«دبي السينمائي».. حين يعانق الفـن السابع الأعمال الإنسانية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يكاد يطل شهر ديسمبر من كل عام، ببرودته ونسائمه الجميلة، حتى تبدأ دبي معه التحضير لعرسها السينمائي الذي تحتفي من خلاله، مع العالم، بآخر وأهم نتاجات صناع الفن السابع. وهذا العرس الذي يتكرر سنوياً، منذ عام 2004، يقام في إطار مهرجان دبي السينمائي الدولي.

والذي تمكن عبر سنواته التسع الماضية، من ترسيخ وتعزيز حضوره النوعي على خارطة الفعاليات العالمية المتخصصة بالمجال، مركزاً على تنويع أشكال تعاونه مع الجهات كافة، بغرض دعم السينما الإماراتية، وتقديمها في قوالب عالمية.

 

رغم أن بداية مهرجان دبي السينمائي الدولي، تبدو فتية، إذ تعود إلى العام 2004، إلا أن إرهاصات السينما الإماراتية كانت قد وجدت لها طريقاً في النسيج الإماراتي، منذ أمد، تحديداً بداية سنوات التسعينات من القرن الماضي، وما قبلها.

إذ كان يحتفى بالإنتاج الإماراتي في إطار مسابقة «أفلام من الإمارات» التي تطورت بعد ذلك، لتفضي إلى مجموعة من المهرجانات الدولية التي تقام في الدولة، على رأسها دبي السينمائي الذي ساهم في وضع دبي على خريطة الفن السابع، ليس على مستوى احتضان إبداعات السينما، وإنما عبر تقديمها كوجهة فنية تصلح للتصوير،.

كما رأيناها في فيلم «المهمة المستحيلة ـ برتوكول الشبح»، من بطولة النجم الأميركي توم كروز، والذي صور معظمه في دبي، ليأتي ويفتتح الدورة الثامنة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، بحضور نجوم الفيلم وطاقمه.

 

تظاهرة سينمائية

يشكل المهرجان تظاهرة عامة لعشاق السينما في المنطقة، ولكن جهوده لا تكاد تقتصر على عرض الأفلام فقط، بقدر ما تتوزع وتتشعب نحو جعل دبي قبلة لصناع الأفلام، حيث يسهم سنوياً، في جمع مئات المخرجين وموزعي الأفلام ومنتجيها، بالإضافة إلى استقطابه نجوم السينما العربية والهندية والعالمية.

والذين يرفعون بحضورهم، همة القائمين على المهرجان الذي تحول إلى ساحة تفاعلية مهمة للعاملين في المجال، وحتى لكل العاملين في المجال الإعلامي، والذي يسعى بكل طاقته إلى تسليط الضوء على المهرجان من خلال تغطية أحداثه.

 

مسيرة المهرجان

المتابع لمسيرة المهرجان منذ 2004 وحتى الآن، يكتشف أنه حقق ارتفاعاً كبيراً في أعداد الأفلام التي يستقطبها سنوياً، فمن 76 فيلماً في دورته الأولى عام 2004، ارتفع عدد الأفلام إلى 161 فيلماً في دورته التاسعة تتحدث 43 لغة، كما شهد المهرجان أيضاً، ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الدول المشاركة فيه، فبينما اقتصرت الدورة الأولى على مشاركة 27 دولة فقط، وصل عدد الدول المشاركة في المهرجان هذا العام إلى 61 دولة.

وعلى مدى السنوات التسع الماضية، عرض المهرجان أروع الأفلام العالمية، التي نجحت في بناء علاقات قوية بين الجمهور والمخرجين، وخبراء الصناعة، والمواهب الصاعدة. كما زادت أيضاً وبطريقة متسارعة، مشاركات الأفلام التي تُعرض للمرة الأولى، إذ بدأت مشاركات العروض الدولية والعالمية الأولى، بفيلم واحد فقط، في عام 2004، لتصل إلى 46 عرضاً عالمياً (أول)، و27 عرضاً دولياً (أول)، في 2011. وارتفع عدد الأفلام المعروضة إلى أكثر من الضعف.

لا شك أن المهرجان هذا العام، بدا أكثر نضجاً وفاعلية، ليس على الساحة المحلية وحسب، وإنما على الساحة الدولية أيضاً. وذلك يتضح جلياً من خلال عدد الطلبات التي تقدم إلى إدارة المهرجان، فأثناء التحضيرات التي سبقت دورته التاسعة كانت إدارة المهرجان قد تسلمت نحو 2100 طلب لأفلام ترغب في المشاركة في هذه الدورة، من 115 دولة حول العالم، تتحدّث أكثر من 32 لغة. وجاءت كافة الطلبات من دول تحترف صناعة الأفلام، مثل: الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، اليابان، الهند.

بالإضافة إلى دول ناشئة في صناعة السينما، مثل: ترينيداد، توباغو، بروكينا فاسو، أنغولا، مدغشقر. وبالطبع لم تغب الدول العربية عن هذه الطلبات أيضاً، إذ حضرت مصر ودول الخليج العربي والمغرب وسوريا وفلسطين ولبنان والأردن، في هذه الدورة.

وفي المقابل، شهدت مشاركات دول مجلس التعاون، ارتفاعاً ملحوظاً، وخصوصاً من الإمارات، التي زادت مشاركاتها بنسبة 30%، وهو مؤشر قويّ على نجاح برامج دعم صناعة السينما في المنطقة، عبر مبادرات قوية وفاعلة، مثل: «سوق دبي السينمائي» التي تعمل على تشجيع المواهب المحلية والخليجية، ذلك ليس فقط من خلال الدعم الفني، وإنما، عبر تقديم التمويل والمساعدة خلال مرحلة الإنتاج، وهو ما يمكّن المخرجين من الانطلاق بأعمالهم، من النصوص إلى شاشات العرض.

 

جانب إنساني

رغم ما يشكله المهرجان من أرضية خصبة لصناع الأفلام، باتت تمثل تظاهرة سينمائية جميلة تحتضنها مدينة جميرا في دبي، سنوياً، نجده تعمق في أهدافه أكثر في الجانب الإنساني، من خلال تنظيمه فعالية «ليلة واحدة تغير حياة الناس»، التي تقام سنوياً على هامش فعاليات المهرجان، ففي العام الماضي، جمع هذا الحفل الخيري أكثر من مليون دولار، من خلال مبيعات التذاكر.

والمزاد الذي عُقد تحت عنوان «المال لا يستطيع شراء الجوائز»، إذ نجح في جمع التمويل اللازم لدعم 14 مدرسة في المنطقة، بالإضافة إلى دعم مؤسسة فاركي (GEMS) التي قامت بتمويل 10 مدارس في باكستان.

وفي هذا العام، يحل الممثل العالمي كولين فيرث، الحائز جائزة الأوسكار، وزوجته سيدة الأعمال ليفيا فيرث، ضيوفاً على سجادة الحفل الحمراء، بصفتهم سفراء دوليين لمؤسسة «أوكسفام»، إلى جوار مجموعة كبيرة من النجوم العالميين، مثل: كريستين ديفيس، روني مارا، عمرو واكد، علي مصطفى. فهؤلاء حرصوا على حضور الحفل الخيري السنوي الذي ينظّمه المهرجان هذا العام، في فندق أرماني الفخم بدبي.

وستخصص جميع عوائد تبرعات حفل العشاء الحصري، وعوائد المزاد الذي سيُقام على قطع فنية، ومقتنيات نادرة، تبرّع بها شركاء منظمة «أوكسفام»، من المشاهير حول العالم، لدعم مبادرة الأعمال الخيرية في دبي «دبي العطاء»، منظمة المساعدات الإنسانية الدولية «أوكسفام». ويتألف مزاد هذا العام من عدد من الفرص التي لا تأتي إلا مرة واحدة في العمر.

وتتضمّن رحلة على مستوى كبار الشخصيات، إلى نيويورك، حيث مسارح ودور عرض برودواي، ذلك لحضور الفيلم الغنائي (قطة على سقف من صفيح ساخن)، للنجمة سكارليت جوهانسون، كما يحظى من يفوز، بفرصة مقابلة هذه النجمة.

وإلى جانب هذا الحفل، يهتم مهرجان دبي السينمائي الدولي كثيراً بجمهوره من الأطفال، إذ خصص لهم برنامجاً كاملاً، تحت عنوان «سينما الأطفال». وتعرض فيه مجموعة من الأفلام الموجهة إليهم. كما أنه يعد من المهرجانات القليلة في العالم، التي تخصص برنامجاً كاملاً للأطفال. وفي المقابل تشجع إدارة المهرجان الأطفال على إبداء آرائهم، من خلال مسابقة «مهرجان دبي السينمائي الدولي للرسم».

والتي تقام تحت عنوان: «ماذا تريد أن تشاهد في مهرجان السينما هذا العام؟». وأضحت هذه المسابقة، تقليداً سنوياً يهدف إلى تفعيل مشاركة الأطفال في المهرجان، ومن خلالها تحدد اكتشافات لماهية العلاقة بين الطفل والسينما، كما يجري التعرّف إلى رؤية هذه الشريحة الكبيرة من الجمهور الناشئ، والتي ستعبّر عما يجول في خاطرها تجاه السينما، بريشة الفنان.

وأطلقت هذه المسابقة كجزء من جهود التواصل المجتمعي التي يقوم بها المهرجان، الرامية إلى تفعيل مشاركة المجتمع المحلي في أنشطته. واللافت أنه حصلت إدارة المهرجان، على نتائج مبهرة خلال العامين الماضيين، تشير بقوة إلى الخيال الخصب لدى أطفالنا، وتميز إمكاناتهم التعبيرية، والتي تتسم بالبراءة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

منصة عربية

 

تعد «سوق دبي السينمائي»، منصةً رائدةً لصناعة السينما العربية، ومركز المهرجان لعقد الصفقات السينمائية. وتشارك السوق في فعاليات الدورة التاسعة، بعرض 17 فيلماً، بهدف إنجاز المشروعات السينمائية، وتحقيق شعار «من السيناريو إلى السينما»، إذ ستعرض خلال المهرجان في برامجها المختلفة.

كما سيتمكن زوار المهرجان من حضور العديد من المناسبات والفعاليات، مثل: ورش العمل والندوات، أيام مخصصة (تتضمن يوم البث الإذاعي ويوم الوثائقيات)، جلسات حوارية مع مخرجين صاعدين ومحترفين، خبراء صناعة السينما، رواد الصحافة، بالإضافة إلى جلسات تعارف لعقد الصفقات السينمائية.

Email