أدب

المكتبات.. غابة الكتب في ثقافات الشعوب

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

عادة ما نستعين بالتاريخ لتوثيق مراحل الحياة البشرية والنشوء الإنساني العام، لنحيط بكافة معطياته الخلاقة التي أدت الى نشوء الحضارات الإنسانية والإجتماعية والثقافية الفكرية العامة .

وفي موضوعة شاملة كموضوعة نشوء المكتبات سنجد أنفسنا أمام فيض واسع من المصادر التي وثقت نشوءها ووقفت على مسببات تاريخية كثيرة وكبيرة في بحث الإنسان عن الرقي عبر المعرفة، على أن هذا التوثيق بشموليته سيقف هو الآخر على عصر الكتابة الذي فتح آفاقاً فسيحة للشعوب لتنتج حضاراتها وتنمّيها عبر العصور، وتكون فاتحة هائلة لتبصير الشعوب على حياة اكثر جمالاً وانفتاحاً .كان ابتكار الكتابة فتحاً بدأ ولن ينتهي، ومن خلاله أنتج الإنسان معارفه ووثقها، فانتقل من العصر الشفاهي الى عصر التدوين، مستفيداً ما تمنحه له الطبيعة من تجليات مختلفة، ليبتكر الورق، بعدما كان أسلافه في العصور الأولى يدونون يومياتهم السياسية والاقتصادية والأدبية على الحجر والجلود والرق، ثم يكون الكتاب حافظة للأجيال والعصور والمراحل الإنسانية الكبيرة والصغيرة .

بعدما تم اكتشاف المطبعة، وبالتالي شكل الكتاب ثروة لا غنى للإنسان عنها في كل زمانٍ ومكان.ومن هنا جاءت فكرة المكتبات التي تخزن هذا الفيض المعرفي وتؤجل نسيانه الى المراحل التالية حيث تطورت الحياة وابتكرت الحضارات الإنسانية طرقها العظيمة للحفاظ على ثرواتها الثقافية والفكرية والمعرفية العامة عبر المخطوطات والمصنفات .لتكون المكتبات هي الحاضنة الأولى للكتاب والمعرفة .. وهي التي بدأت من عصر الحجر والجلود والرفوف الخشبية لتصل الى عصر المكتبة الإلكترونية بكامل برامجها المعروفة. نشوء الحضارات ونشوء المكتبات دراسة المكتبات والتحقيق فيها هو دراسة تواريخ مختلفة من حياة الشعوب والأمم في بُناها الفكرية والشعبية والتراثية والثقافية والنفسية وكل ضروب حياتها المختلفة ؛

وعطفاً على هذا فإن المدونات التاريخية توغلت كثيراً في التاريخ القديم لتبحث عن العصر الكتابي وما تلته من عصور انبجست فيها جمرة الكتابة والكتاب والمكتبة، لذلك بات من الثابت أن تاريخ المكتبات ارتبط بالشرق القديم الذي قامت فيه عدد من الحضارات .

ففي بلاد الرافدين أنشأ السومريون عدداً من المكتبات تضم مئات الآلاف من الألواح الفخارية التي تعبر عن أعمالهم وأفكارهم وكان ذلك في أوائل الألف الثالثة قبل الميلاد وأهم تلك المكتبات تلك التي وجدت في مدينة «ماري» السورية الواقعة على نهر الفرات ومكتبة «بيت اللوحات الكبير» التي وجدت في مدينة «أور» .

وقد عثر في مصر على مخطوطا ت من لفائف البردي ترجع في تاريخها إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، وقد وجدت داخل الأهرام والمقابر المختلفة كانت عبارة عن وثائق في حيازة الكهنة ورجال الدين، وقد استمرت عادة تكوين المكتبات على ألواح الطين طوال الدولتين، البابلية والآشورية في القرنين السابع والثامن قبل الميلاد . . وفي وادي نينوى وجدت حجرة مملوءة إلى ارتفاع نصف متر بألواح مكتوبة وحينما تم اكتشافها اتضح أنها جزء من مكتبة كانت لمعبد نيبو الذي يرجع وجوده لحكم الملك سرجون205-721ق . م .

واخترع العراقيون القدامى في الالف الخامس قبل الميلاد المكتبات وكان هذا الاختراع فتحا حضاريا مهما في تشكيل المعرفة للإنسان وما كانت الحضارة العراقية تزدهر لولا اختراع الكتابة والمكتبات التي تقدم بها الإنسان .عرفت الكتابة في البداية بمادة اولية وهي الطين وقد سميت الاماكن التي تدون بها الكتابات (بيت الرقم) او (بيت الالواح) وكان الترقيم يسمى (دب) ويسمى المكان معبدا ويتألف من حجرة او حجرتين تحتويان على مجموعة من الارقام الطينية..

وتاريخ نشأة المكتبات هو تاريخ الكتابة في العالم، بداحينما حُفظت الكلمة المكتوبة على العظام والطين والمعادن والشمع والخشب والبردي والحرير والجلد، فكانت هناك مكتبات الطين في بلاد الرافدين القديمة حين اكتشفت الألواح الصلصالية ومكتبات البردي في مصر .ومكتبات جلود الحيوانات التي اكتشفت المئات من مخطوطاتها في منتصف القرن العشرين بكهف قريب من البحر الميت، فسميت صحائف البحر الميت وهي تحتوي على أقدم كتابة للإنجيل .

ومع نشوء الحضارات الأولى كانت المكتبات الفخارية ملحقة بالقصور الملكية والمعابد لحفظ المراسلات والمعاهدات والمعاملات والسجلات يديرها ويشرف عليها كهان المعابد والوزراء كمكتبة « إيبلا» التي حوت أكثر من ستة عشر ألف من الرُقُم الطينية مكتوبة بالخط المسماري، كما أن المصريين القدماء أسسوا مكتبات عديدة، منها مكتبة رمسيس ومكتبة «أتفو» وساعد في ذلك أن مصر كانت مصدر مادة الكتابة في القديم عندما استعملت ورق البردي مادة للكتابة .

وقد بدأ إنسان ما قبل التاريخ بتسجيل أفكاره على هيئة نقوش محفورة على جدران المعابد والكهوف.وقد أبرزت الحفريات الحديثة في بلاد ما بين النهرين للعيان ألواحًا من الطين عليها كتابة ترجع إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد..وتعتبر أقدم هذه الألواح من الوثائق التاريخية متجمعة في أماكن خاصة من المعابد والقصور والتي تعتبر بداية نشأة المكتبات .

فراعنة المكتبات

وفي مصر القديمة أنشأ الملك الفرعوني «خوفو» مكتبة باسم « بيت الكتابات» سنة 2500 قبل الميلاد .وكذلك بنى الملك رمسيس الثاني مكتبة في قصره ضمت أكثر من عشرين ألفاً من ملفات البردي كما أنشأ عدداً كبيراً من المكتبات كانت تعرف باسم «المكتبة المقدسة». واهتم اليونان بالمكتبات فأنشؤوا مكتبة عامة في أثينا سنة 560 قبل الميلاد كما أنشأ الفيلسوف «أرسطو» مكتبة أكاديمية تعد من أقدم المكتبات الأكاديمية في العالم .

وفي بلاد الرومان أنشأ القائد الروماني « إميليوس بولس » مكتبة خاصة، ثم أنشأ «إسينوسيوس بوليو» مكتبة شبه عامة في روما . ثم أسس القائد «أوغسطس» مكتبتين عامتين في روما سنتي 36 و28 قبل الميلاد . ومن أعظم المكتبات الرومانية تلك المكتبة التي أنشأها الامبراطور «تراجان» سنة 114 م وأسماها « المكتبة الأولمبية » وفي بلاد البيزنطيين أسس الامبراطور «ديوكليشيان» مكتبة في عاصمته «نيقوميديا سنة 300 قبل الميلاد. وكذلك شيد الامبراطور «قسطنطين الكبير» مكتبة أخرى في عاصمته ما بين عامي 330 - 335 م.

الملك المثقف

يسميه المؤرخون بالملك المثقف ؛ هذا هو الملك العراقي آشور بانيبال (669-627ق.م) مؤسس أول مكتبة في العالم القديم في مدينة نينوى. لقد تفرد اشور بانيبال من بين الملوك بشوق ورغبة عارمة في المعرفة والتعلم والإطلاع . وقد انشأ مكتبة عملاقة في عصره تضمنت الملاحم العراقية الاولى كملحمة جلجامش وسمير أميس ونزول عشتار الى العالم السفلي.

كما تضمنت مكتبته كتباً هي عبارة عن المعاهدات بين بلاد اشور وبلاد بابل، والحوليات التي ابتكرها الاشوريون حيث قاموا بتدوين النصوص الملكية والتقارير بشكل سنوي، وقد شملت اخبار الملوك وفتوحاتهم وانتصاراتهم واهم الاحداث التي وقعت في البلدان التابعة والتقارير الادارية والعسكرية من القادة والولاة، وهناك ما يقارب الالف رقيم عن مدينة بابل واحوالها وخططها وحصارها من قبل الملك اشور بانيبال.

وهناك مجموعة رقم تحتوي على مقادير الجزية المطلوبة من المدن الموجودة في السهل الكنعاني وفلسطين، هذا فضلاً عن دائرة معارف لقواعد اللغة الاشورية- البابلية وجدول بأسماء ضباط ايبونيوس ومعاجم تاريخية وجغرافية.لقد ولع الملك اشور بانيبال بالسحر وعالمه الخفي لذلك وجدت مجموعة من الرقم التي تتناول السحر والطقوس الدينية والفأل والتكهن بالغيب والتنجيم وقوائم في الفأل .وقد وجد في هذه المكتبة نوع من التصنيف العام (ببلوغرافيا) يدعى بالتصنيف الملكي.

وخصصت اركان معينة من المكتبة لبعض الموضوعات المهمة، كما وجدت بعض المحتويات فوق رفوف مجموعات الرقم مسجلة على رقعة اضافية او بحسب وجودها في الاوعية الفخارية على الارض، كما يعتقد ان طريقة الاعارة التي اعتمدت على التنسيق الحسابي، كانت اعظم واقدم طريقة تخص التنظيم المكتبي.

ومن الجدير بالذكر ان المكتبة كانت تحتوي على بعض الرقم الطينية التي تضم موضوعاً واحداً متسلسلاً على شكل كتاب يتألف من رقم متعددة بهيئة معلومة ذات قطع واحد وهامش مضبوط، ولم تكن تخلو من التذييلات، وقد تطورت الاثبات والفهارس التاريخية في هذه المكتبة التي ضمت قوائم منظمة في نهايتها كتب تذييل مذكور فيه ان الرقيم قد احتوى على معلومات تخص عدداً من الملوك ابتداء من الملك فلان الى الملك فلان.

وهذا الشكل من اشكال البطاقة التعريفية التي تشبه بطاقة الفهرسة في المكتبات الحديثة، ولكنها ملتصقة بالرقم نفسه، وكان النساخ يدونون في معظم الاحيان هامشاً ينص على انهم نقلوا النص من النسخة الاصلية وتم تدقيقه بموجبها، وقد عثر على رقم تنتهي بخاتمة (colophon) تشتمل على اسم الناسخ وزمان النسخ ومكانه احياناً، وهذا ما يسمى بالتصنيف الملكي مما يدل على وجود تقليد ببلوغرافي لافتا للنظر لا يماثله في اية مكتبة قديمة.

لذا اعتبر المؤرخون أن مكتبة آشور بانيبال من أقدم مخازن الكتب في العراق القديم، وأقدم مكتبة أكتشفت حتى الآن على الرغم من بعض الآراء التي تقول أن مكتبة الأسكندرية كانت أقدم منها، وأعظم منها أيضاً، وتفيد المعلومات أن الملك سرجون الثاني هو من سعى في جمع الكتب ( 721- 705 ق.م)، فقد وجدت ألواح كانت كتبت في عهده وعليها ختم خزائنه، إلا أن هذه المكتبة لم توسع وتأخذ شكلها حتى عهد آشور بانيبال الذي خلفه في الحكم حيث عمل على رفدها بالمزيد من الكتب وقام بتوسيعها ومما هو معروف أيضا، أن الكنوز الحضارية التي شاعت شهرتها في بلاد النهرين..

مكتبة الإسكندرية

كانت لفتوحات الاسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد في قارات العالم القديم نتائج متعددة كحرية الانتقال والتجارة بين أقطار العالم وإخضاع أقاليم نائية كانت من قبل مجهولة للدراسة والاستكشاف مما أدى الى اتساع آفاق المعرفة الإنسانية بدرجة كبيرة، وقد تميز الاسكندر بحب العلم والمعرفة تأثراً بأرسطو الذي قام بتعليمة وتنشئته فكان يحتضن الكثير من العلماء والأدباء .

ويقوم بنشر العلوم في الأقطار التي يضمها لإمبراطوريته كما كان يحرص على اكتشاف ودراسة الأرض التي يمر بها جنوده، ورغم أن عمر الأسكندر لم يتجاوز الثالثة والثلاثين إلا أنه كان شغوفاً بالعلم والمعرفة، فولدت في زمنه فكرة إنشاء المكتبة، وشهد العصر اليوناني براعة كبيرة في إنشاء المكتبات، ولعل إنشاء مكتبة الاسكندرية كان من الأحداث المهمة في ذلك العصر الكبير، وهي أشهر حدث في تاريخ المكتبات من حيث أنظمة تصنيفها وخدماتها سنة 285 ق.م. وقد بنيت بنمط معماري راق مقسم إلى مخازن وقاعات مطالعة موجهة للشمس.

وضمت قاعات للمحاضرات، وأماكن لرصد النجوم وقد كانت تسعى لجمع التراث القومي اليوناني والتراث البشري الموجود في حوض المتوسط، وترجمة التراث العالمي إلى اللغة اليونانية، ثم محاولة إيجاد ببليوغرافيا شاملة وموثوقة للتراث اليوناني وتراث البحر الأبيض المتوسط والشرق؛ من أجل ذلك استعانت المكتبة بعدد كبير من العلماء الذين امتازوا بالثقافة الواسعة والعلم الغزير كأمناء للمكتبات، يساعدهم في ذلك جماعات من الجغرافيين والفلكيين والأطباء والرياضيين وبسبب ضخامة المقتنيات التي وصلت إلى حوالي نصف مليون مادة مكتبية فقد قسمت المكتبة إلى قسمين : البروكيوم والسيرابيسيوم. وقد أتت يد الدمار على هذه المكتبة ولهذه الحادثة عدة روايات فهناك من يقول أنها أحرقت سنة 47 ق.م. من طرف يوليوس قيصر.

مكتبة الأمير خالد بن يزيد

لم تغب عن بال العرب والمسلمين اهتماماتهم الفذة بالتراث الإنساني والمعرفي ؛ غير أن ندرة الورق وغلاءه حالت الى حد ما دونة شيوع الكتاب بين العامة من الناس، فاقتثر ذلك على الخلفاء والأمراء، ولم تذكر لنا هوامش التاريخ غير مكتبة الأمير خالد بن يزيد في العصر الإسلامي الأموي ؛ لكن مع بداية العصر العباسي وظهور نهضة واسعة في شتى مجالات العلوم و الأداب والتأليف والترجمة، وصلت ذروتها في عهد الرشيد والمأمون فظهرت وانتشرت المكتبات الملحقة بالقصور والخلفاء والأخرى الملحقة بالجوامع والمدارس والمكتبات العامة، لكن هذا العصر عرف عدداً كبيراً من المكتبات على أنواعها منها ( 76 ) مكتبة في العراق و ( 87 ) في مصر و( 70 ) في الأندلس .

وهي أما ملحقة بالجوامع أو دور العلم والحكمة في بغداد ـ البصرة ـ الموصل ـ القاهرة ـ الأندلس أما المكتبات العامة فقد اشتهرت بغداد بستة وثلاثين مكتبة شكلت مركزاً هاماً للتعليم والبحث ونشر الثقافة ونسخ الكتب والترجمة والتجليد وبيع وشراء الكتب والإعارة وبيع أدوات الكتابة والورق والأقلام والحبر، وكانت المكتبات العامة في الإسلام من أهم المؤسسات الثقافية والاجتماعية التي يفتخر بها الإسلام وكانت منشره في معظم أنحاء البلاد الاسلامية.

ومن هذه المكتبات المكتبة التي انشأها «أبوعلي السوار» الكاتب في زمن عضد الدولة البويهي المتوفى عام 372هـ فقد بناء دار كتب في مدينة هرمز على شاطئ الخليج العربي .ومكتبة بني عمار في طرابلس الشام فقد اهتم بنو عمار في العمل على تنميتها وكان لهم وكلاء يجوبون أقطار العالم الإسلامي بحثا عن الكتب والمخطوطات النادرة .

وهناك من يعد « بيت الحكمة « في بغداد ودار العلم في القاهرة من الأولى المكتبات العامة التي أنشأها الخليفة المأمون أما الثانية فقد أسسها الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله . وفي الأندلس ظهرت دار الكتب في قرطبة التي أسسها الخليفة المستنصر بن عبد الرحمن الناصر في قصر الزهراء..

ولما كثرت الفتوحات الإسلامية أخذ العرب أساليب الحضارة وبدؤوا في جمع وترجمة المؤلفات الإغريقية وتكوين المكتبات وتم إنشاء العديد من المكتبات التي تضم مختلف أصناف المعرفة.

مكتبات العالم

توجد اليوم في معظم الدول المتقدمة مكتبات ضخمة، فقد أولت معظم تلك الدول اهتماما خاصا للمكتبات والمتاحف والمعارض، وذلك منذ منتصف القرن السابع الميلادي. فمن ذلك المكتبة الوطنية الألمانية ببرلين التي كانت بدايتها منذ عام 1661م والمكتبة الوطنية الإيطالية بلفورنسا والتي يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1714 ومكتبة الفاتيكان بروما والتي يعود جذورها إلى القرون الوسطى.

وفي فرنسا دمجت المكتبات الملكية والتي شكلت فيما بعد المكتبة الفرنسية بعد أن أضيفت لها مجموعات النبلاء و الأمراء عقب الثورة الفرنسية ويعود تاريخ تأسيسها إلى الفترة (1598-1610) والمكتبة البريطانية تضم عدداً من المكتبات الضخمة التي كانت تعمل في الساحة البريطانية، وقد تأسست بقانون في عام 1973 صدر عن البرلمان البريطاني.

وقد عرفت في الماضي بمكتبة المتحف البريطاني التي تضم مجموعات من الكتب واللوحات والرسومات ويعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر الميلادي وقد تم تأسيسها بقانون صادر عن البرلمان الإنجليزي في عام 1753 وتتكون المكتبة البريطانية اليوم من ثلاثة عشر قسما فيها ثمانية أقسام تختص بالنفائس والعاديات الأثرية والخمسة أقسام الأخرى تعمل على مجال المطبوعات والمخطوطات والوسائط المعلوماتية الحديثة.

دار الكتب القومية بالقاهرة

تعد من أولى المكتبات في العالم العربي ويعود تاريخها إلى عام 1870م حين أنشئت في بداية الأمر «الكتبخانة الخديوية» التي جمعت فيها كل المخطوطات والكتب التي كانت محفوظة بالاضرحة والمساجد والمدارس بجانب مجموعات خاصة من مكتبات الأفراد. وصدرت عدة قوانين وأوامر تنظم عمل المكتبة ونشر القرار الجمهوري الذي صدر عام 1971م الذي قرر قيام الهيئة المصرية العامة للكتاب، حيث أصبحت دار الكتب القومية إحدى قطاعاتها.

مكتبة الكونغرس الأميركي

تعد مكتبة الكونغرس من أهم وأكبر المكتبات في العالم . تأسست بمرسوم رسمي من الكونغرس عام 1800 ميلادية عندما وقع الرئيس الأمريكي جون آدمز على قانون لنقل كرسي الحكومة من فيلادلفيا إلى واشنطن العاصمة الجديدة وقد كان الهدف من المكتبة في حينه أن تكون مرجعا للكونغرس فقط. وخصص حينها خمسة آلاف دولار لتكون رأسمال المكتبة الجديدة التي ظل موقعها في الكونغرس حتى سنة 1814 عندما قام الغزاة البريطانيون بإطلاق النار على العاصمة فأحرقوا.

وعلى الفور وخلال شهور قام الرئيس المتقاعد توماس جيفرسون بالتبرع بمكتبته لتعويض الدمار في مكتبة الكونغرس. ومكتبة جيفرسون كانت حصيلة خمسين سنة من الاهتمام والعناوين وتضم كتبا في شتى شؤون المعرفة والعلم والتاريخ والفلسفة وفي عام 1815 قبل الكونغرس مكتبة جيفرسون وعوضه عنها بمبلغ 23950 دولارا وكانت تضم 6487 كتابا وتم الإعلان عن تأسيس المكتبة الوطنية في الأعوام 1864.

في نهاية الحرب الأهلية حتى نهاية عام 1897 تم تعيين اينسويرث راند سبافورد كمسؤول عن المكتبة وكان له الدور البارز في تأسيسها وتطويرها ولأنه كان مسؤول حقوق التأليف فقد أمر كل كاتب ومؤلف يريد تسجيل مؤلفاته أن يرسل نسختين منها للمكتبة فأصبح لديه خلال فترة وجيزة عشرات الآلاف من الكتب والخرائط والمطبوعات والتسجيلات الموسيقية وطالب المسؤول الجديد للمكتبة من الكونغرس بتغيير مكانها لأنها لم تعد تتسع للكتب الموجودة فأمر الكونغرس عام 1873 ببناء مكان جديد للمكتبة وأعلنوا عن مسابقة للمهندسين المعماريين لاختيار أفضل شكل هندسي للمكتبة.

وفي عام 1886 تم إقرار البناء الجديد الذي أعده المهندسان جان سميث و بول بيلز وتمت الموافقة بعد جهود مضنية بذلها السناتور دانييل فورهيز من ولاية إنديانا و جستون موريل من ولاية فيرمونت وقد بدأوا العمل في البناء الجديد للمكتبة بمشاركة خمسين مصمما ورساما وفنانا في البناء والديكور بقيادة إدوارد بيرس كيسي للقسم الداخلي .. في الأول من نوفمبر 1897 افتتحت المكتبة أمام الجمهور لتصبح أول مكتبة عامة لكل الشعب الأمريكي. وأول مكتبة بهذا الحجم مفتوحة أمام عامة الشعب.

تضم أكثر من مائة وثلاثين مليون مادة من كتب ووثائق وما شابه، منها 29 مليون كتاب على شكل كاتالوج ومواد مطبوعة بأربعمائة وستين لغة، وفيها أكثر من 58 مليون وثيقة وتعد أكبر مرجع للمواد الحقوقية والخرائط والأفلام والمعزوفات الموسيقية .. الرئيس الحالي للمكتبة تم تعيينه من قبل الرئيس السابق رونالد ريجان وهو جيمس هادلي بلنجتون عام 1987 وهو الرئيس رقم 13 للمكتبة وقد أقسم اليمين في 14 أيلول سبتمبر عام 1987. يعمل في مكتبة الكونغرس 5050 موظفا ويبلغ طول رفوفها 950 كيلومتراً !

بيت الحكمة ..أشهر مكتبة إسلامية

اشهر مكتبة اسلامية قديمة هي بيت الحكمة الذي تم تاسيسه في بداية الدولة العباسية وقد بلغ نشاط بيت الحكمة ذروته في عهد الخليفة المأمون الذي أولاه عناية فائقة، ووهبه كثيرا من ماله ووقته، وكان يشرف على بيت الحكمة، ويُختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات. وقد أستقدم المامون من قبرص خزانة كتب الروم.

وبذلك كان بيت الحكمة خزانة كتب، ومركز ترجمة، والتأليف و مركز للأبحاث ورصد النجوم، ومن أهم ما ميز بيت الحكمة هو تعدد المصادر وهي الكتب القديمة والتراجم والكتب التي ألفت للخلفاء والكتب التي نسخت مما جعلها مجمعا علميا، وظل بيت الحكمة قائما حتى أجتاح المغول بغداد سنة (656هـ = 1258م)، حيث تم تدمير معظم محتوياته في ذلك الوقت.

دار الحكمة القاهرية

كانت توجد في القاهرة دار الحكمة، أسسها الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله عام 1004ميلادية 395هجرية .وتذكر المصادر أنها حوت 1600000 مجلد ضمّت (6500) مخطوطة في الرياضيات و(000 ,18) مخطوطة في الفلسفة وكان الدخول إليها والاستنساخ والترجمة مجاناً. وكان عدد الخزائن فيها أربعين خزانة تتسع الواحدة منها لنحو ثمانية عشر ألف كتاب، وكانت الرفوف مفتوحة والكتب في متناول الجميع، ويستطيع الراغب أن يحصل على الكتاب الذي يريده بنفسه ما تيسر له ذلك.

مشرفو المكتبات الإسلامية

كانت المكتبات الكبرى في العصور الإسلامية توضع تحت أدارة ثلاثة أشخاص هم المشرف الأعلى ويسمى «الوكيل» وأمين المكتبة ويسمى «الخازن » ومساعد ويسمى «المشرف» وتولى إداراتها أشهر العلماء والأدباء والشخصيات البارزة في المجتمع ومنهم على سبيل المثال «ميس كاويه » المؤرخ الشهير الذي كان خازن المكتبة عضد الدولة البويهي.

أشهر حرائق المكتبات في التاريخ

في سنة 335 ق.م قام الاسكندر الأكبر بحرق مكتبة برسيبولس و قيل أنّه كان فيها عشرة آلاف مخطوط. وفي سنة 270 ق.م قام الإمبراطور الصيني (تسي شن هوانغ) بإحراق جميع الكتب العلمية والتاريخيّة الصينية ،وفي سنة 48 ق.م أحرقت جميع الكتب الملحقة بمعبد أبولو في اليونان . في سنة 48 ق.م قام يوليوس قيصر بإحراق مكتبة الإسكندريّة .

وفي السنة الأولى بعد الميلاد أحرق الإمبراطور الروماني أغسطس كلّ الكتب الغريبة على الرومان ومصدرها الهند والتبت ومصر الفرعونيّة وكان عددها ألفي كتاب .أما في سنة 54 م أمر القدّيس بولس بإحراق جميع الكتب الموجودة في مدينة أفسوس .وفي سنة296 م أمر الإمبراطور دقليانوس بإحراق جميع الكتب والمخطوطات الإغريقيّة والفرعونيّة الموجودة في البلاد .

وفي نهاية القرن الثالث قام الحكام المسيحيّون بإحراق جميع مكتبات أفسوس التي احتوت على الآلاف من الكتب والمراجع النادرة . في سنة م أحرق الإمبراطور تيودوسيوس جميع المكتبات المعروفة في عصره وكانت أعدادها هائلة جداً .وفي سنة 450 م أحرقت مكتبة الاسكندريّة مرّة ثانية .وفي سنة 510 م هاجمت الجماهير مكتبة روما و أتلفت ما احتوته من كتب و مخطوطات مهمّة تعدّ بعشرات الآلاف .

وفي سنة 641 م أحرقت مكتبة الاسكندريّة مرّة ثالثة. في سنة 728 م أحرق ليون ايزوري مكتبة بيزنطة و كان فيها ما يزيد على نصف مليون كتاب . وفي سنة 789 م أحرق الملك شارل مان جميع المخطوطات والمراجع الوثنيّة المضادة للكنيسة .وفي سنة 1221 م أحرق هولاكو مكتبات العراق .حتى ساح حبر مخطوطاتها في مياه دجلة.أما في القرن الثالث عشر كان الكهنة المسيحيون قد أحرقوا جميع المكتبات في أوربا .

وفي القرن الرابع عشر قامت محاكم التفتيش بحرق جميع الكتب والمراجع المضادة للمسيحيّة خوفاً من تأثيرها السلبي على الشعب .وفي القرن السادس عشر قام الأرشيدوق (دييغو دي لاندا) بحرق كل مكتبات المكسيك القديمة .

في القرن الثامن عشر هبط الكاهن سيكار إلى مصر وراح يجوب البلاد ويشتري المخطوطات النادرة من الأهالي ثمّ يحرقها، بقصد القضاء على كل العلوم المعادية للدين .وفي سنة 1790م قامت محاكم التفتيش بإحراق جميع أعمال المخترع البرتغالي(جيسماو)،الذي توصل لصناعة أوّل طائرة في ما نقل التاريخ المكتوب،بالإضافة إلى ماوصل به في الكيمياء .إضافة إلى ماتمّ تدميره ونهبه في الحروب النابوليونيّة في أوروبا.

وارد بدر السالم

Email