كتاب ـ الفن الإسلامي ـ 300 نقابة للحرفيين في القاهرة يعين كبار القضاة شيوخها، المسجد واسطة العقد في العمارة الاسلامية على مر العصور

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 4 شعبان 1423 هـ الموافق 10 أكتوبر 2002 في العصور الوسطى كانت كلمة فن تعني الشكل او الوسيلة وتوسعت لكي تشتمل الفنون المستظرفة او الجميلة. والكتاب الذي نعرض له يضع الفن الاسلامي في سياق اجتماعي واقتصادي وفكري ويعتمد على مصادر ادبية متنوعة. وعلى سبيل المثال فان المسجد في صدر الاسلام لم يكن للصلاة فقط ولكن للاجتماعات والمشورة واصدار الأحكام ووضع الخطط العسكرية. كما ان القصور في العصر الفاطمي كانت مخازن للكنوز والأحجار الكريمة. وقلعة صلاح الدين كانت تضم قصورا وصالونات ومعارض وميادين ومساجد ومدارس واسواق. ورغم فخامة القصور الا ان الخيمة كانت جزءا رئيسيا فيها، كما ان كتابة الحروف على الأقمشة كانت موضة القرن التاسع. وتطورت قيمة الفن الى حد اقامة حفل اسطوري لكل حرفي يصنع عملاً فنياً فريداً، تلك هي ملامح من استعراض الكتاب لتطور الفن الاسلامي عبر العصور. كان الفن الاسلامي ولا يزال مثار اهتمام الباحثين والدارسين والخبراء حيث يحاولون الاستمتاع به تارة ومحاولة كشف مكنوناته تارة اخرى. وعلى مدى قرون طويلة اخرجت لنا المكتبات الاسلامية والعربية والعلمية الآلاف من الكتب التي تناولت احد او بعض او كل الفنون الاسلامية المتعددة بدءا بالفن المعماري الذي لا يضاهيه فن اخر والذي نراه متمثلا في المساجد الشامخة في كل مدينة اسلامية وانتهاء بالزخارف الاسلامية والنقوش على الجدران والمنسوجات وغيرها ومرورا بالصناعات والحرف اليدوية التي انفرد بها المسلمون على مختلف العصور. وهذا الكتاب واحد من الكتب المهمة التي تناولت الفن الاسلامي حتى قبل ظهور الاسلام وتتبع جذوره وتعرض لأشكاله وألوانه ومدارسه ومناهجه حتى صارا فناً يدرس في مختلف جامعات العالم. وأهمية هذا الكتاب لا تكمن في الوثائق والمكتبات وامهات الكتب التي لجأ اليها المؤلف على مدى سنوات عديدة لكي يضع خلاصتها بين دفتي هذا الكتاب ولكن تكمن ـ الى جانب ذلك ـ في ان من تولى هذا العمل واشرف عليه واخرجه لنا في صورة هذا الكتاب هو خبير في الفنون الاسلامية وكاتب متخصص في هذا المجال. لذا فانه لا يسرد معلومة تلو الاخرى في صفحات هذا الكتاب، ولكن يأخذ القارئ معه في رحلة شيقة على مر العصور الاسلامية المختلفة وفي مختلف المدن يستعرض معه خلالها نماذج مختلفة من الفنون الاسلامية الاصيلة التي تراها في كل مكان وتشاهدها في كل حين. وقد قسم المؤلف الكتاب الى تسعة فصول خصص الفصل الاول لجذور الفن الاسلامي قبل ظهور الاسلام، والفصل الثاني لظهور الاسلام وتطور هيكل الدولة الاسلامية، كما خصص الفصل الثالث لتطور الفن المعماري للمساجد ودورها في المجتمع الاسلامي وزخرفته وتأثيثه، والفصل الرابع لفنون الزخرفة الاسلامية والخامس يتعرض فيه المؤلف للقصور والدور الذي لعبته على مختلف العصور. وهكذا ينتقل بنا المؤلف من ركن الى آخر من أركان الفن الاسلامي في متعة يشعر بها القارئ وهو يتصفح الكتاب. لكن المؤلف رغم هذا الجهد العظيم يقع في بعض الأخطاء والمغالطات التاريخية كأن يقول ان المسلمين حاولوا تحطيم تمثال ابو الهول ولم يستطيعوا سوى قطع أنفه! مغالطة تاريخية بلا شك وقع فيها المؤلف لكنها لا تقلل من اهمية الكتاب. يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: من المهم ان نذكر في البداية ان هذا الكتاب ليس مجرد عملية مسح زمني للفن الاسلامي لكنه عبارة عن منهج موضوعي ومتنوع من أجل التحقق من بعض القضايا التي صعب التعامل معها في اطار زمني محدد في المنطقة شبه القاحلة التي تمتد من اسبانيا والمغرب الى افغانستان وليس الفن الاسلامي في الهند اوجنوب شرق اسيا أو شبه الصحراء الافريقية. والفترة الزمنية التي تغطي تلك العملية تمتد من القرن الخامس الميلادي تقريبا الى نهاية القرن السابع عشر. كثير من الدراسات حول الفن الاسلامي توقفت عند عام 1600 وهو التاريخ الذي يمثل اوج الانجاز الثقافي في العالم الاسلامي. ويضيف المؤلف: لقد رغبت في ان اتوسع في هذا الكتاب لكي يشمل بعض الامور من نشأة الفن الفردي والاهمية المتنامية للطوائف المختلفة. ويعبر المؤلف في المقدمة عن أمله في ان يلقي ادب الهندسة المعمارية والرسومات الذي بدأ ينتشر في العالم الاسلامي من القرن السادس عشر فصاعدا الضوء بأثر رجعي على الاعمال التي تمت في القرون الاولى. المفكرون والحاشية في المجتمع الاسلامي كانوا يحبون المناقشات والمداخلات حول موضوعات معينة مثل الشعر والاخلاق والطعام وكانت نتيجة تلك المناقشات ان يتم تدوينها فمن النادر ان يكونوا قد قاموا بمناقشة فنون مرئية أو جمالية ومن النادر ايضا ان قاموا بتأليف كتب حول المباني والرسومات. لذلك فمن اجل العثور على دليل مكتوب يتناول مثل هذه الموضوعات للمسلمين في العصور الوسطى وافكارهم وفنوهن كان لابد من البحث والتدقيق بعناية فائقة في مختلف المراجع وأمهات الكتب والمكتبات الضخمة، وفي هذا الكتاب استعنت بأعداد كبيرة من المصادر المكتوبة بعضها يمكن اعتباره امر شخصي والبعض الاخر كان اختياره انتقائيا. ومن بين الأعمال التي اقتبست منها: الشعر، الخطابات، حكايات الشعر، اليوميات، اتفاقات الصلح والمعهادات. ويقول المؤلف: كان من الملائم والمناسب ان اطلق على هذا الكتاب اسم «الفن الاسلامي» على الرغم من حقيقة أنه تبدأ احداثه قبل قرن كامل من بداية دعوة محمد صلى الله عليه وسلم لنشر الاسلام. ويجب الا ننسى ايضا ان كافة الفنون التي ورد ذكرها في هذا الكتاب اما ان تكون من ابداعات المسلمين انفسهم او انها انتجت من اجلهم. وعندما يكتب المؤرخون الفنيون الغربيون او يتحدثون عن الفن الاسلامي فهم لا يتحدثون عن جسد او شيء مادي على غرار ما نراه في الفن المسيحي، فاي كتاب عن الفن المسيحي في اوروبا يقصر نفسه بالتأكيد على نطاق ضيق من المباني الدينية تشمل الكاتدرائيات والكنائس والنقوش حول مذابح الكنيسة والمباخر ورداء الكهنة. اما بالنسبة للكتب التي تدور حول الفن الاسلامي فهي تناقش وتتحدث عن جميع الاعمال الفنية والهندسية المعمارية التي ابتكرها الحرفيون الذين عاشوا في العصور الاسلامية او الحرفيون المسلمون الذين عاشوا في العصور المسيحية. فكرة «الفن الاسلامي هي مفهوم غربي، والفنانون المسلمون كانوا يعتبرون انفسهم ينتمون إلى مناطق اسلامية وليس كونهم مواطنين تابعين، اما عن الكلمة الغربية اي «فن» فهي تعني تطبيق مهارة على موضوعات للتذوق.. اما كلمة «فن» باللغة العربية فهي لا تؤدي نفس المعنى بدقة. في العصور الوسطى كانت كلمة فن «جمعها فنون» تعني نوع أو شكل أو وسيلة.. وبالتوسع في المعنى اصبحت تعني نوعا او مهارة او حرفة.. فقط في العصور الحديثة اكتسبت هذه الكلمة معنى آخر مثل الفنون المستظرفة او الفنون الجميلة ولا تزال دراسة الفن الاسلامي في الغرب في مهدها وادراكنا لهذه الدراسة اقل كثيرا من فهمنا للفن الالماني في القرن السابع عشر. وفي هذا الكتاب يحاول المؤلف ان يضع الفن الاسلامي في سياق اجتماعي واقتصادي وفكري ومن اجل ذلك اعتمد على مصادر ادبية متنوعة لان مثل هذه المصادر تقدم دليلا ـ حتى لو كان ضعيفا ـ عما رآه المسلمون في العصور الوسطى عندما كانوا ينظرون الى اعمالهم الفنية وكيف كانوا يصفون ذلك الفن لانفسهم. ويناقش الكتاب ايضا اعمالا فنية من بينها بنايات كانت قائمة في وقت ما لكنها اختفت الآن، الى جانب سرد حكايات وجمع معلومات عن الأعمال الفنية الاسلامية الموجودة في متاحف الغرب. ومن المرعب ان اكتشف ـ كما يقول المؤلف ـ من المصادر الادبية التي استعنت بها كيف ان هذه الاعمال الفنية قد تعرضت للتلف والضياع بسبب الزلازل والحروب وتحطيم التماثيل على يد جماعات لا تؤمن او تعترف بها الى جانب السرقات الفنية والتلف بسبب عدم توفر المناخ الملائم للحفظ. ولهذا السبب فان القليل جدا من الأعمال الاسلامية النادرة موجود في متاحف الغرب. ويقول المؤلف ان المواد الادبية يمكن ان تسد بعض الفجوات الناجمة عن ضياع الاعمال الفنية الاصلية.. ولهذا السبب فان ما يحتويه هذا الكتاب هو مجرد احدى الوسائل (وليس كلها). ويتعرض المؤلف للعديد من الاعمال الفنية الاسلامية والكتابة عنها باقتضاب نتيجة لعدم توفر المعلومات عنها، لكن الاشياء التي تناولها بالتفصيل هي اعمال اقتناها المؤلف وصارت ملكا له لذا استطاع ان يصفها ويصورها بطريقة أوسع وأشمل. وقد استعان المؤلف في هذا الكتاب ببعض المصطلحات الجغرافية مثل «الشرق الاوسط» مؤكدا ان كثيرا من هذه المصطلحات لا يمكن استخدامها بدقة لأن المنطقة التي تنتمي اليها بعض الاعمال الفنية قد طرأ عليها تغيرات كثيرة عدة مرات. ويضم الكتاب خريطة توضح للقارئ كيفية استخدام مصطلح الشرق الاوسط ومصطلحات اخرى عديدة. ويشير المؤلف الى هذا المصطلح باعتبار تلك المنطقة التي تضم كل دول آسيا وغربي التبت فيما عدا شبه القارة الهندية. لكن عندما اراد المؤلف ان يشير الى سوريا في هذا الكتاب لم يكن يشير اليها كمنطقة جغرافية تشملها جمهورية سوريا الآن لكنه كان يشير اليها باعتبارها منطقة الشامل التي كانت قائة حتى اوائل القرن العشرين.. تلك المنطقة التي كانت تشمل فلسطين ولبنان والاردن وجزءا من جنوب شرق تركيا. ويستخدم المؤلف مصطلح «اسيا الصغرى» ويشير به الى تلك المنطقة التي تشمل الآن الاجزاء الغربية من تركيا والاناضول، وعلى الرغم من أهمية هذا الكتاب باعتباره وثيقة تاريخية اسلامية الا ان المؤلف للاسف الشديد اعتمد على المسميات الاوروبية لبعض الكلمات وليس المسميات العربية او الاسلامية. تطور المساجد يقول المؤلف ان الصلاة هي احد اركان الاسلام الخمسة، ويؤدي المسلم الصلاة خمس مرات في اليوم، لذا فان المسجد يحتل مكانة غالية في قلب كل سلم. ولذلك اهتم المسلمون ببناء وتشييد وزخرفة المساجد. ويضيف ان صلاة الجمعة تحظى باهتمام كبير بين المسلمين لذا فانه في كثير من الدول والمدن مثل دمشق وبغداد والقاهرة واسطنبول يوجد مسجد ضخم يسمى المسجد الجامع «اي مسجد الجمعة». ويؤكد المؤلف ان المسجد في صدر الاسلام لم يكن فقط مكانا للصلاة، لكنه كان مكانا لعقد الاجتماعات وغرفة للمشورة ومحكمة وبيت للمال وغرفة للعمليات العسكرية واصدار القرارات الادارية. وهو ايضا المكان الذي يلتقي فيه ا يضا التجار وطلاب العلم كما تتم فيه الموافقة على نشر الكتب بعد قراءتها بصوت عال على الحاضرين. كذلك كان المسجد مأوى لمن لا مأوى لهم كذلك كانت تقام المآدب فيه احيانا، لكل هذه الاسباب اهتم المسلمون بزخرفة مساجدهم والاعتناء بها.. وتكون الزخرفة اما بآيات من القرآن الكريم او باشياء متعلقة بالفن الاسلامي. ويذكر المؤلف ان جدران المسجد الكبير في دمشق والذي بناه الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك مزخرف بعدة صور لمباني جميلة ذات المناظر الرائعة وحدائق غناء وانهار جميلة وفيها انها تمثل الجنة التي وعد بها المؤمنون. ويقول عالم الجغرافيا في القرن العاشر «المقدس» ا لذي كان أبوه يعمل مهندسا معماريا ان الرسومات على جدران المساجد كانت تضم ايضا بعض المدن والاشجار. ويذكر الكتاب ايضا تطور بناء المساجد واضافة القباب والمآذن اليها ولا ينسى المؤلف ان يشير في كتابه الى منارة الاسكندرية. بين القصرين تحت عنوان «حياة القصور» يقول المؤلف ان السلطان محمود سلطان خازان امر ذات مرة ببناء جناح صنع من مواد غذائية كاللحم وامر السلطان علاء الدين فيقباد سلطان الاناضول ببناء قصر من الزجاج الخالص كذلك امر اولوج بيج حفيد تيمور حاكم سمرقند ببناء برج من السيراميك صنع في الصين لكي يكون صالة عرض لمجموعة الرسومات التي يقتنيها ويقول المؤلف انه استعان بنصوص وكتابات من العصور الوسطى لكي يستطيع وصف عصور تلك الحقبة والمواد التي صنعت منها. ويقول انه لم توجد كلمة واحدة في تلك النصوص والكتابات مرادفة لكلمة قصر باللغة الانجليزية «بالاس» بمعناها المعروف لكن الكلمة التي وردت في تلك النصوص كانت اشمل من ذلك المكان الذي يعيش فيه الشخص وعائلته ويضم كل ما يمكن ان يحتاجون اليه من مأكل ورفاهية وغير ذلك. فقد كانت كلمة قصر التي وردت في كتابات العصور الوسطى تعني مقر اقامة وقلعة او دار الاعمار الى جانب معاني اخرى عديدة.. باختصار كان القصر يعني مبنى اداريا اكثر منه دارا للسكن. ويقول المؤلف ايضا انه في بعض الدول مثل ايران وتركيا تستخدم كلمة «سراي» بديلا لكلمة قصر. وعن قصور القاهرة الفاطمية يقول المؤلف ان الحياة فيها كانت عبارة عن نتاج المنافسة مع قصور العباسيين في بغداد. وقد بدأ العمل في القاهرة بهذه القصور عام 969 لكن لا أحد يعلم تاريخ انشاء أول قصر. كان قصر المعز وهو قصر الخليفة المعز يقع شرق الميدان ثم انشأ خليفته العزيز قصرا اخر غرب الميدان. وكان يطلق الميدان على ساحة العروض العسكرية والتي كانت تشتهر باسم «بين القصرين» والتي لا تزال احدى المناطق الهامة في القاهرة تحمل ذات الاسم. وفي القرن الحادي عشر كان القصر يتكون من عشرة اجنحة كانت جميعها منفصلة لكن في سامراء كانت جميع الاجنحة مرتبطة عن طريق ممر تحت الارض كذلك كان القصر يضم مقبرة وكان احد اهم اسباب بناء القصور هو الحفاظ على الثروات التي كان يقتنيها الحكام. ويقول الشاعر الايراني والرحالة نصري خسرو في وصف احد القصور الفاطمية في منتصف القرن الحادي عشر «لقد رأيت عددا كبيرا من المباني والصالات والغرف.. وكان في احداها تاج بعرض الغرفة بأكملها وهذا التاج ثلاثة جوانب منه مصنوعة من الذهب محفور عليها بعض الرسومات مثل سباقات الخيول وغيرها». ويقول الشاعر الايراني: «ان جمال هذا التاج يصعب وصفه، لقد شاهدت ايضا شجرة مثل شجرة البرتقال او فروعها واوراقها وفاكهتها مصنوعة من السكر كما شاهدت ايضا الاف من التماثيل مصنوعة ايضا من السكر». مرة اخرى فان المصادر المختلفة تقدم انطباعا غامضا عن المباني نفسها حيث تقدم وصفا تفصيليا لمحتويات هذه المباني اكثر من الاهتمام بالهندسة المعمارية للقصر وهو اول شيء يلفت انتباه زائره، كانت القصور في العصر الفاطمي عبارة عن مخازن للكنوز ولا يزال يوجد حتى الآن جرد لاحد القصور الفاطمية مذكور فيه ما يلي: «الى جانب المنسوجات العباسية كان بالقصر احجار كريمة محفورة علي هيئة صخرة وقطع من شطرنج مصنوعة من العاج والابنوس واحجار اخرى كريمة وكذلك مئة فنجان واشياء اخرى ثمينة معظمها يحمل اسم الخليفة العباسي هارون الرشيد وغطاء من الذهب استخدمه ابن هارون الرشيد ليلة زفافه ومظلة خفيفة للوقاية من الشمش يدها مصنوعة من الذهب واخرى مصنوعة من الفضة بالاضافة الى 36 الف قطعة من الكريستال وطاووس من الذهب مرصع بالالماس وطاولة من العقيق الابيض وحديقة صناعية من الفضة وقارب مصنوع من الفضة.. الخ. المماليك والقلعة على الرغم من ان اواخر سلاطين المماليك كانوا اقل اهتماما بالعروض العسكرية الا انهم حافظوا على بعض الطقوس العامة التي انشأها الخلفاء الفاطميون وكانت الطبيعة الاستعراضية للعرض الملكي قد اثرت على الهندسة المعمارية للقاهرة ونشأتها من القصور والمساجد. ومن بين المباني الايوبية والمملوكية التي حلت محل القصور الفاطمية حول بين القصرين، ضريح الصالح ايوب وضريح قلاوون ومسجد برقوق ومسجد الناصر محمد وقصور البصري. كانت القلعة مقر الحكومة المملوكية التي بدأها صلاح الدين الايوبي عام 1183 أو 1184 على ربوة عالية جنوب المدينة، واستمرت عمليات الاضافة اليها واعادة بنائها حتى الايام الاخيرة للمماليك وما بعدها. وقد كتب خليل الزهيري احد جنود المماليك في القرن الخامس عشر: «نحتاج الى وقت طويل جدا اذا اردنا وصفا تفصيليا للقصور والغرف والصالونات والمعارض والقاعات والميادين والاسطبلات والمساجد والمدارس والاسواق والحمامات الموجودة في القلعة». الخيمة والقصر الفن والهندسة المعمارية الاسلامية هي نتاج الثقافة الحضرية لكن الحديث عن القصور الاسلامية يجب ان يشمل ايضا الدور الهام الذي لعبته الخيام فيها، وحتى بالنسبة للخلفاء الفاطميين في القاهرة كانت الخيام تشكل احد اهم الكنوز في قصورهم. واحد هذه الخيام كانت تحتاج الى مئة جمل لكي تحملها.. خيمة اخرى كان يطلق عليها «الخيمة القاتلة» لان شخصين على الاقل كانا يلقيان حتفهما في كل مرة يتم فيها نصب هذه الخيمة. فيلسوف شمال افريقيا والمؤرخ الاشهر في القرن الرابع عشر ابن خلدون اختص الخيام باعتبارها احد رموز السلطة الملكية والفخامة، ويقال ان احد خيام تيمور تم نصبها في سهل كاني جيل خارج سمرقند كانت تكفي لعشرة الاف شخص، وخيمة اخر كانت لها عدة ابواب وقبة وطابق علوي، اما الاثاث الذي كان بداخلها فكان من الحرير والذهب.. وكان بها سجاجيد ايرانية كما كانت تضم اواني صنعت في مصر وسوريا في اواخر العصور الوسطى. ويستعرض المؤلف في احد فصول الكتاب الفنون الاسلامية من النواحي العملية والتقنية والاقتصادية ويناقش نشوء نظام التصنيع في العديد من الدول الاسلامية بالشرق الاوسط. ويستعرض الفصل ايضا بعض هذه الصناعات مثل الفن المعماري والاعمال الخشبية والصناعات المعدنية مثل الالات الحربية والسيراميك وصناعة الزجاج والنحت على المواد نصف الثمينة مثل الكريستال والعاج وكذلك صناعة بعض انواع النسيج مثل غزل الحرير وصناعة السجاد. ويخصص الكتاب صفحات عديدة لتناول موضوع الحرفيين وتنظيم اعمالهم فيقول ان الحرف والصناعات البدوية انتشرت في كل من مصر وسوريا وشمال افريقيا بعد غزوها على يد السلطان سليم الأول في اوائل القرن السادس عشر. ويقول الكاتب التركي ايفيليا شلبي الذي زار القاهرة في سبعينيات القرن السابع عشر 1670 ان القاهرة يوجد بها حوالي ثلاثمئة نقابة للحرفيين وصناعات يدوية ولم يكن رؤساء هذه النقابات يختارهم الاعضاء لتمثيل مصالحهم ولكن الدولة هي التي كانت تعينهم عن طريق كبير القضاة في مصر. ويضيف الكتاب ان رئيس احد هذه النقابات في مصر كان يسمى «شيخ» ورئيس نقابة اخرى كان يسمى «نقيب». وكان الشيخ في مصر خلال العهد العثماني يمنح اجازة (شهادة) لأي شخص ينتج عملا حرفيا جديدا، ولم يكن يتم اختبار هذا العمل الفني فقط ولكن كان يتم الاحتفال بالشخص نفسه، وفي هذا الصدد يقول المؤرخ المغربي ليو افريكانوس عن هذه الاحتفالات: «عندما ينتهي احد الحرفيين من احد اعماله الفنية الجميلة غير المسبوقة يرتدي معطفا مطرزا بالحرير والذهب والفضة ويؤخذ من محل الى اخر كي يراه الحرفيون تصاحبه فرقة موسيقية في موكب اشبه بمواكب النصر ويقوم الجميع بمنحه بعض النقود تكريما له، ولقد رأيت شخصا في القاهرة اجريت له هذه المراسم». موضة القرن التاسع يقول المؤرخ العربي المسعودي في اوائل القرن العاشر ان تزيين المنسوجات والاقمشة والزجاج والسيراميك اصبحت موضة في منتصف القرن التاسع، وكان احد اشهر طرق رسم الكلمات على الاقمشة الاستعانة باحد الخطاطين الذي كان يكتب بعض الكلمات مثل التمنيات الطيبة بحظ سعيد او ما شابه ذلك وكذلك العديد من العبارات الاسلامية الجميلة. والى جانب عبارات الحظ السعيد كانت هناك عبارات اخرى تتسم بالطرافة مثل تلك العبارة التي وردت على سلطانية من ايام السلطان تيمور: «اذا كان الحساء جيدا فلا تشكو من الوعاء» او يمكن صياغتها هكذا: «اذا احببت الحساء فلا تشكو من الوعاء». كذلك كان يتم رسم بعض الحروف والكلمات على هيئة اشخاص الى جانب رسم بعض الاشكال الهندسية. قبة الصخرة تعد قبة الصخرة في بيت المقدس احد اهم واقدم المباني الاسلامية بدأ العمل في انشائها في ثمانينيات القرن السابع ومن المرجح ان يكون العمل فيها قد انتهى عام 892 خلال فترة حكم الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، ويتساءل الكتاب عن أهمية هذه القبة رغم انها ليست مسجدا او ضريحا او نحو ذلك. وهناك تفسيرات عديدة حول سبب بنائها ـ كما يقول المؤلف ـ بدأت منذ العصور الوسطى ابرزها انه عندما أسري بالرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة الاسراء الى السماء لمس هذه الصخرة. والكتاب بلا شك فيه جهد ضخم استعان المؤلف خلالها بمصادر متعددة من اجل الوصول الى مكنونات الفن الاسلامي بمختلف فروعه وفي جميع العصور الاسلامية. تأليف: روبرت ارون

Email