i روايات خالدة

طفل الرمال

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«أن تصبح أوروبياً يعني قبول الانخراط في ثقافتها وحداثتها... أي أن تعانق قيمها الأساسية مثل احترام حقوق الإنسان دون هجر المقومات التقليدية الحقيقية» قول للروائي والمسرحي والشاعر المغربي الذي يكتب باللغة الفرنسية الطاهر بن جلون، الذي يعتبر من رواد الأدب في العالم العربي والغربي.

وهو أول كاتب من شمال أفريقيا يحصل على جائزة «غونكور» الفرنسية عن روايته «الليلة المقدسة» عام 1987، التي ترجمت إلى 43 لغة مع الجزء الأولى من الرواية «طفل الرمال». ويجمع في أعماله ما بين الأدب الفرنسي والمغربي، ليقدم ثقافة متعددة الأبعاد لأدب ما بعد الاحتلال. يستعرض بن جلون الذي ولد في المغرب في 1 ديسمبر بفاس عام 1944، في رواياته وأشعاره وأدبه الواقعي، نتائج اختلاط الثقافة القديمة بثقافة المستعمر بتحليل عميق ودقيق. ويعتبره الأكاديميون من أهم الكتاب الذين قدموا صورة تفصيلية لواقع المغرب والبلدان المجاورة في تلك المرحلة، سواء على صعيد السياسة أو الدين أو الجنس والهوية.

عاش بن جلون طفولته في فاس وفي سن الثامنة عشرة انتقل مع عائلته إلى طنجة، حيث درس بمدارس فرنسية. وفي عام 1963 التحق بجامعة الرباط وشارك في نشاطها الأدبي عبر مجلة الطلبة الثورية والحرة «سوفليه» التي شارك فيها أيضا، الشاعر عبداللطيف اللعبي.

كانت مشاركته فيها عبر الشعر، الذي جمعه لاحقا ونشره عام 1970 تحت عنوان «رجال تحت سماء الصمت». وقد تم إيقافه من قبل الحكومة عام 1966 لانضمامه لمظاهرات طلابية وقد أجبر بعدها على الخدمة العسكرية، ليعود إلى دراسته وتدريسه للفلسفة في تطوان ودار البيضاء.

بعد تخرجه عام 1971، هاجر إلى فرنسا وتابع دراسته وحصل على دكتوراه في علم النفس الاجتماعي عام 1975. ونشر أول رواية له «هارودا» عام 1973، ليبدأ بعدها التركيز على حرفة الكتابة، والمشاركة في العديد من الدوريات مثل «لو موند» و«لا ريبوبليكا».

ونشر مابين السبعينات وأول الثمانينات عددا من الروايات والقصائد والمقالات، أما وصوله إلى الأدب العالمي فكان مع روايته «طفل الرمال» التي نشرها عام 1985 وذلك بعد ترجمتها إلى اللغة الانجليزية. لتنهال عليه بعد ذلك العديد من الجوائز الأدبية.

انصب اهتمام النقاد والأكاديميين على رواياته بالتحديد، لتميزه ومهارته في بنية السرد والبنية النفسية المعقدة لشخوصه وصراعها للبقاء على قيد الحياة في إطار أجواء معقدة ومتناقضة بين ثقافة العالم العربي والمستعمر الغربي. بينما احتفى الغرب بأعماله واجه هجوما شديدا من النقاد العربي لكتابته بلغة أجنبية ولتوجهه للقراء في الغرب وعرضه مشاكل مجتمعة عليهم.

وقد بين النقاد أن كتابته بلغة أجنبية ساعدته على تجاوز قانون المحرمات في الأدب العربي والمتمثلة في السياسة والدين والجنس.

من أهم أعماله الروائية التي تجاوز عددها 17 رواية، «مآوى الفقراء» نشرت عام 1997ويحكي فيها عن المغتربين العرب، و«تلك العتمة الباهرة» عام 2003 التي تعالج مرحلة عصيبة من التاريخ المغربي، و«عن أمي» 2008 التي يسرد فيها جزءاً من سيرة والدته ومعاناة الشيخوخة.

و«ليلة القدر» وهي الجزء الثاني لرواية «طفل الرمال». ومن أهم مؤلفاته في الأدب الواقعي كتابه «تفسير العنصرية لابنتي» الذي تصدّر مبيعات الكتب في أوروبا لدى صدوره عام 1998.

تدور أحداث رواية «طفل الرمال» خلال مرحلة ما بعد الاستعمار في المغرب، وتحكي عن الازدواجية على مختلف الأصعدة، ابتداء من بناء الهوية الفردية إلى المحيط العام وما يحمله من تقاليد وأعراف، وعالم الذكورة الذي تعيش المرأة في ظله، وعلى بعد آخر دور المستعمر في محاولته لتغيير هوية وتاريخ البلد المحتل.

يتناول بن جلون الأحاديث بأسلوب واقعي قريب من الواقعية السحرية عبر سرد شعري باللغة الفرنسية، ويسلط الضوء على أسرة التاجر الثري الحاج أحمد سليمان الذي أنجب سبعة بنات، والذي أقسم أن يكون الوليد الثامن صبيا، مهما كانت النتيجة.

وهكذا عندما تنجب زوجته بنتا، يخفي السر ويعلن أمام الجميع أنه حظي بصبي ويقيم احتفالات كبيرة بهذه المناسبة. ويسمي الابنة الثامنة محمد أحمد ويعاملها كفتى حتى يكاد يصدق كذبته مع مرور الزمن، ولا يتردد في تزويجها من ابنة عمها فاطمة التي تعاني من خلل عقلي ومرض «الساعة».

تعيش زهراء محمد أحمد بشخصيتها الذكورية، فتشعر في البداية بالتميز والقوة والسلطة التي يتميز بها الذكور، فتتعالى على أخواتها ووالدتها، إلا أنها مع وصولها إلى مرحلة الشباب تشعر باختلاط هويتها وتبدأ معاناتها الداخلية لتخوض في رحلة البحث عن هويتها.

تُروى الأحداث في البداية من قبل رجل احترف الارتحال ويعتبر بمثابة «حكواتي»، وليستأثر باهتمام المستمعين كان يبدأ قصته بقوله، «السر هنا، في هذه الصفحات، التي نسجت من الأقوال والصور، هي دفتر مذكرات شخص ذي أهمية وشأن، والذي ائتمنني عليها خلال فترة احتضاره وطلب مني ألا أقرأها إلا بعد مضي أربعين يوما على وفاته، حيث تغادر روحه عالم الأحياء.

«في الليلة الواحدة والأربعين فتحت الدفتر، في البداية لم أفهم الأسطر والجمل الأولى، كانت بمثابة طلاسم، وبعدما قرأت الصفحة الأولى بدأت تتضح الأمور. كانت دموع الدهشة تنساب من عيني وقلبي ينبض بعنف.

فقد كان بحوزتي كتاب نادر، يضم سرا حول حياة كتبت عبر ليال طويلة، لتخفى صفحاتها تحت حجر كبير وتحرس من قبل الملائكة. هذا الكتاب لا يمكن أن يعار تحت أي ظرف. ولا يمكن قرءاته من قبل أبرياء العقول».

الكتاب: أطفال الرمال

تأليف: الطاهر بن جلون

الناشر: بوان فرينش 1985

الصفحات: 208 صفحات

The Sand Child

Taher Ben Jelloun

5891 hcnerF stnioP

208P.

رشا المالح

Email