دراسات في الزغرودة الشعبية السورية

دراسات في الزغرودة الشعبية السورية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في هذا الكتاب «زغرودة » يعرّف محمد خالد رمضان الزغرودة، فهي تعود إلى الفعل الرباعي زغرد ومعناه رفع النساء صوتهن في الأفراح، وجمعها زغاريد . ويطلق عليها اسم «الزغلوطة » وهو تحريف لكلمة «زغرودة » وأية امرأة تستطيع الزغردة، وهناك أيضاً مزغردات خاصات يعرفن بالاسم ويتمتعن بسمات خاصة منها : جمال الصوت وقوته وارتفاعه.

أمّا عملية الزغردة فإنها معقدة وصعبة وتبدأ بثلاث نساء حتى الست يقفن بالقرب من العريس أو العروس أو المطهر أو الإنسان الذي يقام الفرح لأجله وتبدأ إحداهن بالزغردة، فتضع يدها اليسرى فوق أنفها وفمها، أو الطرف الأيسر من رأسها وتغني الزغرودة، وعندما تأتي إلى نهايتها تشارك الأخريات مهاهاتهن بصوت رخيم وجميل، وفي النهاية تقول المجموعة كلها وبصوت واحد كلمة واحدة وهي كلمة «ليش » . وأحياناً تتمّ عملية الزغردة بشكل جماعي، وهذا يعود لتقليد وثني قديم، وأمّا كلمة «ليش » محط النهاية للزغرودة ومستراحها تعني طلب النجدة أو طلب السعادة من القوى الخفية لهذه العروس .

إنّ في سورية مجموعة كبيرة ونادرة من الزغاريد تحمل في طياتها تاريخها وناسها، تأريخ العلاقات البشرية والاجتماعية، تأريخ تفاعل البشر مع البيئة من سهول وجبال وأنهار وأزهار وفصول، ولها أهمية كبيرة في دراسة التطوّر الحضاري والبشري من خلال التاريخ والإنسان، فالزغرودة أغنية جماعية ممتعة عميقة التأثير، تحمل الكثير من أشياء الماضي، عن إنسان الماضي، همومه وأحلامه جميعها، تحمل تعبه ونضاله، تساؤلاته عما يحيط به، عذابات قلبه وعواطفه ورحلته الحياتية إجمالاً .

وتغنى الزغاريد في المناسبات التالية : الأعراس ـ أفراح الطهور والختان ـ عند خروج قريب من السجن ـ العودة من السفر أو الحج ـ زغاريد تاريخية، وأغراض الزغاريد عديدة، منها : الفخر ـ التغني بالأمجاد والزغردة الحادة ـ وزغاريد في مآثر العروس والعريس ـ زغاريد النصائح والتوادد ـ زغاريد الوصف ـ زغاريد العصبية العائلية .

تنقسم دلالات الزغاريد إلى خمسة أقسام وهذه الدلالات هي : الدلالات الفنية واللغوية والدينية والأسطورية والنفسية والاجتماعية والتاريخية الجغرافية، والطبقية الاجتماعية .

وهذه زغرودة تبيّن فضل الأسمر على الأبيض :

يا أسمر السمر أهلكك عيروني فيك

وكل ما عيروني زاد حبي فيك

أنت الحبق عالطبق وأنا الندى بسقيك

وأنت القمر بالسما وأنا النجم برعيك

ومن الزغاريد التي تتغنى باللون الأبيض :

ويا عروسة ويا بيضة ويا لضة

ويا سمكة البحر تلعب بزردْ فضة

وهذا شاهد على ثراء من يشربون القهوة :

أنت بنية وما ينقال عنك

والسيف أبوك والرمْح عمك

وأنتِ من قهوة البن العتيقة وبدار الأكابر يشرَبّنكْ

مظاهر العرس الاجتماعية تختلف من اللباس إلى الطعام إلى الخيول والجمال ومكان العرس والدبكات وماذا ترتدي المزغردات وقضايا الزينة، وجلوة العروس، لقد بينت لنا الزغاريد كل هذا وكشفت العلاقة العميقة حول الأفراح والأعراس، وماذا يجري فيها، وهذا التشابكات اليومية كشفت التداخلات الإنسانية وعلاقاتها العامة في تلك العصور، هذه العلاقات المتصوّرة في الزغاريد وغيرها مما أبدعه الشعب وتركه لنا في تراثه الشفاهي وعاداته وتقاليده .

وهذه الزغرودة للعروس :

شعرك طويل

تبارك الله شو جليل

وحاجبك فوق الجبين مقفول

وعنقك مغبغب بالعرقْ ريان .

وهذه زغرودة لشباب سورية :

أو ها ونحنا السورية

أو ها ونحنا المشعرانية

واللي بعادينا ينزل عالبرية

المؤلف في سطور

محمد خالد رمضان من مواليد مدينة الزبداني في سورية عام 1938، شاعر وقاص وباحث في مجالات التراث الشعبي، عضو اتحاد الكتاب العرب، من مؤلفاته : حكايات شعبية من الزبداني، حكايات من الشام، المقاييس في التراث الشعبي، الورد في تراثنا الشعبي، دور التراث الشعبي الفلسطيني في حفظ الهوية، الحرفة الشامية والتراث الشعبي الشفاهي، وله مؤلفاته في الشعر والقصة القصيرة .

الكتاب: زغرودة

تأليف: محمد خالد رمضان

الناشر: وزارة الثقافة الهيئة العامة السورية للكتاب دمشق 2009

الصفحات: 252 صفحة

القطع : المتوسط

فيصل خرتش

Email