ثلاثة أهداف لوحدات الحرس الجمهوري في العمليات خارج بغداد، اعداد: جلال الخليل

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 27 محرم 1424 هـ الموافق 30 مارس 2003 توقف المراقبون عند حرص القوات الاميركية الغازية المؤلفة من المدرعات وعناصر المشاة الميكانيكية في المراحل الاولى، للغزو مع تقدمها باتجاه بغداد على تحاشي الاستيلاء على المدن في الطريق وتركيزها على الالتفاف عليها ومحاصرتها لاحتوائها، الامر الذي جعل الحديث عن العمليات الاميركية البريطانية الهجومية يتركز على معركة بغداد وما يعنيه ذلك بشكل اوتوماتيكي من المواجهة الساخنة مع قوات الحرس الجمهوري التي تعتبر حصن الحامية الاخير للعاصمة العراقية ومدى ولاء هذه القوات للقيادة العراقية ومستواها القتالي والتسليحي. وتظل قوات الحرس الجمهوري العراقي قوة فاعلة على الرغم من كل ما تعرضت له من خسائر في حرب الخليج السابقة، ودائما كانت هذه القوات اداة مهمة في يد القيادة العراقية للتعامل مع المشكلات العسكرية التي تتعرض لها، كتراجع المستوى القتالي للجيش النظامي، أو مواجهة اي تهديد للحكومة. وعلى الرغم من كل ما روجت له آلة الدعاية الاستخبارية والاعلامية للقوات الغازية، فان هذه القوات لا تزال حتى كتابة هذه السطور قوية الولاء للقيادة العراقية. وقد طوّر الحرس الجمهوري تكتيكات جعلته يثبت تفوقه في الفاعلية القتالية مقارنة بوحدات الجيوش المناظرة كما انه بخلاف الكثير من وحدات الجيش العراقي التي استسلمت في حرب الخليج السابقة، فانه لم يحدث ان استسلمت وحدة من وحدات الحرس الجمهوري في وجه أي قوة اكبر منها عددا وعتادا، الا بأوامر مباشرة من قيادتها. وما يعزز من ولاء الحرس الجمهوري للقيادة العراقية ان قسما كبيرا من ضباطها ومجنديها هم من ابناء عشائر او مناطق موالية للرئيس العراقي، او تربطها بمرجعيته الفعلية صلة قربى، كما ان الحرس الجمهوري الذي اصبح منذ عام 1988 يخضع لقيادة مباشرة من القصر الجمهوري وليس لهيئة الاركان العامة يحصل على دعم خاص من القيادة. في اواخر عام 2002 اصبحت قوات الحرس الجمهوري تحت قيادة ضابط له خبرة ميدانية واسعة هو العماد سيف الدين الراوي، اما الامين العام لهذه القوات فهو الفريق كمال سلطان الذي لديه خبرة استخبارية، وكان القائد السابق لقوات الحرس الجمهوري الخاص. وكما ترجح تحليلات المراقبين فقد كانت فرقتا حمورابي والمدينة المدرعتان هما اللتان استهلتا العمليات القتالية الدفاعية خارج بغداد، في كربلاء، ويتضح ان المهمات القتالية التي اوكلت لهما هي حماية مناطق معينة، وابطاء التقدم الأميركي، وخوض عمليات استنزاف للقوات المهاجمة. ويرجح ان القوات التي خرجت من هاتين الفرقتين ستنسحب لمواقع اقرب من بغداد مع تقدم عناصر الهجوم الاميركي. وقد خاضت هذه الفرق المدرعة من الحرس الجمهوري معارك شرسة ضد الاميركيين في حرب الخليج السابقة وقد تكون في تكتيكاتها المتبعة في تلك الحرب مؤشرات دالة على الشكل التي ستتخذه عملياتها القتالية في المعارك المنتظرة. وكانت مدرعات الحرس الجمهوري في تلك الحرب تتراجع ثم تقاتل على شكل كمائن وهكذا، لكنها كانت تفتقد لامكانيات الاستطلاع واستخدام العمليات المشتركة مع الاسلحة الاخرى حينها. كما ان مدرعات الحرس الجمهوري لم تكن مستعدة نهائيا حينها لمواجهة امكانيات المدرعات المعادية وخاصة دبابات ابرامز الاميركية ومقدرتها على تحديد عناصر تسليح الخصم والتسديد عليها بفاعلية باستخدام أجهزة الرؤية الحرارية أو مواجهة مروحيات الاباتشي الهجومية. حتى حينما كانت الدبابات العراقية تواجه المدرعات الاميركية على مسافات قصيرة لم تكن قادرة على الاشتباك معها بسرعة كبيرة لتجنب الخسائر الكبيرة، او لاحداث خسائر مهمة في الدبابات الأميركية لكن من غير المعروف بعد حجم التحديث الذي قد يكون العراق قد بادر باجرائه على هذه الدبابات. ويقول بعض الخبراء ان دبابات ابرامز كانت تستطيع اختراق دروع الدبابات تي 72 العراقية من على بعد يزيد على ميلين، فيما كانت دبابات تي 72 غير قادرة على تدمير درع ابرامز الا من مسافة اقصر من ذلك بكثير. وفي مقابل ذلك اثبت الحرس الجمهوري صلابة مشهودة له في مواجهة المهاجمين وعدم الانسحاب الا بأوامر من قيادته على الرغم من كل شراسة الهجمات التي تعرضت وحداته لها. وبالتأكيد فقد أعاد قادة هذه القوات دراسة أوجه القصور في تكتيكاتهم، ويفترض انهم عملوا على تلافيها. تنقسم قوات الحرس الجمهوري الى الحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص. ويبلغ التعداد الاجمالي للقوة حوالي 85 الف رجل. وهي تحت اشراف قصي صدام حسين. يبلغ عدد الحرس الجمهوري حوالي 70 ألف رجل يتوزعون على فيلقين شمالي وجنوبي يضمان معا سبع فرق. تقع قيادة الفيلق الشمالي في تكريت وفي بغداد، وهو يتمركز عادة في شمال بغداد غربها في مواجهة المناطق الكردية والحدود الايرانية. ويتكون الفيلق الشمالي من أربع فرق هي فرقة عدنان الميكانيكية الاولى وتوجد في الموصل، وفرقة النداء المدرعة، وفرقة مشاة بغداد في الموصل أيضا، وفرقة مشاة العابد في كركوك. اما قيادة الفيلق الجنوبي من الحرس الجمهوري فتوجد في الحفرية ومركز قيادة الفتح المبين. وفي العادة ينتشر هذا الفيلق الى الجنوب من بغداد في مواجهة الحدود الجنوبية والانحاء المؤدية الى الجنوب التي تتقدم منها القوات الأميركية. يتضمن الفيلق ثلاث فرق هي فرقة المدينة المنورة المدرعة، وتوجد في السويرة، وتلعب دورا مهما في الدفاع عن بغداد، حيث كانت أول فرقة حرس جمهوري تصطدم بالقوات الأميركية، ونجحت برد هجوم جوي عنيف شنته مروحيات الاباتشي يوم الاثنين الماضي. وتنقسم الفرقة الى لواءين مدرعين وثالث ميكانيكي. وتشكل فرقة المدينة خط الدفاع الثاني عن بغداد متقدمة على قوات الحرس الجمهوري الخاص باتجاه الجنوب. ويتضمن الفيلق الجنوبي الى جانبه فرقة مشاة نبوخذ نصر في الكوت، وفي حمورابي الميكانيكية في التاجي. ويشير المراقبون إلى ان الحرس الجمهوري الخاص، والذي تقدر بعض المصادر قوامه بحوالي 15 الف رجل وبعض المصادر تقول انه بلغ في المرحلة الاخيرة اكثر من 20 الفا يتوزع على اربعة الوية، يوجد معظمها داخل بغداد، وهي اربعة الوية مشاة او ميكانيكية تنقسم بدورها إلى 14 كتيبة ولواء مدرع وقيادة دفاع جوي تكلف بتشكيل الجانب الاكثر اهمية من الدفاعات الجوية العراقية. وتوجد قيادة الحرس الجمهوري الخاص في بغداد ويتولى رئاستها قصي صدام حسين، فيما الفريق خير الله الناصري هو القائد العسكري لها. وهناك قيادة ارتباط بينها وبين الحرس الجمهوري. يقوم الحرس الجمهوري بحماية المقار الرئاسية وتوفير الحماية للرئيس العراقي خلال تنقلاته. وهو القوة العسكرية الوحيدة التي يسمح لها بالوجود داخل بغداد وفي القصر الجمهوري مع ان هناك ايضاً الوية اخرى من قوات الامن الخاص والمخابرات. وتزعم مصادر استخبارات غربية ان الحرس الجمهوري الخاص هو المسئول عن حماية وتشغيل الاسلحة الكيماوية وقواعد اطلاق الصواريخ. يوجد اللواء الاول من الحرس الجمهوري الخاص في حي القادسية المدني ببغداد، ويضم 5 كتائب، احداها موجودة في القصر الجمهوري وفي مطار صدام الدولي، فيما يقوم غيرها بحماية القصور الرئاسية الاخرى، وبعض المنشآت العسكرية. وتفيد نشرة جينز العسكرية الاختصاصية ان اللواء الاول ينقسم حسب التنظيم الهيكلي الآتي: الكتيبة الاولى تحمي الرئيس العراقي خلال تنقلاته. الكتيبة الثالثة توفر الحماية للاماكن التي يوجد فيها الرئيس مثل المكاتب والقصور. الكتيبة الخامسة توجد داخل القصر الجمهوري وتوفير الحماية للمجلس الوطني. كما تحمي ايضاً مقر اقامة الرئيس داخل القصر الجمهوري وتتدرب على يد قوات الامن الخاص. كما يقوم عناصر منها بالسفر مع الرئيس اينما ذهب، وهؤلاء هم من اصدقائه الشخصيين او اقاربه. وتوفر الكتيبة السابعة حراساً شخصيين بالزي المدني للمواقع الرئاسية، فيما تحمي الكتيبة الثامنة مطار صدام الدولي. ويتمركز اللواء الثاني في معسكر الرشيد وهو يضم مقاتلين ذوي خبرة عالية خارج بغداد وفي الموصل. ويتضمن الكتيبة الرابعة، وهي وحدة مقاتلة مهمة تحمي منشآت تابعة للقصر الجمهوري في شمال بغداد. الكتيبة السادسة وتحمي منشآت رئاسية في الموصل. الكتيبة الحادية عشرة وتحمي مداخل بغداد من ناحية التاجي.الكتيبة الرابعة عشرة وتحمي مداخل بغداد من جهة الكوت. الكتيبة الخامسة عشرة وتشكل جزءاً من دفاعات بغداد من الناحية الغربية. وينتشر اللواء الثالث من الحرس الجمهوري الخاص في التاجي، ويتضمن اربع كتائب مقاتلة للدفاع عن التاجي ومداخل بغداد. والكتيبة الثالثة هي قوة مقاتلة للتدخل السريع. والكتيبة التاسعة تحمي مداخل بغداد في منطقة الثرثار. والكتيبة العاشرة هي وحدة مقاتلة تحمي بغداد من اتجاه الشمال والشمال الغربي. وتشكل الكتيبة الثانية عشرة خطا دفاعيا تعزيزيا اضافيا لبغداد من ناحية التاجي. اللواء الرابع هو لواء آلي يتمركز في منطقتي الحارثية والقادسية، ويحمي الانحاء الجنوبية من بغداد. ويتضمن كتيبتين مزودتين بدبابات من طراز تي 72 وعربات القتال المدرعة بي إم بي 1 وبي إم بي 2. ويسلح اللواء المدرع في الحرس الجمهوري الخاص بدبابات تي 72 وعربات بي إم بي 1 وبي إم بي 2 وينقسم إلى كتيبتي مدرعات، الكتيبة الاولى توجد في ثكنة ابوغريب، والثانية في بلدة المقاصب. ويوفر هذا اللواء قوة مدرعات لحماية مداخل العاصمة الرئيسية. وتنقسم قيادة الدفاع الجوي إلى كتيبتين وبطاريات دفاع جوي مستقلة. تدافع الكتيبة الاولى عن مطار بغداد والثرثار والرضوانية. اما الثانية فتوفر دفاعاً جوياً ميدانياً لبعض المناطق في بغداد. اما البطاريات المستقلة فتحمي مواقع مهمة في تكريت وكركوك وغيرها. ويضم الحرس الجمهوري الخاص ايضاً مكتباً للمخابرات. قوات الحرس الجمهوري وخصوصاً الحرس الجمهوري الخاص مزودة باسلحة كثيرة مضادة للدروع. ومعظم ضباط الحرس الجمهوري الخاص على علاقة شخصية بالرئيس العراقي صدام حسين، ولهذا ينتظر المهاجمون ان يقاتل هؤلاء بضراوة حتى النهاية، وهم مدربون تدريباً عالياً على قتال المدن والمواجهة من بيت لبيت ومن شارع لشارع ومهمتهم الواضحة خلال اي حصار لبغداد هي ايقاع اكبر قدر من الخسائر البشرية في صفوف الغزاة بشكل يجعلها غير مقبولة سياسياً. وهذا ربما يوفر الامل الاقوى للقيادة العراقية في التواصل للتفاوض على سلامة القيادة. وقتال الشوارع الذي سيخوضه هؤلاء المقاتلون حسب اجماع المراقبين يشكل معضلة كبيرة للمهاجمين، فإذا ما اراد الاميركيون حماية انفسهم من الخسائر فلن يكون امامهم سوى اجتياح بغداد، وخوض حرب مدن ضارية لا يريدونها هناك.

Email