المطلوب معالجة ظواهر مزرعة جلعاد، «زعران التلال» مؤشر تدهور تعجز اسرائيل عن تداركه

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 17 شعبان 1423 هـ الموافق 23 أكتوبر 2002 من يبدأ بالقاء الحجارة على أفراد الشرطة والجنود سيمتشق في قادم الايام سلاحا ناريا. لقد كنا في هذا المنحدر في السابق، ونحن نتدهور اليه بسرعة طوال الوقت.ان العربدة الايديولوجية لم تبدأ في مزرعة جلعاد، وهي ايضا لن تنتهي هناك. زعران التلال لم يولدوا بالامس، وما فعلوه في اليومين الاخيرين أمام الجيش الاسرائيلي يجري كل يوم على الارض منذ فترة طويلة. ولكن هذا لا يهم، ذلك لان الحديث يدور عن زعرنة مستمرة ضد العرب. يطلقون النار على قاطفي الزيتون، ويلوثون مصادر المياه بمياه المجاري، ويعربدون في قرية ما، والقانون يغمض عينيه. والنقاط الاستيطانية غير القانونية هي استمرار مباشر للاستهانة المتواصلة بالقانون. وعندما لا تصل أذرع القانون، الى المكان الذي فيه ينكلون هكذا بمزارع عربي، فلا يعجبون ويندهشون حين يصب هؤلاء الزعران جام غضبهم على أفراد الشرطة والجنود.المؤسسة تخاطبهم طوال الوقت بلسان مزدوج، وبغمزة عين، وبغض الطرف. والآن المؤسسة غضبت عندما نهض المخلوق فجأة ضد من أوجده. فجأة أحد ما غير لهؤلاء الزعران قواعد اللعبة ولم يطلب موافقتهم. ان الذين أبلغوا المؤسسة بتغيير قواعد اللعبة هم رجال مجلس يشع للمستوطنين. اشخاص جديون ومسئولون فكروا، لسبب ما، انه حتى في هذه الحالة من اخلاء المواقع غير القانونية، فان غمزة المؤسسة لا تزال قائمة، مثلما كان الامر في الماضي: أنتم تزيلون، وبعد ذلك نتدبر الامر.. ولكن في هذه المرة لم ينفع ذلك. ربما لسبب بسيط وهو ان مجلس يشع للمستوطنين كما يبدو ليس العنوان المناسب لانهاء قضايا من هذا النوع. حيث لم يعد زعران التلال ينصاعون لأوامره، والاتفاق بينه وبين اجهزة الامن لا يعنيهم. واذا لم يأخذ مجلس يشع زمام الامور بيده فانه لا يمكن ابرام اتفاقات معه في المستقبل بنفس غمزة العين المشهورة. وهذه مجرد البداية، ذلك لان دولة اسرائيل تستعد لعهد ما بعد الرئيس العراقي. وأحد مؤشرات اليوم الذي يلي هو خطة خريطة الطرق للادارة الاميركية بموافقة اوروبية. ولكن لا يجب ان يتطلعوا الى هذه الخطة، انها مثابة اوسلو معدلة. كذلك في اوسلو تم الحديث عن مراحل، عن المرحلة الانتقالية الى ان تصل السلطة الى حالة النضوج. آنذاك دعوا ذلك حكم ذاتي، واليوم يدعونه دولة فلسطينية بحدود مؤقتة. ومثلما في اوسلو الأصلية، هنا ايضا، في مرحلة معينة سنصل الى التسوية الدائمة. واتفاق اوسلو انهار لان السلطة الفلسطينية لم تكن قادرة، أو لم تشأ، أو كلاهما معا، على السيطرة على الارهاب في المرحلة الانتقالية، الامر الذي أدى الى الانقلاب السلطوي في اسرائيل والذي انحرف هو ايضا عن اوسلو.لقد تم افشال اوسلو وهو في مرحلته الانتقالية. بين سنوات 19941995، في الفترة التي تم فيها رسم معالم الحكم الذاتي، وقعت عمليات ارهابية واعمال شغب واسعة، بدأت مع شبيبة التلال وانتهت بمقتل رابين. وزعران التلال اليوم، تماما مثلما كانوا حينذاك، يشيرون الى عملية تدهور لن تمكن من أي عملية سياسية تعني حلا اقليميا. في مزرعة جلعاد بدأت المعركة على اليوم الذي يلي الرئيس العراقي. ومزرعة جلعاد هي تذكار، ربما قاتم، لما قد يحدث هنا حين نصل الى لحظة الحقيقة حول التسوية السياسية برعاية اميركية ـ اوروبية. واذا لم تعالج ظواهر مزرعة جلعاد الآن وبشدة، فان هذا سيكون أكثر تعقيدا في المستقبل. فالتاريخ لا يكرر نفسه، ولكن المجريات متشابهة. والله الحفيظ اذا انتهت هذه المرة ايضا بثلاث رصاصات في الظهر. بقلم: اليكس فيشمان عن «يديعوت أحرونوت»

Email