القسم الرباعي في سورة الذاريات

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 2 صفر 1424 هـ الموافق 4 ابريل 2003 القسم الأول:: في سورة الذاريات جاء القسم الأول بالذاريات وهي الرياح وبما اشارت الآية الأولى «والذاريات ذروا» صدق الله العظيم. وتنقسم الذاريات الى نوعين حيث النوع الأول هو الرياح والتي لها مهام حياتية لجميع الخلائق على كوكب الأرض حيث تقوم الرياح بمهمة تجديد الهواء وبما يحمله من اكسجين كما تقوم بتلقيح جميع الاشجار والزهور من اعضاء الذكورة الى اعضاء الأنوثة فتتناسل وتتكاثر وهو ما اشارت اليه الآية 22 في سورة الحجر. «وأرسلنا الرياح لواقح...» صدق الله العظيم. وقد يفكر الانسان انه قادر على تلقيح الاشجار والزهور بنفسه ولكن هل يمكنه ان يلقح السحاب ليسقط الماء ليس هذا في امكانه على الاطلاق بل وحيث ان الانسان يحمل صفة النسيان فإنه قد ينسى تلقيح اشجاره فتذبل وتموت اما الله فإنه الواحد الذي لا ينسى اياً من خلقه وهذه الرياح تعتبر قوة دفع للسفن الشراعية وتمكن الانسان أخيراً من استخراج الطاقة الريحية وهي طاقة نظيفة بما لا ينتج عند استخدامها غاز ثاني أكسيد الكربون الذي هو من اخطر ما يقابل كوكب الارض حالياً ولا ننسى ان هذه الرياح تحرك المياه الراكدة لتمنع عنها التعطن. كل هذه الآيات السابقة آيات حياتية لجميع الخلائق على كوكب الارض ولا ننسى في ذلك نسيم البحر الذي يحدث نهاراً على المدن الساحلية حيث تهب الرياح من البحر الى البر لتنعش سكان المدن الساحلية اما ليلاً فإن نسيم البر والذي تتحرك به الرياح ليلاً من البر الى البحر ومعها كل ناتج التلوث البري حتى اذا ما اتى الصباح بنسيم البحر يكون الخير كله. اما النوع الثاني من الذاريات فهي الريح وهي تستخدم لمهام عقابية حيث انها قوة تدميرية تطول اعلى الجبال وتقضي على دول وأمم ولعل ما جاء في القصص القرآني بما أصاب قوم عاد وبما جاء في الآية 6 من سورة الحاقة «واما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية» صدق الله العظيم. ان الريح قوة تدميرية لا حدود لها وليس للانسان اي هيمنة على هذه الريح لأن تصريفها من الله الآمر الواحد القهار في تصريف الذاريات بنوعيها الرياح والريح آيات لقوم يعقلون. ان انتشار حرائق الغابات يأتي كنذير من الريح العظيم وانها تقلب البحار والمحيطات لتبتلع آلاف السفن المبحرة التي نسي ربانها الله فأنساهم. فالقاعدة الأصلية في الابحار بأعالي البحار وبما اشارت إليه الآية 41 في سورة هود.. «بسم الله مجريها ومرساها ان ربي لغفور رحيم» صدق الله العظيم. القسم الثاني بالحاملات: جاء القسم الثاني في سورة الذاريات بالحاملات وهي السحب وبما أشارت إليه الآية الثانية «فالحاملات وقرا» صدق الله العظيم. وتتكون السحب من بخار الماء المتصاعد من المسطحات المائية بكافة انواعها سواء كانت بحيرات أو أنهاراً او بحاراً او محيطات ويتراكم بخار الماء حتى يصبح سحاباً مركوماً مملوءاً بالماء ولا تقدر الرياح على حمله فيسقط على هيئة ماء طهور وهو المطر الهابط على مواقع الارزاق برحمة من الله الرحيم لأنه لو تركنا الامر دون تدخل للعناية الإلهية فإن بخار الماء يسقط على هيئة المطر ولكن في نفس الاماكن التي صعد منها وهي البحيرات والأنهار والبحار والمحيطات ولما استفاد منه الانسان والحيوان والنبات ولهذا فإن الذاريات وهي الرياح الطيبة والتي تأتمر بأمر الله وحده الرحيم تسوق هذه السحب لتسقط الامطار في مواقع الارزاق ولكي ترتوي جميع الخلائق وتعيش حيث ان الله جعل من الماء كل شيء حي وهو ما أشارت إليه سورة الأنبياء آية 30. «وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون» صدق الله العظيم وبرغم صعود بخار الماء من مسطحات مائية قد تكون ملوثة الا ان الخبير العليم يجعل بخار الماء عند سقوطه كمطر طاهر ومطهر بحيث انه يستخدم كمادة مطهرة للجروح وهناك علاقة وثيقة بين الذاريات وهي الرياح والسحاب وهو ما اشارت إليه الآية 48 في سورة الروم. «الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء..» صدق الله العظيم. وهذا السحاب يتم تلقيحه بواسطة الرياح كما في النباتات والاشجار تماماً اما النوع الثاني من السحاب فهو السحاب المركوم اي المملوء بالماء ومتراكم فوق بعضه ولهذا يكون بلون اسود قاتم وهذا يبشر بالماء الغزير ولكن لا يسقط الا بأمر الله وحده لا شريك له في ذلك وقد اشارت الآية 44 في سورة الطور حيث أشارت الى السحاب المركوم «وان يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم» صدق الله العظيم اما النوع الثالث فهو السحاب السمحاق وهو سحاب أبيض لا يسقط مطرا ولكن يكون كالمظلة في شدة الحرارة وهو مكان يظل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في الأيام الحارة بسحابة بيضاء تظله وتقيه شدة الحرارة اما في ارض المحشر وفي يوم الحساب فلا ظل الا ظل الله ولمن يريد الله ان يظل بظله رحمة منه فقد كانوا في الدنيا من المؤمنين والذي يعملون العمل الصالح اما الفاسقون والفاسدون والكافرون واهل النفاق فإنهم لا ظل لهم بل هم غرقى في عرقهم ويطول يوم الحساب بالتأثير النفساني الى خمسين ألف سنة او الى ما شاء الله فعذاب الحساب يغلب الحساب وبما أشارت إليه الآية 16 من سورة ص «وقالوا ربنا عجل لنا قطنا يوم الحساب» صدق الله العظيم. القسم الثالث بالجاريات: جاء القسم الثالث بالجاريات وهي السفن وبما أشارت سورة الذاريات الآية الثالثة «فالجاريات يسرا» صدق الله العظيم. ان جميع السفن التي تبحر بأعالي البحار بنعمة من الله الخبير والذي خلق قانون الطفو كان ذلك يسرا على السفن ان تبحر وتصل القارات بعضها ببعض تنقل الخيرات من قارة الى اخرى ولم يكن لأرشيمدس في قانون الطفو فضل سوى ان اكتشفه بعد انه فتح الله عليه بعلوم الطفو التي هي من اهم علوم البحار. وتسبح السفن الجاريات في يسر بأمر من الله فالبحار مملوءة بالصخور والبراكين والمياه الضحلة وكلها امور تعوق السفن اثناء الابحار والله يهدي من يشاء فتبحر السفن بسلام تام حتى إذا ما أقبلت العاصفة التي تخلع القلوب دعا الجميع الله لينقذهم وهو ما اشارت إليه الآية 22 في سورة يونس «هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بها بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين...» صدق الله العظيم. ولكن بعد ان ينجيهم الله المنجي من هذا الكرب يعودون الى ما كانوا عليه فهل اتعظوا بما أصابهم؟ الإجابة نعم للمؤمنين ولا للكافرين. القسم الرابع: بالمقسمات: جاء القسم الرابع بالمقسمات وهي الملائكة وبما اشارت اليه سورة الذاريات الآية الرابعة «فالمقسمات أمراً» صدق الله العظيم. ولقد ذكر في كتاب الله الكريم بعض اسماء الملائكة محددين وهم سيدنا جبريل وهو ملك الوحي حيث ينقل اوامر وكلام الله الى الانبياء والرسل وتوكل إليه المهام الصعبة التي تحتاج الى قوة وكانت من اهم مهامه التدميرية حينما رفع مدائن قوم لوط بمن فيها من أمم ثم رفعها ليقلبها ويجعل عاليها سافلها وهو ما اشارت اليه الآية 82 في سورة هود «فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها...» صدق الله العظيم. أما سيدنا ميكائيل فموكل بالقطر والنبات اللذين يخلق منهما الأرزاق في دار الدنيا وأما سيدنا عزرائيل فهو ملك الموت وله أعوان يستخرجون روح العبد من جثته وبما أشارت إليه الآية 11 في سورة السجدة «قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون» صدق الله العظيم. ثم يأتي بعد ذلك سيدنا اسرافيل الذي توكل إليه مهمة النفخ في الصور حيث النفخة الأولى هي نفخة الفزع ثم نفخة الموت ثم نفخة القيام وذلك بديهياً بأمر من الله مالك الملك ثم يأتي بعد ذلك سيدنا مالك خازن النار وأشارت الى ذلك الآية 77 في سورة الزخرف «ونادوا يا مالك ليقضي علينا ربك قال انكم ماكثون» صدق الله العظيم. ثم سيدنا رضوان خازن الجنة وقد ذكر اسمه في الاحاديث الشريفة ويبقى ملكان على كل عبد من عباد الله وهو ما اشارت اليه الآية 17، 18 في سورة ق «... عن اليمين وعن الشمال قعيد ـ ما يلفظ قول الا لديه رقيب عتيد» صدق الله العظيم. ان الملائكة اكثر من ضعف البشر حتما حتى تكون الرقابة كاملة متكاملة لا يسقط منها من ورقة الا مسجلة وناطقة وهو ما أشارت إليه الآية 11، 12 في سورة الانفطار «كراماً كاتبين ـ يعلمون ما تفعلون» صدق الله العظيم. الريان قاسم لاشين

Email