يرقشون التاريخ بالاكاذيب، المستوطنون يريدونها معركة دموية حتى النهاية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 10 شعبان 1423 هـ الموافق 16 أكتوبر 2002 في عام 1938 قتل الثوار العرب خمسة شبان، من اعضاء نواة «بمعليه» التابعة لحركة غوردونيا، خرجوا من كريات غبيم لحرث اراض في الجوار. كان هذا في ذروة احداث الـ 36 «الثورة العربية» حسب تعبير العرب. وبنظرة تاريخية هذا فصل آخر في الحرب العربية الاسرائيلية. الاستيطان اليهودي انقسم آنذاك بين الرغبة في الرد بقوة وبين الرغبة بالامتناع عن العمليات العسكرية ضد العرب ولكن «الرد برد صهيوني مناسب» واقامة مستوطنات جديدة من اجل الاثبات للعرب انهم باعمال القتل لن يوقفوه. في السبت الاخير كنت ضيفا في فندق كيبوتس معليه هحميشا، الذي اقيم بعيدا عن مكان القتل. صور القتلى معلقة على الحائط، على الخارطة سيكتب «معليه هحميشا» وجذور شجر الصنوبر، واساسات منازل الكيبوتس كذلك القبور في المقبرة المحلية، تربط الاسرائيليين بالمنطقة على نحو لا تستطيع الكلمات او الاوراق تقويضه. هكذا ايضا سيكون في جبعات آساف، على اسم آساف هرشكوبيتس، الذي قتل فيها قبل تسعة شهور، وفي غينوت اريه، على اسم اريه هرشكوبيتس والد آساف الذي قتل على بعد قليل من هناك قبل ثلاثة اشهر من سقوط ابنه، وفي كل المستوطنات والمواقع الاستيطانية والتلال التي يتمسك بها اليهود في الضفة الغربية وقطاع غزة. ثمة حرب على هذه البلاد. نحن نفقد فيها افضل ابنائنا وبناتنا. ولكن كل قتيل في صفوفنا يجب ان يدخل في الاساسات والجذور والبيوت التي تربطنا بهذه الارض على نحو لا تستطيع أي نزوة لوزير دفاع يقاتل على مكانته المنحدرة في حزبه الضائع ان تقوضه. المرة تلو الاخرى يدعي هؤلاء الذين راهنوا على مصيرنا في اوسلو، أنه اذا تنازلنا عن الارض سيوافق العرب على التسليم بوجودنا. مرة اخرى يعرضون توفير الملايين المستثمرة في الاستيطان وتوجيهها الى اغراض جديرة اخرى. حقا، ثمة اولاد جوعى في البلاد، ووزارة التعليم يجب ان تقيم من جديد مشروعات التغذية في المدارس. ثمة ايضا مشردون وثمة عاطلون عن العمل. وواجب الدولة الاسرائيلية القلق عليهم. ولكن من يعود ويدعي ان وقف الاستثمار في البناء والتنازل عن ارضها هما اللذان يمكنان من التغذية والتشغيل وتوفير مأوى للمحتاجين فانه مخطئ ومضلل. اذا لم ننتصر في الحرب مع العرب فإننا، لا نستطيع ايضا توفير باقي احتياجات المواطنين الاسرائيليين. ان دعم الاستيطان هو جزء ضروري من الحرب الاسرائيلية. الموارد التي يستثمرها الجيش الاسرائيلي في حماية هذه المواقع لم تأت من اجل الحفاظ على خمس كابينات او ثلاثة كرافانات، بل من أجل ضمان السيطرة الاسرائيلية على الارض. تماما مثلما لا يحافظ الجندي في موقع في جبل الشيخ على محول الكهرباء الذي يزوده بالكهرباء انما على اسرائيل كلها. ثمة الكثير من بيننا يفهم انه حتى لو انسحبنا الى الخط الاخضر فلن يتنازل العرب عن حق العودة ولن نحل مشكلة الاقلية العربية في اسرائيل الذين يتعاطفون مع اشقائهم وراء الخط الاخضر ويتمنون لهم النصر. وثمة الكثير يفهمون ان معادلة «الارض مقابل السلام» كانت كاذبة حتى في اتفاقيات السلام التي وقعت مع الدول العربية. لم نحصل على السلام انما على الحرب الباردة، مثل تلك التي كانت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في سنوات 1945 - 1991.لقد أعطينا كل سيناء بكل مناطقها وحقول النفط واليورانيوم التي فيها، وحصلنا بالمقابل على حرب باردة لن تتحول الى حرب حقيقية طالما اننا نخدم المصالح المصرية. مثل هذا السلام يتمناه ايضا كل من يريد تسليم الضفة الغربية لايدي دولة فلسطينية.يجب على اسرائيل ان تعلن عن كل الاستيطان في ارض اسرائيل بانه قانوني بحكم «حق» اليهودي في الاقامة. لا نحتاج اليوم الى تفكيك المستوطنات بل الى تعزيزها. وليس ازالة مواقع استيطانية بل اقامة مواقع جديدة مقابل كل عملية قتل ينفذها ضدنا العرب، ومن أجل ان يكون مصير معليه هحميشا مثل مصير جبعات آساف، ومثل مصير معليه رحبعام. من اجل ان يفهم العرب بعد مئة سنة او بعد خمسمئة سنة أنهم باعمال القتل والحرب يعززون الوجود الاسرائيلي. بقلم: اريه الداد عن «يديعوت احرونوت»

Email