قصف بغداد كان مثيراً والقوات الخاصة تحركت منذ البداية

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 2 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 3 مايو 2003 امتد الحوار طويلاً، مؤخراً، بين الرئيس الأميركي جورج بوش وتوم بروكو من شبكة ان بي سي نيوز التلفزيونية الأميركية، وتعددت محطاته، لكن يبقى أبرزها ما قاله بوش عن الطريق المفضي إلى الحرب بين قوات التحالف والعراق. ـ حدثنا عن الليلة الأولى، حينما فاجأتنا جميعاً بشن حرب استباقية ضد مقر اقامة الرئيس صدام حسين. ـ كنت مرتاحاً طوال ذلك اليوم حتى الساعة 40,3 بعد الظهر حينما اتصل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بي هاتفياً وقال: سيادة الرئيس، لقد تغيرت الخطط، وقال: أريد إذناً منك لتغيير الخطط، هل أستطيع آن آتي لعندك؟ هو لم يقل «الخطط قد تغيرت» لكني عرفت أن ما يخبرني به على الهاتف يعني أن الخطط ستكون قد تغيرت، وذلك لأنهم اعتقدوا ان الفرصة متاحة لهم لاصابة صدام حسين. لهذا طلبت اجتماع أعضاء مجلس الأمن القومي، وهم نائب الرئيس وكولن باول ورامسفيلد ومايرز وتينيت من السي آي ايه وكوندوليزا رايس وآندي كارد وبعض ضباط السي آي ايه الذين لم أرهم من قبل، في المكتب البيضاوي، ما أتى بهم هو ان لديهم مصدر معلومات على الأرض مقتنع بأن صدام حسين موجود في المجمع مع ولديه عدي وقصي أيضاً، وكانوا يطلبون الاذن مني لشن غارة جوية. كنت متردداً في البداية، لأني كنت قلقاً من أن تكون الصور الأولى التي تأتي من الحرب في العراق هي صورة حفيد جريح لصدام حسين الذي قد لا يكون موجوداً هناك لحظة اتخاذنا القرار، وأن تكون أول صور للهجوم الأميركي تحمل موت الأطفال. كانت تلك لحظات ممتعة لأنه كلما مر الوقت علينا ذلك اليوم، أو ذلك المساء، كانت المعلومات الاستخبارية تزداد وتزداد، بمعنى آخر كان مصدرنا على الأرض يتصل باستمرار مع مركز القيادة الوسطى والذين كانوا بدورهم يتصلون بنا في البيت الأبيض لتوفير مزيد من المعلومات، وعلى سبيل المثال اكتشف مصدرنا وجود دشمة محصنة على بعد مئة قدم من أحد المنازل ـ دشمة محصنة جداً يحتمل انها تحمي صدام حسين حين يصل مع أبنائه وأبنائهم. ومع تزايد الاستخبارات أصبحت اكثر ثقة من ان صدام سيكون موجوداً هناك، وفي الساعة 15,7 مساء ذلك اليوم اعطيت الأوامر لتومي فرانكس للبدء في الهجوم على ذلك المكان، لكن مع تغير الخطط كانوا بحاجة لحوالي 30 صاروخ كروز اضافي، لكن بسبب تلك الدشمة كان عليهم ان يغيروا التوقيت أيضاً، بحيث تأتي قاذفات الشبح أولاً لتلقي بحمولاتها ثم تأتي صواريخ كروز بعدها. هذا كان يعني برمجة الصواريخ من جديد، ولم يكن لديهم الوقت الكافي لفعل هذا، لأن زمن طيران الصواريخ يصل.. قرابة الساعتين. ـ هل شاهدت القصف على التلفزيون، حينما بدأت القنابل بالسقوط؟ ـ نعم، فعلت، لكن ما كان مثيراً بالفعل يا توم، ولا اعتقد ان كثيراً من الناس يعرفون هذا، هو ان الخطة كانت تقضي بتحريك القوات الخاصة في وقت مبكر، ظهيرة ذلك اليوم، وقد فعلنا هذا لجعل ظروف المكان مناسبة والتمهيد لدخول قواتنا البرية بأعداد كبيرة بنجاح. ظهيرة يوم الجمعة كنت أستعد لالقاء خطاب على الأمة عن الحملة الجوية لتبدأ الحملة البرية بعد وقت قصير، لكني غيرت ذلك لأنه كان لابد من الحديث إلى البلاد ذلك المساء حول الغارة الجوية. ثم قال تومي فرانكس انه يريد الاسراع بتحريك قواته قدر الامكان لضمان حقول النفط والدخول بأسرع وقت في الاراضي العراقية، وهو ما قال ان لديه القدرة والصلاحية والمرونة اللازمة كلها لتغيير خطة الحرب بما يتوافق مع الواقع على الأرض. ـ وهل سمعتم شيئاً من ذلك المصدر الاستخباري على الأرض بعد تلك الغارة الجوية؟ ـ نعم. ـ هل كان يشعر بأننا قد نلنا من صدام. ـ نعم هذا ما أحس به. ـ حقاً؟ ـ نعم أحس بذلك، وكنا بالطبع نحاول التحقق من ذلك، وقبل ان نصدر أي اعلان بذلك لابد من الحصول على دليل قوي. ـ هل شاهدت ذلك التسجيل الشهير لصدام حسين صباح اليوم التالي وهو يضع نظارات ويقرأ من أوراق بين يديه؟ ـ نعم، لقد استمتعت جداً، لقد استمتعت بذلك وكأني مسئول العلاقات العامة له ـ لقد كان أحد الأعمال الكلاسيكية ـ ربما يساعدكم جداً في برامجكم ـ لكن لم يكن من المعقول تصديقه بناء على ما كان يقوله. على كل حال، من يتساءل عما إذا كان صدام حسين ميت أم لا، هناك دلائل على انه ربما كان ميتاً، لكننا لن نجعل ذلك إعلاناً قبل أن نتأكد، الرجل الذي ساعد في توجيه الهجوم من موقعه على الأرض يعتقد ان صدام على أقل تقدير ممكن أصيب بجروح بالغة. ـ في تلك الليلة؟ ـ نعم، في تلك الليلة؟ وهذا ما يفسر مرة أخرى سبب بقاء التساؤلات طويلاً مستقبلاً حتى الوقوف على الحقيقة، كما انه يفسر أيضاً سبب عدم نسف الجسور وحقول النفط، رغم اننا وجدناها مجهزة بحيث يمكن نسفها. ـ كما تعلم، لا يزال هناك الكثير من الشكوك في العالم حول الدوافع الاميركية لحربها في العراق. ـ صحيح. ـ لكن من المهم جداً العثور على اسلحة دمار شامل أو دليل على وجود برنامج ضخم لإنتاجها على الأقل، أليس كذلك؟ ـ بلى، اعتقد اننا سنجدها، أنا واثق من هذا. ـ أريد أن أسأل عن مستقبل علاقتنا، مثل علاقتنا بالامم المتحدة على سبيل المثال. ـ آمل أن الأمم المتحدة ستكون ذات نفع، وآمل ان تكون هيئة فاعلة في المساعدة بالتعامل مع التهديدات الجديدة في القرن 21 والتعامل مع الدول الارهابية وانتشار الأسلحة. وسيكون للأمم المتحدة دور مفيد في اعمار العراق، وعلى سبيل المثال، لأن الكثير من الدول لن تستطيع منح أموال الاعمار دون اشراف الامم المتحدة على العملية، وآمل أيضاً انه مع نشوء أي تهديد ستكون الأمم المتحدة اكثر قوة في ردها عليه. ـ اعتدنا على مبدأ عسكري اميركي يقضي باللجوء إلى القوة الكاسحة في الحرب أما الآن فنحن نتحدث عن السرعة والمرونة والمعلومات الفورية. ـ المعلومات الفورية كانت جزءًا من الاسباب التي جعلتني مرتاحاً وأنا أعطي تومي فرانكس القائد الميداني وغيره من القادة الضوء الأخضر للشروع في محاولة قتل صدام حسين في اليوم الأول، هذا لأننا كنا هنا في المكتب البيضاوي نحصل على معلومات شبه فورية من عيننا على الأرض وعما كان يراه وعما يحس تجاه الأمور حوله، كان من المثير فعلاً أن يخاطر أحدهم بحياته ليراقب الداخلين وما يجري في أحد أكثر مباني صدام احاطة بالحراس وأنه يستطيع ان يمسك بجهاز الاتصال معه، والحديث مع مقر القيادة الوسطى التي تنقل لنا المعلومات بدورها. ـ طبعاً نحن لا نريد ان تفصح لنا عن المصادر والوسائل، لكن الرجل الذي اتصل بنا أول مرة، ألا يزال معنا؟ ـ نعم انه معنا، الحمد لله، انه شجاع. ـ ماذا عن وزير الاعلام العراقي؟ ـ انه المفضل عندي، كان عظيماً، بعضهم اتهمنا باستئجاره ووضعه في منصبه هناك، كان كلاسيكياً. ترجمة : جلال الخليل عن « جارديان »

Email