بيريز غضب ولكن .. أزمة المياه في الضفة الغربية تزداد احتداماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 14 شعبان 1423 هـ الموافق 20 أكتوبر 2002 أين ستلاقي الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي نجاحا أكبر: في عملية الضغوط على ياسر عرفات لتنفيذ الاصلاحات السلطوية والمالية والامنية، أم في مناشداتها لاسرائيل حتى تسمح لأكثر من 200 ألف فلسطيني في استغلال المياه بكمية وجودة وثمن يلائم كل انسان؟. في هذه الايام يتجول في اسرائيل وفد آخر من وفود الامم المتحدة من اجل متابعة تطبيق السلطة واسرائيل لوعودهما بمعالجة الأزمة الانسانية الخطيرة في المناطق. وهذه الزيارة هي امتداد لزيارة مفوضة الامم المتحدة كاترين برتيني في شهر اغسطس الماضي. برتيني تطرقت في تقريرها الى ان اسرائيل تعهدت بالعمل على توفير المياه بصورة يومية للفلسطينيين وبكميات مناسبة. ومن خلف عبارات برتيني الدبلوماسية يختفي واقع لا يطاق، وهو معروف للسلطات الامنية ولممثلي الأسرة الدولية بصورة جيدة. هناك 281 تجمعا سكانيا قرويا فلسطينيا غير موصولة بشبكة المياه. وحسب التقديرات المختلفة هناك أكثر من 200 ألف نسمة في الضفة (مع قطعانهم) يعتمدون على امدادات المياه المنتظمة بواسطة الصهاريج. هذه الصهاريج تضطر في كل يوم الى قطع المسافة عدة مرات بين القرية ومصدر المياه الذي هو في العادة بئر مياه مركزية مجاورة. وخلال العامين الاخيرين وبسبب سياسة الحصار والاغلاق أخذ 200 ألف انسان يحصلون على المياه بكميات تقل عن الحد الأدنى المطلوب (50 لتر للفرد يوميا) وبنوعية متدنية وخطيرة صحيا وبثمن مرتفع جدا حيث يقل عدد القادرين على دفعه بصورة متزايدة. المنظمة الانسانية الدولية ساوكسفامس خصصت فصلا كاملا لأزمة المياه في تقريرها الاخير حول تأثير الاغلاق على القرى الفلسطينية. الاغلاقات التي فرضها جيش الدفاع حول القرى وحظر حرية التنقل على الفلسطينيين في اغلبية الشوارع المعبدة في الضفة ضاعفت المسافات التي تقطعها الصهاريج من مصدر المياه نحو القرى وبالعكس. فالصهاريج تتمكن اليوم من اجتياز المسافة جيئة وذهابا ثلاث مرات بدلا من خمس الى عشر مرات في السابق. والآن تقطع مسافة 55 كيلومترا من خلال طرق غير معبدة بدلا من سبعة كيلومترات في السابق. وفي بعض الاحيان يصطدمون بحواجز الجيش والشرطة المتنقلة التي تؤخر رحلتهم عدة ساعات. والسائقون يطلبون أثمانا أعلى بضعف أو أكثر للمياه لكل متر مكعب من المياه بسبب الصعوبات الموجودة على الطريق. اغلبية السكان عاطلون عن العمل ومجردون من ممتلكاتهم ومدخراتهم، وليس باستطاعتهم ان يدفعوا الأثمان الباهظة التي تطلب مقابل المياه، وبائعو المياه لم يعودوا يستطيعون بيع المياه بالدين والناس باعوا مصادر عيشهم من ماشية وأغنام لانهم لم يتمكنوا من دفع تكاليف سقايتها. الناس استخدموا مياه الشرب والطبخ في عدة اماكن، وفي بعض القرى قاموا باستخراج آخر قطرات من المياه في الآبار التي هي مياه ملوثة وقد تتسبب في انتشار الأمراض. الناس يقتصدون في استخدام المياه في كل القرى بكميات تقل عن الحد الأدنى المطلوب (50 ليترا للفرد). وفي عدة مدارس يطلبون من التلاميذ احضار مياه الشرب معهم. ولا حاجة بنا الى الاسهاب في الظروف الصحية الموجودة في مراحيض هذه المؤسسات التربوية. «اوكسفام» و«بتسيلم» قامتا بعد زيارة برتيني بأكثر من شهر بارسال رسالة الى بن اليعازر والى الدول المانحة، وذكرتا فيها حالات تبرهن على عدم اتخاذ خطوات حقيقية فعلية من اجل الالتزام بالتعهد الاسرائيلي بصدد المياه. صحيح ان المستشار الاعلامي لوزير الدفاع وعد صحيفة سهآرتسس بأن سجهاز الدفاع يعمل من اجل توفير الظروف المعيشية القصوى للفلسطينيين غير الضالعين بالارهاب. وان في الضفة امدادات منتظمة للمياه، وعندما تظهر مشكلات موقعية، يتم حلها من خلال الصهاريج وبمساعدة من جيش الدفاع والارتباط في الادارة المدنيةس. ولكن لا توجد علاقة كبيرة بين هذه الوعود وبين ما يحدث على الارض. في الاسبوع الماضي لمس نشاط زائد في القنوات التي تربط بين وزارة الخارجية ومكتب منسق العمليات في المناطق ومنسقي الأسرة الدولية في قضية التسهيلات للفلسطينيين عموما وضائقة المياه خصوصا. محادثات هاتفية، شكاوى، ووعود جديدة. مصادر عربية أفادت ان بيريز غضب عندما سمع بعدم الوفاء بالالتزامات بالنسبة للمياه. وعلى كل الاحوال يبدو ان ممثلي الأسرة الدولية يعرفون جيدا انه من غير الممكن مواصلة سياسة الطوق والاغلاق الداخلي من جهة - هذه السياسة التي تتمسك بها اسرائيل كوسيلة أمنية فعالية وناجعة - وتقديم الوعود بامداد المياه بصورة مناسبة للفلسطينيين المسجونين في جيوبهم خلف الجدران والمواقع العسكرية والدبابات من جهة اخرى. ولكنهم لا يملكون قوة لحل هذا التناقض. بقلم: عميرة هاس عن «هآرتس»

Email