قلعة مصياف .. أنفاق وممرات سرية تتحدى الخيال

ت + ت - الحجم الطبيعي

ارتبط اسم مدينة مصياف باسم قلعتها التي تربض في وسطها على كتلة صخرية امتدت من الشمال إلى الجنوب وتعود إلى المرحلة الرومانية والبيزنطية وقد بنيت كقاعدة عسكرية لتأمين الطرق العابرة من الساحل إلى الداخل عدا عن تأمينها شبكة مواصلات ومسالك كانت هامة بالنسبة للرومان والبيزنطيين فهي تؤمن الطريق إلى طرابلس الشام مروراً بوادي النصارى وبرج سليمان وقلعة صافيتا ثم إلى إنطاكية مروراً بقلعة أبو قبيس وحارم والى البقاع اللبناني عبر قلعة عكار والى حمص عبر قلعة بعرين وسهل حمص والى حلب عبر برج جرجرة وحماه فمعرة النعمان وهذه الطرق والمسالك كانت تعبرها أيضاً القوافل التجارية وهذا أعطى القلعة أهمية اقتصادية بالإضافة إلى أهميتها العسكرية.

ويزنر القلعة سور دفاعي مازالت معظم أجزائه موجودة من الجهة الشرقية أما بقية الاتجاهات فقد اختلط فيها مع البناء وله أبواب ارتبطت تسميتها بالاتجاهات الأربعة. لم يبق منها سوى باب واحد ما زال يحتفظ بشكله.

وقد بنيت في عهد سنان راشد الدين الذي تميزت فترته بالاستقرار وقد استقطبت مصياف العديد من الفلاسفة والشعراء والدعاة : مزيد الحلي ـ نور الدين أحمد ـ محمد الرفني ـ حسن البزاعي ـ ومنها خرجت

قلعة مصياف من معالم المدينة ولها أهميتها التاريخية ولاقت القلعة اهتمام ورعاية دولية حيث قامت مؤسسة الأغا خان للثقافة منذ عام 2000 بجهود مباشرة كبيرة أثمرت عن ترميم وتأهيل قلعة مصياف الأثرية وتدريب الكوادر المحلية وإعادة الاستخدام والتوظيف لبعض الفراغات في القلعة لاستخدامها مركزا للزوار والسياح وصالة معارض، بالإضافة لتزويد القلعة بالمرافق الضرورية والخدمات اللازمة من أجل تقديم القلعة للزوار والسائحين بشكل مناسب .

وكان القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي قد حاصر القلعة في القرن ال12 لكنه لم يقتحمها حماية لسكانها. ويعتقد المؤرخون أن تهديد زعيم القلعة بقتل السكان ربما كان السبب في تراجع صلاح الدين عن اقتحامها نظراً لأنه دحر قلاعا أكثر قوة من قلعة مصياف، ويقول عالم الآثار الذي شارك في مشروع الترميم هيثم علي حسن إن إحدى النتائج الرئيسية التي توصل إليها الباحثون بعد الترميم هي أن الحشاشين لم يكونوا يجيدوا بناء الحصون، رغم صمود المبنى وإثارته إعجاب زائريه حتى يومنا هذا .

أعيد ترميم هذه القلعة المقامة على صخرة مطلة على مناطق منبسطة تغطيها الحجارة إلى الواجهة بجهود مؤسسة أغا خان الثقافية. ومولت الهيئة منذ العام 2000 عمليات رفع أطنان الأنقاض من الموقع ما سمح لباحثين بمعرفة معلومات أكثر عمن كانوا يشغلونها.

وقد استكملت أعمال الترميم العام الماضي وكشفت الكثير عن تاريخ الطائفة الإسماعيلية في سوريا وأنقذت أجزاء من القلعة من الانهيار. وبني سكان المنطقة بيوتاً امتدت حتى البوابة الرئيسية للقلعة وتم هدمها في إطار مشروع الترميم لتسهيل وصول السائحين للقلعة، حيث قال إسماعيل إن الوصول إلى داخل القلعة قبل ذلك كان أمرا صعبا

ومن بين الاكتشافات نفق يعتقد أنه ممر هروب سري وحمامات عامة قديمة وشبكة قنوات مصممة لتحويل مياه الأمطار لصهاريج تحت القلعة. ونفذت معظم أعمال الترميم يدويا اعتمادا على أساليب تقليدية وأعيد إنتاج مواد مشابهة لما استخدم قديما، واستبدل الإسمنت المستخدم في أعمال ترميم في الثمانينيات بمواد أصلية.

 

Email