مؤلف هذا الكتاب هو الدكتور محمد قيراط أستاذ العلاقات العامة والإعلام بكلية الاتصال، جامعة الشارقة. درس الإعلام والاتصال الجماهيري في جامعة الجزائر وبعدة جامعات بالإمارات العربية المتحدة. يكتب مقالاً أسبوعياً في جريدة «البيان» الاماراتية و«الخبر الأسبوعي» الجزائرية.
تتمثل اهتماماته البحثية في دراسة ممارسة العلاقات العامة والإعلام في دولة الإمارات والوطن العربي. أصدر العديد من الكتب في مجال الإعلام والاتصال الجماهيري منها:
قضايا إعلامية معاصرة، الإعلام والمجتمع: الرهانات والتحديات، رجال الاتصال: صورة عن الصحافيين الجزائريين وعملهم كما نشر عشرات البحوث والدراسات المتعلقة بالإعلام والاتصال والعلاقات العامة في مجلات عالمية متخصصة.
تعتبر العلاقات العامة من أكثر المهن انتشاراً وتوسعاً في العالم. ففي مجتمع مركب، تسوده العولمة والتبعية المتبادلة تحتاج مختلف المنظمات سواء كانت خدمية أو تجارية، عامة أو خاصة سياسية، تجارية، غير ربحية، سياحية أو رياضية إلى موظفين وممارسين ومختصين لإيصال احتياجات المنظمة إلى الجهات والجماهير التي تتعامل معها، وكذلك إيصال مطالب واحتياجات واهتمام تلك الجهات وتلك الجماهير إلى المنظمة.
ففي عالم متغير بسرعة فائقة، وفي عالم تكنولوجية المعلومات والاتصال وفي عالم اقتصاد المعرفة تجد المنظمة نفسها أمام أمرين اثنين: إما مسايرة التغير الاجتماعي السريع والتأقلم والتكيف معه وإما الانقراض والموت البطيء.
وأمام هذه التحديات الكبيرة يجد ممارس العلاقات العامة نفسه بحاجة إلى مهارات لا تنحصر في فنون الاتصال المختلفة فحسب، وإنما هو بحاجة ماسة إلى مهارات إدارية ومهارات بحثية وحس اجتماعي كبير جداً لمعايشة ما يدور من حوله من تطور وتغير.
تمثل العلاقات العامة اليوم بعداً إدارياً محورياً في المنظمة، وبذلك فإن ممارس العلاقات العامة ليس مجرد فني ومنتج للمواد الإعلامية والبيانات الصحافية فقط، وإنما هو جزء لا يتجزأ من العملية الإدارية داخل المنظمة حيث إنه يعتبر دعماً مهماً لصناعة القرار.
وإذا كان في السابق يحتاج ممارس العلاقات العامة إلى فهم الرأي العام ودراسته وتحليله وإلى إنتاج مواد إعلامية فعالة وإلى تخطيط برامج العلاقات العامة وإلى تقييم فعالية العلاقات العامة، فإنه اليوم بحاجة إلى فهم كل عمليات الاتصال وإلى التحكم في مناهج الإدارة المختلفة للنجاح في مهنته. إن الفهم العميق لمحيط المنظمة الذي تعمل فيه وفلسفتها وخصوصيتها من أهم مستلزمات وشروط فعالية ونجاح العلاقات العامة في القرن الحادي والعشرين.
لا توجد مهنة أسيء فهمها اليوم مثل مهنة العلاقات العامة. ومن المشكلات التي تعاني منها كذلك عدم وجود تعريف شامل وجامع للعلاقات العامة وهذا بسبب انتشارها ووجودها في جميع المجالات ومختلف المنظمات. اختلاف المجالات والمنظمات يعني اختلاف الاستراتيجيات والأهداف وبذلك ضرورة تكييف العلاقات العامة مع خصوصية المنظمة.
حدد الخبراء والباحثون في مجال العلاقات العامة عشرة مبادئ أساسية لفهم العلاقات العامة: فالعلاقات العامة تتعامل مع الحقائق وليس مع الأكاذيب والتهويل والوعود الفارغة.
تعتبر العلاقات العامة وظيفة خدمية بالدرجة الأولى تهتم بالمصلحة العامة وليس بالرضا الشخصي. برامج العلاقات العامة موجهة لجماهير المنظمة، فهي إذن مطالبة بمراعاة المصلحة العامة في اختيار البرامج والسياسات.
تعتبر وسائل الاتصال الجماهيري من أهم وسائل العلاقات العامة للوصول إلى جماهير المنظمة، ولذا يجب على إدارة العلاقات العامة أن تبني علاقاتها بهذه الوسائل على أساس من الاحترام والأخلاق والصدق والثقة والمهنية والحرفية.
يعتبر ممارس العلاقات العامة حلقة الوصل بين المنظمة وجماهيرها وبذلك يجب عليه ضمان إيصال الأخبار والمعلومات في الاتجاهين حتى يحقق التفاهم والانسجام التام بين الطرفين.
ولضمان الاتصال في اتجاهين والتفاهم الكامل يتوجب على ممارس العلاقات العامة استعمال النتائج العلمية لاستطلاعات الرأي العام بصفة مكثفة. لفهم ماذا يقول جمهور المنظمة والوصول إليه يتوجب على ممارس العلاقات العامة استعمال العلوم الاجتماعية ـ علم النفس، علم الاجتماع، علم النفس الاجتماعي، الرأي العام وعلوم الاتصال.
تعتبر العلاقات العامة تخصصاً متعدد المجالات ومن هنا يجب على ممارس العلاقات العامة الاستفادة من النتائج العلمية للعلوم الإنسانية والاجتماعية وتوظيفها والاستفادة منها في عمله.
فالعلاقات العامة تتطلب تطبيقات من تخصصات مختلفة. كما من مهام ممارس العلاقات العامة شرح المشكلات للجمهور قبل أن تتطور إلى أزمات، وأخيراً يجب على ممارس العلاقات العامة أن يمتثل للأخلاق في عمله. فنجاحه وسمعته مرتبطان بأخلاقه ونزاهته ومصداقيته وثقة الآخرين فيه.
إن بعد موقع جهاز العلاقات العامة عن دائرة صناعة القرار يؤدي إلى تهميشها وتجريدها من مهامها الاستراتيجية داخل المنظمة والتي تتمثل أساساً في البحث وفي التخطيط الاستراتيجي، والعلاقات العامة بدون بحث علمي لا تستطيع أن تكون فعالة وصاحبة نفوذ داخل المنظمة.
من جهة أخرى يعتبر قرب جهاز العلاقات العامة من دائرة صناعة القرار تواصلاً صحياً وإيجابياً بين الإدارة العليا والعلاقات العامة ومعرفة ما تستطيع هذه الإدارة أو الجهاز أن يقدمه إلى المنظمة ككل سواء على المستوى الداخلي ( الاتصال التنظيمي والاتصال الداخلي) وعلى المستوى الخارجي فيما يتعلق بتسويق المنظمة للجمهور وتسويق الجمهور للمنظمة.
مكانة العلاقات العامة في المجتمع مرتبطة بمكانة ودور الرأي العام في المجتمع، بحيث ان العلاقات العامة هي ثقافة وهي ممارسة للديمقراطية قبل أن تكون مهنة إدارية اتصالية.
فالعلاقات العامة تبدأ بالرأي العام وتنتهي بالرأي العام وإذا كان المجتمع لا يحترم الرأي العام فالعلاقات العامة في هذه الحالة لا تستطيع أن تقوم بإنجاز الكثير من مهامها الاستراتيجية داخل المنظمة.
فالعلاقات العامة تعني الممارسة الديمقراطية للاتصال بمختلف أنواعه وأشكاله داخل المنظمة وخارجها وهذا يعني حرية الفكر والرأي والتعبير وكذلك احترام الرأي الآخر والأخذ به إذا كان رشيداً وصائباً.
ترتبط العلاقات العامة بقيمة الفرد ومكانته في المجتمع، كما تقوم أساساً على الفرد وهذا يعني أننا لا نستطيع أن نبني علاقات صحية وقوية وناجحة بين المنظمة وجماهيرها إذا لم نحترم الفرد. فالفرد هنا هو رأسمال المنظمة واحترامه يعني ممارسة درجة عالية من الديمقراطية ومن الحرية المسؤولة عند تعامل المنظمة معه.
والعلاقات العامة ما هي إلا تجسيد لاحترام الفرد واحترام حريته ورأيه ووجهة نظره. إن تصاعد وتنامي أهمية الرأي العام في المجتمع وكذلك انتشار الديمقراطية ونضج المجتمع المدني وانتشار تكنولوجية الاتصال والمعلومات كلها عوامل تفرض حاجة المنظمة المتنامية والماسة للعلاقات العامة.
وكذلك الحاجة إلى الاهتمام بالجمهور وبالرأي العام وهذا ما يؤدي إلى نمو وتطور العلاقات العامة وانتشارها والحاجة الماسة إليها في مختلف أنواع المنظمات (حكومية، خاصة، تجارية، سياسية، خدمية،خيرية. . . الخ).
من جهة أخرى نلاحظ توجه المنظمة الحديثة إلى الإدارة بالأهداف التي تؤمن بالدراسة والتخطيط الاستراتيجي وبالبيانات والمعطيات العلمية لصناعة القرار حيث ضرورة التوجه نحو الإبداع والابتكار في التعامل مع المشاكل التنظيمية والإدارية وقضايا الجماهير المختلفة.
يستعرض الكتاب عبر فصوله نشأة وتطور العلاقات العامة في الإمارات العربية المتحدة والبيئة الإعلامية التي تعمل فيها هذه المهنة التي انتشرت بسرعة كبيرة جداً تماشياً مع التطور الكبير الذي عرفته الدولة في فترة زمنية وجيزة.
كما يستعرض لموضوع تدريس العلاقات العامة في جامعات الإمارات العربية المتحدة ومدى إقبال الطلاب على هذا التخصص.
ويقدم دراسة لمكانة وموقع ودور العلاقات العامة في وزارة الصحة ومختلف الهياكل التابعة لها من مناطق طبية ومستشفيات ومراكز صحية بدولة الإمارات العربية المتحدة. تحددت وظائف العلاقات العامة في هذه المؤسسات الخدمية في نموذج الدعاية.
ويناقش الكتاب أيضاً البعد الإداري للعلاقات العامة وكذلك تنظيم وهيكلة جهاز العلاقات العامة. يستعرض الفصل موقع جهاز العلاقات العامة في الهيكل التنظيمي للمنظمة أساليب الاتصال بأجهزة العلاقات العامة وكذلك الهياكل التنظيمية المختلفة لأجهزة العلاقات العامة.
كما يناقش هذا الفصل الوظيفة الإدارية للعلاقات العامة وكذلك الدور الفني والدور الإداري للعلاقات العامة داخل المنظمة وقرب أو بعد جهاز العلاقات العامة من دائرة صناعة القرار في المنظمة من خلال الهيكل التنظيمي للمؤسسة وكذلك حجمه والصلاحيات الموكلة إليه من خلال استعراض بعض الأمثلة من واقع العلاقات العامة في بلدية دبي، بلدية الشارقة، مؤسسة اتصالات،أدنوك، جامعة الشارقة، هيئة مياه وكهرباء الشارقة، بنك دبي الإسلامي، بريد الإمارات، تلفزيون الشارقة وشرطة الشارقة.
*الكتاب:العلاقات العامة في الإمارات العربية المتحدة
* الناشر: مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع.الكويت 2006
* الصفحات:303 صفحات من القطع المتوسط
