تصاعد ظاهرة القرصنة وحيوية تفعيل دور الأمم المتحدة

تصاعد ظاهرة القرصنة وحيوية تفعيل دور الأمم المتحدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

يشكل إقدام القراصنة الصوماليين على اختطاف السفن الأميركية منعطفا مهما في طبيعة العلاقة التي تربط الولايات المتحدة بهذه القضية، حيث تعد هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها السفن الأميركية لأعمال القرصنة، ما يؤشر إلى أن تغيرا كبيرا قد طرأ في هذا الجانب وان كانت ملامحه لم تتضح بشكل نهائي بعد، غير أن طريقة تعامل الإدارة الأميركية الجديدة مع الحادث، برفضها تسليم فدية للقراصنة وتحريرها للقبطان الأميركية بعملية خاطفة للمارينز، تشير بوضوح إلى أن إدارة أوباما ليست مستعدة لمهاودة القراصنة تماما كما أنها غير مستعدة للتساهل مع ما يمكن أن يشكل تهديدا لصورة الإمبراطورية الأميركية.

ومهما يكن الأمر فإن الواضح أن القرصنة والقراصنة تجاوزت جميع الخطوط الحمراء وأنها أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا لأكثر من 20 ألف سفينة سنويا بمعدل 250 سفينة يوميا؟، تمر في هذه المياه عبر؟ «؟خليج عدن؟»،؟ ؟من منطقة الشرق الأوسط،؟ ؟ومن قارة آسيا باتجاه أوروبا وأميركا الشمالية، خصوصا أن القراصنة لم يعودا يفرقون بين السفن ولم يعد لديهم كبير بعد هذه الحادثة وأنهم أصبحوا يستهدفون كل السفن التي تمر من هذه المنطقة.

ـ 0يستدعي هذا التحول في عمل القراصنة والتحول الموازي في تحركات الدول المعنية في مواجهة تلك الأعمال بالضرورة أن يقف العالم أجمع موقفا موحدا في مواجهة هذه الأعمال بشكل جماعي يضمن تضافر جهود المكافحة وتوجيهها بما يساهم في إعادة الأمن إلى هذا الخط الملاحي المهم. ويقتضي ذلك كله بالضرورة أن تتم مكافحة القرصنة تحت راية الأمم المتحدة وان لا يترك الحبل على الغارب بحيث تتصرف كل دولة على هواها، فالمنطقة لم تعتد تحتمل أكثر مما تحتمله الآن من أساطيل وسفن حربية روسية ويابانية وأوربية وأميركية وغيرها، خصوصا وان هناك نحو اربعين سفينة حربية من 81 دولة تتواجد في منطقة القرن الإفريقي بصورة مستمرة.

إن تسلم الأمم المتحدة لملف مكافحة القرصنة سيكون مفيدا وستكون له نتائج جيدة في مكافحة القرصنة، غير أن ذلك يبقى مرهونا بمدى قدرة المنظمة الدولية على فرض إدارة موحدة للصراع مع القراصنة من جهة وإعادة النظر في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 6181 والذي اتخذ في 2 يونيو 8002، وقبل ذلك إعادة النظر كذلك في اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بقانون البحار والتي أقرت في 19 نوفمبر 2891 ودخلت حيز التنفيذ في ديسمبر8491 ، وجاءت كبديل لاتفاقية جنيف القديمة عن المياه المفتوحة (8591).

تعديل اتفاقية لاهاي

لقد أصبحت اتفاقية «لاهاي» الموقعة في 81 أكتوبر 7091، بحسب الخبراء عتيقة وتتطلب إدخال تعديلات ملحة عليها، حيث ان الإشكالية الرئيسية في هذا الأمر تكمن في انه لم يعد بالإمكان مواجهة القراصنة في ظل القيود التي تفرضها تلك الاتفاقية، وفي ذات الوقت ليس من المقبول أن يعطى تفويض مفتوح لكل ذي قوة بان يخترق سيادة أي دولة بحجة محاربة القراصنة، ما يعني أن إعادة النظر في هذه الاتفاقية وإدارة الأمم المتحدة لعمليات مواجهة القرصنة يشكلان ضمانة حقيقية لنجاح ذلك المجهود من جهة وضمانه حقيقية لسيادة الدولة المعنية من جهة أخرى.

على هذا الأساس يرى خبراء في القانون البحري أن على منظمة الأمم المتحدة اتخاذ قرار فعال بمكافحة القراصنة بما يسمح للقوات الدولية بمواجهة القراصنة على الأرض الصومالية وبمشاركة القوات المسلحة الصومالية، وإزالة كافة الصعوبات المرتبطة بقضية التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بسبب أن العالم يواجه قضية قرصنة غير مسبوقة في التأريخ الحديث.

وبالمقابل يرفض بعض الخبراء قطعيا استخدام القوة ضد القراصنة على أراضي الصومال حيث تثبت التجربة الصومالية أن التدخل الخارجي وخصوصا فترة التدخل الإثيوبي العسكري المباشر وبمشاركة عدد من البلدان الإفريقية في تسوية الخلافات بين العشائر الصومالية لم يؤد إلى نتيجة بقدر ما قادت إلى حرب أهلية في البلاد.


 

Email