الأجداد الدور لكم

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعاني الأسرة في الغرب من مشاكل عديدة، خاصة على صعيد العلاقة بين الأهل والأبناء، والتوتر السائد بين الأب والأم والذي ينتهي في حالات كثيرة إلى الطلاق. وطبيب الأطفال والطبيب النفساني والكاتب الفرنسي مارسيل روفو، يكرّس عمله الأخير للحديث عن دور الجدّين في تربية أحفادهم، وهو يخصص العديد من الصفحات لذكرياته مع جدّته اوجيني، والتي لا يتردد في القول انها كانت راء ذلك "الصبي الشقي"، ويقصد نفسه، ليبلغ المصاف الذي وصل إليه.

وإذا كان روفو يعتمد كثيرا على تجربته الخاصة، فإنه، رغم أنه لم يصبح جدّا حتى الآن، يصوغ تجربة خيالية، يتصوّر نفسه فيها وهو "يكتب" في المستقبل، كلمات موجهة إلى حفيده أو حفيدته. وهو يضع نفسه في صورة "الجد المثالي"، كما يراه.

ويحدد أن مهمته الأساسية تتمثل في كيفية تجنيب الأحفاد الوقوع في فخّ الممارسات السيئة، مثل : تعاطي الحشيش. ويرى المؤلف أنه حان الوقت الذي ينبغي فيه الانتهاء بشكل قطعي، مع صورة "الجد والجدة المائعين" الذين يلجأ إليهم الأطفال عند ارتكاب حماقة ما. ويعتبر أن للجدّين مكانة مركزية داخل المشهد العائلي. وهذه المكانة تعطيهم دورا محددا دقيقا، بحيث أصبحا لا غنى عنهما في الواقع العائلي في المجتمعات الغربية المعاصرة.

يلفت المؤلف الانتباه إلى أن هناك واقعا جديدا بالنسبة للجدّين، وهو أنهما "أكثر شبابا" في الحقبة الراهنة كنتيجة للرعاية الصحية. ويشير الى أنه في زمن جدّته كان يُنظر إلى من يبلغ 50 عاما، على أنه من العجائز. واليوم لا يمكن، بل من المستهجن، أن يقال عن ابن الخمسين، إنه أصبح عجوزا. بالتالي غدا الجدّان "أكثر حيوية ونشاطا" من قبل.

 ومسألة أخرى يشير لها المؤلف وهي أن "أجداد" اليوم في فرنسا هم شباب أحداث مايو في فرنسا عام 1968، أي أحداث ما عُرف بـ"ثورة الطلبة". وسمة ثالثة يؤكد عليها المؤلف وهي أن "أجداد" اليوم يتمتعون في أغلب الأحيان، بدخل كبير قياسا بالأجيال الحالية. وهذه الميزات كلها تعزز مكانتهم في محيطهم العائلي.

ويشير المؤلف إلى أن الجدين يلعبان دورين مختلفين لدى الأطفال، والذين يرون بهما "مرجعيتين" متباينتين، تبعا لكونهما رجلا وامرأة. ويلفت أيضا إلى أن دورهمـــا غدا فـــي الحقبة الراهنة، أقل مسؤولية بفعل تناقص اهتمامهما بمستقبل أحفادهما. كما أنهمـــا يهتمان بـعيش اللحظة الراهنة، وبالتالي لم يعـــودا ينتميان إلى الماضي، لكن بالأحرى إلى "حاضر لطيف". ومن المسائل التي يتعرّض لها، المواقف الليّنة التي يتبناها الجدّان في أكثر الأحيــان .

وما يؤكده المؤلف هو أن الجدّين يستطيعـــان أن يتخذا مواقف أكثر صرامة من ما يعتقدان أنهما يستطيعان اتخـــاذه. ذلك بواسطة عدم الرضوخ إلى مقولة انهما ينتميان إلى "سلطة الماضي"، التي يسعى الأطفال إلى أخذ ثأرهم منها. وبالمقابل، يشرح مارسيل روفو أنه من الخطأ، أن يسعى الجدّان لـفرض قوانينهما على الأطفال، لكن هذا لا يمنع أنه ينبغي عليهما أن يبديان رأيهما الواضح، من حين إلى آخر.

وإذا كان المؤلف يؤكّد على أهمية أن يلعب الجدّان دورا مهما في حياة الأحفاد، فإنه يشدد كذلك، على أنه عليهما أن لا ينسيا السعي من أجل الاستمتاع بحياتهما. كما لا يتردد المؤلف في القول، انه عندما يكتشف الرجل والمرأة أنهما أصبحا جدّين، يكتشفان في الوقت نفسه، الطفلين فيهما عندما كانوا صغارا.

ثم إن العلاقة مع الأهل تسهم بشكل كبير، في بناء حياة الفرد. ولكن العلاقة مع الجدين، تبني الطفولة، عبر إعادة اكتشاف دروب طفولتهما. وكذا تكتسي هذه العلاقة، أهمية خاصة بالنسبة للجدّين، من حيث أنها تبرهن على "أهميتهما" باعتبارهما يمثلان الجذر الذي يمتد حتى الأحفاد، عبر الأبوين. ويوضح المؤلف في هذا السياق، أنه من المهم جدا أن يتعرّف الأطفال على الجدّين، وحتى لو كانا خياليين، عبر أحاديث الأهل عنهما. للأطفال.

وفي المحصلة، نجد أنه يجمع الكتاب، بين خبرة مؤلفه في عالم الأطفال من موقعه كطبيب أطفال، وكذلك كطبيب نفساني، يتعامل مع الكبار. وقد يمكن توصيف هذا العمل على أنه نوع من الدليل، نحو "فن أن تكون جدا".

 

 

الكتاب: الأجداد .. الدور لكم

تأليف: مارسيل روفو

الناشر: آن كارير، باريس ـ 2012

الصفحات: 200 صفحة

القطع: المتوسط

 

Grands-parents à vous de jouer

Marcel Rufo

Anne Carrere - Paris- 2012

200 .p

Email