النقد والإبداع

ت + ت - الحجم الطبيعي

أفرز الملتقى الثالث لنقد المسرح العربي، الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح، في الشارقة ( 15-16 ) أكتوبر الماضي، الحالة الراهنة النقدية التي يعاني منها المسرح العربي مثلما المحلي، وأهمية مواكبة النقد للعملية الإبداعية على مستوى الفن والأدب، وما يشكله من قراءة إبداعية أخرى، تقف جنباً إلى جنب، مع خلق الإبداع.

وكشف الملتقى أيضاً، عن تراجع الحركة النقدية العربية، بعد أن وصلت ذروتها مع أعلام النقد، أمثال : محمد مندور، لويس عوض، على جواد الطاهر، فاروق عبد القادر. وغيرهم من النقاد الأعلام في العالم العربي. ووجهت كل الأوراق المقدمة تقريباً الدعوة لتنشيط النقد وممارساته، إلا أن هذه الدعوة تبقى منقوصة، في تصوري، إذا لم تواكبها حملة لتشجيع الشباب لدخول الكليات والجامعات التي تدرس النقد وأساليبه ومناهجه، تأسيساً لحركة نقدية شبابية علمية تتسلح بما تنهله من هذه التخصصات، وترسيخ تقليد لا بد من احترامه في الأوساط المسرحية في تقبل النقد، وممارسات الحوارات التي تحمل الضدين. وخاصة الآراء الأخرى المبينة على مبدأ احترام الرأي والرأي الآخر. إلا أن الواقع يدعونا لتصحيح مسار ما يسمى خطأ في النقد، بعد أن تفشت الآراء الانطباعية التي تكرسها المهرجانات والملتقيات المسرحية، والتي يدخل معظمها في إطار المزايدات والاستعراضات، التي بلا شك تضر بالحركة المسرحية، سواء كانت مدحاً أو ذماً، إن صح تعبيري على اعتبار أنها ليست آراء نقدية، أضف إلى ذلك كتابات بعض الصحافيين المحترفين الذين يكتبون عن كل المعارف الثقافية والعلمية، على حد السواء، وهم بلا تخصصات إلا فيما يحملون من مهارة مهنية صحفية. وقد يكون بعضهم نقل من قسم المحليات أو أقسام الجريدة الأخرى، ليصبح قلمه ناقداً، وبالتالي نجد أنفسنا أمام حالة لا بد من دراستها. وأيضا التعاون مع إدارات الصحف والمجلات للفرز ما بين المحرر الصحافي، الذي يقوم بنقل الحدث ووصفة والتعليق عليه. وهذه مهمة يحتاجها المسرح ويركز عليها، وبين دور الناقد وأهميته، خاصة حينما نقرأ العرض المسرحي، مقارنة بالنص من خلال زوايا مختلفة وبشكل موضوعي علمي.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي ندعو فيها لتصحيح مسار الكتابات النقدية، والتركيز على النقد، لا على ما يسمى بالنقط الانطباعي أو الصحافي، إذ لا بد من تخصصات مرتبطة بتأسيس علمي سليم، فالمسرح كما هو الفن عموماً، يتميز بخصوصياتها وتنوع أساليبه ومناهجه وتطلعاته، وإن الدراسات النقدية ستساهم بلا شك، في تطوير الحركة الإبداعية، لذا نجد أن بادرة الهيئة العربية للمسرح، جاءت متوازنة ومتوازية مع المتطلبات الأساسية في تطوير حركة المسرح، لا على المستوى المحلي فحسب، بل وكل مسارح الوطن العربي.

إن العملية الإبداعية تحتاج إلى بعد نقدي، يساعدها على فهم أعمق وأوسع لفن الدراما.

Email