أخبار مملكة أمورو

ت + ت - الحجم الطبيعي

يضم كتاب «أخبار مملكة أمورو»، للباحثة السورية جيهان عزت محمد، 86 نصاً تدوينيا تاريخيا، 75 منها اكتُشف في تل العمارنة، و5 في أوغاريت، و6 في «ختوشا» العاصمة الحثية.

ويستعرض الكتاب، جملة حقائق وأحداثاً تاريخية، يبحث فيها واقع تركز سوريا (بلاد الشام)، كمسرح للصراع السياسي خلال النصف الثاني من الألف الثاني ق. م، نتيجة غناها الاقتصادي وموقعها الجغرافي، فتصارعت من أجل احتلال أراضيها في الشرق: بلاد الرافدين، في الجنوب الغربي: مصر، وفي الشمال: آسيا الصغرى. وتجسَّد الصراع على سوريا، آنذاك، بين ثلاث ممالك سياسية كبرى، وهي :الحورية الميتانية، الحثية، المصرية.

وتحلل المؤلفة مضمون النصوص، وتشرح ما تحويه، مبينة ان الكتابات المسمارية الأكادية، تذكر أمورو كمقابل للتسمية السومرية مارتو، منذ أواسط الألف ق. م. وكانت تشير إلى المناطق السورية الواقعة غرب بلاد الرافدين، ولا سيما مناطق الفرات الأوسط في سوريا، وإلى القبائل البدوية التي كانت تقطن تلك المناطق.

وتوضح جيهان عزت محمد، أن تسمية الأموريين تعد أوَّل إشارة حقيقية إلى سكان سوريا القدماء في العصر الأكادي. واقترنت عند سكان بلاد الرافدين مع معنى «بدوي».

وتنتقل جيهان عزت محمد، الى إيضاح تاريخ ظهور الأمورييون، شارحة انه كان في العصر الأكادي على أطراف البادية السورية، إذ يذكر الملك شركلي شري (2223-2198) ق. م، أنَّه هاجم قبائل أمورية عند جبل بسر/ بشري، بين الرقة ودير الزور، وحقَّق نصراً عليها.

ويذكر جوديا (2143-2124) ق. م ـ حاكم مدينة «لَجَش»، أنَّه جلب أحجاراً كبيرة من جبل بسلا وجبل مارتو، وكذلك أحجاراً و«ألباستر» من جبال تيدانوم وأومانوم، وجبال مارتو، بغرض بناء معبد جيرسو في لجش. وهذه الأماكن المذكورة هي مناطق تقع بالقرب من جبل بشري، وقد اتخذها الأموريون أماكن لتجمعهم، ولذلك عرفت بأسماء قبائلهم التي أقامت فيها، على أنَّ التسمية هذه تحوَّلت من الدلالة الجغرافية إلى العرقية.

وتبين المؤلفة انه اكتشفت مجموعة من الوثائق الأمورية، في أواخر سنة 1887م، في قصر الملك المصري أمنحوتب الرابع (أخناتون) (1364-1347) ق. م، ضمن موقع تل العمارنة، حيث كانت تقوم عاصمته أخيت آتون. وتدعى الفترة التاريخية التي تعود إليها وثائق تلك المجموعة «عصر العمارنة» نسبة إلى الموقع. .

وتشير جيهان عزت محمد، إلى انه عثر في أوغاريت، على بعد 11 كم، شمال مدينة اللاذقية، في القصر الملكي والمناطق المجاورة له، على رُقم مسمارية دوِّنت بلغات مختلفة، معظمها بالأبجدية الأوغاريتية والأكدية المقطعية، إضافة إلى نصوص دُوِّنت باللغتين الحثية والحورية، ودُوِّن بعضها بإحدى لغات سكان بحر إيجة، ولم تفك رموزها حتى الآن.

وتشتمل الوثائق على موضوعات اقتصادية وإدارية ودينية ومراسلات دبلوماسية بين ملوك أوغاريت وملوك الدول المجاورة. ويرقى تاريخ وثائق أوغاريت إلى فترة، ما بين أواسط القرن الرابع عشر ونهاية القرن الثالث عشر ق. م، أي أنَّها تغطي الفترة، ما بين نحو (1350و 1200) ق. م. ويوجد بينها وثائق تفيد في توضيح بعض جوانب علاقات مملكة أمورو مع مملكة أوغاريت.

كما تدرج المؤلفة في بحثها، 5 وثائق من أوغاريت. وتتحول إلى ذكر اكتشاف مجموعة وثائق تعود إلى ختُّوشا (العاصمة الحثية)، منذ سنة 1906 م في (بوغازكوي أو بوغاز كاله شمال شرقي أنقرة). وهي وثائق مسمارية مكتوبة باللغتين الحثية المحلية والأكدية، وكان بينها معاهدات عقدها ملوك الحثيين مع حكام الدول المجاورة.

وتلفت جيهان عزت محمد، إلى ان النص (86:12-25) يشير إلى عدو خارجي كان يتربص بمملكة أمورو، وإلى أنَّ الخطر محدق بها لا محالة، ويطلب صاحب النص من ملك أوغاريت عمورابي، إعلام مملكة أمورو ومملكة أوغاريت، بكل مايسمعه من أخبار عن تحركات ذلك العدو. ويؤكِّد له أنَّه سيرسل سفناً إلى أوغاريت لمساندتها ودعمها في مواجهة الخطر المرتقب، فكما يبدو كانت سفن أوغاريت تقاتل في بلاد «ختي» وتحديداً في بلاد «لوكا».

وتختار المؤلفة، أن تدرج وترصد، مجموعة الأعمال والجهود في هذا الصدد، لافتة إلى أنه جرت تنقيبات سورية فرنسية في التل، خلال الأعوام، من 1960والى 1962. ثمَّ تشكَّلت بعثة من المديرية العامة للآثار السورية والجامعة الأميركية في بيروت بإدارة د. ليلى بدر، ود. عدنان البني في عام 1985.

ومن ثم في 1986 تفردت الجامعة الأميركية بالعمل في الموقع. وكشفت البعثة عن لقى أثرية متنوعة، من عصور مختلفة، تمتد من البرونزي المتأخر، حتى العصور الكلاسيكية. ولكنَّها لم تعثر على وثائق كتابية بعد. وتخلص جيهان عزت محمد، الى جملة حقائق تاريخية، تشير .

فيها إلى انه يبدو أنَّ مملكة أمورو لقيت مصيرها ونهايتها كغيرها من مدن وممالك ساحل بلاد الشام، على يد جماعات من «شعوب البحر»، اجتاحت المنطقة في مطلع القرن الثاني عشر ق. م. ولا توجد معلومات عن السنوات الأخيرة لمملكة أمورو، كما لا ندري إن كان هناك حاكم اعتلى عرشها بعد شاوش جاموا، ويعود ذلك إلى عدم اكتشاف وثائق كتابية توضح ذلك بعد.

 

 

 

الكتاب: أخبار مملكة أمورو/ دراسة

تأليف: جيهان عزَّت أحمد

الناشر: وزارة الثقافة ــ دمشق 2011

الصفحات: 280 القطع

القطع: الكبير

Email