الغارة الجديدة على الإسلام ؟

الغارة الجديدة على الإسلام ؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يؤكد الدكتور محمد عمارة، في كتابه «الغارة الجديدة على الإسلام»، الصادر عن شركة نهضة مصر للطباعة والنشر- 2009، أنَّ الموقف من الحضارة الغربية أحدٌ الموضوعات التي يدور حولها الجدل في دوائر الفكر والثقافة والسياسة على امتداد وطن العروبة وعالم الإسلام، لا بل في جميع أمم وقارات جنوب الكوكب الذي نعيش فيه.

وهو يرى أن الطريقة المُثلى لاستدعاء العقل العربي والمسلم إلى كلمة سواء في هذه القضية، هي رهن بالمنهج الذي يتناولها عبر تحقيقه لتصحيح مسار الحوار والجدل حول القضية، واستدعائه نصوص الغربيين أنفسهم حول موقفهم منا.

ويفصل عمارة في تناوله لهذا الموضوع، مغطيا مختلف جوانبه، حيث يدلل على الهجمة المدروسة المخططة التي يواجهها الإسلام، من خلال تبيينه أن قساوسة التنصير في مؤتمر «كولورادو»، انطلقوا من النظرة النقدية لتاريخ التنصير من حيث أساليبه وآلياته، مع الإصرار على أهدافه.

وتصعيد طموحاته؛ بل استخدموا عبارات «الندم» و«التوبة» عن الأساليب القديمة، ليصلوا إلى خلاصة منهجية في مساقات العمل المستقبلي، مفادها-كما رؤوا-:«إنهم كانوا يجابهون الإسلام، فعجزوا عن مغالبته، وأن عليهم أن يخترقوه ليقوضوه من داخله، فالتنصير يجب أن يتم من خلال القرآن الكريم، وليس بالتهجم عليه، ومن خلال الثقافة الإسلامية والعادات والتقاليد الإسلامية، وليس من خلال تجاوزها، فضلاً عن احتقارها».

وينقلنا المؤلف في الفصل الثالث إلى شعارٍ رفعه قساوسة التنصير الذين اجتمعوا في مؤتمر «كولورادو»، وهو أتى حرفيا في نص كلماتهم: «لنعمل، ليس فقط على خلق فهم أفضل للإسلام.

والتعامل النصراني مع الإسلام، وإنما لتوصيل ذلك الفهم إلى المنصرين من أجل اختراق الإسلام»، وهنا يتوسع عمارة في تحليل هذا الشعار وتفسير أبعاده الرامية إلى اختراق الإسلام بدقة ووفق أساليب ذكية وهدامة، بالاستناد إلى عدة ثغرات، أبرزها-حسب المؤلف-:

ثغرات داخلية: «وتكون بين المسلمين سواء مذهبية، أم قومية، أم عرقية، أم طبقية، أم معرفية، . . . إلخ»، وثغرات خارجية، «ثغرة التقليد» و«الأفكار العلمانية» و «التغيرات الاجتماعية» وغيرها الكثير.

وحول مبحثه في شأن قضية تنصير المسلمين من خلال الثقافة الإسلامية، يشير عمارة إلى أن التنصير الغربي، أحد وجوه الهيمنة للحضارة الغربية، كان يفرض في مخططه القديم على الإسلام، ثقافة الغرب مع نصرانيته، انطلاقاً من الفلسفة الغربية التي تقول: «نفي الآخر الثقافي والديني».

وعن الدور البارز والمنتظر للكنائس المحلية في مخطط تنصير المسلمين، يدرج المؤلف أحاديث المؤتمرين ونظرياتهم بشأن «تصدير» أبحاث هذا المؤتمر، إذ تمحورت - طبقا ل الباحث عمارة-حول الأعمال التي يجب على الكنيسة القيام بها لتنفيذ هذا المخطط، فجاءت لتشدد على ذلك بشكل حرفي: «يجب أن تخرج الكنائس القومية من عزلتها، وتقتحم بعزم جديد ثقافات ومجتمعات المسلمين الذين تسعى إلى تنصيرهم، ويجب على المواطنين النصارى في البلدان الإسلامية وإرساليات التنصير الأجنبية، العمل معاً بروح تامة من أجل الاعتماد المتبادل والتعاون المشترك».

وفي هذا السياق أيضا، يوضح المؤلف فصلاً من فصول الأساليب التنصيرية، وهو مخطط لسد الفجوة بين إمكانات إرساليات التنصير الرسمية والحلم المجنون للمنصرين في طي صفحة الإسلام من الوجود، وتنصير جميع المسلمين، والالتفاف حول ذلك كله باستخدام العمالة المدنية الأجنبية العاملة في البلاد الإسلامية، كأدوات للتنصير بتدريبها وتوجيهها على التنصير.

والتنسيق بينها وبين إرسالياته، لاستغلال إمكاناتها التي لا تتوافر للمنصرين الرسميين في أحيان كثيرة، ويبدأ هذا المخطط اللا أخلاقي، على حد قول المؤلف، من خلال تكليف العامل والموظف الأجنبي بمهام سرية لم ينص عليها اتفاق تعاقده مع البلد الذي يعمل فيه، حتى يصل به الأمر إلى وضع «الجاسوس»، ويضيف عمارة في هذا الخصوص:

«وإذا كانت هذه هي طموحات المستقبل، فلا يحسبن أحد أن الأمر، أمر هذا المخطط، لم يتعد حدود «التخطيط»، ففي بروتوكولات قساوسة التنصير هذه العديد من الأمثلة التي ضربوها على نجاح تطبيقات التنصير عن طريق العمالة المدنية».

وفي خاتمة الكتاب، يلفت عمارة إلى أننا أمام خطر حقيقي ومخطط خطير يستهدف أغلى ما نملك إسلامنا ـ ويركز على إزالة وجودنا، وهو ما يجب أن يدعونا للتحرك الجدي لسد الثغرات التي فتحها الغرب في جدار المقاومة الإسلامية.

الكتاب: الغارة الجديدة على الإسلام

تأليف: د. محمد عمارة

الناشر: شركة نهضة مصر للنشر 2009

الصفحات: 230 صفحة

القطع: الكبير

دار الإعلام العربية

Email