كتب عن العمارة وروادها مليئة بالغضب على سياسات التحديث الأخيرة

مؤلفات 2012..قراءات تُبحر في عوالـم الفن والمعمار

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أجرت صحيفة "أوبزرفر" البريطانية، في ملحقها "نيو ريفيو"، أخيراً، مراجعة لأفضل الكتب الفنية والمعمارية الصادرة في بريطانيا لعام 2012، تناولت فيها حياة وأعمال المعلمين الكبار، القدامى والمعاصرين.

 وتبين أن الكتب الفنية الأفضل لعام 2012، عالجت أعمال عدد من الرسامين الشهيرين، أمثال: تيتيان، مايكل أنجلو، سيزان، ليوناردو دي فينشي، فيرمير، بيليني. وغيرهم، إذ كافح مؤلفوها لتفسير قدرة هؤلاء المبدعين لإيجاد عوالم جديدة تتجاوز القدرات البشرية، وتحول الواقع إلى عالم يلمع نضارة، والمناظر الطبيعية إلى رؤى من المستقبل.

 

حوت المجموعة المختارة، عن العمارة، ما يلائم كل ذوق. فضمت كتباً مليئة بالغضب، لما شهدته العمارة في بريطانيا أخيراً، من تحديث، في مقابل الاندهاش بالأماكن المهملة، وكذلك حوت كتباً تكشف عن ثراء الاختراعات والتجارب الخاصة بالعمارة على مدى قرن ونيف، بما في ذلك المدارس المعمارية المجهولة والرؤى المنسية، وأخرى تتناول الحداثة الأميركية في منتصف القرن الماضي، وغيرها الكثير. تضم قائمة أهم الكتب الفنية الصادرة عام 2012، بحسب الناقد في صحيفة "أوبزرفر"، بيتر كونراد:

 

تيتيان

يتحدث كتاب "تيتيان: حياته" (رقم 1 في الترتيب)، للباحثة شيلا هيل، الصادر عن دور نشر "هاربر برس"، عن رسام عصر النهضة في البندقية، خلال القرن السادس عشر. ويقول الناقد كونراد، إن مهمة الكتابة ضمنه، كانت شائكة، فتيتيان، على الرغم من أنه كان أحد أعظم الرسامين في عصره، وعاش حياة مديدة، واحتفي به من قبل المشاهير.

وكذلك كان مذعناً لرغبة الحكام الذين رسمهم، لم يترك إلا آثاراً شخصية قليلة من حياته، ومعظم رسائله التي نجت من الدمار، تتحدث عن فواتير غير مدفوعة، فهو على ما يبدو لم يكن منغمساً في ملذات الحياة، كغيره من الرسامين الكبار.

وتصف هيل في كتابها، رسومات تيتيان بالـ "شكسبيرية"، موضحة أنه، في الوقت ذاته، متذوق الفردانية الإنسانية. وتؤكد أن هذا بقي، كما شكسبير، مجهولاً إلى حد ما، وعسيراً على الوصف. لذلك، تستعيض كاتبة سيرته الذاتية عن ذلك النقص، باستحضار "الأيام الرائعة" التي عاشها هذا الرسام، في إسراف وانغماس، في مدينة البندقية.

 

أنجلو

لا يرى الناقد كونراد، أن كتاب "مايكل أنجلو: تحقيق الشهرة 1475-1534": (الكتاب هو رقم 2 في الترتيب)، الصادر عن "مطبعة جامعة يال"، للكاتب مايكل هيرست، يمثل أثراً ملحمياً مهماً.

كما سابقه، إذ إن تحليله لرسومات "كنيسة سيستين" تصب اهتمامها على الألوان والسقالات، فتضيع في السياق الصورة الأكبر التي تمتد على طول سقف الكنيسة، والكتاب نصفه حواش، وكان يمكن أن يكون موضع تقدير أكثر برأي الناقد لو أضيف إليه، المزيد من العاطفة والنزاع والنشوة.

 

دافنشي

واجه كتاب "ليوناردو والعشاء السري": (الكتاب هو الثالث في ترتيب القائمة)، الصادر عن دور نشر "بلومزبري"، للكاتب روس كينغ، وحسب كونراد، مشكلات عديدة. ويوضح مؤلفه أن اللوحة الجدارية التي بدأت تتخثر وتتقرح، ما أن انتهى ليوناردو دافنشي من رسمها، لم يكن ممكناً فهمها بعد أن باتت بقعة ملطخة. لكن كينغ، مع ذلك يلفت النظر إلى تفاصيل الرسومات التصويرية التي جرى تجاهلها، مثل: قائمة طعام العشاء، وهو يستفيد من مصائب اللوحة الجدارية تلك، بسرد تاريخها الرائع بعد ترميمها.

 

 

سيزان

نرى في تفاصيل كتاب "سيزان: حياة": (الرابع في الترتيب)، للكاتب ألكس دانشيف، الصادر عن "مطبعة بروفايل"، أن قيمة عبادة البطل تعود لتنتصر، إذ نجد أنفسنا في هذا الكتاب أمام رحلة دينية وهروب فلسفي إلى الخيال، وكذلك سيرة ذاتية تقليدية. وكان الرسام ديفيد هوكني قد قال في إحدى المرات، إنه قبل سيزان لم يكن أحد ينظر إلى العالم بعينين اثنتين، ويؤكد كونراد أن دانشيف في كتابه، يفسر كيف كشط سيزان "جلد الأشياء"، وكشف عن بنيتها.

 

لوثة التلفيق

يسوق ناقد أوبزرفر، جملة مآخذ، في حديثه حول كتاب "إلام تنظر؟ 150 عاماً على الفن المعاصر في طرفة عين": (الخامس في القائمة)، لويل غومبرتز، الصادر عن مطبعة "فايكنغ". ويشدد كونراد على أن دانشيف (مؤلف الكتاب الذي يحكي عن سيزان)، يمكن أن يكون غامضاً متعالياً، لكنه يظل أفضل من الشعبوية الخادعة للكاتب ويل غومبرتز، الذي يصف الرسام سيزان بأنه "أخذ عملاً روتينياً ثانوياً أسرياً، ليجد نفسه غارقاً في تعقيدات غير متوقعة".

كما يصف الرسام الفرنسي، لو دوانيير روسو، رسام ما بعد فترة الانطباعية، بـ "المغنية سوزان بويل في هذا العصر". ويرى كونراد أن هذا الكاتب، وبسبب مساره المهني الذي بدأه كقيم على معارض "تيت" الفنية في بريطانيا، ومن ثم مؤدياً كوميدياً أمام الجمهور، وأخيراً مقدم برامج فنية مبسطة على شاشة "بي بي سي"، أصابه التلفزيون بلوثة التلفيق، إذ إن 150 عاماً من الحداثة، لا يمكن ضغطها في بضع ثوانٍ من وقت الشاشة، وبسلسلة من النكات.

 

شهادات وبدايات وتحفة

يتداول الفنانون المعاصرون، حالياً، الحديث عن كتاب آخر، تحت عنوان "من وجهة نظري": (السابع في القائمة)، حرره سيمون غرانت، وهو صادر عن دور نشر "ثيمز أند هدسون". ويمثل الكتاب مجموعة رائعة من الشهادات، تستحضر الطفولة في المتاحف أو المكتبات، وهي لحظات تشبه بداية مهنة فنية جديدة، حيث معظم اللقاءات والصدف، غير متوقعة.

ونجد ان ميروسلو بالكا، يفضل في الكتاب، الاستنساخ الوضيع المحبب لتحفة مايكل أنجلو "بياتا" من النسخة الأصلية، التي يصفها: "نظيفة جداً وبيضاء"، إذ يعيد الرسام زوان هوان، رسم لوحة "العشاء السري" لمايكل أنجلو، من خلال تلطيخ رماد البخور على قماش الكتان.

أما الرسام الأميركي تشاك كلوز، الذي تشرح أعماله الحقيقة المرئية، فنجد أنه معجب بالرسام الهولندي فيرميير، لأن رسوماته لا يمكن تفكيكها، كون الأصباغ برأيه، "منفوخة على قماش اللوحة، بنسمة ربانية".

ونستنتج حقيقة ان فنان أفلام الفيديو، بيل فيولا، هو أيضاً مثير للإعجاب، في مقالته عن رسام النهضة الإيطالي، بيليني. ولا يخجل فيولا، من أن تنهمر دموعه عندما يكتشف "النبي عيسى، عليه السلام، بعد وفاته وهو محمول من قبل الملائكة" في معرض "الناشونال غاليري".

وأخيراً، هناك دراستان باذختان عن الجسد، باعتباره عملاً من أعمال الفن، عندما يجري إلباسه. أو كونه موضوعاً للفن عندما يكون من دون ثياب. وهما كتاب ناتالي هيرتشدورفر: "الحصول على موضة الأزياء"، كتاب فرانسيز بورزيلو: "العارية الخالصة"- الصادران عن دور نشر "ثايمز أند هدسون".

وتستعين هيرتشدورفر، بأرشيف الناشر لأهم المجلات، كونديه ناست، لسرد العلاقات بين عارضات الأزياء والمصممين والمصورين، الذي يلقنونهم ألوان العذاب لإظهار جمالهن، ذلك بينما رسومات بورزيلو، مثيرة ومربكة، وتثير الاشمئزاز الخالص أحياناً، إذ نجد الفن يحمل مرآة تعكس طبيعتنا البشرية المقلقة، لترينا من نكون.

 

أفضل كتب العمارة

ولم تغفل أوبزرفر، الإضاءة على أفضل الكتب المعمارية، الصادرة عام 2012، وهي، بحسب الناقد المعماري في الصحيفة، روان مور:

 

أولاً، مجموعة المقالات والنصوص السينمائية للكاتب جوناثان ميدس، تحت عنوان "متحف دون جدران"، الصادر عن مطبعة "أنباوند"، إذ يصبغ المؤلف مادة غنائية شاعرية ومادة صفراوية متشائمة، على الموضوعات، بما في ذلك أعمال النحات البريطاني، سير أدوين لوتينز، ومدينة بوينس أيرس، وكذلك محطات القطار، والأعمال الموحشة لسياسات طوني بلير، المتعلقة بإعادة التجديد و"الرايخ الثالث".

ويرى مور انه لا يفترض توقع نظرية منهجية في المجموعة، بل مشاعر حب وكره، معبر عنها بنثر يغطي كل ألوان الطيف المرئي إلى حدوده القصوى. ولكنه مع ذلك، يصف المجموعة بأنها تتسم بالدقة وتبعث على البهجة. وميدس الذي لا تنقصه القدرة على إطلاق النعوت والأوصاف، ولا يخجل من استخدام الكلمات الجديدة، ويتهم المعماريين المعاصرين بأنهم "يتغذون على طلائع المعماريين من العقود البعيدة، وأنهم لا يفعلون أكثر من تتبيل أطباق الطعام، ببقع من التعبد للأخضر وتنافر الألوان ذي الصلة بالاستدامة".

 

«هائج حول البلاد»

نستكشف في كتاب "نوع جديد من الكآبة: رحلات عبر عمارة المدن في بريطانيا": (الثاني في قائمة كتب العمارة - 2012)، للكاتب أوين هاثرلي، الصادر عن دور نشر "فيرسو"، مجموعة من المعالم المعمارية في إنجلترا. ويصف الناقد مور كلاً من ميدس وهاثرلي، بأن أرواحهما متشابهة، في تركيبتهما ومزجهما للاندهاش بالأماكن المهملة وغضبهما البليغ في الكلام.

وكتاب هاثرلي هذه السنة هو متابعة سريعة لكتابه "دليل لآثار بريطانيا العظمى الحديثة". وكما في كتابه السابق، فإن كتابه الجديد يأخذك في رحلة إلى مواقع مثل برستون ولايشستر وكمبرنولد، حيث بقايا من كرامة تتعرض للاعتداء من قبل سياسات طوني بلير المتعلقة بالتحديث، التي يكرهها ميدس.

وهاثرلي يدور هائجاً حول البلاد، كما فعل من قبله نيكولاس بفسنر، الذي دار حول مباني إنجلترا، لكنه بدلاً من بحثه عن الكنائس وعمارة المنازل القديمة على النمط الأوروبي من تصميم المعماري أندريه بالاديو (1508 - 1580)، يصف فنادق "نوفوتيل" بالأكثر بعثاً على النفور، ومجمعات الشقق المبنية على نمط "الشراء من أجل التأجير". ويعد الكتاب الثالث ضمن القائمة: "المدن الثائرة"، لديفيد هارفي، الصادر عن دور نشر "فيرسو"، أحد المؤلفات الأخرى المليئة بالغضب.

إذ يمثل تحليلاً ماركسياً لكيفية تشكيل قوة الرأسمال، الأماكن التي نعيش فيها. ويرى ناقد أوبرزفر المتخصص بمجال العمارة، أن قراءة الكتاب، تعد عملاً شاقاً، ويقول إنه ينتهي بجملة متفائلة بقوة :"حركة احتلوا" لتغيير العالم. لكن حسناته برأي الكاتب، تكمن في أنه محق في كثير من الأحيان، ومستفز في الباقي.

ويمثل كتاب "مستقبل العمارة منذ عام 1889": (الرابع في قائمة كتب العمارة 2012)، للمؤرخ الفرنسي جين لوي كوهين، الصادر عن دور نشر "فايدون"، مسحاً للعمارة، على مدى قرن ونيف. كما انه يسعى إلى الكشف عن الثراء الكامل للاختراعات والتجارب، طوال تلك الفترة، في مواقع عديدة، على نقيض تاريخ تلك الفترة التي تتمحور حول أوروبا، وذلك بالتركيز على أعمال بضعة معلمين عظماء، وكذا التقائهم، لإيجاد ما يدعى بالعمارة الحديثة. ويقول الناقد مور، إن الوثائق والصور الوفيرة في الكتاب، عن الثوار الشباب والمدارس غير المعروفة والفيلات والرؤى المنسية، تستحق التقدير.

 

ترف متزمت

يتخصص كتاب "مي فان دي روه: سيرة ذاتية نقدية": (الخامس في القائمة)، لمؤلفيه فرانز شولتز وادوراد ويندهورست، والصادر عن جامعة شيكاغو، في إلقاء الضوء على تفاصيل وأبجديات العمارة في القرن الأخير. ويبين مور ان الكتاب جيد لمن يريد معرفة المزيد من المعلومات حول الموضوع.

كما أنه تحديث متقن لسيرة ذاتية رزينة لشخصية وقورة، وهو عمل يعطي الفضل الذي يستحقه، لقوة عمارة المعماري "مي فان دي روه"، وفي الوقت نفسه لا يتهجم عليه في موضوعات متنوعة، مثل: معاملته للمرأة في حياته، استعداده للتحدث إلى الفاشيين الألمان.

ويقصر التوضيح على اعتبارات كونه محترماً أو مقبولاً. يتألف كتاب "بالثزار كوراب: عمارة التصوير":( رقم 6) ، جون كومازي الصادر عن مطبعة "برنستون اركيتكتشورال"، من مجموعة صور، معظمها بالأبيض والأسود، تركز على نقطة الحداثة الأميركية في منتصف القرن الماضي، والترف المتزمت للمعماري مي فان دير روه، ومنحنيات المعماري ايرو سارينين التي تلتقط إيماناً واثقاً بالمستقبل، لكن أيضاً شعوراً بالحزن المتسم بالرزانة.

بساطة جميلة هادفة

يتضمن كتاب "لندن: البواطن المخفية":( 7)، الصادر عن مجموعة "ترانزاتلانتيك" للنشر، من إنتاج "انغليش هيرتاج"، وتجميع فيليب ديفز، صوراً وموضوعات عن: قاعات رقص من تصميم "ديكو آرت"، ومشانق في سجن واندسورث، بالإضافة إلى الكثير من تلبيسات الخشب من الجوز والبلوط.

كما يشرك أدوين هيثكوت، في كتابه: "معنى المنزل": ( 8) ، الصادر عن الناشر "فرانسز لينكولن"، عدداً من المصادر: (الفرد هيتشكوك، ولودفيغ فيتغنستين، وكابالا)، في سبيل استكشاف أهمية الأشياء، مثل: السلالم والسقوف وبرك السباحة.

وتُجسّد رواية ويل ويليس: "الاهتمام بالأرضيات الخشبية"(التاسعة في القائمة)، الصادرة عن مطبعة "هاربر برس"، قصة عن البساطة والفوضى، إذ تكشف عن كيفية تفاعل العمارة والحياة، أكثر بكثير، من ما تفعل الأطروحات الجادة.

 

 

 

 

أثر ملحمي

 

يصف الناقد في أوبزرفر، بيتر كونراد، كتاب "مايكل أنجلو: تحقيق الشهرة ":( الكتاب هو رقم 2 في الترتيب ضمن قائمة الكتب الفنية الأكثر اهمية -2012)، الصادر عن "مطبعة جامعة يال"، للكاتب مايكل هيرست، بأنه لا يمثل أثراً ملحمياً مهماً، إذ إن تحليله لرسومات "كنيسة سيستين" تصب اهتمامها على الألوان والسقالات، فتضيع في السياق الصورة الأكبر التي تمتد على طول سقف الكنيسة، والكتاب نصفه حواش، وكان يمكن أن يكون موضع تقدير أكثر برأي الناقد.

Email