يستمد هذا الكتاب أهميته من انه يرصد بدقة، عبر الاحصاءات والوقائع والمقابلات الميدانية، مسيرة جانب بالغ الاهمية من ابناء الشعب الفلسطيني في الشتات، حيث نتابع ملامح الواقع السكاني للاجئين الفلسطينيين في سوريا والعلاقة المعقدة التي ربطتهم بوكالة «الاونروا» وتضاريس التكوينات السياسية والعمل الوطني في صفوفهم لنصل في النهاية الى موقفهم من حق العودة. ومؤلف الكتاب، علي بدوان، عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، عضو اتحاد الكتاب العرب، له العديد من الكتب التي تتناول ملامح ومحطات عديدة في كفاح الشعب الفلسطيني، احدثها «مخيم جنين» الذي نشرته «البيان» مؤخرا. إن النتائج المأساوية لنكبة 1948، وانفراط وحدة الشعب الفلسطيني بعد أن فشلت تجربة حكومة عموم فلسطين (80) التي حاربها نظام الملك عبدالله بكل طاقته، وتبدد آخر مرجعية وطنية لشعب فلسطين مع نهاية عام 1948، وما تلاها مع قرارات مؤتمر أريحا بوحدة الضفتين (81): كل هذه الإيقاعات التي تسارعت مع انتهاء جولات حرب 1948 جعلت من الحالة الفلسطينية الممزقة والمشتتة والفاقدة لأي من عناصر القوة، تفتش عن الحلول والخلاص تحت لافتة الشعارات القومية التي ضجت بها الساحة العربية خاصة في مصر وسوريا، وعلى قاعدة قومية المواجهة وبناء الاستعداد اللازم لمعركة فلسطين على أساس أن «الوحدة العربية الطريق إلى فلسطين». في هذه الفترة التاريخية المشار إليها ضاعت قضية فلسطين داخل أدراج الأمم المتحدة والقمم والاجتماعات الدولية والعربية، فيما اعتبرت الولايات المتحدة عبر وزير خارجيتها آنذاك جون فوستر دالاس ان الشعب الفلسطيني سيندثر تحت أقدام الفيلة، وأن الكبار يموتون والصغار ينسون (82). وعلى خلفية الروح القومية التي سادت الوسط الفلسطيني، تخرجت أول دفعة من الضباط الفلسطينيين من المدرسة العسكرية في منطقة قطنا غرب دمشق (مدرسة الضباط الفلسطينيين) (83) وأعطت العديد من الضباط الفلسطينيين الذين لعبوا دوراً في العمل العسكري ضد العدو الإسرائيلي إبان معارك نكبة 1948 وفي النهوض اللاحق للثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير وبناء جيش التحرير الفلسطيني (84). وكما تجمعت نذر الثورة والمقاومة داخل كل مواقع الشتات الفلسطيني، في قطاع غزة ولبنان والقدس والضفة الفلسطينية والأردن، شكل التجمع الفلسطيني اللاجئ إلى سوريا، حالة استقطابية فاعلة في ظل المد القومي الذي اجتاح سوريا سنوات الخمسينيات والستينيات، واندلاع ثورة الجزائر 1954 واكتساح الخطاب الناصري ميدان الفعل والعمل الجماهيري، وفي الفترة التي تلت. فانضوى العشرات من أبناء فلسطين في إطار الأحزاب الوطنية والقومية التي رفعت لواء قضية فلسطين فساد شعار «الوحدة طريق فلسطين» خاصة في إطار أحزاب: البعث، حركة القوميين العرب، الأحزاب القومية الناصرية، الحزب القومي السوري الاجتماعي. ووجود متواضع في إطار التيار الإسلامي. لعل أبرز النشاط السياسي والعملي للفلسطينيين في سوريا خلال العقدين المتتاليين من نكبة 1948 وقبل انطلاقة فصائل وقوى العمل الفدائي المسلح، تمحور حول البعث، وحركة القوميين العرب، و الاتجاه الناصري بعد الوحدة السورية/المصرية. في هذا السياق التقط الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حالة الاندفاع الفلسطيني باتجاه الحركة القومية وانضواء الألوف من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا إلى إطارات الأحزاب الناصرية الاتجاه العاملة فوق الساحة السورية. وتلمس تلك الخطوات بإعلانه عن إنشاء الاتحاد القومي العربي الفلسطيني في غزة 1958، وفي سوريا 1960 وسط التجمع الفلسطيني اللاجيء. فتم تشكيل أول مجلس تشريعي وتنفيذي فلسطيني وصدر دستور لقطاع غزة. وجرت انتخابات عامة في قطاع غزة وداخل تجمعات اللاجئين في سوريا عام 1960 في ظل الوحدة المصرية - السورية. وانتهت هذه التجربة في مايو 1964 مع تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية. وقبل تجربة الاتحاد القومي في كل من قطاع غزة وسوريا كانت قد تشكلت فوق الأراضي السورية، نوى فدائية مقاتلة على غرار النوى الفدائية التي تشكلت في قطاع غزة بإشراف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وتحت قيادة القائد المصري الشهيد المقدم مصطفى حافظ (85)بين أعوام 1952-1955، وذلك تحت إدارة الاستطلاع الخارجي للجيش العربي السوري، وانتظمت هذه النوى في إطار ما عرف باسم وحدة الفدائيين الكتيبة 68 (86)، وهي الوحدة التي نفذت أعمالاً قتالية شجاعة شمال فلسطين في الجليل وغور طبريا ضد أهداف عسكرية إسرائيلية في الخمسينيات، ووردت معلومات كافية عنها في كتاب خاص صدر عن وزارة الحرب الإسرائيلية أواخر السبعينيات وترجم إلى اللغة العربية، وسقط من أعضاء هذه الوحدة العديد من الشهداء، وضمت هذه الكتيبة إلى جيش التحرير الفلسطيني عقب تأسيسه في 1 سبتمبر 1964 باحتفال رسمي بدمشق حضره اللواء صلاح جديد، أحمد الشقيري، واللواء وجيه المدني قائد جيش التحريرالفلسطيني، ومصطفى سحتوت ممثل منظمة التحرير الفلسطينية بدمشق آنذاك (87). أما حزب البعث فقد قدم نفسه في الإطار القومي باعتباره حزب فلسطين، وطالب عبر مؤتمره القومي الرابع الذي انعقد في أغسطس 1963 بإنشاء كيان فلسطيني خاص وبناء جبهة شعبية متحدة، وانتهاج أسلوب حرب التحرير الشعبية، وضم في صفوفه المئات من الأعضاء الفلسطينيين الذين لعبوا دوراً مهماً في مسيرته، ورفدوا صفوفه الأولى بالاعضاء القياديين البارزين، خاصةً في الفترة التي سبقت الإنشقاق الأفقي والعامودي داخل صفوف البعث في فبراير1966، وعليه انطلقت منظمة الطلائع أثناء حرب يونيو 1967 كفصيل فدائي مسلح لحزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا، تنهج طريق حرب الشعب، وباتت تحمل بعد فبراير 1968 اسم منظمة الصاعقة (طلائع حرب التحرير الشعبية). أما منظمة الصاعقة، فقد انطلقت أثناء حرب يونيو1967 بقيادة: لطف غنطوس، عمر خليفة، عبد الله الحوراني، أميل صبيح تحت اسم منظمة الطلائع. وبعد مؤتمر الفصائل الفلسطينية الذي عقد في القاهرة (88)توحدت مع مجموعتين فلسطينيتين صغيرتين هما جبهة ثوار فلسطين بقيادة محمد أبو سخيلة، وجبهة التحرير الشعبية الفلسطينية بقيادة العقيد طاهر دبلان (89)، اضافة الى مجموعة «الجليل الأعلى» الفدائية، وباتت تحمل اسم: طلائع حرب التحرير الشعبية (قوات الصاعقة). وفي مقابلة خاصة مع يوسف البرجي أحد قياديي الصاعقة آنذاك وممثلها في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير فإن الشهيد صلاح خلف، أبو إياد، كان الشخص الذي أطلق اسم الصاعقة على هذه المنظمة مما حدا البعض للاحتجاج لانهم لايريدون لمنظمة الطلائع ان تستعير اسمها من البالماخ (البالماخ تعني بالعبرية الصاعقة، وهي اسم منظمة صهيونية في فلسطين قبل نكبة 1948) (90). وولدّت حالة التنافس بين جناحي البعث الدوافع الاضافية لتأسيس التنظيم الفدائي الفلسطيني المنضوي تحت الجناح الأخر من حزب البعث العربي الاشتراكي(91)، فتم تأسيس جبهة التحرير العربية، واقتصر نشاطها الفاعل لأشهر معدودة بين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا حيث انحاز لها وعمل في صفوفها العديد من القيادات البعثية في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في سوريا (92). ثم حظر نشاطها بشكل كامل مع القطيعة التي تكرست بين طرفي البعث (93). البدايات الكفاحية إن البدايات الفلسطينية الكفاحية التي انطلقت من مخيمات قطاع غزة تحت رعاية عبد الناصر، تسارعت مفاعيلها مع عدوان أكتوبر1956 على مصر وقطاع غزة، وأشر التطور المتواصل الذي تراكم في قطاع غزة منذ الخمسينيات نحو مزيد من البلورة للشخصية الوطنية الفلسطينية. وساعد من هذا تزايد انطلاق العمليات الفدائية من الأراضي السورية التي تمت بشكل فردي أو مؤطر بحدود معينة، فضلاً عن معارك التراشق الحدودي بين القوات السورية والعدو الإسرائيلي، ومواجهات بحيرة طبريا (94)، ومعركة تحويل مجرى نهر الأردن والوضع المحيط بالتجمع الفلسطيني اللاجئ على أرض سوريا. فقد تبلور أول تنظيم فلسطيني بعد نكبة 1948 من خلال مجموعة من الطلبة الفلسطينيين الدارسين في جامعة دمشق، حيث حمل اسم «تنظيم شباب فلسطين» ويعتبره البعض بمثابة أول تنظيم فلسطيني بعد النكبة، وبرز من قيادييه عبد الله الدنان أحد مؤسسي حركة فتح وعضو لجنتها المركزية في وقت لاحق، وحاول هذا التنظيم التوحد مع حركة فلسطينية صغيرة حملت اسم «أبطال العودة» نشأت داخل التجمع الفلسطيني في مخيم العائدين في مدينة حمص وسط سوريا، ومن بين أعضاء تنظيم «شباب فلسطين»: محمود عباس (أبومازن)، نامق أبو عابد، عمر الحوراني، يحيى البنا، المحامي ظافر بن خضراء (95)، محمود المغربي (96)... أما تنظيم «أبطال العودة» الذي نشأ في مخيم الوليد بمدينة حمص فكان تحت قيادة العميد منيب المجذوب، علماً أن هناك تنظيم آخر حمل الإسم ذاته نهاية العام 1967 وكان جزءاً من ائتلاف الجبهة الشعبية بقيادة صبحي التميمي، وفايز جابر. وحمل تنظيم آخر اسم «كتائب العودة» في النصف الثاني من ستينيات القرن المنصرم وظهر في مخيم العروب (الخليل) بقيادة الشهيد طلعت يعقوب وعبد الفتاح غانم، وانضم إلى (الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة) وخرج منها منتصف العام 1976 في سياق انشقاق جبهة التحرير الفلسطينية (97). واستمر هذا التنظيم حتى تلاشى إلى ثلاث كتل: كتلة التحقت بحركة القوميين العرب، وكتلة التحقت بالبعث، وكتلة ثالثة شكلت مجموعة عصبة اليسار الثوري الفلسطيني (98). و التي رفضت الانضمام إلي أي حزب شيوعي بسبب مواقف الشيوعيين من قرار التقسيم، وانضمت بعد انطلاق العمل الفدائي المسلح إلى تنظيم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. كما وبرز على الساحة الفلسطينية في سوريا تنظيم جبهة التحرير الفلسطينية عام 1959 كقوة فدائية مسلحة (فرقة عبد القادر الحسيني، فرقة عبد اللطيف شرورو، فرقة عز الدين القسام) مارست أعمال فدائية تحمل سمات البطولة ضد العدو الاسرائيلي انطلاقا من الأراضي السورية و الأردنية، و حملت لاحقا اسم (الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة) (99) بعد خروجها من اطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي توحدت به اواخر عام 1967 بقيادة: الضابط الفلسطيني في الجيش العربي السوري أحمد جبريل، المرحوم علي بوشناق، طلال ناجي، فضل شرورو، المرحوم كايد سليماني، زكي الزين (100)... أما المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين التي تأسست عام 1964 عشية الدورة الأولى للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد اجتماعاته في مدينة القدس، من ثلاثة روافد: يساريون من القوميين العرب والمتنورين أغلبيتهم من مخيمات اللاجئين في سوريا، أعضاء سابقون في حزب البعث العربي الاشتراكي، أعضاء سابقون في الحزب الشيوعي الأردني ومن الجالية الفلسطينية في الكويت ومن الأردن، فقد التحقت أفراد بصفوف الجبهة الديمقراطية في يونيو 1969 (101). ولم يعمر طويلا تنظيم جبهة التحرير الوطني الفلسطيني (ج.ت.ف) الفدائي العسكري الذي تشكل داخل أوساط اللاجئين في سوريا بين أعوام 1968 ـ 1972 بقيادة حسن الصباريني (أبوحلمي) عضو المجلس الوطني الفلسطيني فالتحق بأغلبية أعضائه إلى صفوف حركة فتح (102). أما الشيوعيون الفلسطينيون في سوريا فقد كانوا بلا إطار تنظيمي، والعديد منهم جاء من عصبة التحرر الوطني في فلسطين قبل النكبة (103).وبعد العام 1970 أنشأ الحزب الشيوعي السوري دائرة تنظيمية خاصة للفلسطينيين المنضوين تحت إطاره (104)، وما لبث أن استقل الفلسطينيون عن الحزب الشيوعي السوري في مايو1982 بعد الإعلان عن إعادة بناء الحزب الشيوعي الفلسطيني (حزب الشعب الفلسطيني حاليا) في 11 فبراير 1982 وانفصال الاخير عن الحزب الشيوعي الأردني بالنسبة للفلسطينيين خارج الأردن، فعقدوا مؤتمراً تنظيميا حصلوا بموجبه على موافقة الحزب الشيوعي السوري بالانضمام للحزب الشيوعي الفلسطيني الوليد (105)، بينما بقيت مجموعة فلسطينية صغيرة ومستقلة حملت اسم «عصبة الشيوعيين الفلسطينيين» في سوريا واستمرت بإصدار صحيفة شهرية تحت اسم «عائدون» لكن هذه المجموعة تلاشت و لم تلبث أن تحولت إلى أفراد من المثقفين النشطاء أواسط العام 1985 (106). وكانت الأحزاب الشيوعية في المشرق العربي تنظر للعمل الفدائي الفلسطيني باعتباره ظاهرة مغامرة ومراهقة بالمعنى السياسي، إلى أن ضغط قواعد هذه الأحزاب والتشققات التي بدأت تظهر في صفوفها على خلفية الموقف من العمل الفدائي والقضية الفلسطينية دفعها نهاية العام 1970 لاعلان تشكيل «قوات الأنصار» من الشيوعيين الفلسطينيين والعرب في الأحزاب الشيوعية العربية الثلاثة: الأردني، السوري، العراقي. إلا أن هذه التجربة لم تلبث أن توقفت بعد الخروج الفلسطيني المسلح من الأراضي الأردنية. فعاد والتحق عدد من أفراد قوات الأنصار بصفوف الجبهتين الديمقراطية والشعبية (107). وشكلت حركة القوميين العرب الجناح الأخر في الحركة القومية الفاعلة في المشرق العربي حضوراً وعملاً. ثلاث مجموعات يمكن القول أن الفرع الأردني - الفلسطيني لحركة القوميين العرب كان ـ تاريخياً ـ قد تألف أساساً من ثلاث مجموعات نشأت في الجامعة الأميركية في بيروت (108): ـ المجموعة الأولى وهي الأقدم ومن أبرز عناصرها: حمد الفرحان وعلي منكو. ـ المجموعة الثانية ضمت نزار جردانة، حاتم علوش، صلاح عنبتاوي. ـ والمجموعة الثالثة كانت تضم جورج حبش ووديع حداد. بينما تشكلت قبل هذا كتائب الفداء العربي من جورج حبش، هاني الهندي، جهاد ضاحي وحسين توفيق من مصر وآخرين. واستهدفت الخونة بالدرجة الأولى، ثم الانجليز فإسرائيل. وهناك منظمة ثانية حملت اسم كتائب الفداء القومي، التي انطلقت من مدينة حماه نحو فلسطين أثناء حرب 1948، وضمت في صفوفها مئات المتطوعين الحمويين وفي مقدمتهم أكرم الحوراني عضو مجلس النواب الوحيد في سوريا الذي ترك النيابة إلى الجهاد في فلسطين ومعه من ضباط الجيش السوري أديب الشيشكلي، عبد الغني قنوت، مصطفى حمدون وآخرين (109). بينما تشكلت كتائب الفداء العربي بعد النكبة واندمجت بها منظمة ـ العربية الفتاة ـ بقيادة حسين توفيق وعبد القادر عامر(110)، كما اندمجت بها مجموعة جورج حبش ـ هاني الهندي التي تشكلت في بيروت (الجامعة الاميركية)، وتم الاندماج تحت اسم كتائب الفداء العربي بقيادة جهاد ضاحي ولجنة خماسية لها مؤلفة من (جهاد ضاحي، هاني الهندي، جورج حبش، حسين توفيق، عبد القادر عامر) (111). شهد فرع حركة القوميين العرب في سوريا تطوراً ملحوظاً مع بدايات الستينيات، حيث التحول البرنامجي السياسي/التنظيمي/الايديولوجي في فروع الحركة خاصة مع انعقاد مؤتمر أبريل 1963 في بيروت، والتأسيس لانطلاقة الجناح العسكري الفلسطيني من رحم الحركة بمشاركة بعض المجموعات الفلسطينية تحت اسم: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في 7/12/1967، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في 22/2/1969 فقيادة الحركة كانت قد اتخذت قرارها عام 1960 بتكوين جهاز فلسطيني خاص عرف باسم «إقليم فلسطين» عام 1964 (112). من خلال فرز كادرات هذا الإقليم من الفلسطينيين المنتمين للحركة من مختلف مناطق تواجدهم، وتم بعد ذلك عقد مؤتمر لإقليم فلسطين، والبدء باتخاذ خطوات الإعداد للعمل الفدائي المسلح، ونفذت أولى العمليات الفدائية الاستطلاعية شمال فلسطين المحتلة يوم 21 اكتوبر 1966 (113). وشكلت الحركة في مخيمات لبنان نوى عسكرية فدائية مقاتلة من كوادر وإطارات الحركة واللاجئين المقيمين في سوريا ولبنان بقيادة الشهيد عبد الكريم حمد قيس( أبو عدنان)، كما تشكلت وحدات شباب الثأر بقيادة الشهيد الدكتور وديع حداد (أبوهاني) (114). وبرز من قيادات وكوادر الجناح الفلسطيني لحركة القوميين العرب في سوريا العديد من الكوادر الذي أسسوا لانطلاقة كل من الجبهتين الديمقراطية والشعبية لتحرير فلسطين (115). وهكذا كانت الجبهة الشعبية عبر انطلاقتها المسلحة 9 ديسمبر 1967 اضافة نوعية في الفعل الفلسطيني المقاوم، وتشكلت من إئتلاف: ـ حركة القوميين للعرب وجناحها العسكري «شباب الثأر» بقيادة الشهيد القائد الدكتور وديع حداد. ـ مجموعة الضباط الأحرار (ناصريين) بقيادة النقيب الشهيد أحمد زعرور، وشكلت هذه المجموعة بعد خروجها من ائتلاف الجبهة الشعبية في أغسطس 1970: منظمة فلسطين العربية (116). ـ تنظيم جبهة التحرير الفلسطينية ( فرقة الشهيد عبد القادر الحسيني، فرقة الشهيد عز الدين القسام، فرقة الشهيد عبد اللطيف شرورو ) بقيادة: أحمد جبريل، الشهيد علي بشناق، طلال ناجي، فضل شرورو. التي حملت بعد خروجها من إئتلاف الجبهة الشعبية عام 1968 اسم (الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة). ـ مجموعة أبطال العودة - بقيادة كل من: الشهيد فايز جابر (أبونافذ) (117)، وصبحي التميمي (أبوجبريل). وتشكلت منظمة أبطال العودة بمساندة ودعم مالي وعسكري من قيادة منظمة التحرير بزعامة أحمد الشقيري وجيش التحرير الفلسطيني بقيادة قائد الجيش اللواء وجيه المدني. وعادت واستقلت عن الجبهة الشعبية على شكل مجموعات وأفراد بدءً من عام 1975 (118). وتشكلت قيادة موحدة لائتلاف الجبهة الشعبية ونفذت الجبهة أول عملية نوعية تمثلت بالهجوم الأرضي على مطار اللد، وهي العملية العسكرية الفدائية الواسعة لمقاتلي الثورة الفلسطينية من أبناء ائتلاف الجبهة الشعبية داخل عمق فلسطين المحتلة عام 1948 (119). وبكل الحالات، شكلت الجبهة الشعبية إضافة جديدة للعمل الفلسطيني السياسي والمقاوم، وأضحت تشكيلاً رئيسياً في صفوف الشعب الفلسطيني، وفي إطار منظمة التحرير الفلسطينية (120). من جانب أخر فان العديد من التشكيلات السياسية والفدائية الفلسطينية التي نشأت فوق الأراضي السورية، أو كان لها إمداداتها داخل الوسط الفلسطيني في سوريا قد تلاشت ولم تستطع أن تواصل طريقها لأسباب مختلفة (121). وبقي الحضور الفلسطيني في سوريا داخل اطر الحزب القومي السوري الاجتماعي متواضعاً بعد عام 1956 اثر اغتيال الشهيد العقيد عدنان المالكي وملاحقة الحزب في سوريا خلافاً لما كان قائماً قبل التاريخ المذكور، فتراجع حضور الحزب في التجمعات الفلسطينية فوق الأراضي السورية، وتركز في لبنان (122). الهوامش (80) ـ حكومة عموم فلسطين أقامها مفتي فلسطين المرحوم الحاج أمين الحسيني في قطاع غزة بتاريخ 1 اكتوبر 1948 لكنها لم تحظ بالاعترافات العربية المطلوبة، فتم إجهاضها ولم ينجح الفلسطينيون في بناء كيان وطني على ما تبقى من أرض فلسطين بعد عام النكبة. (81) ـ مؤتمر أريحا رتبه ودعا إليه الملك عبد الله بتاريخ 1/12/1948، وفيه أعلن عن ضم القدس الشرقية والضفة الغربية إلى الأردن أو ما سمي «بوحدة الضفتين». (82) ـ موقف وزير الخارجية الأميركية جون فوستر دالاس أمام الرئيس دوايت أيزنهاور الذي عرض مشروع عودة محدودة لبضعة آلاف من اللاجئين الفلسطينيين وتوطين الباقي في سياق التصور الأميركي لحل قضيتهم. (83) ـ أول مدرسة عسكرية لتخريج الضباط الفلسطينيين، أنشئت بقرار من الجامعة العربية قبل سقوط فلسطين بأشهر قليلة. (84) ـ يمكن العودة إلى «الحياة» اللندنية ـ 15مايو 2000 مقال: ذكريات عن مدرسة الضباط الفلسطينيين في قطنا. كذلك جريدة «الحياة» اللندنية ـ 10 أغسطس 2000 ـ مقال: المقدم حسن أبو رقبة: دولة الوحدة اتهمتنا». (85) ـ ضابط في الجيش المصري استشهد بعملية اغتيال إسرائيلية باستخدام طرد بريدي عام 1956، وهي أول عملية اغتيال يقوم بها «الموساد» خارج حدود فلسطين. (86) ـ تتبع للجيش العربي السوري ـ وحدة خاصة للاستطلاع الخارجي والعمل الفدائي في فلسطين على امتداد سنوات الخمسينيات والستينيات، حيث شكل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا قوامها الرئيسي، ومن شهدائها: مفلح السالم، علي الخربوش، سبع السباعي. (87) ـ تم رفد حركة فتح بالعديد من أعضائها (الشهيد جلال كعوش.....). (88) ـ عقد المؤتمرالمشار إليه في القاهرة يوم 17يناير 1968 وبرز فيه هيمنة حركة فتح التي كانت عملياً تهيء نفسها للسيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية. (89) ـ بعد الاندماج مع منظمة الصاعقة عاد العقيد طاهر دبلان وأسس مجموعة صغيرة في عمان/الأردن أسماها «كتائب النصر الفدائية» تلاشت بعد الخروج الفلسطيني المسلح من الساحة الأردنية. واعتقل عام 1970 على يد شرطة الكفاح المسلح الفلسطيني (الشرطة العسكرية) وسلم الى السلطات الأردنية التي اتهمته باطلاق النار على موكب الملك حسين وقيام مجموعته بممارسات مخلة بالأمن في شوارع عمان واربد، واعتقل معه بحدود 50 عضواً من مجموعته، أطلق سراح معظمهم بعد العام 1973، وتوفي دبلان في الكويت أواسط السبعينيات من القرن الماضي. (90) ـ تناوب على قيادة منظمة الصاعقة: عضوا القيادة القطرية (الفلسطينية/الأردنية): (يوسف البرجي وهاشم الهنداوي)، ثم (ضافي الجمعاني/أبوموسى) حيث بقي يوسف البرجي ممثلا للصاعقة في اللجنة التنفيذية للمنظمة إلى حين الخروج الفلسطيني المسلح من الأردن، ثم الشهيد (زهيرمحسن)، ثم (عصام القاضي). (91) ـ الجناح الذي كان يعرف باسم «تيارالقيادة القومية». (92) ـ منهم المرحوم أحمد المرعشلي عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، والشهيد كمال كعوش المسئول العسكري لجبهة التحرير العربية، وكان الشهيد الأول للجبهة من الفلسطينيين في سوريا. (93) ـ تأسست جبهة التحرير العربية في7 ابريل 1969 وتناوب على أمانة سرها بالترتيب: الدكتور زيد حيدر، المرحوم أحمد المرعشلي، الشهيد الدكتور عبد الوهاب الكيالي، الشهيد المهندس عبد الرحيم أحمد، ركاد سالم. وانضوت بعد فترة وجيزة من تأسيسها في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وكافة مؤسساتها (اللجنة التنفيذية، المجلس المركزي، المجلس الوطني..) ومن بين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا الذين لعبوا دوراً في صفوفها برز المرحوم أحمد المرعشلي عضو القيادة القومية، والشهيد كمال كعوش المسئول العسكري للجبهة وتشكيلات جبهة الرفض الفلسطينية. (94) ـ وقعت معارك جوية فوق بحيرة طبريا أعوام (1963 ـ 1964 ـ 1965 ـ 1966)، منها المعركة التي جرت يوم 20 أغسطس 1963 حين واجهت طائرات ميغ 17 السورية طائرات الميراج الإسرائيلية فأسقطت إحداها فوق البحيرة. وفي يوم 14 يوليو 1966 وقعت مواجهة أخرى أسقطت من خلالها الطائرات السورية طائرتين إسرائيليتين فوق البحيرة. أما المواجهة الجوية الكبيرة فقد حدثت يوم 15 أغسطس 1966 حين هاجمت الطائرات السورية الزوارق الإسرائيلية التي كنت تطلق نيرانها من بحيرة طبريا باتجاه المواقع السورية، فتم تدمير وإحراق 11 زورقاً إسرائيلياً ( أنظر كتاب: هضبة الجولان الشرعية الدولية أم تربيع الدائرة ـ علي بدوان ـ دار الميزان ـ دمشق 1999). (95) ـ أستاذ محام من مدينة صفد، عضو المجلس الوطني الفلسطيني، والمحامي القانوني المكلف بالقضايا القانونية المتعلقة بمنظمة التحرير الفلسطينية في القطر العربي السوري. (96) ـ محمود المغربي من مواليد حيفا، لجأت أسرته إلى سوريا عام النكبة. عمل في الخليج العربي وليبيا، وأصبح أول رئيس لوزراء ليبيا بعد ثورة الفاتح من سبتمبر التي قادها العقيد معمر القذافي، وبقي في منصبه عاماً ونصف العام. (97) ـ كتاب: سوريا واللاجئون الفلسطينيون العرب ـ المحامي ظافر بن خضراء ـ دار كنعان / دمشق 1998 ص 15. (98) ـ من أبرز قادة عصبة اليسار الثوري الفلسطيني المحامي موسى سويد. (99) ـ لمزيد من التوضيح يمكن العودة إلى كتاب طلال ناجي: في الخيمة الأخرى ـ بيروت ـ 2001. وكتاب الدكتور يزيد صايغ: رفض الهزيمة - بدايات العمل المسلح ـ الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية - بيروت 1992. (100) ـ أما جبهة التحرير الفلسطينية التي تأسست أواسط العام 1976 فقد تشكلت إثر انشقاق (أفقي/عمودي) وقع داخل صفوف (الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة). (101) ـ منهم: يسار عسكري العضو السابق في القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي وسفير الجامعة العربية في كندا، العقيد عبد العزيز الوجيه قائد قوات التحرير الشعبية، البروفيسور خليل الهندي (مدرس في علوم الهندسة الكهربائية في إحدى الجامعات البريطانية)، عبد اللطيف أبو جبارة، العقيد سمير الخطيب، محمد يوسف كراجة ( أبو خالد نجد )، يونس يونس، محمد الريماوي، الفنان التشكيلي توفيق عبد العال، الفنان التشكيلي عبد الرحمن مرضعة، حمزة برقاوي، حمود الشوفي ( عضو سابق في قيادة حزب البعث، والامين القطري للحزب )، مريم نجمة، جريس الهامس.. (102) ـ كما كانت قد انضمت إلى حركة فتح قبل ذلك بقليل «الهيئة العاملة لتحرير فلسطين» وهي منظمة فدائية أنشأها الشهيد الدكتور عصام السرطاوي. (103) ـ عصبة التحرر الوطني في فلسطين كانت بمثابة الحزب الشيوعي الموحد بين العرب واليهود. تشكلت في يافا بدعم من الكومنترن في موسكو عام 1919 بقيادة عربية فلسطينية ويهودية: رضوان الحلو، محمود الأطرش، طاهر المغربي، عبد الغني الكرمي، حسن ملك، نجيب فرنجية، الياهو تيبر (أبوزيام)، جوزف برغر برزيلاي، موشي مزراحي، نحمان ليتفيسكي، يانكل بيرمان. (104) ـ بقيادة الضابط الفلسطيني المسرح من الجيش المرحوم سعد عزوني. (105) ـ يعتبر حزب الشعب الفلسطيني الموجود داخل الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل رئيسي الوريث للحزب الشيوعي الفلسطيني الذي جاء من رحم الحزب الموحد مع الشيوعيين الأردنيين، وهذه التشكيلات + الحزب الشيوعي الإسرائيلي (راكاح) تعود جميعها إلى عصبة التحرر الوطني التي تأسست في يافا/فلسطين عام 1919. (106) ـ حوار مع الكاتب الفلسطيني حمد الموعد. كذلك يمكن العودة إلى كتاب: العمل الشيوعي الفلسطيني في سوريا - حمد الموعد - دار كنعان / دار الطليعة / دمشق 1995. (107) ـ أصابت التشققات المشار إليها الحزبين الشيوعيين في سوريا، وفي الأردن (اتجاه السلافتة: نسبة للمرحوم فهمي السلفيتي الذي شدد على اعتبار العمل الفدائي ظاهرة مغامرة). (108) ـ أنظر: كتاب الباحث محمد جمال باروت ـ حركة القوميين العرب - النشأة / المصائرـ ص 32. (109) ـ اكرم الحوراني - سنوات الثلج والنار - الشرق الأوسط اللندنية 6 يوليو 1997 ـ الحلقة 34. (110) ـ لجأت من مصر إلى سوريا بعد اغتيال أمين عثمان وزير المالية المصري. (111) ـ ويؤرخ هذا كتاب باروت المذكور ص 37، 38 وبشهادات جهاد ضاحي. (112) ـ لمزيد من التفاصيل يمكن العودة إلى كتاب: اليسار الفلسطيني المسلح ( مصدر سبق ذكره ) ـ الحركة واليسار وبدايات العمل المسلح ـ ص 65. (113) ـ وقعت العملية الفدائية الأولى للجناح العسكري الفلسطيني لحركة القومية العرب شمال فلسطين في الجليل الأعلى 21/10/1966، وسقط أربعة شهداء: خالد الحاج أبو عيشة، محمد حسين اليماني، رفيق محمد عساف، سعيد العبد سعيد. (114) عرف بلقب الجراح الذي قبض على مطارات العالم ذات مرة. (115) ـ أغلبية الأسماء وردت في مقابلة خاصة مع جورج كتن. (116) ـ أعلنت منظمة فلسطين العربية ذات الاتجاه الناصري عن حل نفسها منتصف العام 1972 والتحاق أعضائها بحركة فتح. (117) ـ استشهد لاحقاً في عملية مطار عنتيبي في أوغندا يوم 4يونيو 1976 ـ أثناء الاشتباك مع وحدة الكوماندوس الإسرائيلية التي حضرت لإنقاذ الطائرة الفرنسية المختطفة وعلى متنها ركاب إسرائيليون. (118) ـ أعلن عبد الرحيم جابر في المجلس الوطني الفلسطيني/الدورة السابعة عشرة (عمان/الأردن) ـ نوفمبر 1984 ـ خروج أخر عضو من أبطال العودة من عضوية الجبهة الشعبية. (119) ـ معركة مطار اللد ـ 11 ديسمبر 1967 ـ نفذها مقاتلو ائتلاف الجبهة الشعبية بعد إتمامهم الدورات العسكرية الخاصة في قواعد جبهة التحرير الفلسطينية في سوريا معسكر عين السخنة ( دوما ) . بقيادة محمد جابر شتا، واستشهد فيها من أبناء مخيم اليرموك الشهيدان كامل ناصر وصائب سويد، والشهيد إبراهيم النجار من مخيم الامعري. (120) ـ لمزيد من الاطلاع يمكن العودة إلى العديد من المراجع، منها: ـ كتاب الدكتور يزيد صايغ: رفض الهزيمة - بدايات العمل المسلح ـ الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية - بيروت 1992. ـ كتاب باسل كبيسي: حركة القوميين العرب ـ تعريب نادرة الخضيري الكبيسي ـ مؤسسة الأبحاث العربية - بيروت - الطبعة الرابعة، 1985. ـ كتاب: حبش في حوار شامل مع محمود سويد - مؤسسة الدراسات الفلسطينية / بيروت / ابريل 1998. ـ كتاب: المسار الصعب - المقاومة الفلسطينية - رياض نجيب الريس - دنيا حبيب نحاس- دار النهار - بيروت - 1976. ـ كتاب: حكيم الثورة - قصة حياة جورج حبش - فؤاد مطر - دار هاي لايت - لندن - طبعة أولى - 1983. (121) ـ مثال هذه القوى: الجبهة الشعبية الثورية بين أعوام 19721974 بقيادة المرحوم حمد الفرحان (أبوشهاب) والعديد من الكوادر الفلسطينية المعروفة في المخيمات الفلسطينية في سوريا. (122) ـ يشير المحامي ظافر الخضراء عضو المجلس الوطني الفلسطيني بأن الغالبية من قادة وكوادر القوى الحزبية في الجامعة السورية (جامعة دمشق) من القوى الإسلامية إلى القومية إلى الحزب القومي السوري الاجتماعي كانت من الطلبة الفلسطينيين.