سلاح العراق السري الفعال

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 30 محرم 1424 هـ الموافق 2 ابريل 2003 بعد عشر سنوات من الخلافات اجتمع زعماء الفي قبيلة وعشيرة عراقية وهم حريصون على متابعة ادق تفاصيل النضال المستقبلي ضد القوات الأميركية البريطانية، وبذلك أمكن ان تشكل هذه القبائل السلاح السري الفعال للرئيس العراقي في المقاومة العراقية التي فرضت نفسها على مجرى الأحداث مؤخراً. فلقد تمركز شيوخ اكثر من 2000 عشيرة، يعدون بمثابة زعماء لملايين الاشخاص في جميع انحاء العراق في فندق بغداد الواقع في شارع صدام بانتظار رؤية «القائد صدام» تتويجاً للنقاش الذي دار حول سبل النضال ضد القوات الأجنبية التي تتقدم من الجنوب. وكان مؤثراً رؤية هؤلاء الرجال الذين ينوف عددهم عن ثلاثة آلاف، وجلهم تزيد اعمارهم على ستين عاماً، محتشدين في بهو هذا الفندق التقليدي، الذي شيد على الطراز الكولينالي البريطاني، وقد اعتمروا جميعاً الشماغ المخطط اما باللونين الابيض والاسود او بالاحمر والأبيض وهم يمررون حبات المسابح بين اصابعهم. وهؤلاء الرجال هم ممثلون لنحو 150 قبيلة رئيسية واكثر من 2000 عشيرة موزعة في الانحاء المختلفة للعراق مع العلم بأنهم لم يجتمعوا على هذا النحو منذ عشر سنوات. لكنهم اتوا مقتنعين بصدام وللدفاع عن بلدهم، فهدفهم لا يعدو كونه اطلاق النمط نفسه من نضال حرب العصابات الذي انتهى بطرد الجيش الاستعماري البريطاني عام 1920. عبدالله جاسم هو أحد هؤلاء الرجال، الذين لوحت الشمس بشرتهم، وهو زعيم عشيرة من تكريت، البلدة التي رأى فيها صدام النور لأول مرة، ولقد أكد بينما كان يجلس أربعة شيوخ آخرين على: «اننا سوف نناضل ضد الغزاة. فهذه الأرض ستكون مقبرة الأميركيين مثلما كانت مقبرة للانجليز كان عليهم ان يتعلموا الدرس». طلال سليم الخالدي زعيم قبيلة بني خالد من الموصل، المدينة النفطية التي تعاني من القصف يومياً، يقول متجهماً: «بوسعهم اطلاق ما يريدون من القنابل وبوسعهم قتل البعض منا، لكن لن يتمكنوا أبداً من السيطرة على الموصل. يمكنني تأكيد ذلك لهم. فلدي عشرة آلاف رجل مسلح، وهم مستعدون للنضال». في بلد يتصف بفسيفساء دينية وقومية تتراوح بين السنة والشيعة والاكراد والتركمان، تقدم التشكيلات القبلية تماسكاً لا يستهان به، مع ان البريطانيين استخدموها لصالحهم لكنهم عانوا لاحقاً من العواقب وتأثير الشيوخ، بل ان العائلة المالكة التي حكمت العراق حتى عام 1958، حافظت على علاقة جيدة مع القبائل، لكن القادة الذين قاموا بالثورة في عام 1958، نظروا إلى هذا النظام العشائري على انه نظام قديم لا يخدم كثيراً تطوير طبقة عاملة عراقية. ومع صعود حزب البعث عام 1968 إلى السلطة استمر الخط نفسه إلى ان اعتلى صدام سدة الحكم بعد عقد من الزمان. ومنذ ذلك الحين والنظام يدفع مبالغ كبيرة من المال لرؤوس العشائر ويقدم لهم امتيازات تجارية رائعة. فعلى سبيل المثال، يتحمل الشيخ طلال المسئولية الأمنية عن نحو 200 كيلو متر من طريق يغطي مئات الهكتارات المنتجة حيث يجنون البقول والخضروات التي تباع لاحقاً في أسواق بغداد على يد ابناء القبيلة ذاتها. أما خضر عباس حمدان شورد، المسئول منذ خمسة عشر عاماً عن قبيلة ابو حمدان، احدى اقوى القبائل العراقية، فيبدو اقل عجلة من غيره من الشيوخ، ويلاحظ عليه أنه اكثر ثراء وتأثيراً من الآخرين. لذلك يقول: «اني قلق على ناسي. فأنا اعرف أنهم صدوا الاميركيين ليلة أمس. لكني اريد ان اكون معهم هناك، وآمل ان يستقبلنا صدام في اقرب وقت ممكن». إلى ذلك، لا يبدو مؤكداً تماماً ان يحدث هذا اللقاء وسط الحرب ومع الأقمار الاصطناعية الأميركية التي تبحث بدون كلل عن الزعيم العراقي، والاكثر احتمالاً هو ان يتسلموا رسالة مسجلة، مثل التي ارسلها مؤخراً يحضهم فيها على النضال ضد الغزاة. ولسوف يتوزع الشيوخ عبر البلاد لتصعيد حرب العصابات التي على الرغم من ان قوة نيرانها ستكون أدنى بكثير أمام جيش الغزاة، بيد انها تستطيع تعقيد التحرك الأميركي كثيراً. ترجمة: باسل أبو حمدة عن «كلارين ـ الأرجنتين»

Email