يبحث كتاب « بريطانيا والأوضاع الإدارية في الإمارات المتصالحة » لمؤلفته منى محمد الحمادي قي قضية الإدارة البريطانية في الإمارات المتصالحة منذ العام الذي انتقلت فيه إدارة شؤون المنطقة إلى وزارة الخارجية بلندن عام 1947 إلى العام 1965 الذي انتقلت فيه رئاسة مجلس الإمارات المتصالحة إلى حكام الإمارات، بعد أن كان يشغل ذلك المنصب المعتمد السياسي البريطاني.

قسمت الباحثة منى الحمادي وضع الإدارة البريطانية في الإمارات إلى مرحلتين مختلفتين: الأولى، تبدأ منذ بدايات التطلع البريطاني للمنطقة عام 1820 وحتى عام 1947، وخلال تلك المرحلة أشرفت بريطانيا على مصالحها من خلال شركة الهند الشرقية البريطانية.ومن بعدها حكومة الهند البريطانية. أما الثانية فتبدأ منذ انهيار حكومة الهند البريطانية إثر استقلال الهند عام 1947 وحتى تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 1971. وقد اعتمدت حكومة الهند على مجموعة من الموظفين لكي تبقى على اطلاع دائم بأحداث المنطقة، وكان على رأسهم المقيم السامي في الخليج والذي يشرف على تنفيذ السياسة البريطانية في مختلف إمارات الخليج .

وفي إطار الإدارة الأمنية للمنطقة أنشأت بريطانيا قوة ساحل عمان (1951-1965)، والتي جاء إنشاؤها كرد فعل لحالة الفوضى وعدم الأمان التي انتشرت في الإمارات في أعقاب الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي أعاق عمل الشركات البريطانية.

كما هدد أمن وسلامة الموظفين البريطانيين بالمنطقة، لذا قررت بريطانيا تكوين قوة أمنية صغيرة عام 1951 قوامها 53 مجنداً، تمت استعارة معظمهم من الجيش العربي الأردني (كان قائد الجيش العربي الأردني هو الجنرال جلوب، البريطاني الجنسية) وقد تغير اسم القوة من قوة ساحل عمان إلى كشافة ساحل عمان عام 1953، وذلك لاجتذاب الكفاءات البريطانية للعمل بها.

كما كان للقوة دور كبير في تحقيق الأمن والتنمية داخل الإمارات حيث ساعدت النظام القضائي باعتبارها سلطة تنفيذية في تطبيق الأحكام وملاحقة المطلوبين.

وكان لها دوراً فاعلاً في مواجهة الكوارث الطبيعية والبيئية. وشكلت تلك الكشافة النواة الفعلية لقوات الشرطة في الإمارات، بداية من دبي عام 1956، وأبو ظبي عام 1975، ثم إمارتي الشارقة ورأس الخيمة. وفي عام 1961 تم إنشاء مدرسة تابعة للكشافة لتدريب وتأهيل المجندين ليصبحوا ضباط المستقبل، وقدمت الحكومة البريطانية للمتفوقين منحاً دراسية في المملكة المتحدة.

وقد وصل عدد أفراد الكشافة عام 1964 حوالي 1324 فرداً. غير أن المشكلة التي لم تتغلب عليها الكشافة حتى منتصف الستينيات، كانت ازدواجية إدارتها بين وزارة الخارجية ووزارة الحربية، مما شكل عقبة حقيقية أمام سرعة اتخاذ القرارات الخاصة بها.

وسلطت الكاتبة منى الحمادي الضوء على دور الحكومة البريطانية بتشجيع إنشاء مشاريع داخل الإمارات تخدم الناس لتخفيف حدة الانتقادات التي كانت توجه إليها من قبل الدول العربية ووسائل إعلامها بالمنطقة، والتي اتهمتها بالعمل على إبقاء الإمارات على حال من التخلف، مع الاستفادة القصوى من القدرات النفطية الهائلة بها.

وناقش الكتاب عددا من الأهداف الأساسية للإدارة البريطانية التي كانت تشجع الإمارات للمضي قدماً نحو التقارب والوحدة كخطوة تالية ما بين الإمارات، وفي إطار مجلس الإمارات المتصالحة، وحتى عام 1965 لم يقدموا على خطوة حقيقية في هذا الاتجاه.

ولم يحدث أي تقارب حقيقي إلا بتولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مقاليد الحكم في إمارة أبو ظبي، لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ مجلس الإمارات المتصالحة، حيث قام بالتركيز على الدعم الفاعل لجميع إمارات المجلس، لاسيما الصغيرة منها، رغبة منه في إحداث نمو متواز على مستوى جميع الإمارات، ليكون نواة موضوعية لإقامة الدولة، وهو ما تم بالفعل في الثاني من ديسمبر عام 1971 بإعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.

الكتاب : بريطانيا والأوضاع الإدارية في الإمارات المتصالحة 1947 - 1965

تأليف: منى محمد الحمادي

الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أبوظبي 2008

الصفحات : 239 صفحة

القطع: الكبير

محمد جمعة