يحاول كتاب «صنع القرار في السياسة التعليمية» لمؤلفته نهى حامد عبد الكريم التعرف على عملية اتخاذ القرار في التعليم المصري، وينطلق الكتاب من مدخل عريض بقدر ما يؤكد على الجوانب التربوية في العملية التعليمية، فإنه يؤكد على أن التعليم في النهاية عملية تستند لجملة من القرارات والتأثيرات السياسية والاقتصادية.

ولا يقف الكتاب عند الجوانب النظرية فقط حيث يمزج بين النظرية والتطبيق واضعا القرارات السياسية المتخذة في مجال التعليم المصري نصب أعينه. تتحدث المؤلفة عن الأطراف الفاعلة في عملية صنع القرار من خارج المنظومة التعليمية ومن داخلها أيضا، مع الوضع في الاعتبار تأثير الظروف المحيطة على هذه العملية إضافة لشخصية صانع القرار ذاته. فمن غير المتصور أن يكون لهذه الأطراف أي تأثير على العملية التعليمية سواء بالسلب أو بالإيجاب بمعزل عن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحيطة، كما أن تغير شخصيات المسئولين عن التعليم يلعب دورا مؤثرا في اتخاذ بعض القرارات الخاصة بالسياسات التعليمية دون غيرها.

ومن الأطراف الفاعلة من داخل المنظومة التعليمية ذات التأثير في عملية صنع القرار واتخاذه وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين ومجالس الآباء والمجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي.

وترى المؤلفة أن السياسات التعليمية في مصر تُنتج بوصفها حصيلة للتفاعل وربما الصراع بين عدد من الأطراف الفاعلة من خارج منظومة التعليم مثل الأحزاب السياسية وجماعات الضغط الخاصة، وعدد آخر من الأطراف الفاعلة من داخل منظومة التعليم مثل نقابة المعلمين والمجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي.

وتبحث المؤلفة آليات عملية صنع السياسات التعليمية في مصر التي تشمل تكليفات القيادة العليا في وزارة التربية والتعليم، والدراسات والبحوث والتقارير، واللجان المتخصصة وورش العمل، والاجتماعات والندوات، والقنوات الشرعية.

وتتناول نهى حامد عبد الكريم عملية صنع قرار إلغاء الصف السادس من التعليم الأساسي، وتقييم قراري إلغاء وعودة الفصل السادس الابتدائي. وهذان الفصلان يمثلان الجانب الميداني من الدراسة من أجل تقييم القرارات المرتبطة بالعملية التعليمية في مصر.

وتكشف الدراسة أن قرار إلغاء الصف السادس من التعليم الأساسي عام 1988، كان متأثرا ببعض العوامل الداخلية والخارجية السائدة في ذلك الوقت إلى جانب بعض الصفات الشخصية المرتبطة بالوزير. فمن الواضح أنه رغم وجود مجالس متخصصة عديدة تابعة لوزارة التربية والتعليم ومجالس عليا ومستشارين في المجال التعليمي إلا أن وزير التربية والتعليم كان هو مركز القرار .

وانطلاقا من تردي المستوى العام للتعليم تطرقت الدراسة إلى التراجع عن قرار الإلغاء وصدور قرار جديد عام 1999 يعيد السنة السادسة لمرحلة التعليم الأساسي مرة أخرى كعلاج أو محاولة للنهوض بالتعليم وتحسين مستوى الثروة البشرية المصرية وتنميتها بصورة تخدم خطط التنمية القومية ولا تعرقلها.

ومن أجل إثبات المخاطر التي ارتبطت بقرار الإلغاء ارتكزت الدراسة على جانب ميداني اشتمل على استجواب عينة من معلمي المرحلة الابتدائية والإعدادية إضافة لبعض مديري هذه المدارس. أكد المعلمون على وجود فارق ملحوظ في الأداء والتحصيل بين تلاميذ درسوا ست سنوات كاملة وبين تلاميذ درسوا خمس سنوات فقط.

وتنتهي الدراسة في النهاية بمجموعة من النتائج العميقة والهامة يأتي في صدارتها أن مركزية القرار في السياسة التعليمية والتسرع في التنفيذ والتطبيق بصورة عشوائية ارتجالية كانت له تشوهات واضحة في جميع المنظومة التعليمية، حتى بعدما أعاد قرار جديد الصف السادس لمرحلة التعليم الأساسي في مصر.

المؤلفة في سطور

د. نهى حامد عبد الكريم أستاذ أصول التربية المساعد، ومدير مركز الخدمات التربوية بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة.

الكتاب: صنع القرار في السياسة التعليميةالأطراف الفاعلة والآليات

تأليف: د. نهى حامد عبد الكريم

الناشر: الدار المصرية اللبنانية القاهرة 2009

الصفحات: 124 صفحة

القطع: المتوسط

د. صالح سليمان عبد العظيم