متى تبدأ مشكلة إسرائيل الحقيقية؟، المخططون الإسرائيليون يراهنون على المصافحة بيد والقتل بأخرى

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 3 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 4 مايو 2003 في الاشهر الاخيرة برز علي القيسي، 30 سنة كأحد المطلوبين الخطرين في منطقة جنين، والقيسي الذي كف عن العمل في اواخر الانتفاضة الاولى وأخذ بعدها فترة استراحة طويلة، ورث مؤخرا مكان عدد من المعتقلين والمصابين في «الاحباط المركز» كرئيس احد اجنحة الجهاد الاسلامي. وقد ارسل القيسي انتحاريين (اعتقلوا في الطريق)، وبادر الى اعمال اطلاق نار وخطط لاختطاف جندي في مفترق جولاني. وكل المحاولات للعثور عليه باءت بالفشل. وعصر أمس كانت هناك وحدة مستعربين من حرس الحدود منشغلة بالاستعدادات لاعتقال مطلوب قرب طولكرم. في هذه المرحلة، وصلت معلومات تفيد ان القيسي قد يكون موجودا في بيت ما في شرقي جنين، فأبلغ قائد فرقة السامرة، العميد اسحق جرشون، قائد المستعربين، الكولونيل ع، بتغيير المهمة، وبعد ادارة معركة قصيرة على نحو خاص، دخلت قوة مستعربة من الوحدة في سيارة الى جنين، وعندما وصل المقاتلون الى البيت، كان القيسي ينهي وجبة غداء وينطلق الى سيارته، واستغرق المطلوب المذهول وقتا غير قليل حتى يفهم ان المسلحين الذين يحوطون به هم اسرائيليون، فسلم نفسه دون مقاومة، مع اثنين من رفاقه، وفي السيارة عثر على سلاح وسترة واقية وطاسات حربية، وداخل البيت كان يختبيء مطلوب آخر، أبوه سلمه دون اصابة، بعد ان اشار قائد القوة الى مروحية قتالية تحوم في الجوار، وخرج رجال حرس الحدود من جنين دون اي اصابات، رغم اطلاق النار من مخيم اللاجئين المجاور، والقبض على القيسي اتاح للمخابرات شطب اثنين من ثلاثة تحذيرات عن النوايا للقيام بعمليات شديدة في المنطقة. لم تكن العملية في جنين سوى واحدة من سلسلة اعتقالات لمطلوبين كبار مؤخراً، في المدن المختلفة في الضفة، وفي الاشهر الاخيرة وصل نهج العمل هذا الى مستوى عال من الخبرة. فمنذ «السور الواقي»، و«طريق التصميم»، والجيش الاسرائيلي يفعل في المنطقة كما يحلو له، وبدون ان يحتفظ يوجد ثابت في المدن (لا يوجد اليوم اي موقع داخل مدن الضفة، باستثناء تلك التي في احياء المستوطنين في الخليل) فان الجيش يدخل اليها وفقا لاعتباراته، وفي الغالب في ظل مقاومة قليلة.جهود متواصلة من قائد المنطقة الوسطى، موشيه كابلنسكي نجحت في تخفيض الاستخبارات الفورية الى مستوى اللواء: منسقو المخابرات يعملون الان مباشرة مع قادة الالوية والوحدات الخاصة الامر الذي يخلق «اغلاق دائرة» (العثور على مطلوب استنادا الى بلاغ استخباري) في زمن ذروة. ولكن النهج ينطوي ايضا على خطر لا بأس به، كما ثبت في قضية اطلاق النار على الحراس. وقال ضابط كبير «لهآرتس»، «اننا على علم بالتأكيد في اننا عندما نفشل سيدعون بأننا عملنا بنزف وتهور، ولكن مع الحجم المحدود للقوات تحت تصرفنا، فان هذه تقريبا هي الطريق الممكنة الوحيدة».فهل سيكون تطبيق النهج في عهد ابو مازن أيضا؟ ليس لزمن طويل. فرضية العمل في قيادة المنطقة الوسطى تقضي بأن العنف سيستمر. فحماس والجهاد الاسلامي ستواصلان العمليات، وهناك مسئولون عسكريون اسرائيليون كبار يعلقون الامال على دحلان، في انه بعد ان يراكم القوى سيوافق على «الصدام رأساً برأس»، على حد تعبيرهم، مع حماس. ولكن في حينه أيضا من المعقول الافتراض ان العمليات ضد المستوطنين ستستمر، وبعد ان تطرح خريطة الطرق، ستصبح كل عملية فلسطينية ذات معنى اكبر بكثير: من جهة، ستضطر اسرائيل الى استئناف القيود على الحركة في المناطق، ومن جهة اخرى، فان المستوطنين المتعرضين للاعتداء من شأنهم ان يتجهوا الى التطرف مجددا.ولكن كل هذا لا يزال امامنا، رئيس الوزراء ووزير الدفاع اتفقا مؤخراً على الامتناع التام عن اي بادرة طيبة طالما لم تثبت السلطة جدية نواياها في الحرب ضد العنف، ولما كانت هذه تتلخص حاليا بعدة حالات من نقل المعلومات من اجهزة الامن الى اسرائيل عن اماكن اخفاء العبوات الناسفة، فان الجيش الاسرائيلي يواصل العمل كالمعتاد في الضفة (في القطاع جمدت التوغلات، ووحدات جولاني التي عملت هناك عادت الى منطقة جنين). وفي هذه اللحظة، لا يزال لا يوجد عنوان حقيقي في السلطة للتنسيق الامني، وعندما يتوفر مثل هذا العنوان، ستبدأ مشكلتنا الحقيقية، «فالسؤال هو من يصف القنبلة المتكتكة، وما الذي سيبرر في حينه الدخول الى المدن؟ واضح اننا نرغب في الابقاء على هذه القدرة، ولكن واضح ايضا اننا لن نتمكن من الدخول الى هناك كل يوم تقريبا، مثلما هو الحال الان»، في هذه الصورة سيكون هناك رغم ذلك تغيير بارز واحد الى الايجاب: مجال التماس، حتى يوليو سيكتمل الجزء الاول من سالم حتى كفر قاسم، ومنذ الان تعمل في غربي جنين كتيبة مدرعات بدأت تبلور مفهوم القتال على طول الجدار الجديد. بقلم: عاموس هرئيل _ عن «هآرتس»

Email