جدول أعمال حافل، شارون يشق طريقه إلى فوز مريح في انتخابات 2003

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 13 شعبان 1423 هـ الموافق 19 أكتوبر 2002 نشرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ «سي.آي.ايه» مؤخراً الطبعة المنقحة للكتاب السنوي عن «الحقائق العالمية»، وضمن امور اخرى، تذكرة صريحة لاسرائيل كم هو آني بنظر الادارة الأميركية مكانة المناطق التي ألحقتها (شرقي القدس والجولان) واحتلتها اسرائيل. ويقدر الكتاب السنوي للـ سي.آي.ايه عدد الاسرائيليين بستة ملايين و30 ألف نسمة، وعدد الفلسطينيين 3.4 ملايين، منهم نحو 2.2 مليون في الضفة الغربية. وحسب هذا الميزان، فان الفجوة بين اليهود مواطني اسرائيل وبين اجمالي كل الفلسطينيين وعرب 1948 هو نحو 200 ألف فقط. الميول التي تسير في صالح الاغلبية العربية في اسرائيل تتعاظم باستمرار. فواحد من بين كل اثنين في قطاع غزة هو ابن 14 عاما وأقل، وفي الضفة اربعة من كل تسعة هم رضع، اطفال وفتيان في هذه الأجيال. أما في اسرائيل فأكثر من اربعة بقليل فقط. وواحد من كل عشرة اسرائيليين هو ابن 65 فما فوق، مقابل واحد من بين كل 25 في الضفة، وواحد من بين كل 33 في غزة، (ولكن في الأقلية يندرج ايضا أرييل شارون وياسر عرفات). ومع ان مدى العمر أعلى في اسرائيل بكثير (78.9 سنة في المتوسط، 81 للنساء و76.9 للرجال، وفي غزة 71.2 سنة في المتوسط، 72.5 للنساء و70 للرجال، وفي الضفة 72.5 في المتوسط، 74.3 للنساء و70.8 للرجال) ووفيات الاطفال أقل بكثير (7.55 وفاة لكل ألف ولادة، 21.2 في الضفة و24.8 في غزة). ولكن نسبة النمو السكاني هي 3.4 في الضفة و3.94 في غزة، مقابل 1.5 في اسرائيل. ومعدل الولادة 2.54 طفل في المتوسط للمرأة في اسرائيل، و4.77 في الضفة و6.29 في غزة. ان الفارق بين غزة والضفة، حتى في الانتاج المحلي للفرد الواحد (ألف دولار في السنة في الضفة و625 دولاراً في غزة، وفي اسرائيل نحو 19 ألف دولار) يوجد سلم يقف على رأسه يهود اسرائيل، وبعدهم عرب اسرائيل، سكان شرقي القدس، الفلسطينيون في الضفة، والأقل من الجميع ـ سكان غزة. ودمج قسمي فلسطين في كيان واحد لن يكون أمرا سهلا: فمن ناحية سكان الضفة، يتوقع في حينه انخفاض في مستوى المعيشة، حتى قبل ان نبحث في ثمن استيعاب المزيد من اللاجئين. وهذه هي معطيات (رعايا) اسرائيل، والمعنى واضح، فمع مرور السنين سيكون هناك المزيد والمزيد من الفلسطينيين الراضين أقل فأقل، والذين من الأفضل التلميح لهم بأمل في مستقبل آخر. وعلى الارض فان هذا أمل في وقف الاستيطان كمقدمة لاخلائها في التسوية؛ أما وطنيا، فبشرى دولة ما حتى قبل تحديد حدود دائمة لها. وهذا في واقع الحال المسار السياسي للرئيس بوش، الذي يرضى عنه شارون ومشروط بوقف العنف الفلسطيني. وشارون يسير، مقودا - في مسار أسلافه الثلاثة الذين سبقوه، رؤساء الوزراء من الليكود، ممن خضعوا للضغط الأميركي وتراجعوا عن رفضهم. فالحكم الذاتي الذي اقترحه مناحيم بيغن تحول من حل دائم الى مرحلة انتقالية والى كيان سياسي، تحت ضغط جيمي كارتر، واسحاق شامير أجبر على الاستجابة لدعوة بوش الأب الى مؤتمر مدريد والى الحديث مع منظمة التحرير الفلسطينية ـ الداخل، بتوجيه من المنظمة ـ الخارج، في اطار وفد اردني ـ فلسطيني. وبنيامين نتانياهو وقع على اتفاق واي ريفر. في هذه السوابق يكمن الشوك ايضا: فقد حاول الثلاثة لأيام واحيانا لساعات معدودة التنصل من تطبيق الاملاءات. وعليه فانه من المتوقع ان يأمر بوش، وان يطيع شارون في سبيل بقائه في السياسة الداخلية، وعندها سيناور للتملص من التزاماته. وربما لا، أخيرا، اذ ان شارون يختلف عن أسلافه في ميزتين، فهو يتوق للاعتراف العام، ولا سيما من جانب نقاده، ينشد عناق الخصم (كمستشار لرئيس الوزراء اسحاق رابين، كمتحمس للانضمام الى حكومتي شيمون بيريز وايهود باراك) ويفضل حكومة منقسمة السياسة مع حزب العمل على التعلق بالمتدينين وباليمين. سياسيا هو أقوى من بيغن في العام 1981، الذي نجا بصعوبة من الخسارة لبيريز، وأقوى من شامير ونتانياهو اللذين خسرا لرابين وباراك بعد نصف عام من مدريد ـ واي. ان شارون ـ المعزز بنتانياهو كنائبه وكخلفه ـ يبدو في هذه اللحظة في الطريق لانتصار مريح في انتخابات 2003. ومع بوش كملك العالم، سيكون أسهل على شارون الاستسلام له، وتحقيق أمنيته في كسب عطف الاغلبية في اسرائيل والموافقة على السلام مقابل الارض. عن «هآرتس»

Email