ذاكرة الفن التشكيلي في سوريا

ذاكرة الفن التشكيلي في سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتبر طاهر البني، الفنان والكاتب السوري، أن الموروث الفني للحضارات السورية القديمة هو الملهم لأشكال الفن الحديث التي اتخذت لها تنويعات مبتكرة في النتاج التصويري والنحتي في النصف الثاني من القرن العشرين.

فالأرض السورية تحفل منذ العصر الحجري بنماذج غنية للنتاج التشكيلي الذي نما وتطور مع الزمن، عبر حضارة الآراميين في بلاد الشام، وعبر عهود مختلفة خضعت فيها هذه البلاد لنفوذ الفرس والإغريق والرومان والبيزنطيين وغيرهم.

إن المكتشفات الحديثة لعلماء الآثار في سوريا تظهر بجلاء تطور الفن التشكيلي السوري في العهود القديمة، وتبرز الخصائص الفنية والقيم التعبيرية والجمالية التي يتمتع بها.

يسعى هذا الكتاب إلى استعراض نماذج من الفن التشكيلي السوري في العصور القديمة، متوخياً أبرز الملامح التشكيلية لهذا الفن. وتناول الكتاب أهم الفنون التطبيقية والزخرفية التي ظهرت في العصر الإسلامي والعصر العثماني، كالرقش الإسلامي والخط العربي والفن الأيقوني والرسم الشعبي، والتصوير الجداري الذي ظهر في بعض القصور والحمّامات الملكية في العصر الأموي، بالإضافة إلى التصوير التوضيحي الذي ظهر في المخطوطات والكتب الأدبية والعلمية التي تشكل بعض ملامح التصوير في العصور الإسلامية.

بذلك يكون هذا الكتاب قد مهّد للحديث عن الحركة التشكيلية التي نهضت في سوريا منذ مئة عام تقريباً، والتي تم استعراضها وفق مراحل ثلاث، وفق أهم المنعطفات التاريخية والاتجاهات الفنية التي خضعت لها هذه الحركة.

ويستطيع المتتبع للحركة التشكيلية السورية الحديثة أن يصف هذه الحركة في ثلاث مراحل تتبعاً للاتجاهات الفنية التي سلكتها، والإنتاج الفني الذي قدمته في هذه المراحل التي لا يمكن حصرها في ظروف تاريخية أو سياسية محددة، إذ أنها لم تأتِ وليدة هذه الظروف وحسب، بل جاءت نتيجة تطور الوعي الثقافي والنمو الفني الذي خضعت له هذه الحركة.

أما المراحل الثلاث التي نشأ الفن التشكيلي السوري في ظلها، فهي :

مرحلة انصب الاهتمام فيها على المذاهب الفنية الغربية، كالكلاسيكية والرومانسية والواقعية والانطباعية، وتحتل هذه المرحلة النصف الأول من القرن العشرين.

تليها مرحلة أخذ فيها الفنانون يسعون للتحرر من أسر الاتجاهات الفنية الغربية التقليدية ويتطلعون إلى صيغ مستحدثة كالتعبيرية والتكعيبية والسريالية والتجريدية، بالإضافة إلى الصيغ التي تستلهم التراث الفني المحلي، وتمتد هذه المرحلة منذ مطلع الخمسينات وحتى مطلع السبعينات.

مرحلة نضجت فيها بعض التجارب السابقة، ونشأت فيها اتجاهات جديدة، تمتلك خصوصيتها، وتشترك مع التجارب المعاصرة لها في حداثة لغتها، وتطور أدواتها، وتشمل هذه المرحلة الربع الأخير من القرن العشرين.

لقد ضم الكتاب عشرات الصور الفنية والرسوم التزيينية والتحف والصفحات المأخوذة من الكتب والجداريات والأيقونات ونماذج عديدة لأنواع الخط، بالإضافة إلى العديد من صور اللوحات التشكيلية للفنانين، وتشكل في مجموعها ثروة فنية لا بأس بها لمن يقتني الكتاب.

فيصل خرتش

الكتاب : ذاكرة الفن التشكيلي في سوريا

الناشر : وزارة الثقافة ـ دمشق 2005

الصفحات : 179 صفحة من القطع الكبير

Email