روايات خالدة

باركيني يا ألتيما

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ولد الأديب المكسيكي رودولفو ألفونسو أنايا في 30 أكتوبر 1937 في قرية باستورا في نيو مكسيكو. وهو الابن الثامن من عشرة أبناء (ثلاثة منهم غير أشقاء).

واشتهر عالميا من خلال أول رواية طبعها بعنوان «باركيني يا ألتيما» التي اعتبرت من الأدب الكلاسيكي للثقافة المكسيكية الأميركية (الشيكانو) وحازت ولا تزال على شعبية واسعة في الأوساط الأدبية والشعبية. وكان لمعاصرة أنايا للمرحلة الانتقالية التي عاشتها العائلات المكسيكية الأميركية وانتقالها من الرعوية والزراعة والاكتفاء الاقتصادي إلى سوق العمالة الأميركية أثره الكبير في بلورة أفكاره. واستطاع عند انتقال عائلته عام 1952 إلى مدينة ألبوكويرك نيومكسيكو، التأقلم بسرعة مع إيقاع حياة المدينة التي أخذته عن أصوله المكسيكية، إلا أن تعرضه عام 1954 إلى حادث جعله في حالة شلل مؤقت، أعاده إلى التأمل وطرح العديد من التساؤلات الفلسفية عن الحياة وكينونة الإنسان.

سجل بعد الثانوية في جامعة نيو مكسيكو لدراسة الانجليزية، وهناك اكتشف أهمية الأدب كوسيلة للتعبير عن الأفكار، وحصل على البكالوريوس في فن الأدب الانجليزي عام 1963، ليبدأ بعدها التدريس في إحدى المدارس الابتدائية ومن ثم الإعدادية، إلا أن اهتمامه بالأدب أعاده إلى الجامعة وحصل على الماجستير في ذات التخصص، وذات الشهادة مرة أخرى إنما في سياق مختلف حول الاسترشاد والاستشارة في فن الأدب.

وعلى الرغم من أن روايته «باركيني يا ألتيما» كانت أول ما نشر له عام 1972، إلا أنه كتب قبلها العديد من الروايات التي لم تطبع. وكان في منتصف الستينات يكتب بغزارة استثنائية عن حياته وتجاربه عبر القصيدة، والقصة القصيرة والرواية. وباتت الكتابة بالنسبة له أداة تعبير عن الحرية، لا سيما وأن رؤيته لقومه من حوله مقيدين دفعته لثورة داخلية، عبر عنها بكسر قيودهم من خلال شخصيات أعماله التي ترفض العبودية.

وأدرك أنه إن استطاع أن يكتب عن تجاربه وعائلته مستخدما المدينة التي نشأ فيها كموقع، فبإمكانه التركيز على السنوات الأولى وخلق جو آخر من الحرية. ويقول أنايا انه خلال عمله على هذه الفكرة كان يقترب ويتعرف على نفسه أكثر فأكثر، ويفهم بصورة أعمق القوى التي شكلته كشخص شغوف بالكتابة والحرية.

وعلى الرغم من عدم حصوله على درجة الدكتوراه إلا أن جامعته منحته منصب بروفيسور في الأدب الانجليزي. وفي عام 1993 تقاعد من التدريس بهدف الترويج لأدب ثقافة الشيكانو. ونال عبر السنوات العديد من الجوائز الأدبية ذات الأهمية، وأنتج حتى يومنا هذا ما يقارب من 27 عملا أدبيا و11 عملا في الأدب الواقعي.

تتناول رواية «باركيني يا ألتيما» مراحل الانتقال من الطفولة والبراءة إلى التجربة والانفتاح على عالم الكبار. وأنطوني أو توني بطل الرواية طفل في السادسة من عمره، يسرد أحداث الرواية أو حياته خلال عامين ببراءة أي طفل في عمره. كما يتمحور العمل أيضا حول البحث عن الهوية بين ثقافتين الشيكانو والأميركية، وديانتين المسيحية والوثنية، ولغتين الإسبانية والانجليزية، بالإضافة إلى تناقضات آمال عائلته المبنية عليه.

يعيش أنطوني في كنف أسرة متوسطة الحال، وهو الأصغر بين ستة أشقاء. ويبدأ بسرد الأحداث قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية وعودة أخوته الثلاثة، حيث يناقش الوالدان موضوع قدوم ألتيما، لتعيش معهم إذ كان الاعتناء بكبار ومسني أبناء قومهم جزءا من عاداتهم.

تعلق توني بألتيما لاهتمامها به ولمساعدتها له في تفسير أحلامه التي كان يراها بمثابة نبوءات، وكان يأنس لصحبتها والخروج معها لجمع الأعشاب التي كانت تستخدمها في تركيب أدويتها، والأهم من كل ذلك أنه كان يستطيع أن يصارحها بهواجسه ويطرح عليها تساؤلاته التي لا يجرؤ على مناقشتها مع أي كان.

ويبين توني أن عائلة والدته لونا (القمر) تتميز بهدوء شخوصها وصمت معظمهم مع اهتمامهم بالزراعة والتحدث إلى الأرض، وعلى نقيضهم عائلة والده ماريز (البحر) الذين يمجدون الحرية والتجوال واكتشاف العالم المحيط بهم.

ربط توني قدوم ألتيما بصوت البومة الذي تناهى إليه ليلة وصولها وسماعه له في أحلامه، والذي كان يبعث في نفسه الطمأنينة والشعور بالأمان والحماية. وعاش أول تجربة دفعته إلى التفكير في عالم الكبار، حينما قتل الجندي لوبيتو العائد من الحرب شريف المدينة التي يعيشون فيها، وكانت صدمة بالنسبة له حينما شهد إعدام القاتل في الساحة.

تلك الحادثة كانت بداية تساؤلاته عن عالم غريب عليه. ومع عودة إخوته الثلاثة تدخل العائلة في أجواء من التوتر والجدال الحاد بين الأم التي ترغب في استقرار أبنائها كمزارعين اسوة بعائلتها وبين حاجتهم لاكتشاف المدن الكبرى لا سيما وأن الحرب ساهمت في إطلاعهم على عالم أوسع وأشمل، وصراع الأب بين رغبته في مرافقتهم وعجزه عن ترك بقية عائلته بمفردهم.

وحينما يدخل المدرسة يعيش محنة جديدة نظرا لاختلاف ثقافته عن الآخرين، لكنه سرعان ما يتأقلم ويعقد صداقات مع مجموعة من الأطفال من أصول مختلفة ويتحدثون الإسبانية مثله. وتزداد المفارقات حينما يطلب من ألتيما أن تفك لعنة حلت على خاله لوكاس، الذي اكتشف قيام بنات الحانة الثلاث بطقوس السحر الأسود.

تنجح ألتيما في إنقاذه من الموت إلا أن موت إحدى الساحرات يدفع والدهن تينوريو إلى الانتقام من ألتيما، ولا يدافع السكان عنها إلا حينما تمر تحت بوابة الصليب دونما أذى، ومع احتضار ابنته الثانية يهدد ويتوعد ويقتل أحد السكان ممن حاولوا الدفاع عنها دون أن يكتشف أمره سوى أنطوني الذي شهد الحادثة وأصيب على أثرها بالحمى.

يتعرف أنطوني بعد ذلك من خلال أصدقائه على ديانات أخرى، فتزداد تساؤلاته لا سيما حينما يرى القاتل يعيش حياته بلا عقاب، وتتوالى التجارب لينفصل عن مرحلة البراءة، حينما يقتل تينوريو البومة التي سرعان ما تلحق بها ألتيما.

الكتاب: باركيني يا ألتيما

تأليف: رود

ولفو ألفونسو

الناشر: ورنر بوكس 1999

الصفحات:304 صفحة

القطع: المتوسط

رشا الماللح

ralmaleh@albayan.ae

Email