بين تأثيرات الحراك الاجتماعي وإرهاصات الثورة 1980 - 2010

المفاهيمية في التشكيل المصري

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يستهل كتاب " المفاهيمية في التشكيل المصري.. بين تأثيرات الحراك الاجتماعي وإرهاصات الثورة 1980 - 2010 "، لمؤلفته الدكتورة، هبة عزة الهواري، موضوعات دراساته ومناقشاته، بتعريف ماهية هذا التوجه الإبداعي، مبينا أنماط تجسده في المدرسة التشكيلية المصرية.

وتتناول المؤلفة، طبيعة سمات التوجهات الابداعية لدى مجموعة من المبرزين في الحقل، ومنهم سامي كشك، والذي ترى هبة أنه من الفنانين الذين يؤمنون باستلهام فن النحت المصري القديم، كما اتخذ رموزاً من هذا الفن ووظفها في تجربته الابداعية، منها: (مفتاح الحياة، الهرم). وكذلك بعض الرموز الميثولوجية: (شكل التل الأزلي الذي بدأت منه الحياة، تجسد الوجود)..

ونجده، كما توضح المؤلفة، "اللجة" الأولى التي ظهر منها التل الأزلي الذي تطور شكله لديه، إلى الهرم. وصاغها الفنان وفق التوجه السابق، ذاته، ولكن في وضعية الوقوف على هيئة آدمية تنظر إلى الوراء، متبعاً الوضع الأمثل الذي اتخذه المصري القديم في حفره على جدران المعابد، حيث جهة الرأس الجانبية والبطن في ثلاثة أرباع.

والأرجل من الجانب، وكأنه بذلك يجمع أوجه الحياة المختلفة في حوار تشكيلي يحمل مضامين فكرية وتعبيرية. كما أنه اتخذ خط الأرض، وكما هو متبع في الفن المصري القديم، كرمز إلى سعة الأفق ورحابته، وهذا بالإضافة إلى سمو مكانة الهيئات الأدمية من فوق وارتفاع مقاساتها.

وتدرس المؤلفة، مضمون التوجه الابداعي لدى الفنان محمود بشندي، والذي تراه مفعما بالهموم والقضايا السياسية، ففي التشكيل الذي عرضه في بينالي القاهرة، وأطلق عليه تسمية "فم"، كوّن أرضية من الحجارة الحمراء الملتهبة، ينغرس فيها ما يشبه اللغم، يضعه الفنان في هذه التربة، ليوحي بالعنف والتربص، والذي لا يعني سوى الدمار والموت والحريق.

وهو معنى حمّله الفنان للتربة المغروسة فيها أداة القتل. وتبين هبة أن شادي النشوقاتي، استخدم في عمله "أخضر"، رموزاً خالصة تنبع من الفن الشعبي، وكذا كذا من الرموز البدائية السحرية، والأجواء المليئة بالغموض وبعبق الماضي،.

وغالباً ما يأخذ المتلقي للدخول إلى عالمه في هذا الجوّ الطقسي السحري، فتجعل المتلقي كمن يوشك على دخول قدس الأقداس، أو خلوة الصوفي. وتنتقل المؤلفة إلى تشريح تجربة وائل شوقي، موضحة أنها تتسم بالطبيعة البنائية في تجهيزاته في الفراغ، وسيطرته على العناصر التشكيلية من حيث النسب الجمالية وتنوع الوسائط المستخدمة في أماكنها.

وأما بالنسبة لرحاب الصادق، فتؤكد المؤلفة أنها عبرت عن رفضها للموقف التعليمي الراهن، بتنفيذ مجموعة من المقاعد المدرسية في قالب مفاهيمي فريد، أعطتها صبغة أثرية، عن طريق لون صبغ سطح الخشب، ثم لفّت بعض الأجزاء باللفائف من القماش البالي، فأعطتنا انطباعاً منقبضاً تجاه هذه المقاعد التي رصفتها وكأنها في فصل دراسي.

وتبين المؤلفة أن نهلة رضا، تقدم في عملها الفني، نقداً اجتماعياً سياسياً، وذلك خاصة حين وظفت استخدامات إمكانات الغرافيك التشكيلية، لابداع ثلاثة مستنسخات من صورة لقاهرة المعزّ ذات الألف مئذنة، موسومة بعبارات بالإنجليزية، كما نجد لديها نمطا آخر لمعنى فقدان الهوية وتشويه الجذور والتنازل عن كل ما لـه قيمة وله دور في تشكيل الهوية الثقافية والوجود الحضاري للإنسان المصري.

ولا تقتصر أبحاث الكتاب على هؤلاء الفنانين، إذ تعنى المؤلفة، بمناقشة وتحليل واستقراء مضمون الابداع المفاهيمي لدى مجموعة من التشكيليين في مصر، ومنهم: هالة أبو شادي، ثريا عماد حمدي، باحثة ومشرحة مكنون التجربة المفاهيمية في البلاد، وذلك من خلال هذه النماذج، والتي عرضت في صالون الشبان الحادي والعشرين، في نهاية 2010، إذ تجلت فيها إرهاصات التمرد والرفض، وذلك قبل إشراق شمس الثورة المصرية بأشهر قليلة.

 

 

 

 

 

 

 

الكتاب: المفاهيمية في التشكيل المصري بين تأثيرات الحراك الاجتماعي وإرهاصات الثورة 1980 - 2010

تأليف: د. هبة عزت الهواري

الناشر: جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي 2011

الصفحات: 120 صفحة

القطع: الكبير

Email