نوعا من حديقة حيوان، أكثر ثراء وتنوعا من حديقة حيوان الأحلام، كما أطلق بورخيس على "حديقته" .

ويرى هندرسون، الذي أولى اهتمامه منذ فترة طويلة، للكتابة عن العلوم والبيئة المحيطة، أن عجائب الكون وكائناته الحيّة الغريبة، تدعونا إلى التمتع بوجودها، والاستعانة بالعلم الذي ربما يساعد على التعرّف عليها، بعمق أكبر، وبحيث يمكن مثلا، فهم التي تعامل فيها العناكب المعلومات التي تستشعرها من العالم الخارجي، مشيرا إلى أنه بمقدار ما تزداد درجة فهم آليات حياة الكائنات الغريبة، تتضاعف الدهشة أيضا.

ويكرّس المؤلف، في هذا السياق الكثير من الصفحات، للحديث عن مدى التخريب الذي تتعرض له البيئة المحيطة، بكل ثرواتها التي لم يتعرف عليها جيدا من قبل الإنسان. وهكذا باتت تستهدف سلاحف بحرية كبيرة، تختزن ملايين السنوات من ذاكرة المحيطات، إذ يفرط بها ويقضى عليها في عمليات الصيد، بحثا عن فوائد تافهة.

ويلفت المؤلف إلى أنه، وخلال القرنين، التاسع عشر والعشرين، قضي على 99 بالمئة من الحيوانات البحرية الزرقاء، للحصول على ما يمكن سحبه من فوائد تجارية منها. ونجد المؤلف، يقدّم، وبالنسبة لكل نوع من الكائنات ذات المظهر الغريب، دراسة ذات طابع علمي بحت، تبحث في خصوصياتها . ويدرج، بالتوازي، تحقيقا صحافيا عن المشهد الطبيعي الذي يضمّها، أو عن طريقة حياتها وكيفية تنقلها.

ومن الميزات الكبيرة في الكتاب، أن مؤلفه يبحث لدى الكتّاب والمفكرين والأدباء، عما يمكن أن يساعد على توضيح فكرة ما. وهكذا يأخذ مثلا، من المفكر برتران روسّل، ما كان قد عبّر فيه عن إعجابه بالكون الذي يحتضن حياة البشر، عندما قال: "إن العالم زاخر بالأشياء الساحرة التي تدعو الفكر للتعمق أكثر في فهم الكون".

لن يعثر القارئ في الكتاب، على أي صيغة توجه للسرد والبحث والنقاش، في موضوعات عوالم كائنات خرافية، على غرار تلك "الكلاب المخيفة ذات الرؤوس الثلاثة" أو "التنانين العملاقة"، لدى بورخيس، والتي تجد ما يجسدها في الخيال العلمي ومسلسلات الرعب والرسوم المتحركة المكرّسة للأطفال. ولكنه سيصادف كائنات حية غريبة.. تمتلك قدرا كبيرا من التناظر والجمال وهندسة تؤمّن التناغم مع جمال الطبيعة المحيطة. .

كما يروي فيه المؤلف، بعض المفاجآت التي تعرّض لها. كتلك المرة التي كان يمارس فيها الغوص في أعماق البحر، بالقـــرب من الشواطـــئ الاندونيسيـــة، حيث وجد نفسه فجأة، أمام فكين مفتوحـــين وعيون فارغة، لسمكة مورين.وهكذا عاش "رعب الطفولة"، كما يقول. لكن ذلك الرعب البدائي، انتهى بعد عدة ثــــوان فقــــط، ليكمّــــل عمله.

يمزج كاسبار هندرسون في الكتاب، بين الملاحظة لكائنات غريبة ولمحيطها الطبيعي والأخطار المحيطة به، وكذا الحروب والاستراتيجيات الكبرى والتاريخ الطبيعي، والتأمل الروحاني، والوصول من خلال هذا كله، إلى أن كل كائن في العالم الطبيعي، يجسد درسا أخلاقيا. ويختار الكتاب تبيان حقيقة أن العلم يوضح أن جميع الحيوانات، حتى تلك التي تعتقد أنها مألوفة بالنسبة لنا تماما، تثير قدرا من الدهشة أكثر من ما تعتقد غالبية البشر. بل وربما تثير في حالات عديدة، الأسئلة، أكثر من ما تقدّمه مــن إجابات بمــجرد التمعّن فيها، بعمق أكبر.

 

لكتاب: كتاب الكائنات ذات المظهر الغريب

تأليف: كاسبار هندرسون

الناشر: هاردباك- لندن 2012

الصفحات: 448 صفحة

القطع: المتوسط

 

The book of Barely imagined beings

Caspar Henderson

Hardback - London - 2012

448 .p

Email