يتحدث كتاب (مستقبل طباعة الصحف العربية رقمياً) عن التطورات المتلاحقة التي ظهرت في الآونة الأخيرة في صناعة الطباعة الرقمية والتي أحدثت ثورة في مجال الطباعة اقتصادياً وتكنولوجياً ومدى استخدامها في عالم طباعة الصحف، فيوضح الكتاب تجهيزات ما قبل الطباعة الرقمية مع شرح للتقنيات والأنظمة الرقمية المتعددة مع عقد مقارنة بين الطباعة الرقمية والطباعة المستوية.

والكتاب دراسة نالت بها المؤلفة مروة محمد كمال الدين درجة الماجستير بكلية الفنون التطبيقية، جامعة حلوان، وحازت على إعجاب المناقشين من متخصصين كبار في المجال، والذين أوصوا بنشرها باعتبارها دراسة فريدة تشكل أهمية خاصة في مجال طباعة الصحف العربية مستقبلاً. وينقسم الكتاب إلى خمسة فصول تتناول طبيعة الاختلاف بين الصحف المطبوعة رقمياً والإلكترونية، وكذلك بين الطباعة الرقمية والمستوية غير المباشرة، وما تتضمنه الطباعة الرقمية في مجال طباعة الصحف من تجهيزات وأنظمة والفروق بينها، كما أن هناك تقييماً بصرياً لجودة طبعات الصحف بالطباعة الرقمية والمستوية غير المباشرة، لكن يظل السؤال الأساسي في الكتاب والذي يحاول الإجابة عنه هو لماذا الطباعة الرقمية في طباعة الصحف العربية؟

في البداية تؤكد المؤلفة أن استخدام طريقة الطباعة المستوية غير المباشرة Litho- offse في مجال طباعة الصحف في الآونة الأخيرة يعد من الانتصارات العملية، وعلى الرغم من كل مميزاتها والتي استفادت منها الصحف إلا أن لديها عيوباً لا يمكن تجاهلها منها مشاكل تجهيزات ما قبل الطباعة، ومشاكل الطباعة مثل مشاكل السطح الطباعي وميكانيكية التغذية والتسليم.

وتضيف: مع تطور صناعة الطباعة في السنوات الماضية، أدى هذا التفكير في طرق بديلة ذات كفاءة وجودة عالية، ولما كانت عوامل الجودة والسرعة والجهد هي الأساس أي الذي تقوم عليه الطباعة في مجال طباعة الصحف. ومع ظهور تقنية الطباعة الرقمية التي قضت على كثير من مشاكل الطباعة التقليدية، علاوة على ما أضافته من مميزات وخصائص فريدة اعتماداً على الحاسب الآلي وتطبيقاته وبرامجه ونظم قواعد البيانات، كان التفكير في دراسة استخدام هذه الطباعة في مجال طباعة الصحف العربية.

وخاصة أن هذه التقنية التي أصبحت اتجاهاً عالمياً حديثاً قد أضافت ابعاداً أخرى دون تغيير السطح الطباعي، ومع ظهور الطباعة الرقمية في الصحف أصبح التوزيع أولاً ثم الطباعة بعد أن كانت الطباعة أولاً ثم التوزيع، حيث أمكن إرسال الملفات الرقمية للمحتوى الإعلامي الإخباري والإعلاني الخاص بصحيفة معينة إلى أماكن مختلفة في أنحاء العالم عبر الشبكات الدولية المختلفة، ثم تبدأ بعد ذلك عمليات طباعتها باستخدام أنظمة الطباعة الرقمية المختلفة في المكان والوقت المحددين وقبل ميعاد صدور الصحيفة في بلدها الأصلي، دون الحاجة إلى طباعة كميات زائدة منها عن العدد المطلوب (المرتجعات) وتوفير الوقت والجهد والأموال والمساحات اللازمة لعمليات تخزين هذه الصحف.

وقد أحدثت بذلك ثورة كبيرة في عالم طباعة الصحف الحديثة، وأصبحت دور النشر الصحافية العالمية وليست العربية فقط تسعى إلى الاستفادة من هذه المميزات في طباعة صحفها المختلفة، ومن هنا أحاول في هذا الكتاب توضيح تجهيزات ما قبل الطباعة الرقمية مع شرح للتقنيات والأنظمة الرقمية المتعددة والتي ظهرت بالفعل وأصبحت متوفرة بالأسواق في طباعة الصحف، مع نبذة مختصرة عن الخامات الطباعية المستخدمة، هذا إلى جانب عرض مقارنة بين الطباعة الرقمية والطباعة المستوية غير المباشرة في الطباعة الحالية للصحف مع نظرة إلى مستقبل الطباعة الرقمية في طباعة الصحف العربية.

وتشير المؤلفة إلى أن الصحف الإلكترونية الرقمية منافسة شديدة للصحف التقليدية المطبوعة ورقياً، ولهذا كانت فكرة الصحيفة المشخصة هي التفكير العصري الجديد الذي يوازي ثورة الصحف الإلكترونية، ومع ذلك فإن للصحف الإلكترونية العديد من المميزات غير المتوفرة في الصحف المطبوعة حتى الصحف المشخصة منها:

أولاً: إمكانية إضافة الوسائط المتعددة إلى جانب المتن والحروف، حيث يمكن إضافة الصوت والصورة والفيديو والتأثيرات المختلفة إليها، مما يزيد من إقبال وشد انتباه إليها، فالخبر يأتي إلى القارئ بكل تفاصيله الصوتية والمرئية، وذلك عكس رتابة أخبار الصحف المطبوعة والتي تعتمد على المتن وبعض الصور فقط .

ثانياً: إمكانية تحديث طبعات وإصدارات الصحف المطبوعة محدودة، إلا إذا كانت الصحيفة مطبوعة رقمياً على شبكة الإنترنت، فتكون الأخبار المقروءة دائماً Up to Date، أما في حالة الصحف الإلكترونية فيمكن إتمام التحديث كل بضع دقائق، مما يجعلها سباقة في نشر المعلومات والأخبار لحظة حدوثها ومتفوقة على مثيلاتها المطبوعة، فالصحف المطبوعة بطريقة الأوفست إلى بداية الطبعة الأولى من الصحف في بداية اليوم التالي نجدها قد تصل إلى 14 ساعة كاملة.

ثالثاً: إمكانية تفاعل الصحيفة الرقمية مع القارئ، فالقارئ يستطيع التحاور والمناقشة وإبداء الرأي مع الكتاب والنقاد والقراء الآخرين حول نقاط مختلفة، كما يستطيع الوصول إلى مصادر المعلومات المتعددة عن طريق خطوط التوصيل المباشرة مع موقع الجريدة إلى موقع الأحداث والمعلومات.

رابعاً: إمكانية إطلاع القارئ على الأرشيف الإلكتروني للصحف الإلكترونية الرقمية للأعداد السابقة منها بشكل أسرع وأسهل، ومن خلال قاعدة البيانات الخاصة بالجريدة، مع البحث السريع.لكن مع كل هذه المميزات التي تتمتع بها الصحف الإلكترونية الرقمية ـ تقول المؤلفة ـ نجدها ستظل جنباً إلى جنب مع الصحف المطبوعة، خصوصاً بعد تحويل الصحف المطبوعة بالطريقة التقليدية إلى صحف حديثة مطبوعة رقمياً، ونجد أن الإنترنت يعد وسيلة لإنتاج الصحف المطبوعة رقمياً، ولكن لكل منهما استخدامه عند القارئ وللقارئ حرية الاختيار كما يمكنه الجمع بينهما معاً.

وتوضح المؤلفة أن الطباعة الرقمية لن تلغي عمل طريقة الطباعة المستوية غير المباشرة المستخدمة على نطاق واسع وإنما تسعى إلى تقديم خدمات جديدة لا تستطيع طريقة طباعة Litho- offse أداءها مثل التوزيع اللامركزي للصحف والصحيفة المشخصة، وقد قدمت شركات صناعة أنظمة وماكينات الطباعة الرقمية العاملة في هذا المجال بعض خطوط الإنتاج المتكاملة بين الطريقتين الطباعيتين.

وتضيف أن التقارير العالمية تفيد إلى أن 50% من الطباعة حول العالم سوف تتحول إلى الطباعة الرقمية بحلول 2020 وأن النمو السريع للطباعة الرقمية للصحف يعتمد على مقدار تنوع المعلومات المطلوب طباعتها، وأنه ينبغي الإشارة إلى أن المؤسسات الصحافية العربية لا يمكنها الانفصال عن المستوى العالمي الذي تسعى إليه وستتحول بمرور الوقت عاجلاً أو آجلاً إلى طريقة الطباعة الرقمية في طباعة صحفها.

وتوصي المؤلفة دور النشر الصحافية العربية بأن تتواصل مع التكنولوجيا الرقمية العالمية الحديثة التي تستعين بها دور النشر الصحافية العاملة في مجال النشر الصحافي، مع مراعاة ظروفها المحلية، وأن تستخدم أنظمة الطباعة الرقمية التي تتوافق مع ظروف وإمكانيات المؤسسة الصحافية ذاتها، وطبيعة القارئ مع الاهتمام بتدريب العنصر البشري مع بداية أية خطوات إجرائية جديدة ناحية استخدام الأنظمة الرقمية الحديثة.

كما يجب زيادة الاهتمام بالتدريب ذاته بالنسبة إلى الطباعة الليثوغرافية الموجودة في المؤسسات الصحافية، فيمكنها بداية إدخال خط إنتاج طباعي رقمي يطبع باللونين الأبيض والأسود، ليعمل مع أنظمة الطباعة الليثوغرافية العادية التي تستخدم لطباعة الصحف، لتكوين نظام طباعي مهجن Hybrid Printing Syste للاستفادة من قدرة الطباعة الرقمية على الأداء الطباعي بحدة وجودة عالية للون الأسود خاصة، وهو اللون الأول في طباعة الصحف، ويرغب المستخدمون من القراء في أن يروا هذا اللون بحدة تباين وجودة عالية ووضوح شديدة لإراحة العين البشرية.

وأن تتوجه المؤسسات الصحافية العربية إلى التواصل مع وسائل الإعلام الإلكترونية مثل الإنترنت في عرض المحتوى الإعلامي الخاص بها للوصول إلى تحقيق ما توصلت إليه دور النشر الصحافية العالمية مثل مجموعة Alma &Guardian وغيرها من مجموعات الصحف التي استفادت كثيراً من النشر بالإنترنت، كما يجب أن تعتني المؤسسات الصحافية بعملية التواصل بينها وبين قراء صحفها لتحقيق متطلباتهم ورغباتهم عن طريق الاتصال المباشر بينهم باستخدام الانترنت.

أو عن طريق عمل استفتاء عن رغبات القراء التي يريدونها، على أن يتم هذا الاستفتاء على فترات ثابتة مع توجيه الاستفادة من مميزات الطباعة الرقمية للصحف التي من أهمها على الإطلاق عنصر التشخيص الصحافي مع تقديم أكثر من طريقة يستطيع القارئ عن طريقها تحديد المحتوى الذي يرغب في طباعته، فيكون الإنترنت الوسيلة الرئيسية للحجز الإلكتروني لأداء الوظيفة الطباعية، وجعل القارئ يستطيع اختيار المحتوى من أخبار متعددة.

كما يستطيع تصميم بعض الصفحات الخاصة به على الخط On Line ذاته وتكون عملية الاستفتاء في المنازل الوسيلة الثانية لاختيار وتشخيص المحتوى المرغوب، وأن تساند المؤسسات الصحافية صحفها من المحمول بتوسيع نطاق الشبكات لتشمل الشبكات اللاسلكية التي تمكن المستخدم من إصدار أمر طباعة الصحف الرقمية من الأجهزة المحمولة مثل الموبايل والحاسوب المحمول.

محمد الحمامصي

*الكتاب:مستقبل طباعة الصحف العربية رقمياً

*الناشر:الدار المصرية اللبنانية القاهرة 2007

*الصفحات: 327 صفحة من القطع المتوسط