الثقافة الإفريقية ـ الأميركية الغذائية

الثقافة الإفريقية ـ الأميركية الغذائية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يكثر الحديث في المرحلة الراهنة عن «البعد الثقافي» للمسائل المتعلقة بالتغذية وعالم المطبخ في حياة الشعوب والمجتمعات و»البعد الثقافي» فيما يتعلق خاصة بدرجة اندماج المكوّنات المختلفة في إطار هوية واحدة. الباحث الأميركي «وليام فرانك ميتشل» يدرس «الثقافة الغذائية الأميركية-الإفريقية» كما جاء في عنوان كتابه الأخير.

ويؤكد المؤلف أن الأميركيين ذوي الأصول الإفريقية يساهمون، كغيرهم من الأميركيين، في الدورة الاستهلاكية العامة، كما يبدو من المعروضات الغذائية التي تعرفها رفوف مخازن التوزيع والبيع الكبرى التقليدية المنتشرة في عموم أرجاء الولايات المتحدة الأميركية. وتتم ملاحظة أن كميّة الأغذية وموادها الأولية المعروضة تتناسب بشكل طبيعي مع أماكن تواجد الأميركيين-الأفارقة. هذا مع ملاحظة يؤكد عليها المؤلف بأشكال مختلفة في الكتاب وهي أن درجة ارتباط الأميركيين الأفارقة مع التقاليد الغذائية الأميركية تتراخى وتتضاءل مع تعاقب الأجيال. بالمقابل يتم التأكيد أيضا على وجود نوع من انتشار «الهوية الهجينة» على صعيد الغذاء لدى الأميركيين-الأفارقة، وذلك بمعنى «المزاوجة» بين السلوكيات الغذائية ذات الأصل الإفريقي والسلوكيات الغذائية للعالم الجديد. ومثل هذا «اللقاء» بين الثقافتين الغذائيتين تعزز وتعمّق بالتوازي مع مسار اندماج ذوي الأصول الإفريقية، وذلك منذ فترة العبودية التي عانى منها الأفارقة الذي جرى استقدامهم عنوة من قارتهم وحتى وصول بعض أبنائهم إلى أعلى هرم السلطة في الولايات المتحدة الأميركية.

ويركز المؤلف على أهمية دراسة الثقافة الغذائية الأميركية-الإفريقية، التي يتم تقديمها عبر تحليلات هذا الكتاب بأكبر درجة من الوضوح والتفصيل، من أجل التعرّف على المناطق التي انطلقت منها في الأصل موجات العبيد حيث يتبيّن أن أصول أغلبية كبيرة منهم تعود إلى بلدان غرب القارة السوداء.

وفي الفصل الأول من الكتاب يقدّم المؤلف لمحة تاريخية عن بدايات الوجود الثقافي الغذائي الإفريقي في «العالم الجديد»، أميركا منذ زمن تجارة العبيد. هذا التاريخ معروف، ولكنه «ليس مُعترفا» فيه باستمرار. وبعد ما يزيد عن أربعة قرون لا تزال آثار الثقافة الإفريقية ظاهرة في أميركا، خاصة عبر «التقاليد الغذائية» الإفريقية.

تدل العملية الإحصائية التي جرت عام 2000 أنه يوجد في الولايات المتحدة حوالي 35 مليون أميركي من أصل إفريقي، أي ما يعادل حوالي 13 بالمائة من مجموع السكان. وما يؤكده المؤلف هو أن هذه النسبة الضعيفة كان لها تأثيرا كبيرا على «المطبخ الأميركي».

وهو لا يعيد ذلك إلى تنوع الأطعمة الإفريقية-الأميركية وإلى مذاقها الجيّد فحسب، ولكن أيضا وخاصة إلى امتدادها التاريخي وحيث أن الثقافة الإفريقية تجد انعكاسها أولا بأول في «عالم التغذية».الفصل الثاني من الكتاب مكرّس للبحث في عناصر الأغذية الإفريقية-الأميركية الأساسية، أو بالأصح التي يعتبرها المؤلف أنها الأساسية من بين الأطعمة الإفريقية-الأميركية «الكلاسيكية» المتنوعة.

مسألة التنوع هذه تتم إعادتها إلى بدايات القرن السابع عشر عندما بدأ توافد العبيد الأفارقة إلى العالم الجديد. وتنوع «المصادر» أدى إلى تنوّع المواد الغذائية المستخدمة.

هكذا مثلا نفهم أن مادة غذائية أساسية في المطبخ الإفريقي-الأميركي هي «البامية» كانت قد انتقلت من القارة الإفريقية إلى الحوض الشرقي من البحر المتوسط وإلى الهند قبل فترة طويلة من وصولها إلى العالم الجديد ب»صحبة» العبيد الأفارقة. لكن الأسياد من البيض، الذين كان شاغلهم اقتصاديا وتجاريا، لم يتنبّهوا إلى أن العبيد جلبوا معهم أيضا «نمط تغذيتهم» الذي شكّل أحد العوامل الأساسية في المحافظة على ثقافتهم.

ولا تمثل «البامية» أحد العناصر الأساسية في المطبخ الإفريقي-الأميركي فحسب، بل تمتلك بالنسبة للأفارقة قيمة «روحانية» و»تطهيرية». وهي تترافق في هذا المطبخ مع الأرز والقواقع البحرية «ثمار البحر».

ويذكر المؤلف أيضا بين المواد الغذائية المعنية السمسم والفول السوداني. وهذه كلها ليست غذاءً للجسد فقط بالنسبة للأفارقة بل هي «غذاء للروح». ويتم التأكيد في هذا السياق أن الكثير من الأفارقة يعتقدون أن الغذاء الروحاني يتألف من «وجبات إفريقية» تمّ تناقلها جيلا بعد جيل مثل بقية «الطقوس» الإفريقية- الأميركية الأخرى.

المؤلف في سطور

يعمل وليام فرانك ميتشل في ميدان البحوث الخاصة بسلوكيات أهل المدن ومختلف المجموعات الاثنية، وذلك ضمن إطار نشاطات جامعة هارتفورد الغربية بالولايات المتحدة. وهو مختص بالمسائل المتعلقة بالمكوّن الإفريقي في الثقافة الأميركية الحديثة.

الثقافة تبقى إن الملايين من السود الذين جرى نقلهم من قارتهم عبر المحيط الأطلسي، جرى تخليصهم من كل شيء، ما عدا ما هو أساسي، أي «ثقافتهم»، أو بالأحرى «ثقافاتهم»، بصيغة الجمع، كما يكتب المؤلف، وهذا رغم كل ما تعرّضوا له من أشكال الاغتراب والاضطهاد.

الكتاب: الثقافة الإفريقية الأميركية الغذائية

تأليف: وليام فرانك ميتشل

الناشر: غرينوود برس ـ نيويورك 2009

الصفحات: 118 صفحة

القطع: المتوسط

African american food culture

William Frak Mitchell

Gre enwood Press New York 2009

New Y

Email