تعاظم الدور الإقليمي لتركيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

يؤكد مؤلف الكتاب، د. عبد الله تركماني، أن تبدلات كبيرة طرأت على البيئة الجيو - سياسية لتركيا، نتيجة الانقلاب المذهل في النظام الشامل للعلاقات الدولية، انطلاقاً من نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي وحرب الخليج الثانية، وصولاً إلى الاحتلال الأميركي للعراق.

ويرى أن الاستجابة لهذه التغيّرات العالمية والإقليمية، التي تزامنت مع تحول في المناخ السياسي الداخلي وإصلاحات هيكلية، أخذت تختبر مرحلة انتقالية في علاقات تركيا الإقليمية والدولية، لتعي قيادتها السياسية أنّ السياسة الدولية لا تعرف حدوداً لحركة الدول، حيث المهم فيها هو الإرادة والتصميم والهدف الواضح، والرؤية الثاقبة، والتوظيف الأمثل لعوامل القوة المتاحة.

ويشير المؤلف إلى انه يبدو أن السياسات التركية، ومنذ تسلم حزب «العدالة والتنمية» لمقاليد الحكم في عام ‬2002، لا يمكن اعتبارها خطوات أو توجهات عفوية مرتبطة بأمزجة شخصية للقيادة، بقدر ما هي خطوات عملية تنطلق من استراتيجية جديدة، تتمثل عناوينها الرئيسية في ممارسة سياسة مستقلة، بعيداً عن الالتحاق الكامل بالغرب والولايات المتحدة الأميركية تحديداً، تجاه المستجدات السياسية الدولية، وانتهاج سياسة متوازنة في المنطقة هدفها تحقيق التقارب مع العالم العربي ومع دول الجوار بشكل خاص، والابتعاد ما أمكن عن التحالف مع إسرائيل في محاولة لإعادة الوجه التاريخي لتركيا، باعتبارها إحدى الدول الأساسية في المنطقة، لافتا إلى انه شرعت دول كثيرة في المنطقة في الانخراط بسلسلة من الاتفاقات الثنائية المفتوحة أمام كل دول الجوار، من أجل صياغة نمط جديد من العلاقات السياسية، بعيداً عن المشروعات الهلامية التي تسعى الدول الكبرى إلى فرضها من أجل إحكام سيطرتها على هذه المنطقة الحيوية من العالم. وتبدو تركيا، في حركتها الواسعة على امتداد حدودها الجيو ؟ سياسية والجيو - استراتيجية والاقتصادية والأمنية، في موقع من يؤسس لمستقبل تركي وازن في القرن الحادي والعشرين. لذلك يعتبر المؤلف أن مكانة القوى الإقليمية في المنطقة تتوقف على وعي مراكز الثقل الإقليمية بالتحولات الاستراتيجية التي بدأت بالتشكل منذ سقوط جدار برلين في العام ‬1989، وعلى سعيها لتعزيز مصالحها بالشراكات الإقليمية، والأهم من هذا وذاك التوظيف العقلاني المجدي لمواردها الاقتصادية والبشرية ولموقعها الجيوسياسي. وهكذا فإنه تتحرّك تركيا في الإقليم الشرق الأوسطي كما لو أنها قائد فعلي لدوله ولنظامه المتداعي، أو كمبادِرة لحل أزماته المتفاقمة على شتى الأصعدة، لاسيما بشأن مشكلات كبيرة ومزمنة كالتوسط والإشراف على المفاوضات السورية - الإسرائيلية غير المباشرة والملف النووي الإيراني، فضلاً عن تدخلها المتواصل في العراق الذي تعتبره بمثابة مجالها الحيوي المباشر ومن ضمن جغرافيتها السياسية. وهي تملك من المؤهلات التاريخية والجغرافية والسياسية والاقتصادية اللازمة كي تنجح في لعب ما يسميه المؤلف دور «المرجعية الإقليمية» في الشرق الأوسط، فهي تقدم أفضل أنموذج سياسي للتناوب على السلطة في المنطقة، وهي أكبر اقتصاد بين دول الشرق الأوسط، إذ تحتل المركز السادس بين أكبر اقتصاديات العالم قبل المملكة العربية السعودية وإيران النفطيتين. ولم تعد تركيا ذاك البلد الذي وظفه حلف شمالي الأطلسي حارساً في المنطقة، والذي يقيم علاقات لا تنفصل مع إسرائيل. إذ إنّ التطورات التي شهدتها والتغيّرات في التوجه السياسي لقيادتها، جعلتها تعيد النظر في المفاهيم التي تكرست في ذهن المواطن العربي، الذي كان لفترة ليست بعيدة يعتبر تركيا حارساً لمصالح إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية في المنطقة.ويعتبر المؤلف أن العشرية الأولى للقرن الحادي والعشرين هي تركية بامتياز، نظراً لأنها شهدت تعاظم الدور الإقليمي لتركيا وتمايزه، بشكل وضع دول المنطقة أمام خريطة مرتبكة لتوازن القوى الإقليمي وتنافسها. ولا شك في أن الدور التركي يهدف إلى خدمة المصالح السياسية والاقتصادية لتركيا على أساس من علاقات سياسية تعطيها وزناً في إدارة شؤون المنطقة .

الكتاب: تعاظم الدور الإقليمي لتركيا مقوماته وأبعاده ومظاهره وحدوده)

تأليف: د. عبد الله تركماني

الناشر: دار نقوش عربية تونس ‬2010

الصفحات: ‬307 صفحات

القطع: المتوسط

Email