كيف جرى إفساد مصر والمصريين (1974-2010)؟

اقتصاديات الفساد في مصر

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يدور كتاب «اقتصاديات الفساد في مصر كيف جرى إفساد مصر والمصريين (1974 - 2010)؟» للباحث الاقتصادي عبدالخالق فاروق، حول ظاهرة الفساد في المجتمع المصري، مؤكداً أنها آخذة في الانتشار السرطاني السريع في كل معاملات وتعاملات البشر في البلاد؛ إذ لم تعد قاصرة على الممارسات التقليدية من تعاطي الرشوة أو الاختلاس، وغيرها، بل إنها امتدت لتطال الأعصاب الحساسة في المجتمع المصري، ووجدان أفراده وجماعاته، دون استثناء، تقريباً.

يلاحظ المؤلف، أن الـ"إكراميات" وهي اللفظ الشعبي للمفهوم القانوني لجريمة الرشوة، تحوّلت إلى سلوك عام، يبدو وكأنه مقبول؛ لأنه أصبح الأداة المناسبة للفقراء ومحدودي الدخل من الموظفين، لإحداث توازن أو شبه توازن، بين الأجور والمرتبات الرسمية المتواضعة، ومتطلبات المعيشة الآخذة في التزايد.

والمتضائلة في القيمة والمعنى. ويشير أيضاً، إلى أنه تخندق حول ظواهر "الفساد" في مصر، خندقان متمايزان، يغذي كل منهما الآخر، فالأول يمكن أن يُسمى: "خندق الكبار"، أو فساد الكبار من رجال الحكم ورجال المال والأعمال وكبار رجال الجيش والبوليس والإدارة الحكومية، في تحالف غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث.

وبالمقابل، تَشكّل "خندق الصغار" الذي وجد وسائله في تعويض الحرمان والنقص المتزايد في نمط آخر من الفساد، تمثل في انتشار الدروس الخصوصية، وتعاطي الرشوة والإكراميات، لقاء أداء الخدمات الوظيفية للجماهير، وامتدت شبكة الفساد تلك، لتشمل الخدمات الحكومية كافة، بدءاً من أقسام الشرطة، ومروراً بالمستشفيات العامة والخدمات الصحية، وانتهاءً بالمحاكم وقطاع العدالة وغيرها من الخدمات التي تقدّمها المصالح والأجهزة الحكومية وموظفوها.

وعلى هذا الأساس، يستنتج المؤلف أننا في مصر، إزاء "عالم سفلي" جديد وضخم، تشكّل بصورة أكثر عمقاً وشمولاً، منذ بداية تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي في عام 1974، وتزامنه مع خصائص الحقبة النفطية. واتخذ هذا الواقع الجديد طابعاً مؤسسياً منذ أن تولى الرئيس حسني مبارك مقاليد الحكم نهاية عام 1981، فتحلقت جماعات المال والأعمال حول مائدته الأسرية؛ لتخلق بذلك أبشع شبكة سرية للفساد في تاريخ مصر.

حيث اختلط المال الحرام بالسلطة وقراراتها، ولم يكتفِ بذلك، بل إنه وعبر سياسات معينة وقرارات جمهورية محددة، نجح في إفساد أفراد وجماعات، ليتحول الأمر رويداً رويداً وخلال ربع قرن من حكمه إلى إفساد مجتمع بأكمله. ويحدد المؤلف سبع آليات جرى من خلالها تحويل الفساد في مصر من مجرد انحرافات شخصية إلى بنية مؤسسية متكاملة، وهي: وجود سياسات ممنهجة لإفساد المؤسسات الأساسية في المجتمع وأفرادها (مثل مجلس الشعب ومجلس الشورى والمؤسسات الصحافية والإعلامية وأجهزة الأمن والمؤسسات القضائية، وقيادات الجيش، والنقابات العمالية والمهنية)،

وجود قواعد عرفية بين "جماعات الفساد" والمنخرطين فيها تُلزم أعضاءها بالتزامات متبادلة ومناطق النفوذ، خطوط اتصالات دائمة وواضحة بين هذه الجماعات وشاغلي قمة الهرم السياسي والتنفيذي، استمرار سياسات الإفقار للطبقات محدودة الدخل (ما يدفع الجميع إلى تعاطي "الإكراميات" وهي النظير القانوني للرشوة)، إفساد أجهزة الرقابة - سواء أكانت رقابة شعبية (مثل الصحافة) أم أجهزة الرقابة الرسمية (مثل الرقابة الإدارية، ومباحث الأموال العامة)، وسائل صياغة القوانين والقرارات الإدارية (ما يسمى في الفقه القانوني:

القوانين المشرعة والقوانين غير المشرعة)- بحيث تفتح ثغرة واسعة للفساد المحمي من الدولة- خاصة في القوانين الاقتصادية والضريبية وغيرها؛ التحايل القانوني عبر ما يسمى "الصناديق الخاصة" والوحدات ذات الطابع الخاص خارج نطاق الميزانية الحكومية الرسمية.

 

 

 

 

الكتاب: اقتصاديات الفساد في مصر كيف جرى إفساد مصر والمصريين (1974ـ 2010)؟

تأليف: الدكتور عبدالخالق فاروق

الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة ـ 2012

الصفحات: 373 صفحة

القطع: المتوسط

Email