جاكلين كينيدي.. أحاديث تاريخية عن الرئيس والأسرة والسياسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

جاكلين كينيدي، «جاكي» كما يطلقون عليها، هي إحدى أشهر الشخصيات النسائية خلال العقود الخمسة الأخيرة. وعندما كانت في منتصف الثلاثينات من عمرها اغتيل سنة 1963 زوجها جون كينيدي، رئيس الولايات المتحدة الأميركية. وقد التقت الأرملة الشابة مرات بالمؤرخ الأميركي والموظف الكبير السابق في البيت الأبيض ارتور م. شلزنجر خلال ربيع وصيف عام 1964. وقد تحدثت خلال لقاءاتها فيه كثيراً عن زوجها وعن الفترة التي أمضياها معاً في البيت الأبيض بينما كان طفلاهما «كارولين» و«جون الصغير» يقفزان من مكان إلى آخر.

تلك الأحاديث التي مضى عليها نحو 50 سنة، وبعد وفاة المؤرخ شلزنجر عام 2007، هي موضوع الكتاب الذي يحمل عنوان: «أحاديث تاريخية عن الحياة مع جون كينيدي» وصاحبة هذه الأحاديث هي جاكلين كينيدي، زوجة الرئيس الأميركي الأسبق، التي توفيت عام 1994.لم تكتب جاكلين كينيدي يومياتها أبداً وقد أصبحت بمثابة «أسطورة» بسبب عدم معرفة الكثير عن حياتها الخاصة. وهذه الأحاديث التي يتم «الإفراج» عنها اليوم حيث كانت محفوظة «مسجّلة صوتياً» بموافقة أبناء جاكلين كينيدي وبتقديم كارولين كينيدي وبدرجة ما للاحتفال بمناسبة الذكرى الخمسين للاغتيال الرئيس الأسبق كينيدي.

تجدر الإشارة إلى أنه في زمن تلك التسجيلات كان السود الأميركيون لا يزالون يناضلون من أجل الحصول على حقوقهم المدنية، وكانت نظرات الشك تحوم حول الداعين لحقوق المرأة وحتى في إطار أسرة مثل أسرة كينيدي.ومن اللحظات التي تعود لها السيدة كينيدي عملية «خليج الخنازير» ضد كوبا وكاسترو والتي نظمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بموافقة الرئيس كينيدي والتي فشلت فشلاً مريعاً. ونقرأ بهذا الخصوص: «لقد عاد ــ الرئيس ــ إلى البيت الأبيض ودخل إلى غرفته، حيث شرع بالبكاء. كنا وحدنا وكان الأمر محزناً، حيث كان قد أمضى المائة يوم الأولى من رئاسته وما كان يحمله من آمال في الوقت الذي حدث فيه ذلك الأمر الرهيب فجأة» .وتتحدث جاكلين كينيدي أيضاً عن الأزمة المعروفة باسم «صواريخ كوبا» التي كشفتها الولايات المتحدة فوق أرض الجزيرة الكوبية .وعندما انتهت الأزمة وخرج كينيدي منتصراً بعد أن أرغم السوفييت على تفكيك صواريخهم وإعادتها من حيث جاءت قال جون كينيدي لزوجته: «إذا كان هناك من يريد قتلي فهذه هي اللحظة التي ينبغي عليه أن يفعل ذلك». لقد كان على قناعة أنه خرج «كبيراً» من الامتحان الصعب.وتتحدث جاكلين كينيدي كثيراً في هذه «التسجيلات» عن أولئك الذين عرفتهم عن قرب أو صادفتهم بحكم موقعها كزوجة للرئيس الأميركي. وهي تبوح أن زوجها، جون كندي، رغم اختياره للندون جونسون كنائب له، كان قلقا من فكرة أنه قد يخلفه ذات يوم. تقول: «لقد قال لي بوبي أخ زوجها- ذلك فيما بعد، كما كان الرئيس قد كرر لي مراراً: يا إلهي، هل تستطيعين أن تتصوري ماذا يمكن أن يحدث للبلاد لو كان لندون رئيسا؟». لم يكن يحب فكرة أن يصبح لندون جونسون رئيساً. ذلك أنه كان قلقاً من أجل البلاد. وتضيف: «لم يكن لندون جونسون- موجوداً أبداً في اللحظات التي كان يريد الرئيس استشارته ببعض الأمور».وتطلق جاكلين كينيدي توصيفات عدة وقاسية أحيانا مثل وصفها «مارتن لوثر كنغ»، القس الأميركي الأسود ونصير قضية حقوق السود، أنه «منافق» وكان «يخون زوجته». وتقول صراحة: «لا أستطيع بكل بساطة النظر إلى صورة مارتن لوثر كنغ دون أن أفكر بأن هذا الرجل مخيف». وعن السيدة انديرا غاندي، رئيسة وزراء الهند السابقة، أنها امرأة «متجهمة وانتهازية وتثير الخوف». ولا تتردد السيدة كينيدي في القول إن جميع الآراء السياسية التي اكتسبتها هي من زوجها «الرئيس السابق» تقول: «أعتقد أنه لا ينبغي على النساء الاشتغال بالسياسة. إننا لم نخلق من أجل هذا». بكل الأحوال يكتشف القارئ في هذا الكتاب جاكلين كينيدي كزوجة محبة كانت تحرص على ألا تفارق زوجها إطلاقاً وأنها أمضت «أفضل سنوات حياتها في البيت الأبيض».وتؤكد زوجة الرئيس الأميركي الأسبق أنه كان رجلاً زاخراً بالحنان «خاصة حيال أطفاله». وأنه كان يحرص على تعليق بعض لعب الأطفال في غرفة حمام الأطفال، كما كان يحرص على أن يرتدي ثياب النوم ليمضي كل يوم «فترة قيلولة» لمدة 45 دقيقة، تشبّهاً بونستون تشرشل، الذي كان يعتبره «بطلاً».

ولا توجد في هذا الكتاب كلمة واحدة عن المغامرات النسائية التي اشتهر بها جون كينيدي، والأمر نفسه حيال الحفلات الصاخبة التي كان ينظمها أو يحضرها وكذلك حيال بعض «علاقاته الغامضة» مع بعض أوساط المافيا.

من الواضح أن جاكلين كينيدي لا تريد أن تتذكر سوى اللحظات الجميلة. تقول: «لقد فعل الكثير من الأشياء الجميلة. فقط ليته عاش أطول قليلاً».

كارولين كينيدي كتبت في المقدمة: «إنه امتياز كبير تقاسم هذه الذكريات مع أولئك الذين يحملون الإعجاب لأهلي. وقد رأت أمّي أنه من الضروري توثيق ما عرفته فترة إدارة أبي».

المؤلفان في سطور

كانت جاكلين كيندي زوجة الرئيس الأميركي الأسبق الراحل جون كيندي. وارتور م. شلزنجر، مؤرخ أميركي، عمل مع عدة رؤساء أميركيين، حيث كان مساعداً خاصاً للرئيس الأسبق جون كيندي. وقد قدّم كتاباً عن فترته الرئاسية تحت عنوان: «الألف يوم من حياة كيندي»، أي الفترة التي أمضاها في البيت الأبيض.من مؤلفاته أيضاً: «حياة في القرن العشرين» و«الحرب والرئاسة الأميركية» و«أصول الحرب الباردة».

لحظات مفصلية

يجد القارئ في هذا الكتاب الكثير من أسرار حياة «السيدة الأولى» في الولايات المتحدة الأميركية في مطلع ستينات القرن الماضي وأحاديثها عن حبها لزوجها وعن الشخصيات الأميركية والعالمية التي تعرّفت إليها وأيضاً عن بعض «اللحظات المفصلية» في التاريخ الأميركي الحديث.

الكتاب: أحاديث تاريخية

عن الحياة

مع جون كينيدي

تأليف: جاكلين كينيدي

الناشر: هيبريون

نيويورك 2011

الصفحات: 400 صفحة

القطع : المتوسط

Email