أدباء إفريقيا يغيّرون نظرة العالم إليها

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تتحدث وسائل الإعلام العالمية عن قصة أخرى تجري حاليا في إفريقيا، يفترض الاستماع إليها على لسان آلاف الإفريقيين العاملين في مجالات الإبداع: الآداب والفنون والموسيقى والأعمال والابتكارات والإخراج. وهي تروي حكاية عن إثبات الوجود والثقة والحرية، وأيضاً القرار والنجاح. وذلك على نقيض الصورة السيئة التي أشاعتها مجلة إيكونوميست، عن القارة السمراء في عام 2000، بوصفها بـ القارة الميؤوس منها، التي تحتاج إلى مساعدات على الدوام.

 تجد صحيفة الـأوبزرفر البريطانية، في ملحق خاص عن الموضوع نفسه، أنه بعد مضي خمسين سنة على وصفها صراعات إفريقيا مع الفقر والمجاعة والأمراض والفساد والمساعدات والحرب، فإن كثيرا من هذه المشكلات لا يزال قائما.

ولكن الواقع الأبرز هو أن دول إفريقيا، تمر حاليا، بتغييرات هائلة. فالحروب الأهلية في انحسار، والتكنولوجيا تنتشر بسرعة، والأعمال تزدهر. وترى الاوبزرفر أن الصحافيين في العادة يلجؤون إلى الانتقاد، ويصفون قارة مؤلفة من 54 دبلداً، وبفوارق كبيرة، كما لو أنها دولة واحدة.

 نهضة ثقافية شاملة

تشهد إفريقيا، حاليا، نهضة ثقافية تأخذ أشكالا عديدة من صناعة الأفلام، تحديدا في نيجيريا التي تأتي في المرتبة الثانية من حيث الحجم، بعد بوليوود، بإنتاج سنوي يتجاوز متوسطه الف فيلم، وبإيرادات سنوية تقدر بحوالي 364 مليون جنيه إسترليني. وهناك النهضة الأدبية التي يعد أحد معالمها معرض الكتاب الدولي في هيرغيسا، عاصمة صومالي لاند، ووصولا إلى الحركة الموسيقية المنتشرة حتى أوروبا.

 إنجازات أدبية

صدرت، في السنوات الأخيرة، مجموعة كبيرة من الكتب، بعضها من قلب القارة الإفريقية، الأمر الذي يشير إلى تحول كبير ضمن المجتمعات الإفريقية، نتيجة للنمو الاقتصادي السريع، ولنهوض الطبقات الوسطى وانتشار وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي. وكذلك تحسن مستويات المعيشة. ومن أهم الكتب الصادرة حديثاً، عن إفريقيين مهاجرين ويعيشون داخل القارة، هناك، وحسب الملحق:

 1 . «ذاكرة الحب»:

رواية للأديبة البريطانية السيراليونية الاصل، أميناتا فورنا، الصادرة عام 2010، والحائزة على جائزة كتاب دول الكومنولث. وهي الرواية الثانية للأديبة، بعد الشيطان الذي رقص على المياه، التي تلخص مذكراتها حول بحث ابنة عن حقيقة أبيها المغدور خلال أيامه الأخيرة.

وعن بلاد ضائعة في الحرب الأهلية، وهي سيراليون. وأما روايتها الثانية، فتحكي عن الحب والحرب في غرب إفريقيا، وتأخذ القارئ إلى آفاق فريتاون، في أيام السلم، منذ عام 1969 وحتى وقتنا الراهن، حيث يسمع الطبيب النفسي الإنجليزي، أدريان لوكهارت، اعترافات رجل على شفير الموت، الياس كول. وتنكشف بفعل ذلك خيوط قصة حب لا تنسى. وهي رواية عن التواطؤ والخيانة والصدمة، إذ تنقل هذا الصراع المرير بطريقة تبقيه ملتصقاً في الذاكرة.

2. «حديقة الحيوان» للأديب الجنوب إفريقي، لوران بيوكس، الصادرة عام 2010.

فازت الرواية بجائزة آرثر سي كلارك عام 2011، وهي تنتمي الى عالم الخيال العلمي في المدن، وتدمج بين رؤى من عالم الواقع المرير وعملية تآمر محبوكة جيدا والديانة الإفريقية من علم كونيات شونا. وتجد بطلة الرواية زنزي ديسمبر، أن موهبتها ستجلب الكوارث، ذلك حتى عندما لا تريد ذلك، وعندما يجري توظيفها في سبيل إيجاد نجم بوب مراهق مفقود.

3 .«حارة المغنى» للأديبة السودانية، ليلى أبو العلا، الصادرة عام 2010 .

تدور الرواية في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، في السودان، قبل الاستقلال. وتأخذنا الرواية في رحلة إلى مصر وبريطانيا، في ما بعد الحرب العالمية الثانية، لنتابع خلالها حياة نور، ابن رجل أعمال نافذ، والذي يجد أحلامه تهشمت، إثر وقوع حادث له وإصابته بالشلل التام.

وهي أيضا قصة صراع بين أم نور، المحافظة على التقاليد، والضرة المصرية الناشئة في المدينة، التي يهدد وصولها استقرار العائلة. وعلى الرغم من أن الرواية تجري أحداثها في معظم الأحيان، في عالم شمال السودان، إلا أن ليلى (الروائية)، تكتب نثرا جميل المبنى بديع المعنى، لطيفا وشاعريا، يتطابق بامتياز مع زمن الاضطراب الذي تسعى الكاتبة إلى تأريخه.

4. «مصففة الشعر من هراري» للأديب تنداي هوشو، من زيمبابوي، الصادرة عام 2010.

يصعب تصنيف نوع هذه الرواية بفعل تعليقاتها الاجتماعية والسياسية الذكية، التي تتغلغل في داخل القصة الجذابة والطريفة التي تحكي فيها عن امرأة شابة ترفض الهزيمة. كما تتميز الرواية بالخفة والمهارة. ويأخذنا فيها الأديب هوشو في رحلة، عبر الحقائق الاقتصادية التي تستنزف الحياة في هراري المعاصرة، ليصف قصة مصففة الشعر فيمبال.

وهي تصارع لبناء بيت لها ولابنها الشاب. وذلك بينما فقدت أخا عزيزا على قلبها، بعد أن هاجر. وعندما التحق مصفف تسريحات شعر جديد بالصالون الذي تعمل فيه، تبدأ على ما يبدو في فقدان أفضل زبائنها، وتتهدد حتى وظيفتها، ذلك عقب أن تكشف الصداقة بين الاثنين عن كم من الأسرار والغيرة.

5 .«البحث عن أرض العجائب» للكاتبة النيجرية نو سارو- ويوا، الصادرة عام 2012.

تؤسس يوا، مع هذه المذكرات، وهي ابنة الناشط البيئي والسياسي الذي أعدم؛ كن سارو-ويوا، لنفسها، كرائدة في حقل كتب الرحلات المعاصرة، لجسد نمط وصف لإفريقيا كما يراها الافريقيون. وتبين كيف سافرت من لاغوس المليئة بالفوضى عبر نيجيريا.

وهي تستعين بتاريخ العائلة وبعين ثاقبة لإفريقية ترعرعت بعيدا عن الأرض الأم، لتنظر إلى هذه المساحات الشاسعة المذهلة. ونتبين من العمل بجلاء، أنه لا يستطيع إلا شخص يدعو هذه البلاد موطنه، كتابة رواية أمينة مثل تلك، عن نيجيريا المعاصرة.

6. كتاب «الزجاج المكسور» للأديب الفرانكوفوني (من الكونغو)، آلان مابانكو، الصادر عام 2009.

ويتسق العمل مع نمط كتابات مابانكو التي تتميز بقوة التحمل، فهي متمردة ومليئة بالمراجع الأدبية والثقافية من مختلف أصقاع الأرض، وفكاهتها فاحشة، وطرافتها لاذعة. ويقال إن الزجاج المكسور مكتوبة بأسلوب الأديب الفرنسي الشهير رابلييه، لجهة لغتها المبهرجـة، والتي تروي السيرة الغريبة لأحد روّاد النوادي الليلية الشعبية، في مكان ما، بين الكونغو والكاميرون..

وفي تلك الرواية المكتوبة من قلب إفريقيا، أي الكونغو، يجلس الراوي أمام مقعد في مقهى، يكتب قصص المخادعين والمحرومين. ويعمل على مداواة قلبه المجروح وخيبات أمله وطموحه المهدور. ولا بد من الإشارة هنا، إلى أن مابانكو يعد من كتاب القارة العظماء، كما أن أسلوبه يزداد جاذبية مع كل كتاب جديد.

7 . «العمارة الحضرية الإفريقية»:

للكاتب ديفيد أدجاي، الصادر عام 2011. ويجسد الكتاب تقديما أدبيا بصريا آسرا للمدن، عبر القارة السمراء، يتضمن مزيجا من الصور والنصوص المتعلقة بالمباني والفضاءات والحياة التي تحيط بها. وهو جزء من سبعة مجلدات تصف 53 تجمعاً سكانياً. وتركز على كيفية نمو المدن والإرث الاستعماري، وأيضاً البيئة الطبيعية، والبنى الاجتماعية والسياسية التي تدعمها. وعموماً، يعد الكتاب رحلة إلى القلب النابض للحياة الإفريقية المعاصرة.

8 . «تحت نظرة الأسد المحدقة» للكاتبة الإثيوبية مازا منغستي، الصادرة عام 2010.

هي رواية تدور أحداث قصتها خلال فترة الاضطرابات التي تلت الثورة الشيوعية العنيفة في أثيوبيا، ذلك في سبعينيات القرن الماضي. ورواية منغستي تسرد حياة اخوين وأبيهما، وهما: دوايت (الطالب والثوري)، يوناس (الأخ الأكبر سناً، والذي وجد العزاء في التقاليد والصلاة).

والأب هو هيلو الجراح، الذي استدعي لإنقاذ حياة امرأة شابة عذبت بشكل رهيب من قبل الشرطة السرية. ومهمته أن يعالجها إلى الحد الذي يصبح بالإمكان إعادتها إلى السجن. والخيارات التي يتخذها ستغير مسار حياة العائلة.

9.«قلب الظلام» لكل من: ديفيد زين مايروفيتز، وجوزيف كونراد وكاثرين أنيانغو، الصادرة عام 2010.

نجد فيها، أن ما هو مفقود في إعداد نص رواية الكاتب المشهور جوزف كونراد قلب الظلام حول إفريقيا، يسترد، إلى حد بعيد، من خلال رسومات كاثرين أنيانغو، وهي فنانة من السويد من أبوين كينيين. والرسوم المقدمة ضمنها، بشكل رائع، سوداء ومروعة. وتوض``ح المعضلات الأخلاقية للاستعمار.

وبغض النظر عن ما إذا كان المرء معجبا بكتاب كونراد الأصلي، فإن الذكاء والوعي السياسي في هذه المحاولة، وفي رسومات أنيانغو بالتحديد، يعدان مثالا رائعا، على قوة المخيلة في صياغة تفسيرات جديدة لقصة كنا نعتقد أننا نعرفها جيدا.

10. كتاب ماما ميتي للمؤلفين: دونا جو نابولي، قدير نيلسون، الصادر عام 2010.

يعد الكتاب، المليء بالرسومات الجميلة، إشادة بالفائزة بجائزة نوبل الكينية في مجال البيئة، الراحلة وانغاري ماثاي. ويقدم نابولي ونيلسون فيه، حكايات أخلاقية عن علاقة الإنسان بالطبيعة. وبواسطة النثر الشاعري، يخبرنا كتابهما عن نساء جلبوا مشكلاتهم إلى ماما ميتي.

حيث لا يوجد حطب، والأبقار مريضة، والمياه ملوثة. وبدلا من أن تنصحهم بكيفية الحصول على منح من المنظمات غير الحكومية، تكشف ماما ميتي عن شجيرات يمكن أن تشفي أوراقها الحيوانات. وتطهر جذور أصناف منها المياه، وتلبي حاجاتهم من الوقود.

 إصدارات متفاعلة

ترى الأوبزرفر، في ملحقها الأدبي، الذي خصصت جانباً كبيراً من صفحاته للأدب الإفريقي، أن الإفريقيين يستجيبون بشكل ديناميكي لمتغيرات القرن الواحد والعشرين. وكل من هؤلاء يغير نظرة الناس إلى القارة، ويرى الناشر من نيجيريا مهتار باكار، أن ما نقرأه يمكنه تغيير المرء، وأنه يحق للجميع أن يروي قصته.

قصة باكار نفسه، مذهلة ولافتة، إذ تخلى عن منصب تنفيذي في مصرف ليؤسس دور نشر مستقلة، لأنه لم يكن هناك إصدار لكتب القص. ويقول في هذا الصدد، إن تأسيس دور نشر كان دوما تحديا، بسبب غياب شبكات التوزيع والقرصنة والتعدي على الملكية الفكرية.

لكن العالم، برأيه، محكوم بالأفكار، ولهذا فإنه كان قلقا من أن النيجيريين لم يسهموا، بما يكفي، في إنتاجهم. ولذا أصدر في عام 2004، مجلة إلكترونية تدعى فارافينا، أي إفريقيا. ومن خلالها نمت شركته. كما اتصل بأدباء مهمين، مثل الروائية النيجيرية شيماماندا نغوزي أديتشي. وأولى روايات هذه الأديبة الكركديه الأرجواني التي تعد أول رواية تنشرها شركته.

وأصدر باكار، اعمالا متنوعة لكتاب أفارقة من نيجيريا، مثل: بيي بندالي، بن أوكري نجوجي واثيونغو. بالإضافة إلى اصحاب مواهب اقل شهرة، منهم: سيغون افولابي، تانوري أوجيدي وايغوسا إماسوين. وهو يعتقد أنه من المهم للنيجيريين أن يسردوا قصتهم، ويشرح ذلك: تاريخ بلادنا قصير ومضطرب، ولأنه يوجد اكثر من 250 مجموعة عرقية في نيجيريا، فإن بلورة هوية وطنية هو أمر مثير للخصومات.

ويعتقد أن إفريقيا يساء فهمها في الخارج، وهي غير مفهومة جيدا من قبل الإفريقيين أنفسهم، ويرى أن مهمته تكمن في تشجيع التعاطف والتعرف على الآخر. ويقول في هذا الخصوص: قصة الصيد مكتوبة من قبل صيادين، وسنشعر بشيء آخر إذا سمعنا جانب الأسد من القصة.

 بداية العودة

 هل بدأ المهاجرون الإفريقيون، رحلة العودة إلى جذورهم؟ إحدى العائدات من إنجلترا، إلى مسقط رأس أهلها غانا في إفريقيا، الأديبة، أوفا هيرش، تقول إن زيارتها الأولى إلى إفريقيا في عام 1995، تركت تأثيرا هائلا في حياتها، وكان الأهم بالنسبة لها أنها: لم تكن قد رأت عالما .

حيث السود يمكنهم أن يكونوا في موقع المسؤولية. وعن عودتها إلى أكرا، تروي الكثير عن حالة إفريقيا اليوم. فاستنادا الى تقديرات صندوق النقد الدولي، ستكون سبعة من الاقتصادات الأسرع نموا في العالم على مدى السنوات الخمس المقبلة، دولا إفريقية. كما ترك الأهل إفريقيا منذ 50 سنة هروبا من الفرص المحدودة في الوطن، والآن يعود أبناؤهم من منطقة اليورو بعد أربعة أعوام من الركود، وتصور عدم المساواة والتمييز في الغرب.

Email